برلين ـ «القدس العربي»: تعهدت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، بمواجهة التطرف اليميني بكل حزم، وذلك غداة اعتداء فاشل استهدف كنيساً يهودياً في مدينة هاله بشرق البلاد، قال القضاء إنه كان يهدف إلى «ارتكاب مجزرة» بين يهود ألمانيا. وقالت ميركل في نورمبرغ إنه يتعين «استخدام كافة وسائل دولة القانون لمحاربة الكراهية والعنف»، واعدة بـ «عدم التسامح التام» مع هذه الظاهرة.
وكان قاضي التحقيقات في المحكمة الاتحادية العليا في كارلسروه قد أصدر أمراً بالقبض على اليميني المتطرف، شتيفان بالييه، المشتبه به في ارتكاب الهجوم في مدينة هاله شرقي ألمانيا، وذلك بعد يوم واحد من وقوعه.
واعترف منفذ هجوم مدينة هاله الألمانية بجريمته ودوافعه اليمينية المتطرفة والمعادية للسامية، حيث أدلى باعترافات شاملة أمام قاضي التحقيقات في المحكمة الاتحادية. ويتواجد شتيفان حالياً في الحبس الاحتياطي، وتتضمن مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه اتهامات بقتل شخصين ومحاولة قتل سبعة أشخاص، حسب قول المتحدث باسم النيابة العامة الاتحادية في كارلسروه الجمعة.
وتم إلقاء القبض على شتيفان، يوم الأربعاء الماضي، بعدما أطلق النار على سيدة (40 عاماً) فقتلها، ثم قام بإطلاق النار داخل محل للشاورما التركية (دونر) يقع بالقرب من الكنيس، فقتل شاباً عمره 20 عاماً. وكانت الحصيلة ستكون أكبر لولا صمود باب مصفح للكنيس أمام رصاص المهاجم. وكان هناك نحو 80 شخصاً داخل الكنيس لمناسبة يوم الغفران اليهودي.
وقال بيتر فرانك مدعي مكافحة الإرهاب إن اليميني المتطرف «كان ينوي ارتكاب مجزرة». وأضاف: «ما حدث أمس كان إرهاباً»، موضحاً أنه عثر على أربعة كلغ من المتفجرات في سيارة المعتدي. وقالت الشرطة إن المتطرف تصرف وحيداً، ولما لم يتمكن من دخول الكنيس قتل مارة وزبون مطعم تركي مجاور، قبل توقيفه من قبل الشرطة بعد مطاردة بالسيارة.
إلى ذلك، قال الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتانماير: «علينا حماية» يهود ألمانيا، مضيفاً من أمام كنيس مدينة هاله أن الاعتداء كان «يوم عار» في ألمانيا بعد 75 عاماً من المحرقة النازية لليهود في ألمانيا.
وحسب وصف أقاربه، فإن شتيفان بالييه كان يعيش منعزلاً ومع والدته وهو مهووس بالإنترنت. وقال والده لصحيفة بيلد: «لم يكن متصالحاً مع ذاته ولا مع الآخرين، كان ينتقد الجميع باستمرار».
الشرطة الفرنسية تعتقل إرهابيين يمينيين وتفكك مجموعتهم الإرهابية
وطالب رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، أيمن مازيك، بتشديد الإجراءات المتخذة ضد التطرف اليميني، وقال إنه لا بد من مكافحة التطرف اليميني بنفس الدقة التي تتبع مع التطرف القائم على أساس ديني. ووصف رئيس المجلس الأعلى للمسلمين وجهة نظر المتهم بالقول: «كل ما ليس منتمياً للمجتمع، ويظن أنه ليس ألمانياً ـ يجب قتاله»، مشيراً إلى أن هذا بالضبط ما فعله المتهم.
وأضاف قائلاً: «إن مطعماً تركياً للوجبات السريعة هو وفقاً لرؤية المتهم، ليس جزءاً من ألمانيا»، لذلك لم يكن صدفة أن يهاجم المتهم هذا المطعم التركي. واعتبر أنه لا بد من أن يكون واضحاً أن التطرف اليميني ليس ظاهرة عابرة. وطالب بمناقشة كيفية تأمين المساجد أيضاً بصورة أفضل، على الأقل خلال صلوات الجمعة. وأوضح مازيك أن «المسلمين يحتاجون في التجمعات الكبرى لدوريات شرطية».
وفي السياق ذاته، قضت المحكمة العليا في ولاية سكسونيا، الجمعة، بسجن شخصين من اليمين المتطرف بعد إدانتهما بتهمة تأسيس جماعة إرهابية والانتماء إليها ومخالفة قانون السلاح. وكان مجلس أمن الدولة في الولاية قرر، مساء الخميس، سجن أحدهما (43 عاماً) وهو من مدينة كيمنيتس مدة عامين وأربعة أشهر، وسجن الآخر (31 عاماً) من مدينة أنكلام في ولاية ميكلنبورغ فور بومرن مدة عامين، مع وقف التنفيذ بعد دفع كفالة. لكن هذه الأحكام ليست قطعية، إذ أعلن محامي الدفاع عن المتهم الأول أنه سيستأنف ضد الحكم.
وقال القضاء إن الشخصين ينتميان إلى قيادة هذه الجماعة وأنهما ساهما «بقوة» في تحولها إلى الفكر المتطرف. وقال رئيس المحكمة، توماس فريزيمان، إن المتهمين شاركا في تأسيس الجماعة الإرهابية، في آب/ أغسطس عام 2014، وتبوءا مناصب قياديةً فيها، حيث تولى أحدهما المسؤولية عن «تنفيذ» القواعد الداخلية والآخر دور «أمين» الشباب فيها. وأضاف فريزيمان أن الجماعة كانت عنصرية ومعادية للأجانب.
وأوضح رئيس المحكمة أن الجماعة خططت، منذ كانون الثاني/ يناير 2015، لهجمات إشعال حرائق وتفجير أماكن إيواء اللاجئين، إلا أنه تم تفكيكها قبل التنفيذ. وذكر أن «الأسلحة كانت دائماً أحد المواضيع الأساسية في دردشاتهم» الإلكترونية، مشيراً إلى وجود تفكير متكرر في إنتاج بنادق رشاشة ومسدسات أو قنابل أنبوبية.
وبيّن فريزيمان أن إحدى المحادثات في الغرف الإلكترونية جرت بين أعضاء كبار السن في الجماعة أظهرت أن الهدف الكامن وراء نشاط المجموعة هو «تحقيق هدف الاشتراكية القومية الحديثة (النازية الجديدة)».