الإخوان ‘تنظيماً ارهابياً’: عودة الدولة الأمنية

حجم الخط
30

خطت الحكومة المصرية خطوة خطيرة يوم الأربعاء الماضي باعلانها جماعة الاخوان المسلمين ‘تنظيما ارهابيا’ وذلك بعد هجوم استهدف فجر الثلاثاء مقر مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة أوقع 15 قتيلا معظمهم من رجال الشرطة.
بقرارها هذا، تكون الحكومة المصرية، قد أدخلت البلاد في حلقة مهلكة ستستنزف طاقاتها، وتعيد تأسيس الدولة الأمنية العميقة القائمة على حلف الفساد والاستبداد.
يتنكّر هذا القرار لبديهيات العمل الأمني الحقيقي الذي يستهدف حماية البلاد وحقوق المواطنين وكراماتهم، فهو يحاكم ويحكم دون انتظار لنتائج تحقيق تتثبّت فيه الجهة (أو الجهات) المسؤولة عن العملية، وهو أمر لم يكن يحصل في كوارث أكبر بكثير مثل غرق المئات في عبّارة او قطار او حريق، فحينها كانت آليات التحقيق والنيابة والقضاء تعمل بحكمة النمل وبطئه بحيث تسمح للفاعلين، وغالباً ما يكونون مرتبطين بشبكات الفساد والأمن نفسها، بأخذ الحيطة والهروب او المحاكمة – لو اضطر الأمر – غيابياً، لتخرج في النهاية بأحكام مخففة أو بصفقة مع أرباب الحكم الذين يديرون البلاد من وراء الكواليس.
يتنكر هذا القرار أيضاً لبديهيات العمل السياسي، فهو باعلانه الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً يقوم عملياً بمحاولة مستحيلة فإقصاء اتجاه الاسلام السياسي أمر لا يمكن لآليات العمل الديمقراطي أن تتمكن منه إلا اذا حطمت العملية السياسية برمّتها.
بذلك تفقد الحكومة المصرية، وهي حكومة انتقالية بالتعريف، آخر ظلال الشرعية الثورية التي تزعم امتلاكها، لكن الأهم من ذلك أنها باقصائها للاخوان فانها تقصي نفسها عن القرار في مصر لتصبح مجرّد ذراع شكليّة لأجهزة الأمن التي صدمتها الثورة المصرية في 25 كانون الثاني/يناير وكانت تعدّ العدة منذ ذلك الحين لتعود لاستلام مقاليد الأمور.
كان قرار ازاحة الرئيس المصري في 3 تموز/يوليو 2013، محاولة هذه الأجهزة الأمنية لاعادة الدولة المصرية العميقة التي تقوم على تحالف العسكر – الأمن ورجال الأعمال. وقد حاولت المؤسسة العسكرية، الاستناد في هذا القرار إلى تراجع في شعبية الإخوان المسلمين الذي ساهمت فيه أخطاء سياسية لهم، والتي قام إعلام رجال الأعمال والمال السياسي العربي بتضخيمها والمبالغة فيها.
بقبولها لاقصاء الاخوان وازاحتهم بهذه الطريقة وبتحالفها مع المؤسسة العسكرية، قامت النخبة السياسية المصرية المعادية للإخوان، ناصرية وليبرالية ويسارية، بدكّ الأسس التي قامت عليها الثورة المصرية، وفتحت بذلك سكّة اضطهادها اللاحق، أو استتباعها الذيليّ مقابل فتات الكعكة السلطوية.
واذا كان قرار ازاحة الرئيس مرسي تدشيناً لمرحلة عودة الدولة الدكتاتورية المموّهة، فان استمرار فعاليات الحراك المدني المضاد للحكم المصري وتوسعها الى فئات جديدة لا ترتبط بالاخوان المسلمين جعل أركان الحلول الأمنية يقررون فتح النار على التيار السياسي بأكمله واستعادة الدولة الأمنية الصريحة.
اضافة الى اعلانها الحرب على الإخوان في مصر، فإن قرار الحكومة المصرية هو إعلان لحرب عربية عربية، ستضيف جروحاً جديدة على الجسد العربي المنهك، وتسيء لدول تحترم التداول الديمقراطي ولحركات الاسلام السياسي وزن نافذ فيها مثل تونس والمغرب وليبيا والأردن والجزائر وغيرها.
يتجاهل القرار بشكل مقصود الفارق بين تيار الإخوان، والاتجاهات الراديكالية الاسلامية المسلحة، دافعاً بعنفه وقسوته نحو تحويل الجماعة (أو أطراف منها) الى العنف ليتمّ التعامل معها بالحديد والنار، وبذلك تعود سدّة القرار لقادة الأجهزة الأمنية لا للسياسيين، وهي المعادلة نفسها التي استخدمتها الأنظمة الدكتاتورية شرقاً وغرباً.
بعد العراق الذي قام الاحتلال ووكلاؤه بهدمه وتحويله الى مذبحة مستمرة، وسوريا التي يقود فيها الدكتاتور الحرب على شعبه، يفتح قرار الحكم الجديد في مصر الباب لحرب أهليّة مستعرّة، بما يجعل ثلاثة بلدان عربية ساهمت في تأسيس حضارة العالم، خارج التاريخ، تاركاً المنطقة نهباً لقوّتين عسكريتين إقليميتين مندفعتين تدوران في فلك قوتين عالميتين: اسرائيل – أمريكا وايران – روسيا.
الاستبداد، مرّة أخرى، يقسم بلده ليحافظ على مصالحه، ويتحالف مع الخارج ليشرعن قتل شعبه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو محمد العراق:

    أنا لست مع اقصاء اي من وكونات المجتمع المصري ولكني مع القبضة الامنية الحديدية للتعامل مع الذين لا يعرفون حدود الحرية ، وما يحصل في ليبيا خير شاهد حيث يسيطر المسلحون على آبار النفط والموانئ ، ودول الربيع العربي وحتى نحن العىاقيين بحاجة الى نصف سي سي.

    1. يقول عربي مسلم:

      ما حدث في ليبيا تحريف للثورة الشعبية ، بعد أن سرقها التدخل الفرنسي و تدخل النيتو بغرض نهب النفط وليس لأسباب إنسانية …

    2. يقول عربي مسلم:

      إلى : أبو محمد ـ العراق

      عندك أكثر من سيسي في العراق الآن في ظل “الديمقراطية الأمريكية ” هناك المالكي والطلباني والبرزاني …

    3. يقول عادل منصور:

      إلى أبو محمد ـ العراق
      تريد نصف سيسي! في العراق يوجد أكثر من سيسي واحد منذ 2003 حتى الآن ، تحت لواء “الديمقراطية الأمريكية”! التي جاءت على ظهر دبابات الإحتلال …

  2. يقول علي تونس:

    شكرا للقدس: المستبد يقسم بلده ليحافظ على مصالحه بإرضاء أعداء الأمة، ألا يعلم هؤلاء أنهم مـــاضون في هدم البلاد وأنه هناك طرقا أخرى أقل تطرفا لمعالجة مآزقهم.

  3. يقول الامام العزوزي:

    اللهم الاستبداد ولاافغانستان او الصومال

  4. يقول RIDHA:

    لا تستقيم المماثلة بين أعمال ارهابية إجرامية متعمدة و مقصودة و بين حوادث ناتجة عن إهمال مثل غرق عبارة أو انقلاب قطار أو حريق …

  5. يقول مسعود:

    متي يعرف الناس ان الدمكراسية للعلمانيين فقط وشخصيا ولهذا السبب انا مع التنظيمات الجهادية لانه لا يمكن بهذد الطريقة تحكيم شرع الله الي بلحديد والنار علي العلمانيين اذناب الصهيونية العالمية

  6. يقول رشيد من فرنسا:

    الى الأخ ضو الصغير-تونس لم أفهم كلامك وإتهاماتك للإخوان فما يجري في العالم الاسلامي سببه أناس ذوي العقول الصغيرة والحاقدين والجاهلية متلكم هل نسيت ما فعله السيسي في مجزرة النصب التذكارى وهي ابشع مجزره تمت فى تاريخ مصر الجديث
    مذبحة الحرس الجمهورى لايرتكبها الا كافر زنيم
    مقتلة حرائر المنصوره لايرتكبها الافافقد للنخوه والانسانيه
    من يعتقد ان السيسى سيهنأ بحكم مصر بعد هذه المجازر
    الجزار السيسى سيحاول ذبح المزيد من المصريين
    السيسى لن يقال
    فات أوان التصالح
    لن يرحمنا التاريخ ولا دماء الشهداء
    لوسمحنا بافلاات السفاح من العقاب
    كافر ومجرم من يوافق على وضع يده
    فى يد السيسى المضرحه بدماء المصريين ،وتتهم الاخوان في ذالك

  7. يقول وليد جادالله:

    الآن فهمت لماذا صوت المصريون لصالح ألإخوان في الإنتخابات بعد الثورة. من هذه الأسباب أن هذه الأحزاب التي تحوم حول العسكر لا خطة لها لتنقظ مصر سوى الكلام الفارغ وأن مرسي عمل أخطاء والإخوان أقصوا الجميع. لو أن الناصريين وإخوانهم اليساريين ربحوا تلك الإنتخابات وطلب الإخوان منهم الإنصاف لقالوا لهم الصناديق حكمت وإذا لم يعجبكم أشربوا البحر. نعيش في زمن عمّ فيه النفاق والعياذ بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  8. يقول ربى علي - فلسطين:

    الاوضاع في مصر تشبه الى حد كبير كرة الثلج والانهيار من السيء الى الاسوأ فمن حكم الدكتاتور الى حكم العسكر واقصاء الحركات والفكر المغاير دون الاكتراث بالنتائج التي قد تلحق بالبلاد جراء هذا التصرف اللاواعي من قبل المتحكمين والمتسلطين, فماذا يعني اعتبار حركة الاخوان جماعة ارهابية يعني ان اكثر من نصف الشعب ارهابي والنصف الاخر يتعاطف مع الارهاب , عودة الى العصور الوسطى وعصر الظلام الذي حطمته الانسانية وتجاوزته ….ها هو يعود من جديد ونحن على ابواب العام الرابع عشر بعد الالفين … اي سلام على مصر.

  9. يقول bouchibti houssin:

    الانقلابيون افلسوا و لجؤوا الى اخر كارط في ابديهم ,لايمكن تصنيف الناس على هوانا مع الاخوان او ضدهم الامر بسيط الناس خرجت الى الشارع في اطار احترام الاخر لم يقتلوا او يشردوا قبلوا بعنف لامثيل له ومع ذلك بقوا محافظين على سلميتهم الدولة الامنية عادت وفي اشع صورها ولايمكن فرض الامر على شعب ضحى بالغالي والنفيس وتسلب منه ارادته وتنتظر ان يبقى صامتا هذا الامر انتهى والشعب لن يسكت بعد الان فماذا انتم فاعلون هل ستبيدونهم

  10. يقول رضوان بن الشيخ عبدالصمد -السويد (sverige):

    السلام عليكم ورحمة الله
    وشكرا لقدسناالغالية
    كل عام وأنتم بألف خير

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية