«الأمة» يعتبر قرارات البرهان «إقرارا بفشل الانقلاب»… ومساع لتوحيد المعارضة

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تتواصل فيه التحركات لتوحيد المعارضة، اعتبر حزب «الأمة القومي» قرار القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إخراج العسكر من العملية السياسية، إقرارا بفشل انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكان قد أعلن في خطاب متلفز، الإثنين الماضي، خروج الجيش من المحادثات المباشرة التي تيسّرها الآلية الثلاثية المشتركة لبعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي و«الإيغاد» مطالبا القوى السياسية بالتوافق على حكومة تنفيذية.
كما قرر حل المجلس السيادي، عقب تكوين الحكومة التنفيذية وتكوين مجلس للأمن والدفاع من القوات المسلحة والدعم السريع.
وقال الحزب، الذي يعد من أكبر الأحزاب السودانية، إن «هذا الإقرار يأتي بعد أكثر من ثمانية أشهر، تكبدت خلالها البلاد خسائر فادحة في الأرواح» منددا بسقوط أكثر من 100 قتيل وآلاف الجرحى، والتردي الراهن في البلاد.
وأشار كذلك إلى «فشل الموسم الزراعي السابق وفشل التحضير للموسم الحالي، الأمر الذي يهدد بشبح مجاعة كارثية تواجه البلاد، في ظل تجميد المنح والقروض الدولية وقرارات إعفاء ديون البلاد، ونذر الانهيار الاقتصادي والأمني والسياسي في البلاد».

تعقيد الأزمة

وشدد على أن «دعوات تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، التي أطلقها البرهان، بينما لم يتم إنهاء الانقلاب وإزالة آثاره والتوافق على مرجعية دستورية وإعلان سياسي جديد يحدد مهام واختصاصات هياكل مؤسسات المرحلة الانتقالية، لن تقود إلا إلى تعقيد الأزمة السياسية المستفحلة أصلا».
وأضاف: «درج قادة الانقلاب على إطلاق خطابات تهدئة، دون اتخاذ إجراءات عملية لوقف العنف المفرط ضد مواكب الشعب السوداني السلمية وعمليات الاعتقال المستمرة مع استمرار عمليات القتل والمعاناة في إقليم دارفور».
وشدد على أن «القوات المسلحة السودانية مؤسسة قومية يحتم عليها الواجب والأعراف والديمقراطية والمصلحة الوطنية النأي بنفسها عن السياسة والتفرغ لمهامها المحددة في الدساتير الديمقراطية» مشيرا إلى أن «ما يمارس باسمها في الوقت الراهن لا يتماشى مع قوميتها ومؤسسيتها».
وأكد استمراره في «دعم الحراك السلمي الثوري» مشيرا إلى أنه «يمثل إرادة التغيير المنشودة والمجمع عليها من كل قوى الثورة حتى تحقق أهدافها في الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني والتحول الديمقراطي».
ودعا «كافة قوى المعارضة لتوحيد رؤيتها وموقفها والابتعاد عن التخوين لتفويت الفرصة على من أسماهم دعاة الانقسام والتشتت» مؤكدا أن «الحزب سيكمل تواصله مع كل القوى الثورية والوطنية وصولا للتوافق على مركز قيادي موحد للثورة».
وتأتي دعوات الحزب للتوافق على مركز قيادي موحد، في إطار تحركات المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» لبناء جبهة مقاومة مناهضة للانقلاب.
وفي الموازاة، تمضي لجان المقاومة في توحيد مواثيقها السياسية وتوحيد جهودها لقيادة الحراك المعارض للانقلاب.

ميثاق مشترك

وقال المتحدث باسم تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، فضيل عمر، لـ«القدس العربي» إنهم «شرعوا في اتصالات مع لجان المقاومة في مدن وولايات السودان المختلفة» مشيرا إلى أنهم «بصدد توحيد لجان المقاومة عبر ميثاق سياسي مشترك».
وحسب بيان صدر عن التنسيقيات، أمس الخميس، فإن «اللجنة الفنية المشتركة لتوحيد ودمج المواثيق انخرطت في اجتماعات متواصلة ناقشت تطوير آلية ومنهجية توحيد ودمج المواثيق وتأمين طريق انتزاع السلطة عبر المجالس التشريعية الثورية المؤقتة منعاً لأي فراغ سياسي أو دستوري».
وأعلنت الشروع في اعتماد مجلس تشريعي ثوري خلال اليومين المقبلين، داعية القواعد للتوافق حول ممثليها للمجلس، وفق شروط ومعايير الكفاءة المطلوبة.
في الأثناء، وقّع 23 جسما مهنيا ونقابيا، على إعلان للعمل المشترك الميداني والسياسي، الهادف لإسقاط الانقلاب وتأسيس سلطة مدنية انتقالية كاملة.
وقالت في بيان مشترك إنها «ستعمل على تحقيق أهداف إسقاط الحكم العسكري وحل مؤسسات وهياكل حكم الانقلاب وإزالة آثار انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي» مؤكدة على «ضرورة إعادة العسكر للثكنات واضطلاع القوات المسلحة والأمنية والشرطية بأدوارها تحت السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء، وبناء جيش مهني موحد ومحاسبة ومحاكمة المتورطين في الانتهاكات والجرائم منذ بداية الثورة وكل ما سبقها من انتهاكات في حق السودانيين».
وتشمل مهام الفترة الانتقالية، حسب الإعلان المهني، «الإصلاح الأمني والعسكري، والإصلاح الاقتصادي وتحسين معاش الناس، والإصلاح القضائي والعدلي، والعدالة الشاملة بكافة أنواعها، بالإضافة إلى تفكيك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وتحقيق السلام الشامل».
وتشمل أهداف الفترة الانتقالية أيضا «إصلاح الخدمة المدنية وقوميتها وعدالة توزيع الفرص، والاستقلالية التامة للحركة النقابية، وعدم التدخل الإداري بكافة أشكاله في شؤونها، واحترام المواثيق والعهود الدولية في الشأن النقابي».

لجان المقاومة في الخرطوم ستشكل مجلسا تشريعيا ثوريا… والاعتصامات تتواصل

ومن مطلوبات الفترة الانتقالية، حسب الإعلان «الإعداد للمؤتمر الدستوري والانتخابات العامة بنهاية الفترة الانتقالية».
ويأتي الإعلان، وفق بيان مشترك للأجسام المهنية، من «منطلق المسؤولية التاريخية وللمساهمة في الدفاع عن مكتسبات الثورة السودانية وإيماناً بأن العمل المشترك هو عماد تحقيق الأهداف المرجوة».

رؤية جديدة

وأضاف البيان: «توصلت قوى مقدرة من المكونات المهنية والعمالية والحرفية، إلى ضرورة صياغة رؤية جديدة تواكب المستجدات والتطورات في الساحة السياسية السودانية وتخاطب النواقص التي أظهرتها تجربة الانتقال خلال الفترة الانتقالية وصولا للانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي».
وتابع: «مع مآلات انقسام القوى التي ساهمت من قبل في إنجاز الثورة السودانية، وبالنظر الموضوعي لما تبذله تلك القوى في المواكب والاعتصامات، توافقت الأجسام المهنية، على الوصول لصيغة جديدة للعمل المشترك، تدفع بالعملية الثورية في البلاد وتصب في خانة تحشيد القوى الثورية واصطفافها من جديد».

العقلية الدكتاتورية

في السياق، وفي تعقيبه على قرارات البرهان، قال المكتب الموحد للأطباء السودانيين، الذي يعتبر من أبرز الأجسام المهنية، إن القرارات «جاءت متسقة مع العقلية الدكتاتورية الإقصائية للجنة الأمنية لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير». واعتبرها «محاولة لامتصاص الحراك الجماهيري المتصاعد، وتظاهرات 30 يونيو/ حزيران الضخمة».
وأضاف: «بيان البرهان وقراراته الأخيرة في الحقيقة تمثل ملامح الفصول الأخيرة لهزيمته».
وأكد عدم وثوقه بالمجلس العسكري وقائده، مشددا على أن «التجربة العملية أثبتت نكوصهم عن المواثيق، واستمرارهم في قمع الثورة السلمية بشراسة حتى سقوط نحو 114 قتيل منذ بداية انقلاب 25 أكتوبر».
كما رفض ما وصفه بـ«التسلط على خيارات الشعب وتطلعاته بالحرية والسلام والعدالة وإصلاح المؤسسة العسكرية وإبعادها عن السياسة وحل الميليشيات وتكوين جيش قومي موحد» مشيرا إلى أن البرهان خلال خطابه الأخير، «عيّن نفسه وصيا على الشعب وإرادته».
وأضاف أن «ما ذكره قائد الانقلاب في خطابه قد يوحي ظاهريا بمغادرة القوات المسلحة للسلطة السياسية، إلا أن قراره بتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة والدعم السريع وحل مجلس السيادة عند تشكيل حكومة تنفيذية، يؤكد على حرص المجلس العسكري نفسه على البقاء في المعادلة السياسية، وفرض سلطته بالقوة للدفاع عن مصالح أعضائه وبعض القادة العسكريين، وهروبهم من المحاسبة على الانتهاكات التي تمت خلال سيطرتهم على السلطة».
وبيّن أن «محاولة رمي الكرة، وكأنها الآن بملعب المدنيين من قوى سياسية مختلفة مع بعضها والتي تتضمن مجموعات منحازة للانقلاب، محاولة فاشلة» مشددا على أن «الشعب سيواصل حراكه المناهض للانقلاب حتى إسقاطه».
ودعا «كافة الأطباء والمهنيين للمشاركة الواسعة في حراك الشارع والانتظام مع اللجان المنتخبة في المستشفيات والمؤسسات المهنية الأخرى وتكوين لجان الإضراب في أسرع وقت، ومن ثم المساهمة الفاعلة بآليات المقاومة السلمية المجربة من مواكب وإضراب سياسي، وعصيان مدني شامل يفرض على اللجنة الأمنية للنظام البائد التنحي والسقوط».
وبالتزامن مع ذلك، يواصل المناهضون للحكم العسكري اعتصامهم منذ أسبوع في الخرطوم وضواحيها لإنهاء الانقلاب.
ويتظاهر السودانيون كلّ أسبوع تقريبًا ضدّ الحكم العسكري، لكن منذ 30 حزيران/يونيو الذي شهد سقوط أكبر عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين منذ أشهر، يواظبون على الاعتصام في منطقة بحري شمال الخرطوم ومدينة أم درمان غرب العاصمة وأمام مستشفى الجودة في وسطها.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، قُتل 114 متظاهراً، بينهم تسعة أشخاص في 30 حزيران/يونيو، حسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.
ومساء الثلاثاء، بدأ المحتجون اعتصاما وسط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تبعد 186 كلم جنوب الخرطوم، لتصبح نقطة الاعتصام الأولى خارج العاصمة.
وفي اعتصام وسط الخرطوم، أفادت مصادر بأن المعتصمين كانوا يشكلون حلقات للنقاش ليلا، بينما يقضي البعض الوقت في عزف الموسيقى على الغيتار وغناء الأغاني الوطنية.
وعلقت لافتات حمراء في أرجاء الاعتصام كتب عليها «ما بيننا وبينكم دماء غزيرة» و«الدم يقابله دم، لا نقبل الديّة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية