غزة – “القدس العربي”: لا يزال المعتقلان الإداريان خليل عواودة (40 عاما) من الخليل، ورائد ريان (27 عاما)، من القدس المحتلة، يواصلان إضرابهما المفتوح عن الطعام، طلبا للحرية، رغم تراجع وضعهما الصحي بشكل خطير، في وقت كشف فيه قيادي من حركة “حماس”، أطلق سراحه قبل أيام من أحد السجون الإسرائيلية، أن الأسرى يتجهزون لتنفيذ “خطوات استراتيجية” ضد إدارة السجون.
ويستمر الأسير عواودة في معركة الأمعاء الخاوية لليوم الـ 75 على التوالي، فيما يواصل الأسير ريان معركته لليوم الـ 40 على التوالي، رفضا لاعتقالهما الإداري.
تجديد الفحص الطبي
ويؤكد نادي الأسير أن عواودة يواجه وضعا صحيا خطيرا، حيث تتضاعف هذه الخطورة مع مرور الوقت، ومع رفض الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة الاستجابة لمطلبه، وإنهاء اعتقاله الإداري. وقال إن إدارة سجون الاحتلال أعادت هذا الأسير يوم الأربعاء الماضي إلى “عيادة سجن الرملة”، التي تفتقر للأجهزة والمعدات الطبية، بعد أن نقلته مؤخرا إلى مستشفى “أساف هروفيه” جراء تدهور وضعه الصحي، لافتا إلى أن محكمة الاحتلال طلبت فحصه مجددا، وإصدار تقرير طبي لمعرفة إمكانية نقله إلى المستشفى مجددا. وأشار إلى أن الاحتلال ينتظر أن يصل عواودة إلى حالة يكون فيها أقرب إلى الموت، كي يقرر الاحتلال نقله إلى المستشفى مجددا، حيث أن الخطورة التي وصل لها “ليست كافية” بالنسبة للاحتلال، ليتم نقله إلى المستشفى.
وقال نادي الأسير وهو يصف ما يجري “هذا جزء من الجريمة الممنهجة التي ترتكب بحقه، كما جرى مع أسرى سابقين خاضوا إضرابات عن الطعام”.
ويعاني الأسير عواودة من آلام شديدة في كل جسده وتحديدا في المفاصل، ويعاني من الدوخة وعدم القدرة على المشي، ومن صعوبة من الكلام، وبات يتقيأ دما، علاوة على معاناته من الدوخة.
يذكر أن عواودة اعتقل في تاريخ 27 ديسمبر/كانون ا لأول 2021، وصدر بحقه أمر اعتقال إداري مدته ستة أشهر، وسبق أن تعرض للاعتقال عدة مرات منذ عام 2002، وهذا الاعتقال الخامس، بينها ثلاثة اعتقالات إدارية، وهو متزوج وأب لأربع بنات، ونتيجة لاعتقالاته المتكررة، لم يتمكن من استكمال تعليمه، (تخصص علم اقتصاد).
كذلك يواصل المعتقل ريان إضرابه، وهو يعاني حاليا من آلام في الرأس، والمفاصل، ولا يستطيع المشي ويتنقل على كرسي متحرك، وتؤكد الجهات التي تتابع ملف الأسرى أن هذا الأسير ورغم خطورة وضعه الصحي ما زال محتجزاً بزنزانة مغلقة تماما داخل “معتقل عوفر”، كانت قد خصصت لمرضى “كورونا” سابقا، واحتجاجا على ذلك قام الأسير ريان بكسر مربع الزجاج من أجل تهويتها إلا أن إدارة السجن قامت بإعادة تركيبه.
يشار إلى أن الأسرى في “سجن عوفر” أعادوا الأحد وجبات الطعام، إسنادا للمعتقلين المضربين ريان عواودة. وكانت قوات الاحتلال، اعتقلت ريان في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2021، وحولته للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، وعند اقتراب انتهاء مدة اعتقاله، تم تجديدها لأربعة أشهر إضافية، ليعلن إضرابه المفتوح عن الطعام، علما أنه معتقل سابق أمضى ما يقارب 21 شهرا رهن الاعتقال الإداري.
وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة المماطلة والتعنت في الاستجابة لمطلب الأسير المضرب عن الطعام، بهدف إنهاكه جسديا، حيث تستخدم عامل الزمن أداة لفرض أقسى درجات التنكيل على المعتقل، بعد ان تكون قد فرضت عليه عملية عزل خطيرة، رغم أنها وفي كل تجربة تعي تماما أنها ستضطر في نهاية الأمر لحوار المعتقل المضرب عن الطعام.
وفي السياق، يواصل نحو 500 معتقل إداري مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي لليوم الـ 135 على التوالي، في إطار البرنامج النضالي الذي أطلقوا عليه اسم “قرارنا حرية” للمطالبة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري. وكان المعتقلون الإداريون اتخذوا موقفا جماعيا يتمثل بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث باتت إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، وتزعم سلطات الاحتلال وإدارات المعتقلات، بأن المعتقلين الإداريين لهم “ملفات سرية” لا يمكن الكشف عنها مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه.
وفي أغلب الأوقات يتعرض الأسير الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية؛ وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة الأسير علي الجمال
وقال القيادي في حركة “حماس” والأسير المحرر عدنان عصفور إن الاحتلال يواصل تعامله بكل صلف مع ملف الأسرى الإداريين، رغم مرور 135 يوما على مقاطعة محاكم الاحتلال، للمطالبة بإنهاء سياسة الاعتقال الإداري تحت شعار “قرارنا حرية”.
وأضاف عصفور، الذي أفرج الاحتلال عنه الخميس الماضي، بعد 15 شهرا من الاعتقال الإداري، فإن أعداد المعتقلين الإداريين ارتفع إلى حوالي 600 أسير، وأكد أن كل الأسرى الإداريين ملتزمون بقرار مقاطعة محاكم الاحتلال، الخاصة بالاعتقال الإداري، بشكل كامل، مشيرا إلى ان مقاطعة محاكم الاحتلال ستظل متواصلة، في ظل تفكير بـ “خطوات استراتيجية” أخرى مثل التوجه لإضراب جماعي يتم الإعداد له بشكل حثيث، لوضع حد لمجزرة الاعتقال الإداري.
ولفت إلى أن هناك قرارا عاما وإجماعا فلسطينيا لدى الحركة الأسيرة بكسر ملف الاعتقال الإداري، وقال “الخيارات مفتوحة أمام الأسرى الإداريين للتصدي لهذا الملف وكسره”.
وأشار إلى أن هذه المحاكم لا تقدم ولا تؤخر، وكلها محاكم شكلية فقط لا غير، وفوق ذلك فإنها تكسب الاحتلال شرعية يستطيع أن يناقش بها المؤسسات القانونية، مؤكدا أن الأسرى الإداريين “قرروا نزع صفة الشرعية عن هذه المحاكم الظالمة، ولأن القرارات تصدر عن قيادة الشاباك”.
ودعا عصفور الشارع الفلسطيني إلى إبقاء قضية الأسرى على رأس أولوياته، والحشد الدائم لنصرتهم، وألا تكون نصرة الأسرى والتعاطي مع قضيتهم موسمية.
عمليات تفتيش واسعة
وفي سياق الهجمات الشرسة ضد الأسرى اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية قسم (6) في “سجن ريمون”، وشرعت بعمليات تفتيش واسعة فيه، وقال حسن عبد ربه “إن وحدات القمع تعمدت خلال الاقتحام والتفتيش استفزاز الأسرى، والعبث بمقتنياتهم، وقلبها رأسا على عقب”، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال تهدف من وراء ذلك تضييق الخناق على الأسرى.
وكان عبد ربه أشار إلى أن إدارة سجون الاحتلال نقلت الأسير ناصر أبو حميد المصاب بالسرطان مجددا إلى مستشفى “أساف هاروفيه”، بعد تدهور حالته الصحية، وقال إن نقله جاء بعد أن كان أبو حميد في “عيادة سجن الرملة”، حيث أصيب بنزيف داخلي نقل على إثره إلى المستشفى.
يشار إلى أن المعتقل نضال رضوان (22 عاما) من مدينة قلقيلية، والذي يقبع في “سجن النقب”، يشتكي من رضوض بالقدمين وألم متواصل في الظهر، ويعاني من مشاكل في الأعصاب نتيجة الاعتداء عليه يوم اعتقاله، فيما لا يزال الاحتلال يستمر في ممارسة سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق، وتماطل في تقديم العلاج المناسب له وتكتفي بإعطائه المسكنات فقط.