الأمراض تنهش أجساد الأسرى والسجان يمنع الدواء والمضربون يواصلون المعركة 

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة– “القدس العربي”: بالرغم من الانتصار الكبير الذي حققه الأسرى، نهاية الأسبوع الماضي، عندما انتزعوا قرارا من بين أنياب السجان الإسرائيلي، يقضي بعدم تطبيق عقوبات جديدة ضدهم، إلا أن سلطات الاحتلال تواصل التنغيص على الكثير من المعتقلين، خاصة الإداريين والمرضى منهم.

إضراب الشقيقين

وفي هذا الوقت يواصل المعتقلان الشقيقان أحمد وعدال موسى إضرابهما المفتوح عن الطعام، الذي دخل شهره الثاني، رفضا لاعتقالهما الإداري. وقد بدأ الشقيقان موسى في إضرابهم عن الطعام، منذ اليوم الثاني لاعتقالهم بتاريخ الثامن من الشهر الماضي.

وأشار المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه إلى أن المعتقل أحمد يعاني من أمراض في القلب والكلى، ونقل يوم الخميس إلى مستشفى “كابلان”، وأجريت له الفحوصات الطبية، وأُعيد بعدها إلى “عيادة سجن “الرملة، يوم الجمعة.

وهذه العيادة التي يتواجد فيها الأسير أحمد تفتقر للكثير من المعدات والأجهزة الطبية، التي يحتاجها الأسرى المرضى، خاصة المضربين عن الطعام، الذين يتهددهم خطر الموت في أي لحظة، لكن سلطات الاحتلال فرضت مؤخرا عقوبات قاسية على المضربين، تمثلت بعدم نقلهم لمشاف مدنية مختصة، وكررت نقلهم من العيادة إلى المشافي مرات عدة، لإجراء فحوصات فقط، وهو أمر تكرر مع الأسير خليل عواودة، قبل أن يسجل انتصارا على السجان، وقد شكلت عمليات النقل المتكررة إرهاقا كبيرا، هدد حياة المضربين.

إلى ذلك فلا يزال الأسير عدال في “سجن عوفر”، وكلا الشقيقين سبق أن تعرضا لاعتقالات سابقة، حيث خاض أحمد إضرابًا عن الطعام عام 2019 ضد اعتقاله الإداريّ، واستمر لمدة 31 يومًا، تعرض خلاله لجلطة أثرت على قدمه ويده، كما خضع لعملية قلب مفتوح في وقت سابق.

كما يواصل المعتقل جواد جواريش (41 عاما)، من بيت لحم، إضرابه المفتوح عن الطعام، لليوم الخامس على التوالي، في زنازين سجن عسقلان، للمطالبة بالسماح له بلقاء شقيقيه المعتقلين في سجون الاحتلال عبد الله وعرابي.

وذكر نادي الأسير أن جواريش المعتقل منذ عام 2002، حُرم من زيارة شقيقيه منذ 20 عامًا، بذريعة وجود “منع أمني” بحقهما، واليوم بعد اعتقالهما يطالب بلقائهما، بعد سنوات طويلة من الحرمان، وهذا الأسير محكوم بالسّجن مدى الحياة، وكان قد تعرض عدة مرات للعزل، وهو متزوج وأب لابنتين إحداهما كانت تبلغ من العمر ثمانية شهور عندما اعتقل.

العزل الانفرادي

وفي إطار سياسة التضييق على الأسرى، تواصل سلطات الاحتلال زج العديد منهم في زنازين العزل الانفرادي، ومن هؤلاء الأسرى المعتقل عماد مصطفى سرحان (43 عاما) من مدينة حيفا، والمحكوم بالسجن المؤبد بالإضافة الى 10 سنوات، والذي يعاني من وضع صحي متدهور وعزل مستمر، حين عمد الاحتلال لاتباع سياسة العزل الانفرادي ضده لفترات طويلة، أبرزها عام 2008 حيث أمضى 4 سنوات متواصلة بالعزل، بحجة أن له ملفا سريا، ويشكل خطرا على السجانين، وكان يجدد له العزل كل 6 أشهر عبر محكمة صورية، بإشراف “الشاباك”.

كما تواصل سلطات الاحتلال احتجاز المعتقل بهاء الدين شحادة منذ 65 يوما في زنازين معتقل الجلمة في ظروف صعبة، رغم انتهاء التحقيق معه، وتقديم لائحة اتهام بحقه.

ولا يزال الأسير زكريا الزبيدي، أحد من شاركوا في عملية الهروب، يعاني من ظروف العزل القاسية، بهدف تضييق الخناق عليه وثنيه عن المطالبة بأدنى حقوقه، وأكد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين معتز شقيرات، بعد زيارته الأخيرة للزبيدي في “سجن رامون”، بأن إدارة السجن تتعمد تكبيل يدي الأسير زبيدي إلى الخلف، ما يسبب له أوجاعا كبيرة، خاصة بوجود إصابة سابقة لديه، بالإضافة إلى وجود بقايا شظايا في قدميه، وأنه عند التفتيش بالماكنة تصدر تحذيرا، فيتم تفتيشه تفتيشا عاريا بشكل عنيف ومذل.

وأبلغ الزبيدي محاميه أنه قبل أيام قليلة دخلت “وحدة المتسادا” الخاصة إلى الزنزانة في ساعات الصباح الباكر، وقتما كان نائما ووضعوا السلاح على رأسه، وأضاف “خلال النهوض ارتطمت قدمي بأحد أفراد الوحدة، فقاموا بالاعتداء عليّ بوحشية وصادروا كافة أغراضي بحجة التفتيش”.

الإهمال الطبي

وفي سياق قريب، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن إدارة سجون الاحتلال تستخدم “جريمة الإهمال الطبي” كأداة قتل للأسرى، وذلك بترك الأمراض تتفشى في أجسادهم، وأكدت الهيئة أن المشاكل الصحية للأسرى في البداية تكون بسيطة ويمكن علاجها، حال توفرت الرعاية الصحية في وقتها المناسب، وأضافت: “لكن إدارة السجون تتعمد تجاهلها لفترات طويلة لتتحول خلالها لأمراض خطيرة ومزمنة”.

وأشارت إلى أن مئات الأسرى يعيشون حياة معقدة جراء الأمراض المختلفة التي يعانون منها كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والضغط والسكري وغيرها، إضافة إلى إصابة العديد منهم بالأمراض النفسية والعصبية، وشددت على ضرورة تدخل كافة المؤسسات الدولية، للقيام بمسؤولياتها للاطلاع على الأوضاع التي يعيشها الأسرى داخل السجون وزنازين العزل، لافتة إلى أن المعتقلين سامر مطر وعلي صبيح، يتعرضان لإهمال طبي متعمد.

وأوضحت الهيئة أن المعتقل مطر المحكوم بالسجن 13 عاما، والقابع بمعتقل “ريمون”، يعاني من مشاكل صحية عديدة، حيث تتعمّد إدارة السجن المماطلة بتقديم العلاج اللازم له، حيث خضع  منذ شهرين لإجراء عملية “بالبروتستات”، وهو بحاجة لإجراء صورة، إلا أن إدارة السجن تكتفي فقط بإعطائه الأدوية، لافتة إلى أنه يتناول 92 حبة دواء بالأسبوع، ويشتكي أيضا من قرحة بالمعدة، ومن التهاب حاد بالقولون، ومن ارتفاع في ضغط الدم، ويعاني أيضا من الشقيقة.

وحول الوضع الصحي للمعتقل صبيح، والمحكوم بالسجن المؤبد و35 عاما، فقد قالت إنه يعاني من مشاكل في أسنانه، وبحاجة لزراعة أسنان عاجلة، حيث تعرض للضرب من قبل وحدات “اليماز” عام 2012، وتسبب ذلك في تكسير أسنانه، وخضع قبل ستة أشهر لإجراء عملية فتاق بعد معاناة 6 سنوات، كما قالت إنه يشتكي من ألم في الكلى، نتيجة إضرابه عن الطعام لمدة 30 يوما.

وأشارت الهيئة، في بيانها، إلى أنّ سلطات الاحتلال تحتجز داخل سجونها قرابة 600 أسير، يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، وهناك من يحتاج لمتابعة ورعاية صحية حثيثة. وطالبت المؤسسات الدولية القانونية والإنسانية بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ حياة الأسرى، لا سيما المرضى خاصة ذوي الحالات المستعصيّة.

والجدير ذكره أنه نتيجة الإهمال الطبي، استشهد السبت المعتقل موسى أبو محاميد (40 عاما) في مستشفى “اساف هاروفيه”، حيث كان هذا الشاب اعتقل على خلفية دخوله للعمل في القدس المحتلة دون تصريح، وذلك وفقًا لعائلته، وتدهور وضعه الصحي بشكل كبير مؤخرا، حيث جرى نقله قبل نحو ثلاثة أسابيع إلى المستشفى بسبب وعكة صحية مفاجئة رغم أنه لا يعاني من أي أمراض، إلى أن ارتقى صباح السبت.

وفي دلالة على السنوات الطويلة التي قضاها الأسرى في سجون الاحتلال، ارتفعت قائمة “عمداء الأسرى”، وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم في سجون الاحتلال الاسرائيلي أكثر من 20 سنة على التوالي، بشكل لافت لتصل إلى 273 أسيرا، وذلك بعد أن انضم إليها قسرا 23 أسيرا خلال شهر أغسطس المنصرم.

ومن بين هؤلاء الأسرى يوجد 38 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة، وهؤلاء يَطلق عليهم الفلسطينيون مُصطلح “جنرالات الصبر”، ومنهم 25 أسيرا معتقلين منذ ما قبل “اتفاقية أوسلو” وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، وهم الدفعة الرابعة التي تنصلت حكومة الاحتلال من الإفراج عنهم في إطار التفاهمات السياسية برعاية أمريكية عام 2013.

كذلك يوجد من بين هؤلاء الأسرى 17 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 30 سنة بشكل متواصل، ويُطلق عليهم “أيقونات الأسرى”، ومن بينهم 8 أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من 35 سنة، أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس، المعتقلان منذ يناير عام 1983، أي منذ قرابة 40 سنة.

ومن ضمن هؤلاء هناك 49 آخرين ممن تحرروا في صفقة التبادل التي أبرمت عام 2011، ومن ثم أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم منتصف عام 2014، وأعادت لهم الأحكام السابقة، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى، على فترتين، أكثر من 42 سنة في سجون الاحتلال.

وتؤكد هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن هذه الأرقام خطيرة وغير مسبوقة، إذ لم يسجل من قبل هذا العدد الكبير ممن أمضوا أكثر من 20 سنة، لافتة إلى أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع أكثر خلال الأسابيع والشهور المقبلة، وطالبت بإبقاء هذا الملف مفتوحا، ومنح هؤلاء الأسرى القدامى المزيد من الاهتمام وتسليط الضوء على قضاياهم ومعاناتهم ومعاناة ذويهم المتفاقمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية