الاستيطان الإسرائيلي لم ينتظر تشجيع ترامب وحده

حجم الخط
12

تبارى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع وزير الدفاع بيني غانتس في أيهما يصادق أكثر من الآخر على الترخيص ببناء وحدات استيطانية جديدة في أراضي الضفة الغربية المحتلة، ليس بسبب اختلاف بينهما حول مبدأ توسيع المستوطنات وطبيعة أو مواقع الأراضي المخصصة للبناء فكلاهما على رأي مطابق أو يكاد، بل بسبب تنافسهما على استباق رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولم يكن غريباً أن يكون عرّاب هذه المشاريع الجديدة جيرالد كوشنر مستشار ترامب وصهره وأحد مهندسي ما يسمى «صفقة القرن» بالتضافر مع السفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال دافيد فردمان الذي لا يقلّ حماساً عن كوشنر في إسباغ الصفة الشرعية على مختلف جوانب الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
كذلك ليس الأمر أن الحكومة الإسرائيلية تنتظر الإذن من الرئيس المنتخب جو بايدن كي تطلق أو توقف مشاريع الاستيطان، فالاحتلال يعتبر قرارات مثل هذه «سيادية» لا تخص واشنطن أو أية جهة حليفة أو صديقة لدولة الاحتلال، كما أن مجموعات الضغط الإسرائيلية في البيت الأبيض وفي قلب الكونغرس كفيلة بتغطية أي قرار يصون الاحتلال. غير أن بعض الاحتياط قد يكون خامر نتنياهو وغانتس في أن بايدن قد يقتدي برئيسه السابق وصديقه باراك أوباما في الامتناع عن استخدام حق النقض الأمريكي ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بوقف الاستيطان، كما حدث أواخر ولاية أوباما الثانية سنة 2016. وليس مستبعداً أيضاً احتمال حرص قادة الاحتلال على إنذار الإدارة الأمريكية الجديدة بأن أي تغيير في سياسة الاستيطان الإسرائيلية ليس وارداً، بل العكس هو الصحيح.
كذلك يبدو وزير شؤون المستوطنات في حكومة الاحتلال على عجلة من أمره قبيل مغادرة ترامب، فقد سارع إلى إعداد مشاريع إسباغ الصفة الشرعية على عدد من البؤر الاستيطانية في أراضي الضفة الغربية، تجاوزت 124 وحدة بما في ذلك ضمن أراضي القدس المحتلة، وهذه جرى تشييدها بمعزل عن الترخيص الحكومي أصلاً، وخالفت أنظمة البناء التي تعتمدها سلطات الاحتلال ذاتها. وفي حال منح الشرعية لهذه البؤر الاستيطانية فإنها، من جانب آخر، سوف تنتهك المخططات التي وضعتها إدارة ترامب ذاتها لترسيم «صفقة القرن» الأمر الذي لم يمنع نتنياهو من الوعد بإقرارها. وهنا أيضاً لا يبدو التسابق مستغرباً بالنظر إلى أن مشاريع الاستيطان زادت في عهد ترامب بمعدل أربعة أضعاف، وفي التوازي معها تضاعفت معدلات هدم بيوت الفلسطينيين لتأمين مساحات إضافية من الأراضي وبناء وحدات استيطانية جديدة.
وإذا لم يكن مختلفاً كثيراً عن المألوف أن تناصر الإدارات الأمريكية سياسات الاستيطان الإسرائيلية، وأن تذهب إدارة ترامب في هذا أبعد بكثير من سابقاتها، فإن مما يؤسف له أن هذه السياسات ذاتها تجري وتتوطد وتتفاقم على مرأى ومسمع أنظمة عربية انخرطت في التطبيع مع دولة الاحتلال، وتزعم في الآن ذاته أنها حريصة على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. وبهذا المعنى فإن التشجيع الضمني الذي يلقاه أمثال نتنياهو وغانتس من العرب المهرولين إلى التطبيع، والساكتين عن الانتهاكات الإسرائيلية المتعددة ضد القانون الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير شرعية، ليس أقلّ قيمة من التشجيع العلني الذي يصدر عن ترامب ورجال إدارته.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أحمد سالم:

    فلسطين تم تاسيسها بعد الحرب العالمية الثانية من قبل دول التحالف بعد تقسيم الامبراطورية العثمانية والقضاء على النازية. الأنظمة العربية العسكرية التي جاءت الى الحكم بعد الحرب العالمية الثانية وبعد سلسلة من الانقلابات العسكرية، وظهور دويلات الخليج، كانت وما زالت تتحمل مسؤولة ماساة الفلسطينين بسبب انعدام الدعم السياسي والعسكري والانخراط في الاجندة الصهيونية والغربية وتوفير الحماية للحدود الاسرائيلية ومتابعة المقاومة في الداخل والشتات.
    الانظمة العربية الحالية ذهبت الى ابعد من ذلك فتم مقايضة الربيع العربي وتصفية القضية الفلسطينية بالكامل والى الابد مقابل الحفاظ على الكراسي وسكوت الغرب على الاظطهاد المنهجي للشعوب العربية لمصلحة التفوق الصهيوني في المنطقة.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    لو شعر الصهاينة بعدم الأمان بفلسطين لرحل نصفهم للخارج بأسرع وقت!
    يجب على كتائب شهداء الأقصى مراجعة أنفسهم في العودة للمقاومة من جديد!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ماغون:

    كما زال حكم ترامب سوف يزوال الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتعود ما بنى من مستوطنات إلى الفلسطينيين ولا تدري كيف تتحرك أسبابها.

  4. يقول التطبيع العربي الصهيوني:

    تطاول إسرائيل وتصعيد مسألة الإستيطان لم تكن فقط بدعم أمريكي وأوروبي سابقاً أو لاحقاً بل بتخاذل الحكام العرب العملاء للصهاينة

  5. يقول كمال - نيويورك:

    في مكب القمامة، رأيت جثة لها ملامح الأعراب،
    تجمعت من حولها النسور والذباب،
    وفوقها علامة، تقول هذه جثة كانت تسمى كرامة !

  6. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه (الاستيطان الإسرائيلي لم ينتظر تشجيع ترامب وحده)
    الاستيطان الإسرائيلي مقدس عند قطبي الثقل الشعبي في كيان الاغتصاب
    وعند كل الحركات والأحزاب الصهيونية الأخرى.وحدود اسرائيل عند آخر نقطة تصل إليها الدبابات الإسرائيلية ،ولولا الندرة البشرية لتخطت هذه الحدود طموح (من الفرات إلى النيل ارضك يا اسرائيل) .
    وأما عشاق اسرائيل في امريكا (أمثال ترامب) فهم التعبير الصادق عن العداء المستحكم للعرب والمسلمين الموروث من الحروب الصليبية الاستعمارية،وهم كذلك السيف المسلط على رقاب الحكام العرب العملاء بأن يكونوا عرابا للتطبيع مع إسرائيل والا فكراسيهم في خطر .وهذه هي سياسة بعض الحكام العرب المتبجحين كذبا وزورا بالحفاظ على حقوق الفلسطينيين ،والممنوعين من امتلاك اي قوة تهدد أمن إسرائيل.
    أما الرؤساء الأمريكيين فإنهم أما على قناعة بكل طموحات وتغولات اسرائيل في فلسطين مثل ترامب وأما أنهم مغلوب على أمرهم ولا يستطيعون تحريك ساكن ضد إسرائيل نظرا لقوة اللوبيات الصهيونية في الداخل الأمريكي أو خوفا من مصير جون كندي المغتال عام 1963 أو رونالد ريغان الذي تاب عن معارضة اسرائيل بعد أن نجا من مصير كنيدي.

  7. يقول سوري:

    الذي يطلق يد الاحتلال العنصري الفاشي في الأراضي الفلسطينية هو ضعف العرب وخياناتهم وأولهم المطبعون والطاعنون للفلسطينيين في الظهر

  8. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    بسم الله الرحمن الرحيم. حياكم الله جريدة القدس العربي.

  9. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    تنافس الصهاينة على بناء وحدات استيطانية .. «صفقة القرن».. أذى كوشنر ..أذى دافيد فردمان.. التنبؤ والاستبشار بسلوك جو بايدن.. عدم انصياع دولة الاحتلال للقانون الدولي.. الظلم في المحافل الدولية .. الظلم في البيت الأبيض.. الاستبشار بمواقف أوباما.. وصول الاستيطان لمحيط القدس.. تخاذل الأنظمة العربية وممارستها للخيانة والتطبيع علانية.. كل ما سبق هو نتائج سببها النوم وعدم الغضب.

  10. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    الذل الذي نعيشه سببه ضياع الجهود في غير محلها يجب التركيز على إسرائيل زوالها سيوقف الاستبداد ويغيير موازين القوى العالمية ثورات الربيع العربي يجب أن تخرج فقط من أجل فلسطين كي تنتصر شعارات ثورات الربيع العربي يجب أن تكون الأقصى فقط عندها صراصير الاستبداد ستسقط.. من كان همه الآخرة جاءته الدنيا طائعة.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية