لفتني فيديو يستعيد مشاهد مفصلية من تاريخ الثورة السورية في ذكراها التاسعة مرفقة بأغنية الفنان السوري سميح شقير “يا حيف”. ربما كان الأمر مناسبة لإنصاف أغنية تعرّضت للازدراء من “زملاء” موسيقيين، وخصوصاً من موالين للنظام.
أطلق شقير أغنيته مع بدايات الثورة، مع أولى التظاهرات التي جوبهت بإطلاق النار باتجاه المتظاهرين العزّل. كتبَ أغنيته تحت وطأة انفعال وتأثّر بالغ، حتى أنه قال، في مقابلة سابقة أجريتها معه من دمشق حينذاك، إنه لحّن “يا حيف” ودموعه لا تتوقف عن الهطول. إنها استجابة مباشرة لانفعال استثنائي، ورغم أنها كتبت على بعد آلاف الأميال، حيث يقيم الفنان في باريس، إلا أنها بدت وكأنها ابنة الأحياء المنتفضة، سرعان ما أخذت طريقها كلافتات هائلة في ساحات التظاهر، خصوصاً لازمتها “يا حيف”، عدا عن أن الأغنية ذاتها رفعت بمكبرات الصوت في وجه قوات النظام وأجهزة أمنه، ولطالما أقضّت مضاجعهم.
“يا حيف” لم تكن تماماً أغنية، ومن الظلم أن نفكر فيها كعمل موسيقيّ بمعزل عن اللحظة التي ولدت فيها. هي تشبه في سياقها صرخة محمود درويش الشعرية “سجل أنا عربي”، التي كانت صرخة ثائر في وجه الاحتلال أكثر من أن تكون شعراً، ما دفع الشاعر بعد خروجه تالياً إلى رفض إلقائها رغم إلحاح الجمهور.
“يا حيف” لم تكن تماماً أغنية، ومن الظلم أن نفكر فيها كعمل موسيقيّ بمعزل عن اللحظة التي ولدت فيها. إنها تشبه في سياقها صرخة محمود درويش الشعرية “سجل أنا عربي”، التي كانت صرخة ثائر في وجه الاحتلال أكثر من أن تكون شعراً، ما دفع الشاعر بعد خروجه تالياً إلى رفض إلقائها رغم إلحاح الجمهور.
ومن جهة أخرى لا يستطيع ثائر أن ينكر سعادته بانخراط فنان من وزن سميح شقير إلى جانبه، والأهم أنه كان ابن جبل العرب المجاور، ابن مدينة السويداء المجاورة لمهد التظاهرات الأولى، ما يعني أيضاً بشارة بانضمام الدروز (لا مناص من تسمية الأشياء على هذا النحو هنا)، ما يساهم بتبديد شبهة طائفية جهد النظام في إلصاقها زوراً بالمتظاهرين.
كانت “يا حيف” صرخة شجاعة في وجه النظام، ونعرف جيداً كيف يؤذي النظام معارضيه حتى عن بعد، على الأقل بإفلات الذباب الالكتروني في وجوههم. كانت عملاً نبيلاً لا ينكره إلا خبيث (لا علاقة للمفردة هنا بالذكاء)، ولا يستخدم معايير الموسيقى وحدها في تصنيفه إلا مدّع مكيود.
الإعلام اللبناني يهين مواطنيه
حتى وإن كان المواطن ذاهباً برجليه إلى الموت، ليس من حق الأخ الأكبر، متمثلاً بالإعلام أو سواه من مختلف السلطات، أن يوجّه له الإهانة مدّعياً الحرص على حياته. ليس من حق “إل بي سي أي” توجيه الإهانة للبنانيين، وقد نزل بعضهم إلى الكورنيش البحري في بيروت مخالفين تعليمات العزل اتقاء فيروس الكورونا، عندما أفرد لهم مذيع “خليك بالبيت” مقدمة لا تبقي ولا تذر من الكلمات المهينة.
“هناك صنف من البشر..”، يفتتح المذيع من دون أن يرف له جفن، وهذه وحدها شتيمة، ويتابع: “أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه بلا مخ”. ثم يضيف “صنف لا ينفع معه الحكي”، و”إلا كيف يسمح لنفسه أن يسير كالقطيع.. يخرجون كالقطعان، من أجل طق الحنك..”.
هذه المقدمة المهينة لم تكن عفو الخاطر لمراسل منفعل في الميدان، بل لمحرر ومذيع أخذ وقته في الكتابة والتدقيق في غرف التحرير، وهي بالتالي صادرة عن عقل بارد يفترض أنه حسب لكل حرف. لا بد أنها تأتي من عقل اعتاد أن ينظر إلى المواطن هذه النظرة، وأن يرى في نفسه وصياً، أخاً أكبر، بإمكانه أن يقول ويتصرف على هواه من غير حساب.
لا بدّ وأن بعض المواطنين، ممن وجهت له تلك الإهانات يقول لنفسه “لعل الموت بالكورونا أرحم من تلك الإهانات.. الموت، ولا المذلة”.
شرفات وشرفات
حتى في زمن الكورونا يمكن العثور على أشياء جميلة قد تصبح علامات لا تنسى (لمن سيبقى على قيد الحياة). من بينها مثلاً تلك الأناشيد والأغاني المنبعثة من شرفات البيوت في نابولي وغير مدينة إيطالية ابتكرتها في مواجهة العزل وحظر التجول. كل يوم فيديو جديد من البلد الساحر، حيث الشرفات المضاءة، والصبايا الفاتنات، والدفوف، والضحك.. غناء جماعي، أو معزوفات فردية من قلب المشهد الساحر.
في قلب الأزمة والخطر، سنجد دائماً الإنسان، هذا الذي يصرّ على الرقص على حافة الخطر، الغناء في مواجهة الخوف، والسخرية من الذات والوجود برمّته في لحظات النهاية.
لكن هنالك أيضاً محاكاة المشهد الإيطالي حسب خصوصية كل بلد، هناك فيديوهات مقلدة ساخرة من لبنان مثلاً، مع رقص وأغان مصرية. إلى جانب تعليقات تفترض لو أن الناس في ألمانيا أرادوا الخروج إلى الشرفات للغناء والعزف وأي مجابهة سيجدونها من الجيران الألمان الصارمين، في بلد “عاقل” لا يتحمل الضجيج والخروج على الأعراف والقوانين.
في الأحوال كلها، وفي قلب الأزمة والخطر، سنجد دائماً الإنسان، هذا الذي يصرّ على الرقص على حافة الخطر، الغناء في مواجهة الخوف، والسخرية من الذات والوجود برمته في لحظات النهاية.
انتصار الثقافة!
“دمشق تحتضن مهرجان “الثقافة تجدد انتصارها”..”. يقرأ المرء هذا المانشيت في صحيفة سورية رسمية ويتساءل، أي نصر، وأي ثقافة، وأي مهرجان في البلد المدمر والمهزوم والمنهوب حتى آخره!
خطابات وكلام كبير وتكريمات بالجملة لفنانين سيدبّج كل منهم خطاباً للجمهور أكذب من خطاب زميله. إن كان انتصاراً فليس إلا لثقافة الكذب والخضوع، وكان ذاك مهرجانها.
كاتب فلسطيني سوري
يا حيف آخ و يا حيف
زخ رصاص على الناس العزّل يا حيف
وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف
وأنت ابن بلادي تقتل بولادي
وظهرك للعادي وعليي هاجم بالسيف
يا حيف يا حيف
وهذا اللي صاير يا حيف
وبدرعا ويا يما ويا حيف
سمعت هالشباب يما الحرية عالباب يما.. طلعوا يهتفولا
شافوا البواريد يما قالوا إخوتنا هن.. ومش رح يضربونا
ضربونا يما بالرصاص الحي
متنا بايد إخوتنا
باسم أمن الوطن
وإحنا مين إحنا
واسألوا التاريخ
يقرا صفحتنا
مش تاري السجان يما كلمة حرية وحدة.. هزتلو أركانو
ومن هتفت الجموع يما أصبح كالملسوع يما.. يصلينا بنيرانو
وإحنا للي قلنا للي بيقتل شعبو
خاين. يكون من كاين.
والشعب مثل القدر.
من ينتخي ماين
والشعب مثل القدر
والأمل باين
يا حيف يا حيف
هناك كثير من الناس ولأسباب لم يتوصل العلم لدراستها يتصرفون خارج العقل السليم ويعيشون في غير هذا العالم منهم من يوكد ان الكورونا مؤامرة أمريكية او اسرائيلية ومنهم من يصر ان دواء الكورونا موجود طبعًا كل ذالك بدون إثباتات كما هناك بعضهم من يعتقد انه اكثر فهمًا من الأخصائين فان قالوا ان في أيام الكورونا تكون التجمعات خطر عليهم وعلى الغير …بعتقد البعض انه يفهم اكثر ولا يبالي بتعليمات المسؤولين …. لا اعلم ان كان هؤلاء بلا مخ او يعانوا بعض الأمراض