القاهرة ـ «القدس العربي»: ندرة من بين الكتاب هم من نجو من هاجس الخوف الذي يسيطر على العالم، بسبب الفيروس المرعب، بينما ذهب أغلبية كتاب الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 19 مارس/آذار لتحذير القراء من أيام محفوفة بالمخاطر تحيط بالبشرية.
تجار الأزمات يحققون ثروات طائلة ويطرحون مواد منتهية الصلاحية
وقد نفى المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي، صحة ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن بدء القوات المسلحة في الانتشار في محافظات الجمهورية، لتنفيذ حظر التجوال كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا. وطالب كافة وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي عدم ترويج الشائعات، وضرورة تحري الدقة وعدم الانسياق وراء أي ادعاءات مغرضة. من جانبها أكدت دار الإفتاء المصرية أن الشدائد والمصائب هي أقدار من الله تعالى، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة»، ولكن المحن تخفي المنح من رب العالمين، قال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ». وأضافت أن هذا المسلك يساعد المؤمن على الثبات وينأي به عن الهلع الذي يفاقم الأزمات، بل يربط قلب الإنسان بربه، ولا يقطع أمله به في رفع البلاء في الدنيا، وإجزال الثواب في الآخرة، شريطة أن يكون القلب موصولًا بالله تعالي واللسان يلهج بذكره، والرضا يملأ نفسه، مع اتخاذ كافة التدابير الوقائية من الأمراض التي هي من روح الإسلام، ومن صميم تعاليمه. فيما رأت مي عزام في «المصري اليوم»، أن أزمة كورونا أظهرت أن العالم عليه أن يفكر بطريقة مختلفة في ما يخص النمو الاقتصادي، والحروب العسكرية والتجارية، والصراعات الطائفية التي تقف خلفها محاولات السيادة والهيمنة والتميز، وتقوم بها دول كبرى، حتى تظل شعوبها أفضل حالًا من الشعوب الأخرى. «كورونا» أثبت أنه فيروس عادل للغاية، لا يفرق بين غني وفقير ولا وزير وخفير ولا دولة متقدمة غنية وأخرى متخلفة فقيرة.
لن يرحمهم
هل يختلف سجين جماعة الإخوان الإرهابية عن أي سجين آخر؟ يجيب صالح الصالحي في «الأخبار، دولة العدالة وسيادة القانون المصرية تُخضع الجميع تحت طائلة القانون، فسجين الجماعة الإرهابية لم تُخترع له محكمة أو قانون.. وبالتالي لم يخترع له سجن أو معتقل جديد تمارس عليه فيه ألوان الانتقام، جراء ما اقترفه في حق الشعب المصري من جرائم، بل خضع الجميع لمحاكمات عادلة، حتى أن البعض يرى أن حبسهم وسجنهم لم يعد يشفي غليل المصريين فيهم، ولكنها دولة القانون.. وضمير القاضي الذي ينحي كل الأهواء النفسية والشخصية، ليصبح محايداً أمام الجميع في مواجهة الجرائم، بدليل أن المحاكمات معلنة والأحكام علنية، وزيارات المنظمات الحقوقية للسجون المصرية، سواء لسجناء الجماعة الإرهابية أو غيرهم ممن يقضون العقوبات داخل السجون لم تنقطع.
صحيح أن السجن عقوبة مقيدة للحرية وليس نزهة أو مأوى للمجرم يستريح فيه بإقامة 5 نجوم.. ولكنه التعامل بإنسانية في أشخاص أخطأت ووضعت القوانين لعقابهم، وإعادة تأهيلهم ليصبحوا مواطنين أسوياء، يتم دمجهم في المجتمع.
فتجد منذ دخول أفراد الجماعات الإرهابية للسجون المصرية نتيجة إدانتهم قضائيا، لم ينقطــــع الحديــــث عـــن حالة السجــون المصرية، سواء منهم أو من أصدقائهم، الذين سموا أنفسهم بالحقوقيين، أي حقوقية تلك التي تستغل كل الفرص والمناسبات، كي تدافع عن مجرم أساء لشعب بأكمله.. وأصبح من حق هذا الشعب أن يرى عقوبة المجرم كي يردع من تساوره نفسه في الاعتداء على مصر وشعبها، والمناسبة هذه المرة هي ظهور فيروس كورونا والزعم بأنه تفشى في السجون المصرية».
أغثنا يا الله
حرص عبد الغني عجاج في «المشهد» على اللجوء إلى الله كي يرفع عن البشرية رعب «كورونا»: «ربنا أنزل علينا رحمتك من أجل الشيوخ الركع، والأطفال الرضع، والبهائم الرتع….ربنا نطمع في كرمك وعفوك، فارفع عنا البلاء والوباء.. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. ربنا أنت تعلم مدى ضعفنا فأجبر ضعفنا وامددنا بمدد من عندك. يا الله تداعت المخاطر على مصر، التي كرمتها بالذكر في كل الكتب السماوية.. فها هم شركاؤئا في نهر النيل يديرون لنا ظهورهم.. الإثيوبيون يستأسدون علينا ويتنكرون لكل تعهداتهم. الأشقاء السودانيون جيراننا بالجنب ينسون ما كان بيننا ويساندون إثيوبيا ضدنا بكل وضوح. يا الله، أرسلت لنا الريح والرعد والبرق والسيول فكشفت حجم الفساد وغياب الضمير.. غرقت أرقى الضواحي والمنتجعات التي خططت بطريقة تعتبر مصر من البلاد الجافة شحيحة الأمطار.. حتى أعمدة الكهرباء فاقمت أوجاعنا، رغم تعدد سوابقها في حصد الأرواح.. الإهمال وغياب الرقابة سمحا بالحياة في مخرات السيول فكانت النتيجة جرف البسطاء. يا الله يا قادر على كل شيء، يا من خلقت الداء وخلقت الدواء، جنبنا مخاطر فيروس كورونا الذي اجتاح العالم.. يا الله أنت تعلم أنه لا طاقة لنا بمواجهة جنودك.. وأنت تعلم أنه لا علاقة لنا بالتنافس بين الصين والولايات المتحدة، فنحن نستورد من البلدين معا وننتج أقل القليل. يا الله بلغنا رمضان شهر الصيام والقيام وقد أكرمتنا بالقضاء على فيروس كورونا.. إننا نتطلع للوقوف بين يديك يا الله في صلاة التراويح والتهجد، وكلنا اطمئنان بأننا في رحاب أرحم الراحمين.. وبلغنا رمضان وقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مواقف أشقائنا السودانيين وشركائنا الإثيوبيين واحفظ لنا النيل شريان حياتنا».
أثرياء كورونا
ليس من حرب إلا ولها تجارها الذين يستثمرون في دماء وآلام وأرزاق ضحاياها، وقد تختلف مجالات نشاطهم بين الاتجار في البشر والسلاح والسلع الغذائية والأدوية، لكنهم جميعًا يتصفون بالجشع وانعدام الضمير وما يصاحب ذلك من أحط الصفات. يضيف علي الفاتح في «البوابة نيوز»، إثارة الفزع والرعب عبر ترويج الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة، أحد أهم أسلحتهم لابتزاز الناس، ودفعهم دفعًا نحو سلوك استهلاكي، يجعلهم فريسة سهلة لتجار الموت.
تلقف بعض التجار وأصحاب الصيدليات ما نشرته الكتائب الإلكترونية الإخوانية من شائعات وأكاذيب على منصات التواصل الاجتماعي ليرددونها على مسامع الزبائن، محذرين من نقص السلع الغذائية، والمواد المعقمة والكمامات، بل إن بعضهم تعمد إخفاء ما لديه من بضائع ليعطي إيحاءً بصدق تلك الشائعات وهو بذلك ضرب عصفورين بحجر، فقد امتنع عن بيع السلعة بسعرها الحقيقي في انتظار ارتفاعه لاحقًا، وفي الوقت نفسه خلق هلعًا ورعبًا في نفس الزبون؛ لكنه يسارع إلى إعطاء وعدًا بتدبير كافة احتياجاته منها خصيصًا له لكن بعد وقت معين».
شياطين الأنس
أزمة كورونا جعلت الناس تصرخ من هول ارتفاع أسعار السلع وهو ما دفع صبري غنيم في «المصري اليوم» ليشارك الناس همومها: «المؤلم أنه رغم حالة الغلاء التي تشهدها البلاد، فقد استغل بعض التجار الفرصة وطرحوا المخزون لديهم منتهي الصلاحية، مستغلين حاجة المستهلك للسلعة.. وهذه مهمة الجهاز الذي نطالب بدعمه، وساعتها نكون قد وفرنا الأمن والأمان للمستهلك، مع أن الحكومة أكدت، مرارا وتكرارا، أن لديها مخزونا يكفي شهورا طويلة، لذلك نادت على المستهلك بعدم التخزين، ولكن المستهلك بسبب الهوس الذي يشاهده في العالم من أحداث حول كورونا، دخل في سباق التخزين، وأصبح هذا السباق هو نقطة ضعف المستهلك عند التجار الجشعين، حتى الصيدليات انفلت عيارها وراحت تبيع المطهرات الكلورية بأسعار خيالية، الزجاجة التي كانت تباع بـ40 جنيها وصل سعرها إلى 200 جنيه، ومع ذلك اختفت واختفت معها المنتجات الورقية، التي كانت تُباع في إشارات المرور، ونسمع أن معظم المطهرات المطروحة في الأسواق من إنتاج «بير السلم» ولا تخضع للأجهزة الرقابية.. ومش مهم إصابة الجلد بمرض أو تسلخات.. كل المهم ابتزاز المستهلك في غياب حماية المستهلك. الذي يحدث لنا الآن هو اختبار من الله في كيفية مواجهة المحن، الأغلبية مع الله والأقلية مع الشيطان.. وهؤلاء يمثلون طبقة الجشعين، الذين كل همهم استغلال الفرص، مش مهم أن يكونوا بذمة واحدة وألا يضيفوا زيادة إلى سعر السلعة على اعتبار أن سعرها الحالي فيه مكسبهم، لكنهم مثل البحر يحبون الزيادة حتى لو بالحرام.. مثل هؤلاء لن يغفر الله لهم ما يرتكبونه، لأنهم استغلوا حدثا مأساويا في التربح بالحرام».
ربما مؤامرة
يعترف عبد اللطيف المناوي في «المصري اليوم» بأنه ليس من أنصار نظرية المؤامرة لكنه يقول:»أعتقد أن الاستغلال التآمري للأحداث التي تقع هو الجائز. ولذلك فإن كل ما تم تصديره باعتباره مؤامرة في هذا الموضوع أشك فيه، لكن الاستغلال التالي لبعض تطورات الأزمة هو الأكثر واقعية. الادعاءات القائلة بأن الوباء «صناعة صينية» ومؤامرة تحاول من خلالها الصين تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، هو ادعاء مردود عليه بأن القيادة الصينية تدرك جيدا أن السيطرة على شعب تعداده نحو مليار ونصف المليار ليس بالأمر الهين، وأن شرعيته في الحكم أساسها تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير الرفاه للشعب، والشعب بالمقابل يدرك جيدا أنه يضحي بكثير من الحريات المدنية والسياسية مقابل ذلك. أما الحديث عن مؤامرة أمريكية لضرب أعدائها فمردود عليه، بأن ما تعرضت له الصين، وهي تشكل التحدي الرئيسي لأمريكا، طالت آثاره العالم كله، بما فيه أمريكا ذاتها، حتى قبل أن ينتشر الفيروس في بقية أنحاء العالم. كذلك القول بأن هناك استفادة أمريكية في ضرب الاقتصاد الأوروبي، ومنطقة اليورو هو أيضا رؤية قاصرة، لأنه كما رأينا ونرى فإن الجميع بلا استثناء يدفع الثمن. الأمر الأكيد أن هذا الفيروس هو كارثة حقيقية تضرب العالم بكل أجزائه، وسوف يدفع الجميع الثمن. وأعتقد أن هذا الفيروس ليس هو المسؤول عن هذه الكوارث، التي سنعاني منها طويلا، لكن المسؤول الرئيسي هو تلك الحالة من الجنون التي اجتاحت العالم شرقه وغربه، التي تمثلت في رد الفعل شديد المغالاة. وأظن أن الثمن الاقتصادي الذي سوف يدفعه كل البشر سيكون هو الضربة الأكبر من آثار الفيروس نفسه».
خطيئة الباحث
ما هو الخطأ القاتل الذي وقع فيه الباحث الكندي في جامعة تورنتو إسحاق بوجوش، وكل من صحيفتي «الغارديان» البريطانية، و«نيويورك تايمز» الأمريكية؟ يري عماد الدين حسين في «الشروق»: «أن الأمر يصل إلى حد الخطيئة، إذ تعمدوا تشويه صورة مصر وحكومتها وشعبها، وإظهارها بأنها بؤرة لفيروس كورونا عالميا، على خلاف الواقع. في مرات كثيرة تقوم «الغارديان» و«نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، و«وول ستريت جورنال»، وبعض الصحف الأمريكية والبريطانية، بكتابة افتتاحيات معارضة جدا للحكومة وللنظام السياسي المصري، لكن الخطأ الأخير، تجاوز كل ما سبق، ويصل إلى مستوى غير مسبوق من الاستهداف الممنهج، ليس للنظام السياسي، ولكن للبلد بأكمله. الباحث أو دكتور الأمراض المعدية الكندي إسحاق بوجوش، قدّم دراسة لمجلة علمية رصينة تحتوي على تقدير إحصائي، يشير إلى أن عدد المصابين بفيروس كورونا في مصر يصل إلى 19310 حالات، باعتبار أن متوسط الحالات طبقا لتقديراته يتراوح بين 6270 و45070 حالة، معتمدا في الأساس على حركة الطيران وأعداد المسافرين، بغض النظر عن جنسياتهم. المجلة العلمية الرصينة طلبت أن يتم تحكيم البحث ـ أي التأكد من دقته الكاملة ـ وطلبت منه ألا ينشر أي شىء عن هذه الدراسة إلا بعد التحكيم. والمفاجأة أنه لم يلتزم وسارع بالكتابة على تويتر، وقامت «الغارديان» بالنقل منه بدون أن تتأكد بدورها، ثم قامت «نيويورك تايمز» بالأمر نفسه، رغم أن الجريدتين يفترض أنهما كبيرتان وتعرفان جيدا الفرق بين الرأي والتقدير والمعلومة، وضرورة تحكيم الدراسات العلمية، لكنهما للأسف لم تفعلا ولم تقبلا حتى الآن الاعتذار عن هذه السقطة العلمية والمهنية الكبيرة، وعندما هاجمه كثيرون على كلامه غير العلمي، بدأ يتراجع ويقول إن الرقم الصحيح أقرب إلى 6000 حالة إصابة فقط».
الجيش لن يتركنا
من بين الذين أشادوا بالمؤسسة العسكرية أمس الخميس كرم جبر في «الأخبار»: «لا نقلق ولا يساورنا شك في أن الجيش هو المنقذ، إذا لا قدر الله حدث مكروه، وتزايدت معدلات الإصابة بكورونا، تعودنا على ذلك، وأن تنشق الأرض عن الأبطال الجاهزين دائماً لدفع الضرر عن بلدهم. رجال عاهدوا الله أن يكونوا فداء بلدهم، ولم يخذلوا مواطنيهم لحظة واحدة، وكانوا دائماً على قدر المسؤولية، ويقدمون النموذج والقدوة والمثل. أعلم جيداً أنهم جاهزون وعلى أهبة الاستعداد، ورهن إشارة رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ليتدخلوا ويقوموا بأكبر عملية تطهير تشهدها البلاد، وقد بدأوا بالفعل في بعض المرافق الحيوية، وتفاءلنا خيراً عندما شاهدنا التجارب الأولية لتطهير بعض الأماكن. إذا حدث مكروه لا قدر الله، فسوف نرى أبطالنا في الشوارع والميادين، يشرفون على تنفيذ الإجراءات الاحترازية، ويضبطون إيقاع المنظومة الشاملة للتعامل مع كورونا، هم الأبطال نفسهم الذين انشقت عنهم الأرض بعد أحداث يناير/كانون الثاني لينقذوا الوطن من أكبر مؤامرة في تاريخه. المصريون يثقون في جيشهم، وظهوره في المشهد يسلحهم بالثقة والطمأنينة، ويزودهم بالأمل والقدرة على التحمل، واتباع التعليمات والأوامر، وتنفيذها عن ظهر قلب، فلم يعهدوا في جيشهم إلا البطولة والرجولة. لا يعني ذلك الإقلال من قدر جهات الدولة الأخري التي تصدت للمسؤولية، وخصصت خطوات كبيرة في التعامل مع الفيروس الغامض الذي يهدد العالم كله، لكنه جيشنا العظيم، الدرع والسيف والحماية، والسند الذي نلجأ إليه في المحن والأزمات. الدولة منظومة واحدة تعمل في انسجام وتكامل وتعاون تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي».
بؤس البشرية
ترى تمار الرفاعي في «الشروق»: «أن ثمة قفل عملاق يحيط بالكرة الأرضية وقت المساء، يشده أحدهم بكثير من الحزم فيحدث صوتا رهيبا حين ينزل من السماء ويرتطم بالأرض. القفل يشبه ما استخدمه تجار الأسواق القديمة على مدى قرون، يشدون الستارة الحديدية من السقف فتحبس داخلها الخيرات والبضاعة في المحل، حتى يفتحه صاحب المحل في صباح اليوم التالي. أما نحن، سكان الكرة الأرضية التي بدأ صاحب كل بلد بإغلاقها على من فيها، ها نحن نجلس في مساء تجتاحه عواصف من الأمطار والغبار والعواطف، نتساءل عما ينتظرنا في الصباح. أفتح عينيّ وأشعر بتنفسي، وكأنني أتنفس للمرة الأولى. ثمة شعور غريب يتملكني حين أفكر، حتى لو من بعيد، أن هذه الأيام قد تكون أيامي الأخيرة على الأرض. فجأة يصبح لكل شيء معنى، ولا معنى لشيء. تتابع الكاتبة، أن أتنفس معجزة، أن أتحسس جسدي فأجد كل شيء في مكانه يصبح مدعاة للفرح، أن أشم رائحة القهوة، مهرجان. أن تندس صغيرتي بقربي وأنا أكتب؟ سعادة، أن يمشي ابني الأوسط أمامي ذهابا وإيابا بقلق، وهو الأصلب بين أطفالي الثلاثة، فأدعوه للجلوس في حضني وكأنه طفل رضيع، وجع قلب. أن يكمل زوجي يومه وكأن كل شيء طبيعي، طمأنينة. أن يصر ابني الأكبر على دعوتي للجلوس معه ومشاهدة فيلم لا يهمني، راحة. كعادتي أمام كل أزمة، أبدأ بوضع لوائح. أنا أحب اللوائح، فهي تساعدني على تركيز اهتمامي وتوزيع طاقتي، أو بالأحرى تبعد عني القلق. إن كان القفل فعلا قد وقع علينا، سكان الأرض جميعا بدون استثناء، بدون تمييز يذكر هذه المرة، بعد قرون من التمييز بين غني وفقير، بين مؤمن وملحد، بين رجل وامرأة، لو أننا فعلا نراقب نهاية العالم كل من شباك بيته، ما هي الأشياء التي ما زلت أريد أن أعملها قبل الفناء؟».
الحظر آت
من بين الخائفين من تفشي الوباء عماد الدين أديب في «الوطن»: «للأسف الشديد نحن ذاهبون في غضون أيام إلى إعلان حظر التجول وفرضه رسمياً على كثير من الدول العربية، بسبب استهانة الرأي العام باتباع سلوكيات وإرشادات مواجهة أزمة كورونا. بح صوت وزارات الصحة العربية في تجنّب أماكن التجمهر والازدحام، ودعوة المواطنين إلى التزام بيوتهم والالتزام بقواعد وإرشادات الوقاية من المرض. أولى درجات أي علاج عند أي إنسان أن يعترف بأنه مريض وبحاجة إلى علاج، وهنا نتذكر قول السيد المسيح عليه السلام: «لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل المرضى». البعض التزم، والكثير ما زال يتعامل إما باستهانة أو استهزاء بالخطر، أو اللامبالاة من الإرشادات والتحذيرات، وكأن «الحياة لونها بمبى» و«بشوقك عيش بشوقك» و«ساعة الحظ ما تتعوضش يا جميل». يا قوم! يا عالم! يا هووه! العالم يجتاحه فيروس وبائي خارج السيطرة، لم يخترع له حتى الآن لقاح، ولم يعرف له بعد دواء، وهناك 166 دولة تعاني منه. الموضوع ليس مرعباً، لكنه بالتأكيد جاد وخطر، ويستدعي التعامل معه بمسؤولية من الحكومات ومن المواطنين. وحينما تقول لك الحكومة وترجوك: «لو سمحت، لو تكرمت، إلزم بيتك بشكل طوعي» ولا تفعل، فيؤدي ذلك لزيادة انتشار الوباء، فإنها بعد أيام سوف تأمرك بحكم سلطة قوانين الطوارئ أن تلزم بيتك غصباً عنك، وغصباً عن أكبر كبير في عائلتكم الموقرة! هناك قانون في إدارة الأزمات يقول، إذا لم تتم الاستجابة للدعوة الطوعية قامت السلطات بفرضها بقوة القانون وسلطات الدولة».
«أزمة وتعدي»
نبقى مع الهاجس الذي يزعج البشرية، إذ يرى علي السيد في «الأهرام»: «أن كل المجتمعات تتعرض لأزمات، من الأوبئة إلى الحروب والإرهاب. في تلك الحالات ينشط الأعداء وتروج الشائعات، وتكثر الأكاذيب، وتتفشى الأوهام.. وفي بلدان بعينها يغيب العلم ويحل الدجل والخرافات. هنا ينبغي بناء جسور من الثقة بين الحكومة والشعب.. فالحكومة وحدها تدير ملف الأزمة، وتتدبر شؤون الناس، والشعب ليس عليه سوى تصديق حكومة بلاده، أو تصديق غيرها، فيحقق للعدو ما أراد. ببساطة لا يوجد شعب يمكنه حل أزمة عامة إلا في حالة التلاحم مع الحكومة القائدة، التي تعتمد التخطيط العلمي في الانتصار على المواجع، وتجاوز النكبات.. جل ما تحتاجه الحكومة في هذه الأوقات هو المساندة والدعم، وتصديق ما تقول واحترام ما تفعل والالتزام بتعليماتها. الحكومة تضع التدابير اللازمة لتحقيق النجاح لتجاوز المحنة، وهي المعنية، وليس الجمهور، بإنهاء الأزمات.. وإذا طلبت الحكومات الدعم من المواطنين، فلا بد أن يستجيب الناس، وإذا أمرت فلا بد من الطاعة. في الحروب، وتفشي الأوبئة لا تستمع إلا لحكومة بلادك سواء كنت تتفق معها أو تختلف عليها، تؤيدها أو تعارضها.. المصلحة الوطنية، بل الشخصية تقتضي أن تصدق كل ما تقوله حكومتك، فإذا اقتنعت بما يقوله غيرها، فهذا يعني أنك وقعت فريسة لعدو يستخدم كل وسائل الإقناع كي يوقع بك في شباكه، فتصبح ضحية لعدو ظننته صديقا، أو تثق في معلومات اعتقدت أنها الحقيقة. بناء جسور الثقة يحتاج لجسور من التواصل الصحيح والصادق، الحكومات ليست مهمتها، النفي المستمر لشائعات وأكاذيب لا حد لنهايتها، لكن مهمتها أن تعرف كيف تجعل الشعب يصدقها، وإذا صدقها لن يصدق غيرها، وسيدافع عنها.. إذا كذبت الحكومة في الرخاء، يصعب تصديقها وقت الشدة».
أخطر من كورونا
عثرت شيماء شعبان على فيروس أشد وأخطر من كورونا ألا وهو كما تطلعنا في «الأهرام»: «فيروس «انعدام الأخلاق «، وغياب القيم الدينية والمجتمعية، فشاهدت تعليقات لبعض الطلبة والطالبات – من خلال فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي – خارجة عن السياق، أثبتت بالدليل القاطع أننا بحاجة لمكافحة تلك الظاهرة، التي طرأت على مجتمعنا خلال الأعوام العشرة الماضية، وتمثلت في نماذج كثيرة جسّدها – للأسف الشديد – شباب اليوم وآباء وأمهات المستقبل، وأظهرت الصورة التي يمكن أن يظهر بها مجتمع الغد، وهو يفتقر إلى القيم والمبادئ السامية. وتساءلت عن شكل الأسرة في المستقبل؟ في ظل غياب الدور الرقابي للأبوين، وعدم التفرغ لزرع المبادئ والحث على القيم الدينية والروحية؛ نظرًا لانهماكهما في السعي لتوفير ظروف معيشية مناسبة، كلُ هذا بجانب الاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة، وجاءت الإجابة أن هذا هو حصاد ما زرعناه بأيدينا بالأمس، ومن ناحية أخري وجدت تسارع وتكالب الكثير لشراء السلع والمنتجات الغذائية، والمستلزمات الطبية، ما ساعد على ظهور السوق السوداء واحتكار بعض التجار الجشعين العديد من السلع. فنحن بأيدينا نخلق الأزمات؛ نتيجة للسلوك والثقافة الخاطئة من جانب، ومن جانب آخر استغلال التجار مثل تلك الأزمات؛ لتحقيق مكاسب ومنافع مادية على حساب الشعب، فمثل هذه السلوكيات تخلق الأزمات. ونجد أيضًا عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أصدرتها الحكومة، من منع التجمعات، فالحكومة قامت بدورها على أكمل وجه، ولكننا فعلنا عكس ذلك، فقد أقبل الكثير على التسوق والتنزه، من دون الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، في تحدٍ صارخ وضرب تلك الإجراءات عرض الحائط، فكيف يمكننا حث أبنائنا على الالتزام، ونحن نفعل عكس ذلك تمامًا؟ فالإصلاح أن تبدأ بنفسك أولًا».
الحذر مطلوب
يتذكر محمد صلاح البدري في «الوطن» حينما ظهرت «أنفلونزا الطيور» للمرة الأولى في العالم، يقول الكاتب: «وقتها كنت طبيباً حديث التخرج إلى حد ما.. ولا أملك خبرة كافية تمكنني من تمييز حقيقة كل تلك المعلومات التي انتشرت وقتها بشأن طرق العدوى، ومدى خطورة ذلك المرض. لقد انتشرت مجموعة من الشائعات العجيبة في ذلك الوقت، منها أن هذا النوع من الأنفلونزا ينتقل عن طريق «ريش الدجاج»، وأن لحم الدجاج قد يحمل العدوي أيضاً بشكل ما، لا أذكر كم من الوقت توقفت أنا وأسرتي بالكامل عن أكل الدجاج من الأساس، بل امتد الأمر إلى مقاطعة «البيض» أيضاً باعتباره قد ينقل المرض هو أيضاً، ولكن أحداً لم يكتشف تلك الحقيقة حتى الآن. أذكر أن أسعار الدجاج قد انخفضت بشكل حاد وارتفعت في المقابل أسعار اللحوم بشكل جنوني، وتوقف الناس عن التعامل مع محلات بيع الطيور الحية بشكل شبه كامل، لدرجة أن الناس كانت تبلغ الشرطة عن أي محل يبيع الطيور الحية حتى في المناطق الشعبية، باعتباره مجرماً يستحق الإعدام! لقد انتهى الأمر بشكل ما بعدها، من دون أن يشعر أحد.. وعاد الناس للتعامل مع الطيور الحية بشكل طبيعي، على الرغم من أن أحداً لم يعلن أن أنفلونزا الطيور قد انتهت في العالم، أو أنها حتى ليست خطيرة كما كانوا يدعون. لقد اختفي الخطاب الإعلامي المرعب كما بدأ.. وباختفائه نسي الناس وعادوا لما كانوا عليه، من دون أن يفكر أحدهم لماذا فزع.. ولماذا توقف عن الفزع».
ماذا فعلنا؟
يسأل علاء عريبي في «الوفد»: «هل مصر ستنتظر حتى تعلن إحدى الدول عن إنتاج علاج لفيروس كورونا؟ هل كلفت الحكومة ممثلة في وزارة البحث العلمي مراكز البحوث باختبار الأدوية التي أعلن عن فاعليتها في الصين وإيطاليا وأمريكا وغيرها؟ هل تم تكليف البعض بالبحث عن علاج جديد؟ هل هناك محاولات علمية تجري حالياً؟ هل قلة الإمكانات التكنولوجية عقبة؟ متى سنشارك بــ«البحث» في المنتج العلمي العالمي؟ الحياة في الصين أو إيطاليا أو فرنسا أو أمريكا أو غيرها من الدول المتحضرة لم تتوقف عند محاربة المرض، ولم يجلسوا يندبون الموتى والمصابين، بجانب محاربتهم انتشار المرض، انشغلوا بالبحث عن دواء يشفي من الفيروس ويقي انتقاله، وخصصوا ملايين الدولارات للتجارب العلمية،وفتحوا الباب أمام الجامعات ومراكز البحث والشركات المنتجة للأدوية، وسمحوا للأطباء في المستشفيات باختبار بعض الأدوية لعلاج المصابين. في الصين يا جماعة الأفضل والأحسن والأول والأعلى والأقدم اختبروا عقارا اسمه Favipiravir، أظهر فعالية سريرية، استخدم في اليابان عام 2014، العقار حد من فرص الإصابة بالفيروس، ونجح في شفاء مرضى في وقت أقصر، وفي إيطاليا اكتشف الأطباء أن أدوية التهاب الروماتويدي والروماتيزم تشفي المرضى، التجارب أجريت في مستشفيات نابولي ومودينا. هذه الأدوية يا جماعة، الأول والأقدم والأفضل هل سنختبرها على مرضانا، هل سيتم تكليف مراكز البحوث الطبية بفحصها؟ متي نشارك في إنتاج العلم والتكنولوجيا مثل أي بلد متحضر؟».
طابا في القلب
تذكر وجدي زين الدين في «الوفد» حدثاً مهما بالنسبة للوطن وهو تحرير طابا: «في مثل هذا اليوم لا يمكن أن ننسى الدور الوطني الذي قام به المصريون، متمثلين في هيئة التحكيم التي ضمت عباقرة مصريين سيخلد اسمهم في ذاكرة التاريخ، ويأتي على رأسهم المرحوم الدكتور وحيد رأفت، أستاذ القانون نائب رئيس حزب الوفد السابق، والدكتور مفيد شهاب، الوزير السابق وأستاذ القانون ـ أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية ـ إضافة إلى غيرهما ممن شاركوا في معركة استرداد طابا. والمعروف أن مصر سعت لتحرير أراضيها المحتلة منذ عام 1967، مستخدمة في ذلك كل الوسائل المتاحة، وأبرزها العمل العسكري العظيم عام 1973، حيث لقنت مصر العدو الصهيوني درساً لن ينساه أبد الدهر، وامتد الأمر بعد ذلك إلى العمل السياسي والدبلوماسي، خلال أعوام 1974، 1975، 1978، 1979 عقب الانتصار العظيم على إسرائيل، في أكتوبر/تشرين الأول 1973، ووقع الرئيس الراحل أنور السادات معاهدة «كامب ديفيد» عام 1979 التي تقضي بخروج إسرائيل من كل سيناء، وفي 25 إبريل/نيسان 1982 خرجت إسرائيل من كل سيناء ما عدا طابا، وبدأت تماطل في الخروج منها، واستمر الصراع حول طابا، وتمسكت مصر بموقفها القائم على عدم التفريط في شبر واحد من الأراضي المصرية، وفي عام 1986 بدأ التحكيم الدولي في الخلاف المصري – الإسرائيلي، وفي عام 1988 بعد جولات مكثفة من المباحثات والتحكيم الدولي، قضت هيئة التحكيم الدولي خلال جلسة تاريخية في جنيف، بأن طابا أرض مصرية، وانسحبت إسرائيل من المدينة في 19 مارس/آذار 1989، وفرضت مصر سيادتها على طابا، وتم اعتبار يوم 19 مارس عيد تحرير طابا».
بلا حرج
ونختتم مقال أمس الخميس مع ما كتبه عصام شيحة في «الوفد»: «بعض الكليات الجامعية لم تنتهِ حتى الآن من طبع الكتب الجامعية للترم الثاني، ثم لا نجد حرجاً فى الإعلان عن تقدم ترتيب الجامعات المصرية في التصنيفات العالمية».!
صحف العسكر المجرمين لا تقدمشيئا ذا قيمة .ما تقدمهم دائح ماسخة للديكتاتور المفضل، وتبرير للفشل الذريع والخيبة المتلتلة،ودفاع عن اللصوص الكبار وأخبار الهشك بشك وابتذالهم. اللهم أنقذنامن محنة الاستبداد وخدامه وكورونا.