لن يكون للأسطورة في هذا المقال المعنى الخرافي الذي لها في التفسير العامي البسيط، الأسطورة ههنا تعني ما ذكره عنها رولان بارت من أنها «النظام العلامي الجاهز» الذي الذي يستخدمه العلماء لصياغة أفكار هي مبادئ أو مفاهيم، أو حتى نظريات حول اللغة في التصور العربي القديم.
في خمسينيات القرن الماضي، اعتبر رولان بارت الأسطورة «نظاما علاميا» تستعمل فيها المدلولات القديمة دوال إلى مدلولات جديدة، عادة ما تكون أيديولوجية؛ ويمكن أن تستعملها طبقة اجتماعية كالبورجوازية الجديدة، التي أثارت اهتمام بارت. واحتذاء بهذا الفهم البارتي سوف نستخدم الأسطورة على أنها نظام علامي خلفي فيه تستعمل المدلولات القديمة، دوال لجملة من المفاهيم النحوية أو البلاغية العربية القديمة تتخفى وراءها خلفيات ثقافية غير عالمة.
الأساطير التي نعنيها في هذا السياق عادة ما يتعامل معها على أنها استعارات مخصوصة، أو اصطلاحية، لكننا سنتعامل معها على أساس ما فهمه بارت منها، حين رأى أنه من الممكن أن تحلل الاستعارات بمنظار التحليل النفسي، باعتبار أنها سرد يخفي محتوى باطنا. ومن الممكن أيضا أن تحلل وفق منظور نصاني قادر على أن يوفر وسائل قراءته من داخله؛ لكن قراءته هذه لا تعني أن له دلالة واحدة ينغلق عليها، بل يعني أن له قراءات تختلف باختلاف طرق تفكيك البناء، بناء النصوص الأسطورية. مشكلة الأسطورة ليست في القراءة، بل في زمن القراءة الذي يجعل الناس تتعامل مع معتقدات في وقت ما على أنها سرديات موثوق فيها، ثم تتعامل معها بعد ذلك على أنها سرديات غير موثوق بها، بل إننا نلحظ انتقالا من تصديق يصل حد التقديس، إلى تكذيب وحكم على المتصورات بالزيف. الإشكال الثاني في هذا السياق أن الأساطير تُعومل معها على أنها أشكال سردية، وذهب بسردياتها عبر طرق أدبية أو جمالية. طبعا نحن لا نتحدث ههنا عن الأساطير في التعامل الأنثروبولوجي، ولاسيما البنيوي منه مع كلود ليفي ستراوس، الذي اعتبر الأساطير خطابات واصفة للغة، وليست خطابات مكتوبة فقط باللغة، فهي بعبارة لسانية خطابات وَرَلغوية. يمكن أن نترك الكلام لهذا العالم وهو يشرح هذه الفكرة فيقول: «الأسطورة جزء من اللغة ؛ فنحن لا نعرف الأسطورة إلا من خلال الكلام، إنها جزء من الخطاب، إذا أردنا تفسير الخصائص المحددة للفكر الأسطوري، فسيتعين علينا بالتالي إثبات أن الأسطورة موجودة في الآن نفسه في اللغة وخارجها». (كتاب الأنثروبولوجيا البنيوية، ط.1958 بالفرنسية).
إذا كان في الأسطوري هذا الطابع الذي تكون فيه اللغة واصفة نفسَها، فإن الأساطير في الأصل خطاب تحكي فيه اللغة عن نفسها عند تشكيل العالم الخارجي؛ والأساطير التي تبني التفكير اللغوي هي حكايات تصف فيها اللغة نفسها عند تشكيل العالم اللغوي نفسه. الأسطوري يصف اللغة في شكل الميتوس لا اللوغوس، أي بطريقة سردية وليس بإحدى الطرق العلمية التي تعتمدها اللغة من مثل القياس.
في النحو العربي القديم كثير من العناصر الأسطورية تلحظ في مصطلحات العلم نفسه، وأهمها مصطلح الإسناد. ويعلم الدارسون العاديون بثقافتهم النحوية الأولية أن الجملة العربية هي جملة في الأصل قائمة على ركنين هما، المبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل بينهما علاقة إسنادية. الأسطورة الكامنة وراء هذا المفهوم تستمد عناصرها من الخيمة البدوية، إذ فيها يتَسَانُد عمودا الخيمة بشكل أن أحدهما لو انتزع عن الثاني سقطت الخيمة لسقوط استناد الركنين أحدهما على الثاني. استعملت عبارات الخيمة بمعناها البدائي الأولي في التعبير عن علاقة إعرابية، أي أن مدلولي المسند والمسند إليه في «هندسة الخيمة وبنائها» صارا دالين للمعاني الإسنادية الجديدة في الجملة. الأسطورة كما ترى ووفق معنى بارت، هي نظام علامي جاهز استمد من بناء الخيمة، وهو مَعين بدوي قديم، ليعين متصور بناء الجملة. هذا المعنى يمثل خلفية تعريف سيبويه التالي للمسند والمسند إليه إذ يقول: «هذا بابُ المسند والمسند إليه وهو ما لا يَستغني واحدٌ منهما عن الآخر ولا يجد المتكلم منه بُدا». ركنا الجملة هما إذن كالعمودين المتساندين، لا يستغني واحد منهما عن الثاني، ولا يجد باني الخيمة منهما بدا. من هنا يمكن لفكرة الخيمة أن تكون خلفية أسطورية لمعنى الجملة النحوي، بل إننا نجد تصريحا بلفظ البناء عند شرح المصطلحين يقول أوائل النحاة: « فالمسند هو الخبر والمسند إليه هو المبتدأ ويكون بمنزلة المبني والمبني عليه».
خلاصة الأمر إذن أن عند النحاة الأوائل تصورات أسطورية يمكن أن ينظر إليها على أنها خلفيات تمثيل كامنة في تفكير النحوي، وهو قد يصرح بها، غير أنه يضمرها غالبا ويتمثلها باعتبارها خلفيات أسطورية علمية تجعل نظرياته تبنى على سرديات ذات طابع أسطوري، مفادها أن بناء الكلام يبدأ من عمل بديهي بداهَة بناء الخيمة.
اللباس الموشى وزينة اللابس ورتبته الاجتماعية، هي الخلفية الأسطورية الثانية والكلام الموشى هو زينة الكاتب أو الشاعر ورتبته الثقافية، وليس غريبا أن اتخذ علماء البيان من أساليب البلاغة لباسا يميزهم، تميزوا من العوام واقتربوا من الخواص، أو قربهم الخواص وصاروا باللغة خواص.
من أساطير البلاغة القديمة أسطورة ركبت عليها كثير من الدلالات وهي أسطورة التوشية والتوشيح، وهذه على عكس الأسطورة السابقة مستمدة من الحياة المدنية تعكس تأخر تأسيس البلاغة العربية باعتبارها علما قرونا بعد تأسيس النحو القديم. النحو أغلب أسطورياته بدوية، وأغلب أسطوريات البلاغة حضرية. الزخرف والزينة والتوشية التي هي معان مستمدة من فنون أخرى، كاللباس والمعمار الهندسي الراقي أسطورة مقبلة من وراء البلاد العربية، من مدن تعرف فيها التوشية فنونا أخرى مثل النحت والتصوير والزخرف، لم تأت البلاغة باعتبارها علما بلا أساطيرها للزينة. لنقل إن البلاغة اليونانية عاشت بين أسطورتين أولاهما أسطورة الحرب، التي لا يكون فيها البطل محاربا، بل مفوها خطيبا ومبارزا منتصرا بالكلام، من قال إن الإلياذة والأوديسة نص راق بلغته وبعوالمه، ينبغي أن يستدرك لأنه أسقط منه البعد الأسطوري، الذي تكون فيه السرديات القصصية الشعرية واصفة للغة والمبارز بها، قبل أن تصف المبارز بالسيف المجابه للأقدار: صراع المتن السردي الشعري هو صراع مع الآلهة، وصراع المتن الأسطوري اللغوي هو صراع مع الأقدار اللغوية، ينتهي بطل المتن السردي بالانكسار لأن ذاك قدره وينتهي بطل المتن اللغوي بالانتصار وذاك قدره النصي.
اللباس الموشى وزينة اللابس ورتبته الاجتماعية، هي الخلفية الأسطورية الثانية والكلام الموشى هو زينة الكاتب أو الشاعر ورتبته الثقافية، وليس غريبا أن اتخذ علماء البيان من أساليب البلاغة لباسا يميزهم، تميزوا من العوام واقتربوا من الخواص، أو قربهم الخواص وصاروا باللغة خواص. لم يكن عمق أسطورية التوشية غائبا عن نصوص كبار البلاغيين العرب من أمثال، عبد القاهر الجرجاني الذي يقول متحدثا عن حالة خام للكلام يكون فيه خاليا من الزينة والنسج والتوشية، وحاله عند حسن النظم وزينة التوشية: «رأينا حالها (يقصد الكلمات) حال الإبريسم (أجود الحرير) مع الذي ينسج منه الديباج، وحال الفضة والذهب مع من يصوغ منها الحلي» (دلائل الإعجاز). اختار الجرجاني وسائل النسيج أو السبك لتفسير أن الكلام الفني الذي يحسن ناظمه نظمه لأنه يتحرك في جو أسطوري تصبح فيه الحياكة والصياغة دوال لمدلولات جديدة، ومحيلة على نظام علامي جديد هو البلاغة، ليس في الأمر تشبيه مثلما قد يظنه البسطاء، بل هو تحرك في جو استعاري عام لا حدود له؛ تسوق مفردات العلم اعتمادا عليه تسويقا يجعلنا إزاء علم حضري مفرداته الحرير والذهب، وليس كمفردات استعارة النحو البدوية التي تقوم على التساند داخل خيمة تذروها الرياح فلا تسقط إلا إذا سقط ركن من ركنيها. غير أن إيواء الخيمة البدوية لربات الحجال المتشحات بالحرير الذين يعصمون الذهب هي صورة تقريبية عن علاقة النحو العربي بالبلاغة: علاقة احتواء في بيت الطاعة.
أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية
من وجهة نظري، علمياً، في مجال علم اللغة، العقلية التي صاغت عنوان (الأساطير اللغوية القديمة) عكس أو نقيض العقلية التي صاغت عنوان (الإقصاء بواسطة اللغة ما زال يُمارس في الجزائر)، والأهم ماذا يعني ذلك، وما دليلي على صحة كلامي؟!
كاتب العنوان الأول موظف (مُتخصّص) في علم اللسانيات الذي وضعتها مناهج التعليم لدولة الحداثة الأوربية، بينما الثاني موظف (مُتخصّص) في إيجاد حلول لمشاكل تغريب دولة الحداثة الأوربية، على الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية،
الفلسفة، تعني لغة الخيال، ولكن الصراع تعني الحرب على أرض الواقع،
بينما الحكمة، تعني لغة الواقع، ولكن التكامل تعني التعايش على أرض الواقع،
المنافسة في السوق، يجب أن تختلف عن الصراع في الحرب، عدم تمييز ذلك، تؤدي، إلى أن يكون ابن تخصصك في التسويق، عدوك على أرض الواقع في أي سوق، في أجواء العولمة، بعد عام 1945 على أرض الواقع، أو في الشابكة/الإنترنت، بعد عام عام 1992، عندما تم تعيين نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لتسويقها على بقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة،
ما كشفه دلوعة أمه (دونالد ترامب) في مناظراته مع (هيلاري كلينتون) عام 2016، كشف سر الأسرار، من أن تعاون المحاسب والمحامي القانوني، هو سر نجاح شركات العولمة، في عدم دفع الضرائب والرسوم والجمارك، لأي دولة من الدول الأعضاء في نظام الأمم المتحدة،
وبذلك كانت شركات الأوفشور، والعملة الإليكترونية، والتخزين السحابي، لتقليل تكاليف الإنتاج، لأي آلة/روبوت، بيد الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمنتجات الانسانية، هو سبب الإفلاس، في كل المجالات، عام 2021،
لأن أن يكون هم رئيس وزراء الكيان الصهيوني، أن يجعل الشعب مختبر فئران العالم، في موضوع لقاحات، كورونا، من جهة،
ومن جهة أخرى هم رئيس وزراء الهند (مودي) الحصول على عقود الإنتاج، في موضوع كورونا، وبعد الحصول عليها، لا تستطيع الهند توفير اللقاحات والأوكسجين في عام 2021، مهزلة حقيقية على مستوى العالم،
تفوق (مهزلة) انتصار أهل فلسطين، في عيد رمضان عام 2021، رغم كل التزوير والغش والفساد منذ عام 1947 وحتى الآن، لم يصل مشروع كيبوتسات الشيوعية الجنسية، حتى إلى الاكتفاء الذاتي، فلم الاصرار على دعم الديمقراطية حتى الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!
فما الحل إذن؟!
نحن طرحنا، تطوير مفهوم التدوين، في الدولة، وأن يكون سوق صالح (الحلال) موقعه، دائرة البريد التابعة لوزارة الاتصالات،
لتكون المنافسة بين ثلاثة نماذج:
-نموذج الأتمتة الصينية،
-نموذج الأتمتة التايوانية،
-نموذج الأتمتة المحلية/الوطنية،
كمنافس لسوق حكمة الصين ممثل في موقع (علي بابا)، ومنافس لسوق فلسفة أميركا ممثل في موقع (أمازون).??
?????