عن منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف، صدرت، حديثا في بيروت للشاعر العراقي المقيم في أستراليا أديب كمال الدين، مختارات شعرية بعنوان مختارات حروفية، احتوت على أكثر من 200 قصيدة اختارها الشاعر من مجاميعه التي بلغت ثلاثين مجموعة، والتي تمّ نشرها في المجلدات السبعة من أعماله الشعرية الكاملة.
وقد قسّم الشاعر مختاراته إلى أربعة أقسام. ضمّ القسم الأول المعنون «مرايا الحرف» قصائد مثل: شجرة الحروف، أغنية إلى الإنسان، توريث، بعد أن، ملك الحروف، ثمّة خطأ، محاولة في أنا النقطة، إنّي أنا الحلّاج، محاولة في الرثاء. وضمّ القسم الثاني المعنون: «إخوتي في الحرف» قصائد مثل: دموع كلكامش، شهريار وشهرزاد، صديقي تولستوي، لوركا، البياتي، شاعر السيدة السومرية، فيروز. وكان القسم الثالث مخصصا للقصائد الصوفية كموقف المصطفى، محاولة في البهجة، قلب من نور، أنين حرفي وتوسّل نقطتي، إشارة البحر. فيما اختصّ القسم الأخير بقصائد التفعيلة كإشارات التوحيدي، أنا وأبي والمعنى، طلسم.
كما احتوت المختارات آراء نقدية لنقاد وأكاديميين من العراق، والجزائر، واليمن، وتونس، وإيران، وأستراليا، من أمثال: عبد القادر فيدوح، عبد العزيز المقالح، حاتم الصكر، حسن ناظم، بشرى موسى صالح، آن ماري سمث، فاضل عبود التميمي، سعد التميمي، غزلان هاشمي، حياة الخياري.
يقول حسن ناظم عن تجربة الشاعر: «النصّ الشعري الذي بدأت به، وانتهت إليه، خبرة الشاعر أديب كمال الدين نصّ يقوم على ما عُرف بالحروفية. وقد كُتب عن هذه الخبرة الشيء الكثير، وأُضيفت دلالات جمّة على رمزيتها، وما هذا الاختلاف في تأويلها سوى علامة على غنى النصّ الشعري والخبرة التي تقوم دعامة لها. وضعت الحروفيةُ الشاعرَ خارج السرب، سرب جيله السبعيني المهموم بالحداثة الشعرية على الطريقة الأدونيسية، فسلك بذلك درباً خاصاً، غامر في استكشافه وحده، وانتهى إلى هذه الغابة المتشابكة من الرموز الحروفية، والسرد المشوّق، والبناء المحكم للنصّ. الحروف التي يطلقها أديب كمال الدين تعبر عن حيوات كاملة، وذوات فريدة، وعوالم نابعة من التخييل المبدع. الحروف احتجاج على عوالم الظلم، والضياع، والحرب، وهي خيّرة وشريرة، حيّة وميّتة، بل هي ألغاز ومفاتيح لفكّ المستغلق من هذه الألغاز نفسها. الحروف أيضاً انسجام وتنافر، إنها التناقض المطلق. وهي، من جهة أخرى، أدوات، ووسائل، وغايات، استعملها الشاعر ليحاول استبيان غموض العالم الداخلي، وغرابة العالم الخارجي، من دون أن يقرر بلوغه الفهم الأخير لكلّ شيء، فكلّ شيء يبقى مفتوحاً ومنفتحاً على المزيد من استعمال هذه الأدوات في البحث الروحي».
أما بشرى موسى صالح فتقول: «في تجربة أديب كمال الدين الحروفيّة نجد أنّ قصيدة النثر العراقية قد شقّت لنفسها طريقاً أسلوبياً خاصاً وثرياً، وليس هذا حكماً على تجربة الشاعر أو على قصيدة النثر، بل هو توصيف حقيقي ودال يعبّر عن المسارات التي بها استطاعت حروفية الشاعر أن تمتلك آفاقها الشعرية الفارقة، التي انمازت بها عن سواها من قصائد النثر العراقية، فضلاً عما أكسبته إياها من مستويات أسلوبية مغايرة للمألوف تفتح عين القراءة النقدية صوبها».
صدرت المختارات في 630 صفحة من القطع المتوسط.