وكما قال عادل إمام في «مدرسة المشاغبين»: العلم لا يكيل بالباذنجان، فإن الدراما أيضاً لا تكيل به، مع العلم أنه عندما قال هذا كان «الباذنجان» طعام الفقراء، قبل أن يرتفع سعره في الآونة الأخيرة، ويتربع على القمة، يوشك أن يأتي اليوم، الذي يقول فيه وزير الأوقاف في خطبة الجمعة، إنه طعام أهل الجنة، فلم يعد ينافسه في السعر، سوى ورق العنب، الذي يستخدم في صناعة المحشي، وكذلك الباذنجان فإنه يستخدم في نفس الصناعة، فقد جئت من ثقافة لا تعرف إلا المحشي كرنب، قبل أن نعرف أن كل المنتجات قابلة للحشو بما في ذلك «الكوسة»!
ولأن الدراما لا تكيل بالباذنجان، قبل أن يصبح طعام أهل الجنة، وأيام أن كان يضرب به الفلاحون بعضهم بعضاً من باب المزاح واستهانة به، فإن كل إمكانيات الدولة المصرية، التي سخرت من أجل صناعة مسلسل تلفزيوني هو «الاختيار 3» انتهت به عملاً درامياً فكاهياً، ينبغي أن يدرس على هذا النحو، ونقطة التفوق في هذا العمل، أنه لا يوجد من بين أبطاله فنان كوميدي واحد، ومع هذا فانه يصنف ضمن أفلام إسماعيل يسن ومسرحيات عادل إمام، فالفكاهة كانت قديماً يقوم بها «كوميديان» بيد أن المسلسل المذكور نجح في استحداث سخرية لا تقوم على فنان كوميدي، أو كتابة ساخرة!
ولهذا لم يكن غريباً أن تضج منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع من «الاختيار3» الهدف منها اضحاك الجمهور، وهو أمر ينبغي أن يطمئننا على مستقبل الكوميديا في مصر، إذ كنت أعتقد نهاية هذا اللون من الدراما، برحيل «الفنانين الكوميديان» وكان آخرهم سمير غانم، ولم يبق إلا عادل إمام، وقد انتهى عمليا لكبر سنه، أطال الله في عمره، أما محمد صبحي فقد أنهى نفسه بنفسه، عندما وضع ذاته في قالب المنظر السياسي. فماذا بقي للكوميديا المصرية؟!
لأن ربك عالم بالحال، فقد كانت الرسالة عبر مسلسل أراده أصحابه جاداً كل الجدية، فاذا به يتحول إلى فكاهي من العيار الثقيل، وبدون ممثل كوميدي واحد، وهو مبشر على استمرار هذا اللون من الدراما، ولو لم يبق في مصر ممثل كوميدي واحد على ظهر البسيطة!
الرئيس ياسر جلال
إن الفنان ياسر جلال، لم تكن له أدوار يشار لها بالبنان، فقد كان ممثلا متواضع الموهبة يمثل بهيلمانه الجسدي وباستعراض طوله وعرضه، لكنه في «الاختيار 3» كشف عن قدرة غريبة في التقمص، أزعم أنه تفوق بها على أحمد زكي في تقمصه شخصيتي عبد الناصر والسادات، وليس كل فنان يجيد التقمص، وهذا لا ينال من ممثلين كبار لا يمكنهم أن يتقمصوا شخصيات على النحو الذي فعله أحمد زكي، فلك أن تتصور أن يكون من قام بدور عبد الناصر والسادات، هو نور الشريف، أو يحيى الفخراني، أو ممدوح عبد العظيم، فالمؤكد أنهم سيفشلون في ذلك.
ومع هذا، ومع القدرات الهائلة لأحمد زكي في التقمص، لدرجة أنه عرض على مبارك أن يقوم بدوره في عمل تكتمل به الثلاثية، إلا أن أبو علاء لم يكترث، فإني أجزم أنه لن ينجح في تقديم شخصية عبد الفتاح السيسي، كما نجح ياسر جلال، الذي استطاع أن يصل إلى أعماق درجة الصوت، في لحظات الحضور الطاغي للعاطفة، وفي المقابل فإن الجنرال قد عوض به أدواراً لم يقم بها في الواقع، حيث الحيلة والدهاء والشراسة في مواجهة العدو الإخواني، وسعي هذا العدو للهيمنة على الدولة، انظر إلى نظراته الحادة للرئيس محمد مرسي، التي لم تحدث في الأصل، ولا يوجد في أرشيف الصور المتداول، ما يؤكدها، لكن ياسر جلال نجح باقتدار في تصور مشاهد من العدم!
ونقطة التميز هنا، أن ياسر جلال، أنسى المشاهد ملامحه الحقيقية كـ «ياسر» وأنساه طوله وعرضه، فاختفت ملامحه هو، وظهرت ملامح القائد الرمز بتواضع قامته، وبتركيزه على الحركات وعاطفية الصوت وما تلزمه العاطفة من انكماش الجسم، فلا تستطيع أن تميز بسهولة بين ياسر وعبد الفتاح، على النحو الذي يدفعني لمطالبة الأخير، ومع هذا الحضور الطاغي لياسر، ألا يغيب عن المشهد كثيراً، حتى لا يختلط على الناس الأمر فيظنوا أن ياسر جلال هو رئيس جمهورية مصر العربية!
ومنذ بداية الشهر الكريم، ومع تقديم الحلقة الأولى من «الاختيار 3» هذا العمل الدرامي العملاق والكبير، توقف «الأصل» عن الظهور، وترك الساحة خالية لـ «الصورة» والأمل يحدونا في ظهور قريب إن لم يكن اليوم، فغداً، ولا بد من ظهور ولو للاحتفال بذكرى ليلة القدر، وهو من تقاليد الدولة المصرية، وإن كانت التقاليد شهدت تطوراً في عهده، فجيلنا عاصر مبارك وهو يحتفل بها ليلاً في كل عام، باعتبارها (ليلة القدر) وفي سنة حكمه الوحيدة احتفل بها الرئيس محمد مرسي أيضاً ليلاً، إلى أن جاء ياسر جلال، عفواً عبد الفتاح السيسي، فجعل من الاحتفال نهاراً، وفي كل عام، وقد جف ريقي وأنا ألفت نظره في كل عام بأنها ليلة القدر، وليست نهار القدر!
التقليد الطاعي:
سيكون من المناسب أن يكون الظهور في هذا العام نهاراً، فالنهار له عينان، ففي المساء يكون المصريون مشغولين بمتابعة «الصورة» ياسر جلال، حيث يعرض المسلسل في القنوات المصرية مساء، لتكون الإعادة نهاراً، ومن هنا سيكون من الأفضل ظهور «الأصل» نهاراً، ولو للاحتفال بمناسبة هي ليلة بالأساس، ومعلوم أن هذا التغيير لم يتوقف على هذا الاحتفال فقط، لكن تزامن هذا مع عدم حفاظه على تقليد صلاة الجمعة الأخيرة، التي حافظ عليها أبو علاء، وإن كان المناسب ألا يربط نفسه بالظهور في مناسبة معينة، حتى لا يفتح غيابه، أو حضوره في عدم لياقته الباب للقيل والقال، وهو ما حدث في عهد مبارك فعلا!
فقد حدث في ذات حضور للجمعة الأخيرة (يطلق عليها المصريون الجمعة اليتيمة) أن جلس مبارك في الصف الأخير على غير العادة، فكتب زميلنا الراحل مجدي مهنا، مندهشاً أن يصل الهاجس الأمني لدى الرئيس إلى هذا الحد، وعلقت على ما كتب بأنه ليس الخوف، فلم يفعلها في وقت كانت فيه العمليات المسلحة ضد نظامه في أشدها، فقط لأنه أجرى عملية في عموده الفقري فأصبح بحاجة إلى جدار لكي يسند عليه ظهره!
وكان من المناسب أن يخالف السيسي كل هذه التقاليد، فحتى الاحتفال بليلة القدر لم يعد مقيداً بيوم، وقد كان الاحتفال في عهد مبارك في ليلة السابع والعشرين، فلم يعد بالضرورة أن يكون احتفال السيسي يوم السادس والعشرين، وهذا مفيداً، فالمهم أن يكون ظهوره نهاراً وفي عدم حضور «الصورة» لتزاحم الأصل في الوجود!
فقد نجح ياسر جلال في التقليد الطاغي لشخصية السيسي المركبة، فليست شخصيته سهلة كالسادات، أو عبد الناصر، ليكون نجاح جلال تفوقاً على أحمد زكي مع أنه فاحش الموهبة، ولا حرج على فضل الله، ففضله سبحانه وتعالى يؤتيه لمن يشاء، وقد يضع سره في أضعف خلقه، فمن كان يدرك أن ياسر جلال ينجح في خسارتي لرهان قديم، فقد قلت إنه لم يخلق بعد من يقلده مثل عطوة كنانة اليوتيوبر الشهير!
لقد جمع «الاختيار3» بين منهجين، الوثائقي والدرامي، فشاهدنا لقطات حية في بعض المواقف جنباً إلى جنب مع مشاهد يقوم ممثلون بها، وهذا تحد كبير عندما يجد المشاهد نفسه بين الأصل والصورة، ولم أقترب من خيرت الشاطر، بل لم أره رأي العين في أي مكان، لكي أعرف التفاوت بين أدائه وأداء الفنان خالد الصاوي، لكني أجزم بأن ياسر جلال هو صورة طبق الأصل. كما جمع المسلسل بين البرنامج التلفزيوني والعمل الدرامي، من حيث إذاعة تسريبات لقيادات إخوانية جرت مع قادة عسكريين في فترة الحكم العسكري!
وقبل هذا وبعده فالمهم أن الدولة سخرت كل الإمكانيات لهذا العمل، سواء باستغلال القصر الجمهوري، أو باستخدام مركبات الجيش، ومن المؤكد أن الانفاق عليه كان باهظاً ولهذا لم يعلن، كما لم يتم اعلان أجور الفنانين، وكأننا إزاء تنظيم سري، وليس هذا هو الموضوع، فكل هذا من أجل انتاج مسلسل جاد، فكان المعروض مفاجأة مذهلة، إنه مسلسل كوميدي يضحك الثكالى، وإذا كان آخر مسلسل تلفزيوني يصنف على أنه درامي من وجهة نظري هو «رجل وست ستات» فقد تفوق عليه «الاختيار 3».
لقد زرع القوم «كوسة» فكان المحصول باذنجان!!
٭ صحافي من مصر
لا اذكر اني شاهدت او سمعت عن فيلم يتناول رئيسا عربيا بالتمثيل و التجسيد و هو حي يربط و يفك!
يبدو لي ان الرئيس استعجل تجسيده في فيلم خشية ان يعاجله شيئ يسقطه من فوق، و تفلت منه فرصة الاستمتاع بمشاهدة ‘ ناسوخه’ في شاشة!
كيف ستبدو مصر من خارج مع “رئيسها ” في فيلم، و شعبها يغالب الواقع من اجل الحياة ؟! Who cares!! أتوقع أن يقول الرئيس!!
المزانية الضخمة التي صرفت على المسلسل تظهر السيسي وكانه ضرغام ومرسي بشخصية ضعيفة ومرتبكة فقط لايهام المشاهد العربي والمصري بقوة شخصية السيسي. لكم تمنينا ان يكون حقا لدى العرب رءيس قوى ولكن للاسف هذا لم يكن. رحمة الله على مرسي.
عجيب !
وهل مات السيسي حتى يخرج فيلم أو مسلسل عنه ؟
أم لعل السيسي يريد الإطمئنان على سيرته بعد موته!! ولا حول ولا قوة الا بالله
القرع لما استوى، قال للخيار يا لوبيا
أحسنت يا قحطاني، كما أحسن سليم عزوز
الإختيار
لك..
ما..شئت
لك..
ان..تلعن
الزمن
لك…
ان..تطرب
للشجن…
لك..
ان..تزرع
نبتة…
او..
ان..تشعل
الناررررر
فاختار
لك…كالعصفور
أن..
تبنى..عشا
لك..
أن..تكون
طاغية..
يفهم..لغة
الدمار….
لك…
وسع..الأرض
إن..أحببت
الأرض…
وإن..
كرهت…
لك..من
الأرض…اشبار
خبر..
انت…
في.. نهاية
العمر..
و..سطر
في…أرشيف
الأخبار
صباح الفل????
مبدع كالعادة يا استاذ عزوز..
اثلجت صدورنا..وكل عام وأنتم بخبر