الأمين العام لـ«التيار الديمقراطي»: لن نكرر تجربة الحكم مع النهضة و«نداء تونس» يحاول إعادة نظام بن علي

حجم الخط
0

تونس ـ «القدس العربي»: قال الأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» في تونس محمد عبّو إن حزبه لا ينوي التحالف مع حزبي النهضة ونداء تونس في حال فوزهما بأغلبية برلمانية بعد الإنتخابات، ونفى دعم حزبه للمرزوقي وبن جعفر لرئاسة الجمهورية محاولة التقليل من أهمية هذا المنصب، كما اتهم الإمارات بمحاولة إحباط التجربة الديمقراطية في بلاده.
وأضاف في حوار خاص مع «القدس العربي»: «كان لدينا تجربة غير سهلة في الحكم مع حركة النهضة (عندما كنت أمينا عاما لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، وخاصة أنها كانت تمتلك 42 في المئة من المجلس التشريعي، ونحن لا ننوي تكرار هذه التجربة خاصة في ظل عدم وجود مؤشرات على تغيير النهضة لطريقتها في الحكم (طرف قوي يحاول فرض قراراته على بقية الشركاء)، لأنها خلال فترة حكمها اعترفت بجزء من الحقيقة وهو أن ثمة من سعى لعرقلتها ولكنها لم تعترف بأخطائها».
لكنه استدرك بقوله إن حزبه مستعد للتحالف مع النهضة في حال عدم فوزها بأغلبية في الإنتخابات التشريعية (البرلمانية) المقبلة، مشيرا إلى أنه ليس لديه عداوات شخصية أو إيديولوجية مع أي طرف، «كما أننا نؤمن بأن الشرعية والديمقراطية في دولة كتونس عاشت قرونا من الإستبداد تحتاج لبعض الوقت.
كما استبعد عبّو التحالف مع حزب نداء تونس (القوة الثانية في البلاد)، مشيرا إلى أن الأخير هو عبارة عن «مشروع لإرجاع المنظومة السابقة بالكامل، وهم (نداء تونس) لا يخفون ذلك، ولا أعتقد أن المنظومة السابقة بأشخاصها يمكن أن تؤسس لمشروع ديمقراطي أو تحفظ الحريات وتقاوم الفساد، وبالتالي لا يمكن الحديث إطلاقا عن مشاركة نداء تونس السلطة سواء فاز بأغلبية أو أقلية في الانتخابات المقبلة».
وأضاف «لدينا حظوظ وافرة في الإنتخابات المقبلة، ولكن إذا لم نحصل على نتائج جيدة فسنحترم خيارات الشعب التونسي، المهم أن تكون الإنتخابات نزيهة وأن يلتزم كل من يحكم بالدستور، لأن العقد بيننا وبين كل من يحكم هو الدستور، فإذا خرج عن الدستور فسندعو التونسيين للخروج عنه».
ويُعتبر محمد عبّو (محامي وناشط حقوقي) من أبرز السياسيين في تونس، حيث تسلم عدة مناصب من بينها وزارة الإصلاح الإداري في حكومة حمادي الجبالي عام 2011، كما شغل منصب الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب المرزوقي)، كما كان من أبرز مناهضي حكم بن علي وهو ما تسبب بسجنه لعدة سنوات، فضلا عن تأسيسه لعدة منظمات حقوقية.
وهو يبرر اختيار حزب «التيار الديمقراطي» لشعار «الدراجة» لحملته الانتخابية بأن الدراجة «ترمز إلى الإرادة والتعويل على الجهد الذاتي والتعب من أجل الوصول لتحقيق الهدف، فضلا عن ارتباطها بالصحة والبيئة والتقشف في الطاقة وعدم التوقف والتقدم للأمام».
وحول عدد من المنخرطين بحزبه، يؤكد عبّو أن إحصاء هذا الأمر غير ممكن في الوقت الحالي، مشيرا بالمقابل إلى أن التصويت في الإنتخابات لا علاقة له بعدد المنخرطين بهذا الحزب أو ذاك، «فهناك تجارب سابقة تؤكد أن من يصوتون هم أكبر بكثير من عدد المنخرطين، ونحن لدينا شروط وإجراءات دقيقة لقبول الأعضاء الجدد بعكس أحزاب أخرى تسعى لجذب أكبر عدد من المنخرطين بطرق عدة، منها إرسال بطاقة الاشتراك للمنزل».
وكانت النائبة سهير الدردوري انسحبت مؤخرا من «التيار الديمقراطي»، وبررت انسحابها لـ»القدس العربي» بوجود «أشخاص في الحزب يعيدون ممارسات النظام القديم (نظام بن علي) الإقصائية».
ويؤكد أن الدردوري «لم يسعفها الحظ في النجاح في القوائم الإنتخابية للحزب، وربما لم تحضر المؤتمر الجهوي الذي يختار القوائم باعتبار أنها تعرف النتيجة مسبقا، رغم أنني دعمت شخصيا الدردوري، لكن بقية الزملاء في المؤتمر الجهوي فضلوا اختيار أشخاص آخرين، وكان علينا كحزب ديمقراطي احترام رأيهم».
وحول قرار الحزب عدم المشاركة في الإنتخابات الرئاسية، يقول عبّو «المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة بناء، وخاصة بعد الضرر الكبير الذي لحق بالإقتصاد والفوضى الكبيرة خلال السنوات الأربع اللاحقة للثورة، وخلال مرحلة البناء يجب احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان وفرص سلطة القانون، وعلى الحزب السياسي الذي يطمح لتحقيق هذه الأهداف أن يمتلك القدرة على تنفيذها، ويتم ذلك عبر الحكومة المنبثقة عن المجلس التشريعي».
ويضيف «رئيس الجمهورية، وفق الدستور الحالي، لديه صلاحيات محددة كقيادة القوات المسلحة والإهتمام بالسياسة الخارجية والأمن القومي، ولكن التسيير اليومي لحياة المواطنين و الإقتصاد و الإدارة والتربية والصحة و الطرقات كل هذه المسائل هي من صلاحيات رئيس الحكومة، و«التيار الديمقراطي» كحزب يسعى لإحداث هذه التغييرات لا يمكن أن يكون طموحه رئاسة الجمهورية».
في السياق، نفى عبّو لـ «القدس العربي» التصريحات المنسوبة له عبر وسائل الإعلام حول دعم حزبه للرئيس الحالي منصف المرزوقي ورئيس البرلمان مصطفى بن جعفر لمنصب رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن تصريحه تم تحريفه.
ويضيف «قلنا إن الأمين العام للحزب طرح هذا الأمر في المجلس الوطني الأخير للحزب، لكن الحزب رأى أن لا يقع دعم أي مرشح في الوقت الحالي، علما أنه سيتم عقد مجلس وطني جديد للحزب في نهاية تشرين الأول/أكتوبر (بعد الانتخابات البرلمانية) وعندها سنتخذ قرارا بدعم أحد المرشحين، الذي يجب أن يتمتع ببعض المزايا أبرزها: أن يقف في صف الثورة والمشروع الديمقراطي الذي يؤمن بالشرعية واستقلال القرار الوطني».
من جانب آخر، ينتقد لجوء بعض الدول لضرب المشروع الديمقراطي التونسي عبر تمويلها لبعض الأحزاب السياسية، مشيرا إلى وجود مؤشرات كثيرة على أن دولة كالإمارات مثلا «لا تريد خيرا للتجربة الديمقراطية، ونحن لا ننظر إليها بكثير من الثقة وخاصة بعد مساهمتها في «انقلاب مصر» مؤخرا».
ويضيف «كان من المفروض أن تحترم قوانين الدولة قبل إرسال سيارتين لرئيس حزب نداء تونس وهذا دليل على أنها تحاول التدخل في شؤوننا، وكان على وزارة الخارجية التونسية أن تستدعي السفير الإماراتي وتخبره بأن هذا غير مطابق للقوانين التونسية كما أنه ممنوع على الأحزاب السياسية تلقي أموال من الخارج، وطبعا (للأمانة) هناك أيضا إشاعات عن دعم دول أخرى لأحزاب سياسية، وإذا ثبت لدينا ذلك فسنحاول فضحه والتنديد به».
ويتابع «هذه فرصة لنقول لدول العالم ممنوع عليكم التدخل في المسار الديمقراطي التونسي، فالتونسيون قادرون على تسيير أمورهم الداخلية دون تدخل من الخارج، وما نريده فقط من أشقائنا العرب والدول الأوروبية هو دعم الاقتصاد التونسي عبر الاستثمارات وتونس ملتزمة أساسا بعدم التدخل بشؤون الغير».
وحول مصادر تمويل «التيار الديمقراطي»، يؤكد عبّو أنها تُنشر كل ثلاثة أشهر في الموقع الإلكتروني للحزب و«يمكن لأي إعلامي الإطلاع عليها ونحن ندعو الجميع لزيارتنا مقرنا الرسمي والإطلاع على السجلات». من جانب آخر، ينفي عبّو مساهمة «التيار الديمقراطي» في إفشال مشروع توحيد القوى الديمقراطية في البلاد، ويضيف «جلسنا في وقت سابق مع أطراف لا يمكن أن نتفق معها أبدا، لكن فقط لمجرد أن لا نكون سببا في تعطيل توحيد او إنشاء جبهة وسطية، ولكن كنا نحذر منذ البداية أن المسألة صعبة جدا، نظرا لوجود حسابات سياسية أخرى لبعض الأطراف».
«ونحن لم نقدم وعودا لأي من الأحزاب الديمقراطية بالدخول معها في تحالفات قبل الانتخابات التشريعية، وكنا نقول لهم الأفضل أن نتفق من اليوم على التحالف بعد الانتخابات ونحن ملتزمون بهذا الأمر».
وكانت القيادية في حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» أكدت أن جهود حزبها المستمرة منذ عام لتوحيد القوى الوسطية (الإجتماعية والديمقراطية) ضمن ائتلاف انتخابي موحّد فشلت، محملة المسؤولية لحزبي «التيار الديمقراطي» و«التحالف الديمقراطي»، فيما تراشق الأخير هذه الاتهامات مع «الحزب الجمهوري».

حسن سلمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية