الاردن: مجلس الاعيان ونادي الباشوات يعودان للواجهة السياسية بقوة
ظاهرة الخلوات انتهت ومستقبل مشروع الاقاليم مجهول والمطبخ السياسي للدولة لا يجتمعالاردن: مجلس الاعيان ونادي الباشوات يعودان للواجهة السياسية بقوةعمان ـ القدس العربي ـ من بسام بدارين: وجد رموز الحرس القديم في الأردن ضالتهم واندفعوا باتجاه التعبير عن آرائهم ومواقفهم تزامنا مع اللحظات التي يغيب فيها نجم رموز العهد الجديد عن الاضواء، فقد نتج عن تشتت النخبة الليبرالية التي حكمت القرار السياسي والاقتصادي طوال السنوات الست الماضية ظاهرة لافتة تتمثل في ارتفاع صوت رموز الحرس القديم وعودتهم للتصريح العلني عن مواقفهم دون ذكر محاسن رموز التيار الاصلاحي الذين غادروا في الواقع ليس فقط دوائر القرار، بل الاضواء والمسرح السياسي.ومن هنا يمكن رصد وتتبع الحراك والنشاط السياسي الذي يظهر في وسط التيار المحافظ من السياسيين وفي وسط النادي التقليدي من اعضاء النخبة والصالونات وفي وسط خصوم التيار الاصلاحي الذين نشطوا في الآونة الاخيرة بعد انفراط عقد مجموعة الليبراليين الذين غادروا الحكومة وبعد ان استلهم رئيس الوزراء الجديد معروف البخيت المفيد بالتجربة متموقعا في منطقة المنتصف ما بين الحرس القديم والفكر الجديد.وهذا الحراك تم التعبير عنه مؤخرا في عدة مناسبات حيث خرجت شخصيات سياسية مخضرمة للتعبير عن رأيها في ما يجري بالعلن احيانا وفي مجالسات ثنائية او جماعية مغلقة احيانا اخري. والنقد بصورة مركزية اتجه نحو نجوم الفريق الليبرالي وادائهم واخطائهم المفترضة خلال السنوات السبع الاخيرة وقد كان رئيس الوزراء الأسبق علي ابو الراغب متصدرا في هذا الاتجاه وهو يقول علنا بان من يسمون انفسهم بالاصلاحيين مواطنون صالحون ولديهم وجهة نظر (مستوردة) قد لا تصلح للواقع الاجتماعي مؤكدا ان رجال (الديجيتل) كما سماهم لا يعرفون الاردن جيدا وهم مستعجلون في الوصول وفي القفز علي المراحل اكثر مما ينبغي ملمحا الي ان هؤلاء لم يعالجوا في الواقع اي مشكلة حقيقية تعاني منها البلاد.ولم يكن ابو الراغب الذي لا يمكن تصنيفه تماما بين رموز الحرس القديم وحيدا في مضمار الاصوات المرتفعة فالرجل توافق مع نظيره عبد الرؤوف الروابدة في الدعوة الي تجنب رفع الاسعار مجددا علي الفقراء والمحرومين كما لاحظت احدي الصحف الاسبوعية وهي تنقل عن الرجلين قولهما بمناسبات متباينة بان الشعب مرهق ماليا واقتصاديا وان حكومة الدكتور البخيت ينبغي ان لا تهتم بتخفيض الضرائب عن الاثرياء والصناعيين والمستثمرين مقابل رفع الاسعار علي الفقراء وذوي الدخول المحدودة.وفي حواراته الجانبية لا يشكك الروابدة ايضا بنوايا ووطنية التيار الاصلاحي، لكنه يتفق مع ابو الراغب عن بعد علي ان رموز هذا التيار لا يعرفون الاردن والاردنيين جيدا، مضيفا بان ما فعله هؤلاء في السنوات الاخيرة هو الاكتفاء بنقل ترجمات حرفية لمشاريع واصلاحات وافكار وبرامج تصلح للمجتمعات الاخري ولا تراعي حساسيات المجتمع الاردني وحساباته.وفي الواقع لا يرتفع صوت الروابدة عند هذا الحد فهو يلمح في مجالساته الي ظاهرة يتحدث عنها الجميع بعنوان غياب المطبخ السياسي الذي تطهي علي ناره بهدوء القرارات والسياسات والتوجهات، ومن المرجح ان الروابدة تحدث لبعض النواب والاعلاميين ايضا عن انضمامه بالرغم من خبراته الواسعة جدا الي نادي الذين فقدوا القدرة علي متابعة وفهم ما يجري.ويمكن القول بأن رئيس مجلس الاعيان المخضرم زيد الرفاعي من الرواد في معارضة آلية الادارة التي اتبعها رموز التيار الاصلاحي خلال عدة سنوات اتاح له القصر الملكي فرصة العمل الحر خلالها لكن الرفاعي يبقي الاكثر صمتا دون غيره علما بان جبهة الحراك النخبوي السياسي شملت ايضا المخضرمين وكبار رجال السياسة من القدماء وخصوصا داخل مجلس الاعيان حيث انشط شخصيات بارزة جدا من طراز عبد الكريم الكباريتي وطاهر المصري وابو الراغب نفسه وغيرهم.ومجموعة الرؤساء السابقين في دائرة مجلس الاعيان اسسوا في الواقع مؤخرا لحالة جديدة واجبروا السلطة التنفيذية علي التعامل معهم كما تتعامل مع مجلس النواب بل رصد المراقبون مواقف نقدية للحكومة داخل مجلس الاعيان وبشكل غير مسبوق علي الاطلاق وسط اصرار واضح من قدامي السياسيين علي تعظيم الدور السياسي المركزي لمجلس الاعيان في ظل غياب ما يسمي بالمطبخ علي الجبهة الحكومية.وبالتالي اصبح الاعيان الآن قوة سياسية فرضت نفسها علي الواقع واضطرت الحكومة للوقوف علي محطتها عدة مرات فقد برز نشطاء في مجلس الاعيان مصرون علي اعادة الاعتبار لدور هذا المجلس في الحياة السياسية كشريك دستوري لمجلس النواب في مراقبة الحكومة وفي التشريع.ويحصل كل ذلك في ما يتساءل الجميع عن توقف اجتماعات سبق ان كانت تقليدا بين اهم صناع القرار في المملكة وهي اجتماعات كانت تدرس فيها الخيارات وتقرر السياسات وفي كل الاتجاهات لكنها لم تعقد منذ اكثر من شهرين حسب بعض المصادر.ويمكن القول بان الحراك والنشاط الذي ظهر علي جبهة الحرس القديم وقدامي السياسيين حل مكان رموز التيار اللبيرالي والاصلاحي الذين تغيبوا عن الساحة عبر اما خروجهم من الوزارات ومؤسسات القرار او اتجاهم نحو القطاع الخاص فقد خرج من مستويات القرار باتجاه القطاع الخاص شخصيات بارزة كانت محسوبة علي الحرس الجديد مثل سمير الرفاعي وباسم عوض الله وخالد الوزني وغيرهم كما ابتعد قليلا عن الاضواء والقرار اللاعب المهم في التيار الليبرالي الدكتور مروان المعشر وقبل الجميع وفي وقت مبكر خرج من اللعبة الوزير السابق فواز الزعبي.ومع غياب هؤلاء اسباب متنوعة حصلت فراغات في الواقع السياسي احتلها اما الحرس القديم او الحرس الاقدم كما لم يقدم الاصلاحيون وصفات جدية علي درب الصلابة والتماسك والمعالجة الفعلية للمشكلات علما بان الظرف الاقليمي المتوتر وتحديدا في الجوار الشرقي والغربي للمملكة لم يساعد الاصلاحيون كثيرا وقلص من هوامش المناورة امامهم.ومع الغياب نفسه تلاشت ظاهرة الخلوات وكذلك انتهت تجربة المجالس والهيئات الاستشارية التي كان يفترض ان تلعب دور العقل السياسي في انتاج الافكار والبرامج وتزويد السلطات التنفيذية بها. وما يمكن قوله الان ان هذه الانحيازات والتحركات المضادة تخلق واقعا نخبويا جديدا في عمان فاصوات الحرس القديم ترتفع واصوات الحرس الجديد تخبو او تبتعد والقصر الملكي يراقب ويوازن ويدير مباشرة المصالح الحيوية العليا في كل الاتجاهات والمؤسسة الأمنية تقوم بواجباتها بكفاءة ملحوظة وتقلص تدخلها في مؤسسات البرلمان والاعلام اما حكومة الدكتور البخيت فتمسك العصا من المنتصف وتقوم باداء صامت وهادئ لا يودي بها باتجاه الحرس القديم ولا يصنفها علي الحرس الجديد.وبنفس الوقت لم يعد احد يعرف شيئا عن لجنة الاقاليم التي يفترض ان تنتهي بتجربة برلمانات محلية وجغرافية محسوبة بدقة كما خف الكلام كثيرا عن وثيقة الاجندة الوطنية وعادت وزارة البخيت للمربع الاول في لافتة الحوار السياسي مع الاحزاب والنقابات والمفكرين والاكاديميين تحت عنوان التنمية السياسية وقانون الانتخاب.