الإخوان شامتون… شامتون للغاية.. جداً شامتون… فماذا أنتم فاعلون؟!

حجم الخط
0

ليست هذه أجواء يُذكر فيها الإخوان أيتها الحمقاء. مع أن الحماقة ارتبطت في ذهني بـ«التينة الحمقاء»، إحدى قصائد إيليا أبو ماضي، وكانت مقررة علينا في الصف الثالث الإعدادي!
وَتينَةٍ غَضَّةِ الأَفنانِ باسِقَةٍ.. قالَت لأترابِها وَالصَيفُ يَحتَضِرُ
لَأَحبِسَنَّ عَلى نَفسي عَوارِفَها.. فَلا يَبينُ لَها في غَيرِها أَثَرُ
إلخ، إلخ. وقد ارتبط أداؤها في أسماعنا بالأداء المميز لمدرس اللغة العربية محمد خضيري عبد الحليم – أطال الله في عمره، ومتعه بالصحة والعافية – وهو شاعر كبير، كغيره من الشعراء الكبار، الذين اكتفوا بإلقاء قصائدهم في احتفالات محلية ضيقة، وله قصيدة عن القدس ضمن أبياتها ما يتنبأ فيها بأننا «غداً في المسجد الأقصى، نصلي الظهر والعصرا». وسيضيع تراثه، وقد شاهدت سطواً عليه في حياته، فهذه القصيدة رأيتها منشورة باسم غيره، في مطبوعة محلية، ليدفن الصعيد كنوزه، فلم يتعرف الناس إلا على من ركبوا قطار المغامرة وسافروا للقاهرة؛ مثل عبد الرحمن الأبنودي وأمل دنقل!
وإذا كانت «التينة الحمقاء» في قصيد إيليا أبو ماضي قد اعترفت بخطئها في النهاية، فلا أعتقد أن حمقى المرحلة يمكن أن يتمثلوا بها، وهم يذكرون الناس بالإخوان في أجواء غير مواتية، في أيام خرج الناس عن شعورهم، وفقدوا أعصابهم، وهذا ما وقفت عليه بعد عودة لـ «التيك توك» بعد انقطاع، والغضب مرده إلى هذا الانقطاع غير المسبوق للتيار الكهربائي لفترات تتراوح بين ثلاث إلى خمس ساعات في اليوم، وذلك في المتوسط، فالساعات الثلاث هي الحد الأدنى، في حين أن الحد الأقصى بلا سقف!
حتى قال محمد الباز، وهو أحد الإعلاميين المقربين من أهل الحكم: «نشهد حالياً حالة من الانفلات في التعبير»، وبعيداً عما يرمي اليه، فالوصف دقيق، وهذا الانفلات غير مسبوق، واتسعت مساحة الغضب لنشاهد قنوات تلفزيونية في الداخل وقد تحولت إلى «مكملين» التي ضاق بها أهل الحكم، وضاقت بها تركيا، فغادرت إلى بلاد الفرنجة، واستمعنا إلى أصوات من أبواق النظام، وهي غاضبة وساخطة، فخيل لنا أنه محمد ناصر، وحمزة زوبع، وقد أساء كثيرون فهم هذا الغضب، وقد نتطرق إليهم بعد قليل!

شماعة الإخوان

وفي هذه الأجواء، إذا بحمقاء قناة «صدى البلد»، تلفت الانتباه إلى الإخوان، وكيف أنهم «ماسكين صاجات وطبلة»، وقد جاءتهم أزمة الكهرباء على طبق من فضة!
وإذا كان أهل الحكم في مصر جعلوا من الإخوان شماعة يعلقون عليها فشلهم، فهذا هو الظرف الأسوأ الذي يتم التذكير بهم فيه، لأن اتساع رقعة الغضب، لتشمل حتى العناصر السلطوية، يمثل دعاية للإخوان، وقد كانت الدعاية لأهل الحكم عبر أدواتهم الإعلامية، بل وعبر تصريحاته هو ومنشوراته، هل نسيتم انقطاع الكهرباء في عهد الإخوان؟ وقد احتفلوا في سنة 2018، بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء والمخطط هو التصدير لتكون مصر جسراً يربط العالم، أو كما قال الجنرال!
ومعلوم أن انقطاع الكهرباء كان بفعل فاعل في عهد الرئيس محمد مرسي وقد تطرق لهذا في أحد خطبه العامة الأخيرة، لكنها لم تكن أبداً لتستمر لساعات، وعندما يتم ذكرهم في أجواء الغضب هذه، سيتذكر الناس المخطط لإفشالهم، وسيستقر في وجدانهم أن سنة حكمهم مع ذلك أفضل من العشر سنوات الأخيرة، وفي كل شيء، وإن كانت مقارنة السواد الأعظم من الناس بين هذا العهد، وعهد مبارك، فيندبون حظهم، ويترحمون على الرجل، وهذا لفائدة الدولة العميقة، التي تنتمي لها حمقاء صدى البلد!
وعندما يفقد النظام شعبيته تماماً، فمن الأفضل أن للدولة العميقة بدائلها في سياق مبارك نفسه، وهو السياق الذي يضمن لهذه الحمقاء وغيرها من الأذرع الإعلامية، البقاء أو على الأقل عدم التربص والتنكيل إذا كان بديلاً ثورياً، لكنها لم تجد ما تدافع به عن النظام فذكرت بالإخوان، على أساس أنه عندما يتم التلويح بهم كبديل، سيتمسك الناس بالسلطة القائمة، وهذه هي الحماقة مكتملة الأركان، وفي التوقيت والأجواء الغلط!
القول إن أزمة الكهرباء جاءت للإخوان على طبق من فضة، يمكن قبوله في حالة ما إذا كان الإخوان بالفعل مشغولين بإفشال السيسي، لأن لديهم رغبة في العودة للحكم، ولا أظن أن ذلك يشغلهم الآن، ولكن لنفترض جدلاً أنهم يعتبرون هذا الفشل في أزمة الكهرباء، أمراً عظيماً أقاموا من أجله الأفراح، وأمسكوا بالصاجات والطبلة، فماذا في يد السلطة أن تفعل إزاء هذه الأجواء الاحتفالية من جانبهم، وإزاء هذا الفشل من جانبها؟!
إنهم يقدمون دعاية مجانية للإخوان.. محظوظة هذه الجماعة بحماقة خصومهم!

هبة الأذرع الإعلامية

بعيداً عن الحماقة السابقة، فإن غضب الأذرع الإعلامية للنظام في الأسبوع الماضي مثير للانتباه، وقد تجاوزت التعبير عن الغضب إلى وصف من لا يجرؤون عن الإفصاح عن اسمه سوى بالإشارة إليه بالفاشل، الذي لم يخطط لإدارة الأزمة!
فإبراهيم عيسى قال «إن أزمة الكهرباء ليست أمراً عادياً، لكنها إعلان فشل يومي»، فهل يمكن قبول أنه يقصد مثلاً فشل الحكومة، وهو يعلم أنها ليس لها الأمر من شيء، وعندما طلب بعض الإعلاميين بمساحة لنقد أداء الحكومة، عودة لزمن مبارك، رفض الجنرال هذا بحدة، وقال ما معناه إنه من يدير البلد وليست الحكومة! وعماد أديب بلغ به الغضب مداه، فأعلن أن من «عمل فينا هذه العملة يمشي..»، فمن هو الذي عمل هذه «العملة فيهم»؟ إنه يقصد رئيس الحكومة، فهل فعلها فعلا مصطفى مدبولي، والرجل موظف مطيع، لم يصدق يوماً أنه رئيس حكومة، لذا فهو باق في موقعه.
وقد صبت لميس الحديدي جام غضبها على رئيس الوزراء، الذي اتهمته بأنه مشغول بتشكيل الحكومة وترك الأمور بدون تخطيط ليصل قطع التيار الكهربائي لمدة أربع ساعات في مواعيد غير محددة، وسألته عن الأموال التي دخلت مصر، وقطعت عليه الطريق حتى لا يقول إنه دفعها لتسديد الديون؛ فلم يتم تسديد كل ديون شركات البترول الأجنبية، وهذا أحد أسباب أزمة الغاز، التي نتجت عنها أزمة الكهرباء!
كان الأسبوع الماضي قد شهد الإعلان رسمياً عن قطع الكهرباء لمدة ثلاث ساعات في اليوم، وفي وقت سابق قال وزير البترول إن من يقولون ذلك هم أعداء مصر في الخارج، وهو رجل غريب في تصريحاته، وقد استمعت لمداخلة له مع برنامج عمرو أديب، وقد أجاب على سؤال عن انتهاء الأزمة في نهاية شهر يوليو/تموز؟ فنفى ذلك تماماً، ولا أعرف تاريخ هذه المداخلة هل قبل مؤتمر رئيس الحكومة، الذي أعلن فيه هذا أم قبله، وهو المؤتمر الذي سبقه الاجتماع الثلاثي، وتم الإعلان عن أنه بتوجيه رئاسي، وكان وزيرا البترول والكهرباء عن يمين ويسار مصطفى مدبولي وقت هذا الإعلان! فهل سيغادر وزير البترول الحكومة، ولهذا يقدم كلاماً يُفهم منه النظر لتصريحات رئيس الحكومة على أنها فقرة في البرنامج الإذاعي القديم «ساعة لقلبك»؟!
ليس هذا موضوعنا، فحدة الهجوم على شخص رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، أدهشت الناس حتى اعتقد البعض أن ما يحدث لا يمكن أن يتم دون توجيه ضمن سياسة التنفيس عن حالة الغضب التي توشك أن تحرق الصدور، وبشكل جعل السلطات في قلق شديد هذه المرة من ذكرى 30 يونيو/حزيران، فكان هذا الوجود المكثف لرجال الأمن في منطقة وسط القاهرة!
ولا يمكن أن يكون هذا الأداء بتوجيه من أجل التنفيس، لأن المستقر في وجدان الحاكم بأمره إن سياسة التنفيس في عهد مبارك كانت السبب في الثورة عليه، وعبثاً حاولت أن يفهموا إن ما جرى لم يكن بإرادة مبارك، لكنها سنن الحياة، فلا يمكن لحاكم أن يحكم كل هذه السنوات ويده على الزناد، وتستمر حالة الخوف للأبد، ونظام مبارك حاول أن ينهي الحالة ويقمع الأفواه ويؤمم السياسة بالكامل، لكنه فشل لأن نواميس الكون غلابة، بل إن سياسة العودة الى حدود سنة 2000 هي التي أنتجت الثورة، وها هو يحدث ما وصفه الباز بـ «الانفلات الإعلامي»، فهل يمكن مصدامته، كما فعلت مجموعة جماعة مبارك في 2010؟!
غضب الإعلاميين هو لأنه نالهم من الحب جانباً، لا سيما وأن المشهد الإعلامي بدا غير موجه، ربما لأن الموجه يعاني هو الآخر، وهو ما يمكن ملاحظته من غياب اللجان الإلكترونية، إلا من اجتهادات شخصية في الدفاع عن الحقبة، باستدعاء شماتة الإخوان! حسناً، الإخوان شامتون، شامتون للغاية، جداً شامتون، فماذا أنتم فاعلون؟!

 صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية