تعيش القضية الفلسطينية أزمات متعددة وتواجهها منعطفات خطيرة على الرغم من بقائها جوهراً للصراع في الشرق الأوسط، إلا أن العام الجديد لا يحمل أي تفاؤل للفلسطينيين، وهم يعتقدون أنه سيكون صعبا على صانعي السياسة والمواطن العادي وسيستمر هذا المشهد خلال العام الجديد من دون أن يحمل آمالاً جديدة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، واستعادة الوحدة الوطنية وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
“القدس العربي” تقصت في أحاديث منفصلة، آمال وتوقعات الفلسطينيين وكيف يرون مؤشرات ما يحمله عام 2020 من أحداث هامة حول مستقبل وتطور الأوضاع الداخلية والدولية، آملين أن تتحقق توقعاتهم وطموحاتهم بعام يحمل في طياته التفاؤل والأمل على الصعيد الشخصي والاجتماعي والسياسي.
المواطن صالح مناع 42 عاماً يتمنى على صانعي القرار الفلسطينيين العمل على إيجاد حلول سريعة للحد من نسب البطالة المرتفعة بين الشباب، والتي وصلت معدلات غير مسبوقة مع عدم وجود خطط حكومية واضحة وعلنية للحد من تفشي هذه الظاهرة، وتوفير فرص عمل للخريجين العاطلين.
ولفت مناع خلال حديثه إلى أن الفساد في المؤسسات الحكومية والاحتلال والاستيطان هي عوامل تزيد من ضبابية الرؤية المستقبلية لحل مشكلة البطالة والتي تزداد عاماً بعد عام بين الفلسطينيين، في ظل الأداء المتواضع للحكومات الفلسطينية المتعاقبة والتي غالباً ما تكون أكثر سوءاً من التي قبلها.
وطالب مناع أن يتوفر للمواطن الفلسطيني الأمان والحرية في التعبير عن أرائه السياسية عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع ضمان عدم تعرضه للمساءلة القانونية والمضايقات والاستجوابات، والاعتقال، والتي أدت لفقدان البعض لأعمالهم، لمجرد ممارسته حقه في نشاطه السياسي كبقية الشباب في الدول المتقدمة.
وعبر دهمان حرب 29 عاماً عن عدم ثقته بالقيادة والحكومة الفلسطينية في تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ودعا إلى إعادة الحياة السياسية لقيادات ذات مصداقية للبروز على الساحة الفلسطينية وتولي زمام المبادرة لقيادة السلطة، وذلك عبر إجراء انتخابات شاملة، أو بتفعيل الحراك السياسي السلمي.
وتابع أن الرئيس عباس فشل في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وهو ما أدى إلى غياب الثقة بقيادة السلطة والفصائل لدى معظم المواطنين الفلسطينيين. مبيناً أنه لا نية لدى جميع الأطراف بتحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات التشريعية والرئيسية أو حتى تحسين الأوضاع الاقتصادية لعدم توفر الظروف السياسية المناسبة لإجرائها، في ظل عدم وجود سيطرة فلسطينية مطلقة على كل مناطق الضفة الغربية، وغياب وجود محاولات صادقة من قبل جميع الأطراف لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
وبين أن السبيل الوحيد لإيجاد قيادة بديلة هو انتخاب الأسير مروان البرغوثي لرئاسة السلطة الوطنية لمكانته الكبيرة في قلوب الفلسطينيين، وتفعيل المقاومة المسلحة بدلاً من المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، التي لم تجد نفعاً منذ سنوات، للحصول على الحقوق المسلوبة.
وتأمل المواطنة فاطمة الغلبان 55 عاماً أن تحصل على الأمان وأن تكون هناك رؤية سياسية فلسطينية موحدة لمواجهة المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية، وأبرزها تغلغل الاستيطان في مدن الضفة الغربية، واشتداد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة في غياب بوادر انفراج قريب للأوضاع السيئة.
وتابعت أن التهديد الأمريكي بتقويض عمل الأونروا، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، والتصعيد ضد الفلسطينيين في مدينة القدس، ووقف دعم السلطة الفلسطينية، كلها مؤشرات تدل على أن صفقة القرن سترى النور وسيتم إطلاقها وطرحها خلال العام الجديد لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على مبدأ حل الدولتين الذي تنادي به بعض الدول الأوروبية.
ورأت أن لمواجهة صفقة القرن، لا بد من توحيد جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي تحت راية واحدة، والاتفاق على برنامج وطني شامل لتفعيل المقاومة الشعبية ونبذ الخلافات، لمواجهة العقوبات الأمريكية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ويأمل المواطن حاتم أبو ناجى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والانسحاب إلى حدود عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف، وكذلك السماح ببروز قيادات فلسطينية وازنة للانتقال السلمي للسلطة في ظل تعطيل عمل المجلس التشريعي الفلسطيني، مشيراً إلى أن الدستور الفلسطيني ينص على أن من يخلف الرئيس بعد استقالته أو وفاته هو رئيس المجلس، وبقاء المجلس التشريعي على حالته تترتب عليه آثار دستورية وقانونية خطيرة، ولا بد من الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية عاجلة يستطيع الشعب من خلالها اختيار ممثليه عبر صناديق الاقتراع.
ودعا إلى أن تتمتع فلسطين بحكم ديمقراطي تحترم فيه الحريات واتفاقيات حقوق الإنسان، مبيناً أن الحرية والاستقلال يجلبان الازدهار الاقتصادي لشعب أنهكه الفقر والبطالة منذ عدة سنوات، في ظل سيطرة الاحتلال على جل مناطق الضفة الغربية والتحكم بالمنافذ الخارجية، مضيفاً أن على الحكومة الفلسطينية الوقوف عند مسؤولياتها واتخاذ الخطوات المناسبة للحد من نسب البطالة والفقر في المجتمع.
التخلص من اتفاقية أوسلو الموقعة في العام 1995 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، من أبرز مطالب المواطن عويض شحادة 78 عاماً كون الاتفاقية حسب وصفه هي خطيئة سياسية يدفع ثمنها الفلسطينيون إلى اليوم، لتجاهلها أوضاع اللاجئين ومدينة القدس والمستوطنات الإسرائيلية وتشكيل دولة فلسطينية مستقلة، وتبعية الاقتصاد الفلسطيني وتسخيره لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ألقى بظلاله على تدهور الأوضاع الاقتصادية وسلب الحقوق السياسية الفلسطينية عنوة.
وبين أن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لن تقوم بتقديم أي حلول لدفع عملية المفاوضات الفلسطينية مع الاحتلال في ظل رغبة اليمين الصهيوني المتطرف والذي يتولى سدة الحكم في دولة الاحتلال منذ عقود والمدعوم أمريكياً للفوز في الانتخابات، لتنفيذ وعوده بضم مستوطنات في الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
وطالب أن تكف السلطة الفلسطينية عن الرهان على الجانب الإسرائيلي والأمريكي للقبول بأي مفاوضات أو تسوية سياسية مقبلة، فهما يريدان أن يتواصل الصراع حتى يتم تحقيق جميع الأهداف الصهيونية في المنطقة، والسيطرة على كامل أراضي الضفة الغربية. مبيناً أن الانحياز الأمريكي لإسرائيل لم يبدأ منذ تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة ولن ينتهي سواء بقي في الحكم أو غادر الحياة السياسية، فواشنطن شريك أساسي لإسرائيل في تهديد القضية الفلسطينية.