الإعلام السوري: «ليش طالعة من البيت؟».. بماذا نصح الفنان علي الديك السوريين؟.. والكورونا يوقف صحفاً ورقية

حجم الخط
2

«عزيزتي كارينا، المعطيات التي نملكها تقول بأنك كنت قريبة من شخص مصاب بفيروس كورونا في 6 مارس/ آذار الماضي. عليك إذن أن تبقي في حجر صحي في المنزل».
هذه فحوى مكالمة هاتفية مع إسرائيلية (كارينا) أجراها جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، الذي أنذر ما يقارب 400 شخص (هل بينهم عرب؟) بهذه الطريقة، بعد أن أعطى بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلي، الضوء الأخضر للشاباك للتجسس على الإسرائيليين لوقف انتشار فيروس كورونا. كما «سمح له بالحصول على بيانات من أي هاتف دون إذن في محاولة السيطرة على هذا الفيروس».
وكانت «الحكومة وافقت على هذا الإجراء بموجب قانون الطوارئ رغم رفض لجنة برلمانية المصادقة عليه».

إسرائيل دولة احتلال متوحشة، تستطيع وقت السلم والرخاء أن تتشدّق بما تشاء، لكن عند أول هزة، لا تستطيع، وربما لا تريد، أن تتخلى عن صورتها الأولى، والأصلية

لا ندري إلى أي حد ستكون كارينا سعيدة بمكالمة الشاباك الهاتفية، هل ستقدّر له حرصه على حياتها، إلى حدّ التنصّت على مكالماتها، وملاحقة أسرارها وتفاصيل حياتها الخاصة، بتقنيات «شبيهة بتلك التي تستخدمها هذه الأجهزة في حربها ضد الإرهاب»، أم أنها ستغضب لهذا الانتهاك الخطير لخصوصيتها؟
ما تفعله إسرائيل في شأن صحيّ هو استثنائيّ في طرق مواجهة الفيروس، ولعله يعكس جوهر دولة الاحتلال، التي تدّعي وتتقنّع بالديمقراطية، ثم لا تلبث أن تخلع عنها القناع عند أول مواجهة، ثم تحذو حذو الصين وتايوان وإيران وسواها ممن «اتهم بمحاولة استخدام التكنولوجيا الرقمية، التي تمكّنها من التجسس على مواطنيها»، إلى حدّ «أثار ردود فعل سياسية واسعة ما دفع القائمة المشتركة (العربية) في الكنيست لتقديم التماس في المحكمة العليا الإسرائيلية ضد القرار بسبب التخوف من استخدام التقنيات في أمور أمنية وسياسية».
إسرائيل هي إسرائيل، دولة احتلال متوحشة، تستطيع وقت السلم والرخاء أن تتشدّق بما تشاء، لكن عند أول هزة، لا تستطيع، وربما لا تريد، أن تتخلى عن صورتها الأولى، والأصلية.

«ليش طالعة من البيت؟!»

أسوأ تقرير تلفزيوني يمكن مشاهدته بخصوص أزمة فيروس كورونا هو لمراسل تلفزيون النظام السوري شادي حلوة. المراسل سألَ العابرين في شوارع مدينة حلب، بل طاردَ العابرين، مع سؤال أقرب إلى تحقيق أمني: «ليش طالعة من البيت؟». لا ندري إن كانت مصادفة توجيه السؤال فقط لنساء، وخصوصاً المنقبات، أم أن الشاب كان يتصرّف بوحي حادثة جرت معه في بدايات الثورة السورية، وكان حينها على هواء «الفضائية السورية» مباشرة، متحدثاً عن فبركات إعلامية، عندما مرّ فتى ضربه بحذاء مع عبارة سمعها العالم كله حينذاك «الإعلام السوري كاذب»، ما اضطر التلفزيون إلى قطع الرسالة. لربما خشي حلوة من مفاجأة مماثلة، فاكتفى بطرح السؤال على نساء وحيدات. إذاً لم يكترث مراسل النظام للذعر الذي سبّبه للنساء العابرات إلى أشغالهن، وقد أظهرنَ ضيقاً صريحاً به وبكاميرته، بل راح يجري وراءهن مكرراً السؤال بلا هوادة. بإمكانك أن تتخيل الميكروفون بيده وقد تحوّل إلى عصا، كتلك التي بأيدي «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

لم يكترث مراسل تلفزيون النظام للذعر الذي سبّبه للنساء العابرات، وقد أظهرنَ ضيقاً صريحاً به وبكاميرته، بل راح يجري وراءهن مكرراً السؤال بلا هوادة. بإمكانك أن تتخيل الميكروفون بيده وقد تحوّل إلى عصا، كتلك التي بأيدي «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

ما من تفسير لاستقواء شادي حلوة على نساء المدينة وناسها العزّل إلا بالعودة إلى مقابلاته الميدانية من ساحات القتال مع الضابط المعروف في جيش النظام سهيل الحسن، وقد بات معلوماً كم الإهانات التي وجهها الحسن لمراسل تلفزيون النظام. حلوة المهان من جيش النظام تارة، ومضروباً بحذاء فتية المدينة قبل سنوات، وجد فرصته بالانتقام من الشارع.

توقّف الصحف الورقية

يقول خبر لوكالة «سانا»، وكالة أنباء النظام السوري، نشر أول أمس: «ضمن الإجراءات الحكومية الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا، وفي إطار الخطوات الاستباقية للحفاظ على الصحة العامة، قررت وزارة الإعلام تعليق صدور الصحف الورقية حتى إشعار آخر على أن تستمر في الصدور إلكترونياً».
ما أجمل عبارة «للحفاظ على الصحة العامة»!

أزمة الإعلام

في الحروب والأزمات الكبرى تنتعش الصحف ويزدهر الإعلام عموماً، إذ تصبح حاجة الناس ماسة وملحة لمعرفة الخبر بأدق وأوسع وصف ممكن، بل إن قراءة الصحيفة قد تحدّد إن كنتَ ستبقى اليوم هنا أم ينبغي عليك الرحيل إلى هناك، إلا في حالة الحرب مع فيروس كورونا، حيث ألغيت في عدد من البلدان معظم الفعاليات، رياضية كانت أم ثقافية أو فنية وحتى اقتصادية.

توقفت الطبعة الورقية من صحف النظام السوري حفاظاً على الصحة العامة

لم يبق للإعلام سوى أخبار المرض نفسه، وأخبار ضحاياه، وحتى هذه يبدو أنها تقتصر على نزر قليل من المعلومات نظراً لخطورة الاقتراب من المصابين بالفيروس. لذلك باتت الحظوة اليوم، المنابر التقليدية، ومنصات التواصل الاجتماعي، للأطباء، فقد دشن هؤلاء صفحات وحسابات على فيسبوك، وقنوات على يوتيوب، بعضها موجه خصوصاً للبلدان التي ما زالت تنكر وتخفي أعداد المصابين، في ظل حكومات لا تكتفي بعدم القيام بواجباتها تجاه مواطنيها، بل وتسهم في تجهيلهم وتركهم في مهب الشائعات والخرافات.

علي الديك

لا أنكر أن عنوان «سانا» لفيديو: «بماذا نصح الفنان علي الديك السوريين» جذبني بعض الشيء، قلت لنرَ، لعل لدى المغني السوري مفاجأة ما، طرفة، موالاً، رقصة، على غرار ما شاهدنا من بيوتنا لفنانين ونجوم كثر، كيم كارداشيان، ناعومي كامبل، أرنولد شوازينيجر ونجوم آخرين غنوا ورقصوا وعزفوا.. مساهمة منهم في المساعدة على الحد من انتشار فيروس كورونا بتشجيع الناس على البقاء في البيوت.
لكن علي الديك كان مخيباً للغاية، لم يقل شيئاً تقريباً، سوى نصيحة التقيّد بتعليمات وزارة الصحة. إلى جانب فيديو الديك هناك اثنان لفنانين آخرين، وعلى ما يبدو هذا كل ما في جعبة «وكالة أنباء النظام السوري» كحملة «احترازية» (وهذه هي الكلمة الأكثر تداولاً اليوم على الشاشات السورية) لمواجهة الفيروس.
كيف لا «يطفش» الناس من بيوتهم!

 كاتب فلسطيني سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامي الصوفي:

    «ليش طالعة من البيت»؟
    الله يرحم أيام؛ «أنا أختي كانت تطلع من البيت الساعة ٣ صباحاً و ما حدا يحكي معها»!

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    التعتيم الإعلامي بسوريا أصبح خطراً على المجتمع! فمعظم الشعب بسوريا لا يأخذ وباء كورونا بالجدية لأن النظام أوهمهم بأن سوريا خالية منه!! ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية