الدوحة-“القدس العربي”:بعد أن فرضت نفسها رقماً مهماً على الساحة الدولية، ونجحت في انتزاع شرف تنظيم مونديال 2022 من العملاق الأمريكي، وبريطانيا، مهد الكرة في العالم؛ بدا واضحاً أن قطر، الدولة الصغيرة مساحة، لا حدود لطموحاتها في مناقرة “كبار العالم” بإنجازاتها. وها هي اليوم تسابق الزمن، وتسارع الخطى لاستكمال إنجاز أكبر مدينة إعلامية في الوطن العربي، تراهن أن تجعل منها مركز استقطاب لكبرى المؤسسات الصحافية والإعلامية في العالم، وتؤكد سيطرتها على الفضاء الإعلامي العربي، بعد أن استطاعت أن تغير خريطة الإعلام العربي مطلع التسعينيات، بإطلاق قناة “الجزيرة” التي ما تزال الأكثر تأثيراً، واستقطابا. وأثبتت القناة “الأكثرة إثارة للجدل” أن لا فضائية إخبارية أو قناة تلفزيونية في الوطن العربي، نجحت في كسر هيمنتها أو مجاراتها في قوة تأثيرها، حتى في أحلك الفترات.
ولم يكن مشروع المدينة الإعلامية في الدوحة وليد اللحظة، بل إن التحضير له بدأ قبل سنوات، ولربما جاءت الأحداث التي تشهدها المنطقة، وخاصة الأزمة الخليجية، لتدفع قطر إلى تسريع وتيرة إنجاز المشروع الذي سيمكّنها من فرض هيمنتها ونفوذها على الفضاء الإعلامي العربي، ليس من ناحية الرغبة في فرض الاحتكار، بقدر ما سيجسّد تصدرها المشروع الجديد للإعلام العربي.
مماً لا شك فيه أن مشروع المدينة الإعلامية الذي يرتقب أن يرى النور خلال أعوام قليلة سيمنح قطر مساحة أكبر من هامش المناورة والتنافس، وفي الوقت نفسه، التخلص من المضايقات التي ما فتئت القنوات القطرية، وفي مقدمتها قناة “الجزيرة” تتعرض لها، بسبب مناكفات وخلافات سياسية مع دول عربية، كثيرا ما كانت القناة الإخبارية، أولى ضحايا تلك الخلافات، حينما سارعت مصر، على سبيل المثال لا الحصر – إلى “مضايقة” بث “الجزيرة” وباقي القنوات القطرية على “نايل سات” و”عربسات” قبل أن تنجح قطر لاحقاً في إطلاق القمر الصناعي “سهيل سات” الذي أنهى زمن تحكم مصر على “زر البث والإرسال” ومكّن قطر من إطلاق العديد من القنوات وبثّها دون مضايقات، في صورة “بي ان سبورت” و”قناة الريان” و”قطر اليوم” إلى جانب التلفزيون الحكومي.
وجاءت الأزمة الخليجية الراهنة لتمثّل أكبر دافع لدولة قطر، لتسريع تحضيراتها لإطلاق المدينة الإعلامية الجديدة بعد أن أثبتت نجاحها في حسم المعركة الإعلامية ضد دول الحصار، واكتشفت الحكومة تزايد اهتمام القطريين ووعيهم بأهمية الإعلام الذي كان وما يزال القوة الناعمة، التي مكّنت الدولة من إسماع صوتها عبر العالم، منذ أطلقت قناة “الجزيرة” التي تعدّ بحق مرآة قطر نحو العالم.
ولئن كانت الإمارات نجحت طيلة السنوات الماضية في الاستحواذ على حصة الأسد من القنوات والصحف العربية، التي لم تكن بالضرورة إماراتية الفكرة والتأسيس، من قبيل سلسلة قنوات “أم بي سي” السعودية، وغيرها من وسائل الإعلام العربية الحكومية والخاصة التي سارعت حكومة أبو ظبي لاحتضانها في “مدينة دبي للإنتاج الإعلامي” فإن تجربة المدينة الإعلامية في قطر، يرجح أن تكون أكثر قوة وتأثيراً، وستراهن الدوحة على رصيد نجاحها مع قناة “الجزيرة” لاستقطاب كبرى وسائل الإعلام العالمية، ومراكز التطوير والتدريب الإعلامي، ومؤسسات الإنتاج، للتواجد على أرض قطر، واستقطاب كبار رجال المال والأعمال في العالم للاستثمار وفتح مشاريع إعلامية ضخمة في المدينة الإعلامية في الدوحة.
“جزيرة لوسيل”
ولأجل إنجاح مشروع المدينة الإعلامية، اختارت الحكومة القطرية وفق مصادر “القدس العربي” جزيرة لوسيل الجديدة، التي باتت مرشحة لتكون منطقة جذب للاستثمارات العالمية الكبرى، وعاصمة اقتصادية وسياسية جديدة. وقد بدأت “جزيرة لوسيل” تكشف عن أولى مقوماتها الاقتصادية وملامحها السياحية، وامتيازاتها التي ستجعل منها منطقة جذب واستقطاب لكبرى الشركات العالمية.
وقالت مصادر لـ “القدس العربي” إن الحكومة القطرية شكلت لجنة من مختلف الوزارات والهيئات المعنية، تضم خيرة الكفاءات لضمان إنجاح المشروع الإعلامي. وستمنح امتيازات استثنائية لتشجيع المؤسسات الإعلامية العالمية على التواجد في المدينة الإعلامية.
وكان مجلس الوزراء القطري في آخر اجتماع له، أوصى باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار مشروع قانون بإنشاء المدينة الإعلامية، وذلك بعد أن اطلع مجلس الوزراء على توصية مجلس الشورى حول مشروع القانون. وبموجب المشروع تُنشأ مدينة تُسمى “المدينة الإعلامية” تكون لها شخصية معنوية، وموازنة مستقلة، وتُعين حدودها وإحداثياتها بقرار من مجلس الوزراء.
وتهدف المدينة الإعلامية إلى تعزيز مكانتها كموقع لاستقطاب الإعلام العالمي والشركات التكنولوجية والمؤسسات البحثية والتدريبية في المجال الإعلامي والإعلام والتكنولوجي، وتحقيق التكامل الاقتصادي والمهني مع مشاريع الدولة المختلفة، وتوفير بيئة تفاعلية من خلال الشركات المرخص لها العاملة في المدينة الإعلامية، والتي من بين صلاحياتها منح تراخيص البث التلفزيوني والإذاعي، والنشر والتوزيع للصحف والمجلات والكتب للشركات المرخص لها.
وما يزيد من فرص نجاح المشروع، تلك الامتيازات المغربة التي أعلنت عنها الحكومة القطرية لاستقطاب الاستثمارات الضخمة في مجال الإعلام، من قبيل الإعفاء من الضرائب لمدة 20 عاماً قابلة للتجديد؛ وامتيازات أخرى، من شأنها أن تقنع رجال المال والأعمال على توجيه أموالهم صوب الدوحة.
وليست الامتيازات الضريبية والإدارية الأكثر أهمية في دفع رجال المال والأعمال وشركات الإعلام الدولية إلى الاقتناع بمشروع المدينة الإعلامية، بل قد تكون تجربة “الجزيرة” الأكثر حسماً في إقناع المؤسسات الإعلامية العالمية الكبرى في فتح مكاتب ومراكز إقليمية دولية لها في الدوحة، لرغبتها في الاستفادة من هامش الحرية الكبير التي ينتظر أن توفره الحكومة القطرية لوسائل الإعلام العالمية، أسوة بالذي تمتلكه “الجزيرة” والذي قد يكون أهم أسباب نجاح القناة القطرية في فرض تأثيرها على المشاهدين في الوطن العربي، مقارنة بهامش الحرية الضيق، الذي منحته السلطات السعودية والإماراتية لقناتي “العربية” و”سكاي نيوز” على التوالي، ما جعلهما في كثير من الأحيان أقرب إلى قناة حكومية دعائية، منهما إلى إخبارية دولية!
وكأي مشروع إعلامي معرض لمواجهة خلافات مع الدولة المستضيفة والمحتضنة له، فإن مجلس الشورى القطري استبق ذلك خلال مناقشة لمشروع قانون المدينة الإعلامية، حيث دعت لجنة الشؤون الثقافية والإعلام ضمن توصياتها إلى وضع المعايير والضوابط الفنية والاحترافية لاستقطاب الشركات الإعلامية الراقية ذات الجودة العالية، كما دعت إلى تشجيع المستثمرين القطريين وإعطائهم الأولوية للاستثمار في المدينة، ومراعاة عدم تأثيرها على حقوق ومكتسبات المستثمرين الحاليين في المجال الإعلامي، وتشغيل خريجي الإعلام القطريين وإعطائهم الأولوية مع الامتيازات المناسبة لهم.
وأكد أعضاء المجلس خلال مناقشاتهم لتقرير لجنة الشؤون الثقافية والإعلام أهمية مراعاة المبادئ والقيم والأخلاق في برامج الشركات المرخص لها بالعمل في المدينة الإعلامية، وفق ميثاق شرف تلتزم به هذه الشركات.
الى الامام يا قطر وخلي دول المقاطعة تستثمر في مسابقات اجمل صرصور ولا اجمل ناقة والمؤامرات الفاشلة
مشاريع ستجلط (كبار وقادة) محور الشر والفجور والشعوذة..السعودية والامارات خاصة………ولواءات مصر………..