الازمة التركية

حجم الخط
0

برهنت الردود أمس في تركيا على قرار الحكم في قضية ‘ارغنكون’ على مبلغ كون الدولة منقسمة اليوم: فالاسلاميون ـ العلمانيون في مقابل العلمانيين ـ الليبراليين. ولما كان الجيش قد تلقى أمس ضربة شديدة وهو الذي كان يحافظ في الدولة على الدستور العلماني والديمقراطي، فلا شك في ان نتائج المحاكمة هي انتصار آخر لاردوغان ولصبره في الأساس.
إن لتركيا تميزها الذي لم ينجح حتى الاتحاد الاوروبي في فهمه في الايام التي كان فيها انضمام تركيا الى الاتحاد واقعيا: فالاحزاب اليسارية والاحزاب الليبرالية تقف الى جانب الجيش، وهذا ميراث قديم حتى منذ ايام أبو تركيا الحديثة أتاتورك. وقد رأينا بسبب هذا أمس ردودا مختلفة جدا في تركيا: فقد تحدث طرف من الطرفين عن مس شديد بالديمقراطية وتحدث الآخر عن حماية الديمقراطية.
إن المس بالجيش بالنسبة للمعارضة الليبرالية يقوي الاسلاميين فقط الذين يزيدون في حشد قوتهم على حساب خصومهم السياسيين. إن محاكمة ‘ارغنكون’ وضعت حاجزا في وجه كلب حراسة الدستور، أي الجيش. وفي مقابل ذلك ترى السلطة الاسلامية على نحو هازل شيئا ما ان ضبط الجيش هو ملاءمة بين تركيا والحياة الحديثة. فقد كان الجيش مسؤولا عن ثلاث محاولات انقلاب بين السنتين 1960
و1980. وهي ترى ان حزب العدالة والمساواة لاردوغان يمنع اليوم الانقلابات في تركيا ويُمكن الشعب بواسطة صناديق الاقتراع ان يقرر من يقود الدولة. فالناخب لا الجنرال هو صاحب القرار بالنسبة لاردوغان.
نددت أنقرة بشدة بعزل الجيش في مصر في الشهر الماضي لمحمد مرسي. وكان يفترض ان تمنح أنقرة الشارع العربي درسا يُبين كيف تنجح دولة مسلمة في ان تكون ديمقراطية.
وينجح اردوغان في هذه الاثناء أكثر بمنح الاخوان المسلمين في مصر وفي اماكن اخرى درسا يُبين كيف تهتم سلطة اسلامية بالحفاظ على مكانتها وكيف تنجح في إزالة العوائق في واقع الامر، أو في إزالة العائق الأكبر في الحالة التركية، أعني الجيش.
إن ‘أرغنكون’ هي الوادي الاسطوري الذي ولد فيه الشعب التركي. وسيُتذكر منذ الآن على أنه الوادي الاسطوري الذي طُرح فيه ايضا الجيش التركي.

اسرائيل اليوم 6/8/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية