بغداد ـ «القدس العربي»: من المقرر أن تعقد المحكمة الاتحادية، يوم غدٍ الأربعاء، جلسة للبتّ بدعوى الطعن ضد قرار هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي، بإعادة فتح الترشيح «مرّة ثانية» لمنصب رئيس الجمهورية، والبث بمصير نحو 35 مرشحاً جديداً تقدموا لشغل المنصب، وسط أنباءٍ تفيد بقرب عقد «التحالف الثلاثي» المؤلّف من التيار الصدري، والسنّة، والحزب «الديمقراطي الكردستاني» اجتماعٍ لحسم مسألة منصب الرئاسة، والمضي بتشكيل الحكومة الجديدة، فيما يتحرك «الإطار التنسيقي» الشيعي لإعلان تحالف جديد يضم نواباً سنّة وأكرادا، بهدف تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر.
وقال مقدّم الدعوى، النائب المستقل، باسم خشان، إن المحكمة الاتحادية ستنظر يوم الأربعاء المقبل (غداً) بدعوى الطعن في قرار هيئة رئاسة مجلس النواب الخاص، بفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
«احترام الدستور»
وذكر، في «تغريدة» على «تويتر» أمس، أن «هذه الدعوى ليست موجهة ضد أحد أو حزب، وإنما لضمان احترام الدستور والقانون الذي شرعه المجلس ذاته، واحترام السادة النواب الذين ركنهم هذا القرار على الرف».
وتقدّم 25 مرشحاً لشغل منصب رئيس الجمهورية، على رأسهم القيادي في الحزب «الديمقراطي الكردستاني» هوشيار زيباري، ورئيس الجمهورية الحالي، برهم صالح، خلال المدّة الدستورية للترشيح (انتهت في 8 شباط/ فبراير الجاري) قبل أن تقرر المحكمة الاتحادية استبعاد زيباري من سباق الرئاسة.
غير إن هيئة رئاسة البرلمان قررت إعادة فتح الترشيح للمنصب «مرّة ثانية» واستقبلت نحو 35 مرشحاً جديداً، الأمر الذي عدّه نواب أنه «خرق دستوري» وتجاوز على الصلاحيات الممنوحة للبرلمان، وقرروا الطعن بالقرار النيابي لدى المحكمة الاتحادية العليا.
الخبير القانوني، علي التميمي، قال لإعلام حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الداعم لتجديد الولاية لبرهم صالح، إن «المحكمة الاتحادية ستنظر في قرار رئاسة مجلس النواب بفتح باب الترشيح، وهل هو دستوري وقانوني أم بخلاف ذلك» موضحا أن «المحكمة إذا أقرت بدستورية الجلسة، ستبقى أسماء المرشحين لمنصب رئاسة الجمهورية كما هي، أم إذا لم تقر الدستورية، فسيتم اعتماد أسماء المرشحين الـ 25 الذين تقدموا لمنصب رئيس الجمهورية قبل إعادة فتح باب الترشيح».
وأضاف: «قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للجميع، وهي التي تحسم دستورية إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية».
وفي حال أقرّت المحكمة بطلان القرار البرلماني، فإن ذلك سيصب في مصلحة حزب الاتحاد «الوطني الكردستاني» أبرز حلفاء «الإطار التنسيقي» الشيعي، ومرشحهم برهم صالح، على حساب «الديمقراطي».
وتحدثت أنباء عن عزم «التحالف الثلاثي» عقد اجتماعٍ ثانٍ لقاده في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، لحسم ملف رئاسة الجمهورية.
واستقبل الصدر في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، رئيس إقليم كردستان العراق، نجيرفان بارزاني، ورئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف «السيادة» السنّي، خميس الخنجر، في مدينة النجف.
وتوقع القيادي في تحالف «السيادة» أمجد الدايني، أن يُعقد اجتماعا ثلاثياً بين الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف «السيادة» في أربيل خلال اليومين المقبلين، لافتاً إلى أن الساعات الأخيرة قبل عقد أي جلسة برلمانية عادة ما تكون نقطة الانفراج في الحراك السياسي وتسمية مرشح إحدى الرئاسات.
وأوضح، في تصريح لموقع «المربد» البصري، إن «الهدف من الاجتماع الثلاثي هو الخروج بموقف نهائي لحسم رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، وتحديد طبيعة الحكومة الجديدة، إما أغلبية وطنية، أو قريبة من التوافقية بضم بعض أطراف الإطار التنسيقي، كما يرغب زعيم التيار الصدري».
وأشار إلى أن «التوقيتات الدستورية والقانونية، تستدعي من الكتل حسم رئاسة الجمهورية ومن ثم الانتقال بعدها إلى تشكيل الحكومة، والاجتماع الثلاثي المرتقب من شأنه تقريب وجهات النظر بهذا الشأن».
وزاد: «كلما اقترب موعد جلسة اختيار إحدى الرئاسات الثلاث، تكون المفاوضات جدية وحقيقية كما شهدنا في الحراك السياسي وحصول انفراجة وحسم مرشح رئاسة مجلس النواب من تحالف (السيادة) عشية موعد عقد الجلسة».
المحكمة الاتحادية تبت في قضية إعادة فتح الترشيح لرئاسة الجمهورية غداً
وسبق أن أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، (في 17 شباط/ فبراير الجاري) عزمه البحث مع رئيس الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، اتخاذ الخطوات اللازمة وتنسيق المواقف للوصول إلى تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، موضحاً أن الجانبين اتفقا على ضرورة «عقد اجتماع لقوى التحالف الثلاثي خلال الأيام المقبلة».
تشكيل سياسي جديد
في الطرف المقابل، يخطط «الإطار التنسيقي» الشيعي، ضم خصوم «التحالف الثلاثي» في تشكيل سياسي جديد تحت اسم «تحالف الثبات الوطني» لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، والتي يحقّ لها اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.
النائب عن ائتلاف «دولة القانون» عارف الحمامي، كشف عن الوصول إلى المراحل الأخيرة لإعلان تشكيل كتلة «الثبات الوطني» التي تضم مكونات «الإطار التنسيقي» ونواب آخرين، بينما رفض تحديد سقف عدد نواب الكتلة بشكل نهائي.
وذكر الحمامي، طبقاً للمصدر ذاته، أن «المفاوضات جارية لغاية الآن بهذا الصدد، لذا لا يمكن أن نستبق الأحداث بشأن العدد الكلي للكتلة التي قد يزداد عدد نوابها أو ينقص».
ولفت إلى أن «ائتلاف دولة القانون عقد يوم أمس (الأول) اجتماعاً داخليا لمتابعة الوضع السياسي والتحالفات وتوحيد المواقف والتنسيق بين ائتلاف دولة القانون والكتل المنضوية بين الإطار».
وعن الحوار مع الكتلة الصدرية، قال: «مستمر ولم ينتهِ وقد تفضي الساعات الأخيرة معهم إلى اتفاق، وهو ما نأمله» وفق قوله. وبشأن موعد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، قال إن «الأمر غير معلوم ولم يحدد الموعد لغاية الآن» مرجحاً أن يحدد الموعد «بعد انتهاء التفاهمات بين الكتل السياسية بهذا الصدد».
ومساء أول أمس، بحث رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، مع أعضاء كتلته مجريات الحوارات بين القوى السياسية حول تشكيل الحكومة، وكيفية الخروج من الأزمة الراهنة.
«حكومة منسجمة»
وقال مكتب المالكي في بيان، إن الأخير «ترأس مساء اليوم (الأحد) اجتماعا لكتلة ائتلاف دولة القانون النيابية، لبحث مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في البلد، فضلا عن مجريات الحوارات بين القوى السياسية حول تشكيل الحكومة، وكيفية الخروج من الأزمة الراهنة».
وشدد، على أهمية أن «تكون الحكومة المقبلة حكومة منسجمة، قادرة على تقديم الخدمات للمواطن، وبمقدورها تجاوز الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها البلد».
وأكد أن «مواقف كتلة ائتلاف دولة القانون داخل مجلس النواب، ستبقى ملتزمة بدعم قضايا المواطن ومدافعة عن حقوقه» مشيراً في الوقت عيّنه إلى أن «الحوارات بين القوى السياسية متواصلة، من أجل الوصول إلى نتائج تحسم الاستحقاقات الدستورية في الحكومة المقبلة».
في شأن آخر، أبدى رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، استغرابه من «كثرة الحديث عن التهديد من دون تقديم أدلة».
وقال في «تغريدة» عبر «تويتر» «العراق دولة وجهدنا مكثف لحفظ الأمن وسيادة القانون ورفض الخارجين عليه، لذا نأسف لتكاثرهم في الآونة الأخيرة».
وأضاف: «ما شهدناه وسمعناه مؤخرا في وسائل الإعلام عن وجود تهديدات لحياة بعض الشخصيات السياسية، نحن نرفضها بشكل قاطع، لكننا في الوقت ذاته نستغرب من كثرة الحديث عن التهديد من دون تقديم ادلة».
وتابع: «إذا كان التهديد صحيحا، فنطالب هذه الشخصيات بتقديم أدلتها أمام القضاء، وسنكون متضامنين معها، وإذا لم يثبت التهديد بأدلة قاطعة، فإننا نطالب القضاء بمحاسبتهم منعاً لإرباك الأمن والاستقرار والسلام في البلاد».
تصريحات المالكي جاءت ردّاً على تأكيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الجمعة الماضية) إن أغلب الشعب العراقي يساند حكومة الأغلبية الوطنية، وفيما جدد الإشارة إلى التهديدات التي تطال «الشركاء» طالب بالتوقف عن التهديد والوعيد. في حين، شدد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، على استمرار «النهج المُصر على بناء الدولة بعيدا عن العنف».
وقال، في «تدوينة» له، «منذ البداية اخترنا السياسة بعيدا عن السلاح الذي كان يرفع بوجهنا في مناطقنا، ليقيننا أن العنف لا يبني الدول».
واضاف الحلبوسي: «اليوم تظهر إرادات غير منضبطة تحاول كسر هيبة الدولة بهدم اركانها وتهديد مكونات الشعب، فلم نخش سلاح الأولين ولن نقبل تهديد الآخرين، ولم ولن نغير نهجنا المصر على بناء الدولة بعيدا عن العنف».
كذلك، قال رئيس تحالف «السيادة» خميس الخنجر، إن توجهات تحالفه لن تثنيها لغة التهديد والوعيد.
وذكر في «تدوينة» أن «قوتنا في وحدتنا ونجاحنا في تعاوننا من أجل عراق أفضل، وسنبقى نحاور جميع العقلاء للوصول إلى حالة استقرار ورؤية وطنية تحفظ سيادة العراق».