تبرز حالياً تقارير عن اتفاق إسرائيلي– سعودي محتمل. حتى الرئيس بايدن قال إنه يرى إمكانيات جدية للاتفاق، بعد أن أعرب من قبل عن تفاؤل أقل. فما هي مصالح كل واحد من اللاعبين وكيف يرتبط هذا بالأزمة الداخلية الحادة في إسرائيل؟
ما الذي تريده إسرائيل؟ هذا هو القسم السهل. اتفاق رسمي وعلني مع السعودية يشكل درة التاج في علاقات إسرائيل مع العالم العربي والإسلامي. ستكون فيه ثلاثة إنجازات أساسية: أولاً، دليل قاطع على ادعاء اليمين بأن التطبيع الإسرائيلي – العربي حتى مع السعودية، لا يمر عبر التقدم في حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ينبغي الاعتراف بأن هذا سيكون إنجازاً استراتيجياً لإسرائيل، وإن كان بثمن كارثي لمستقبل إسرائيل بين النهر والبحر. ثانياً، الاتفاق سيفتح الطريق، على نحو مؤكد، لإقامة علاقات مع دول إسلامية أخرى. ثالثاً، سيكون هذا إنجازاً هائلاً لرئيس الوزراء حيال الساحة الداخلية. يبقى السؤال على حاله: ماذا سيكون المقابل الإسرائيلي للسعوديين والأمريكيين؟
ما الذي تريده السعودية؟ يصبح هذا أكثر تعقيداً بكثير. المقابل من الولايات المتحدة سيكون مظلة دفاع على نمط الناتو، كردع تجاه إيران؛ ومفاعل نووي مدني، ربما يكون تحت رقابة ما من الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وقدرة وصول إلى سلاح أمريكي متطور للغاية. وسيكون المقابل من إسرائيل على ما يبدو اتفاق إسرائيلي – سعودي يشكل مدماكاً إضافياً للردع تجاه إيران؛ وقدرة وصول إلى تكنولوجيا إسرائيلية متطورة، بما في ذلك سايبر هجومي؛ وخطوات بناءة في السياق الفلسطيني – الإسرائيلي؛ الخصام/المنافسة بين الرياض وأبو ظبي يلزمان ولي العهد السعودي ألا يتخلف في الساحة الإقليمية، بما في ذلك حيال إسرائيل.
ما الذي تريده الولايات المتحدة؟ بات هذا أكثر تعقيداً وتركيباً. يدور الحديث عن عدد من المصالح المركزية: بناء كيان أمني إقليمي يقف في وجه إيران؛ وإبعاد السعودية عن الصين. وربما يكون هذا شرطاً أمريكياً مسبقاً وضرورياً حيال الرياض؛ والإبقاء على رؤيا الدولتين؛ وكبح الانقلاب النظامي في إسرائيل؛ وإنجاز لإدارة بايدن قبيل الانتخابات في السنة القادمة.
عملية المفاوضات في ذروتها، ولا ينبغي المسارعة إلى قرار ما ستولده الاتصالات من خلف الكواليس. لكن واضح تماماً بأن الأوراق الأهم موجودة في واشنطن، وبكلمات أخرى: ما هي الإنجازات أو النتائج التي يريد بايدن تحقيقها. ثمة تقدير بأنها تتركز في ثلاث علامات استفهام أساسية: تتعلق الأولى بالقدرة النووية التي يطلبها السعوديون. وينبغي الافتراض بأن رئيس الوزراء سيكون مستعداً لمساعدة السعوديين حتى في هذا السياق مقابل اتفاق تطبيع رسمي. في نظره، ثمة علامة استفهام هائلة حول قدرة ميل الإذن بذلك من الكونغرس الأمريكي. وتتعلق الثانية بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. المطالب السعودية ليست واضحة، لكن ثمة إحساس بأن المسألة ليست على رأس اهتمام الرياض. السؤال الأكثر أهمية وتشويقاً يتعلق بمكان هذه المسألة في سلم الأولويات الأمريكي. واشنطن مصممة على حفظ رؤيا الدولتين. هذا يتعلق أيضاً بالمصلحة الأمريكية لمنع الانزلاق الخطير، في نظرها، إلى دولة ثنائية القومية. فقد تكون لهذا آثار إقليمية. الثالثة تتعلق بالانقلاب النظامي. إدارة بايدن تتصدر النقد الدولي على سياسة الحكومة، ولا توفر سوطها عن رئيس الوزراء، لكن في وسعها أن تتخذ خطوات أخرى، أكثر خطورة وإيلاماً. فهل سترغب الإدارة الأمريكية في استخدام اتفاق محتمل مع السعودية كي “تنقذ إسرائيل من نفسها”؟ هل تستطيع، بل ترغب، في فعل ذلك؟
المفتاح لدى واشنطن. استمرار الصراع الديمقراطي في إسرائيل حيوي أكثر من أي وقت مضى لأجل عكس تصميم المجتمع الإسرائيلي على الدفاع عن نفسه.
ميخائيل هراري
معاريف 10/8/2023