الاخطار الأمنية الاستراتيجية التي تواجه اسرائيل تدفع بالاهتمامات الاقتصادية الاجتماعية الي آخر جدول الاهتمامات
الاخطار الأمنية الاستراتيجية التي تواجه اسرائيل تدفع بالاهتمامات الاقتصادية الاجتماعية الي آخر جدول الاهتمامات الهدوء في المجال الفلسطيني بات يسمح لاسرائيل بالتصرف كدولة طبيعية، وأن تضع في سُلم أولوياتها السياسية قضايا اقتصادية واجتماعية مشتعلة. ولكن الويل لنا أن نقع في الوهم، فهذا الهدوء الأمني النسبي ليس إلا فترة مرحلية لن تدوم الي وقت طويل.ومن الناحية الفعلية، فان اسرائيل تواجه حاليا، وفي نفس الوقت، ثلاثة تهديدات أمنية استراتيجية من اكثر التهديدات التي عرفتها خلال السنوات العشر الأخيرة خطورة: الفلتان والضبابية الأمنية داخل السلطة الفلسطينية الي الحد الذي تصاعدت فيه قوة حماس. وصول الفعاليات والنشاطات المنظمة لما يُعرف بـ الجهاد العالمي الي حدود دولة اسرائيل والمناطق المحتلة. ووصول ايران الي القدرة النووية والتي تصاحبها تهديدات واضحة وصريحة ضد اسرائيل.تقليص النشاطات الارهابية الفلسطينية يعتبر مؤقتا، وقد يستمر في أحسن الاحوال الي أن تنتهي الانتخابات في السلطة الفلسطينية وحتي تتبلور من جديد السلطة السياسية الفلسطينية القادمة. وحتي لو وقع المحظور والذي لا زال غير متوقع بحيث تقرر حماس تمديد حالة التهدئة فان تنظيمات اخري غيرها ستواصل محاولات ضرب اسرائيل، وإن عمليات من هذا النوع اذا وقعت فانها ستجبر اسرائيل علي القيام بعمليات هجومية وردعية وما الي ذلك، مما يعني العودة مجددا الي طريق التدهور الأمني.اضافة الي ذلك، فان عدم رغبة أبو مازن أو عدم قدرته علي القيام بخطوات من شأنها تحييد المنظمات الارهابية ونزع سلاحها ومن ثم فرض سيطرته وسلطته في المناطق، فكأنما يضع هذه المنطقة بأسرها فوق برميل من المتفجرات، ذلك لأن هذا الهدوء ومنع التدهور يرتبط فقط بقرارات توقف عن النشاطات يتخذها مجرد نشطاء من المجموعات المسلحة.خطورة الارهاب الفلسطيني تزداد بسبب تحسين قدرة وفعالية اطلاق الصواريخ بعيدة المدي التي تمكنوا من تطويرها، والحدود المخترقة بين مصر وقطاع غزة تسمح لنشطاء الارهاب بالتحرك والتنقل وفي إدخال الوسائل القتالية الحديثة الي المناطق، وكذلك تصاعد الضغوط الدولية علي اسرائيل حتي تسمح بفتح ممر آمن وحر لتنقل الفلسطينيين ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة مما سيسمح بايصال ونقل هذه القدرات الارهابية الي الضفة الغربية.والخطر الاستراتيجي الثاني الذي يهدد اسرائيل هو وصول طلائع ارهاب الجهاد العالمي الي حدودها، وهنالك علامات دالة علي تنامي وازدياد رغبة تنظيمات مثل القاعدة والزرقاوي ومنظمات اخري تسير في فلكها، علي تركيز وتوسيع نشاطاتها الارهابية في منطقة وسط آسيا وفي الشرق الاوسط تزداد وتؤكد ذلك، وبطبيعة الحال فان اسرائيل ستكون في مركز هذا الاهتمام وهذه الزوبعة.ومن الملحوظ أن مصير الفلسطينيين عند أمثال بن لادن وجماعته أصبح في خبر كان، لأن كل طاقاتهم ورغباتهم تتركز علي نظرية اقامة الدولة الاسلامية البديلة في جميع أرجاء العالم، وهدف هؤلاء الأول هو العمل علي إسقاط وتغيير الانظمة السياسية الحاكمة في الدول المحيطة باسرائيل التي تشكل عقبة حقيقية علي طريق تحقيق هذا الحلم، وعليه، فان مجموعات كثيرة ومن بينها الزرقاوي، أخذت تركز كثيرا من نشاطاتها في المنطقة المجاورة لاسرائيل وبالقرب من حدودها مثل لبنان ومصر والاردن، وأن الضباب الذي عمّ قطاع غزة في أعقاب تنفيذ خطة الانفصال الاسرائيلي عنه وكذلك عدم قدرة ابو مازن، تسمح لحركات الجهاد الاسلامي العالمية ببلورة وتجميع قواها الارهابية في قطاع غزة ويمكن ان تفعل ذلك في الضفة الغربية. وخطر ثالث لا يقل اهمية يحيط باسرائيل ويحدق بها، وهو الاتي من جانب منظمة حزب الله، ولكن، وللحقيقة، فمنذ الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان فان هذا الحزب عمل بطريقة بددت الافكار والتوقعات التي اعتقدها كثير من الناس، فعلي الرغم من تنامي وتعاظم قدرة حزب الله وامتلاكه لآلاف الصواريخ التي يمكنها ان تغطي معظم المناطق في اسرائيل بسبب قدرتها ومداها، الا أن العوامل الدولية والحالة الداخلية التي تواجه حزب الله تمنعه من استغلال هذه القدرات حتي الان. لكن عاملا مهما وسببا وحيدا يمكن أن يلغي هذه الحالة ويحطم هذا الموقف، وذلك اذا قرر احدهم العمل ضد ايران وضرب قدرتها النووية، لان ايران اذا تعرضت لهجوم ضد مواقعها النووية فانها ستشجع، بل ستطلب من حليفها وربيبها حزب الله ان يهاجم اسرائيل بهذه الصواريخ بعيدة المدي، وبذلك يكون التهديد الاستراتيجي الثالث لاسرائيل قد تحقق. وعليه، فان حالة الاهتمام التي برزت خلال الاسابيع الماضية في ترتيب سلم الاوليات الاقتصادية ـ الاجتماعية في اسرائيل، عادت بسرعة وتراجعت امام اعادة جدولة الاهتمامات الامنية في الدولة.بوعز غانورنائب مدرسة الإعداد للادارة ـ المركز الإقليمي ـ هرتسليا(يديعوت احرونوت) 16/1/2006