الاعتذار بين السياسي والشخصي

حجم الخط
0

عوزي برعامالاعتذار في الأكثر اعتراف بالخطأ أو ندم على قول أو فعل. يمس الناس بعضهم ببعض ولهذا فان الاعتذار مألوف بين البشر. ويحدث هذا في اثناء لقاء أو محادثة عمل أو واقعة قضائية اذا شعر شخص ما بأنه ظلم آخر وعذبه ضميره. ويعتذرون احيانا مع تفسير وتعبير عن أسف وطلب مغفرة. وأعترف شخصيا بأن عملية الاعتذار صعبة علي. وأنا أرفض أن أُدفع الى وضع حرج ومستعد لأن أغفر من أعماق قلبي ايضا لمن ‘ينبغي له’ أن يعتذر لي ويصعب عليه ذلك. إن طقوس الاعتذار، والتلعثم والجمجمة مع غض العينين كل ذلك يبدو لي دائما تافها ولا حاجة اليه. وصحيح انه يبقى بذلك ناس يشعرون بأنني مدين بالاعتذار اليهم. لكنني أفضل معايشة ذلك من غير حساب فائدة وحفاظ على العلاقات أكثر من تفضيلي الاعتذار.لا يشبه الاعتذار السياسي (في الداخل والخارج) في سعته وأسبابه الاعتذار الشخصي. فقد اختار اهود باراك في طريقه الى رئاسة حكومة اسرائيل الاعتذار للطوائف الشرقية من سلوك مباي نحوهم. وقد وزن باراك موقفه وشاور كثيرا وشعر بأن عليه أن يفعل فعلا شجاعا وأن يعتذر عن أخطاء أسلافه.لم ينبع الاعتذار من تيارات عميقة عملت في حركة العمل ولا من شعور جماعي بالذنب بيقين. وقد زعم كثيرون من ناس الطوائف الشرقية في الحزب ومنهم الرئيس السابق اسحق نافون بأنه لا سبب للاعتذار وأن كل ما حدث لم يكن متعمدا بل كان جزءا من جهد استيعاب الهجرة في ظروف صعبة. لكن باراك لم يعتذر لأنه شعر بأنه يحمل خطيئة فوق كاهله، بل اعتذر لأنه أراد إحداث تحول انتخابي في الانتخابات القريبة في الكنيست. بعبارة اخرى، لم يكن اعتذاره ثمرة شعور بالذنب بل ثمرة استدخال لموقف أن الاعتذار العلني الذي قام به في نتفوت سيدخل الى القلوب ويهييء لارادة جديدة.هكذا يجب أن نتناول تعبير باراك عن الأسف للمصريين عن قتل جنودهم. هل كان يجب على باراك أن يعتذر لهم؟ إن الجيش المصري هو صاحب السيادة في سيناء وهو المسؤول عن الامن الجاري هناك، ولهذا فهو مسؤول عن الهجمة الارهابية. ربما لو كانت الايام عادية لكانت اسرائيل تستحق أن يُعتذر لها عن القتل المخطط له على شارع ايلات. لكن باراك أسف لا باعتباره يُقر بالخطأ بل باعتباره سياسيا راغبا في وقف انهيار علاقات اسرائيل مع مصر.هناك من سيزعمون أنه يجب على دولة اسرائيل أن تعبر عن أسف لسلوكها مع القافلة البحرية التركية، وليس نتنياهو بينهم. على كل حال فان الاعتذار اذا جاء لن ينبع من ندم بل من اسباب سياسية واقعية. يجب على اسرائيل ان تبرد الغضب التركي عن مصلحة. فتركيا دولة مهمة في الشرق الاوسط وهي أكثر ديمقراطية من البلدان العربية الاخرى وأكثر تأثرا باوروبا والولايات المتحدة. لهذا يوجب المستقبل السياسي والاقتصادي على اسرائيل أن تقترب منها. وكما قلنا من قبل فان الاعتذار في المستوى السياسي هو مراسم سياسية (داخلية أو خارجية) تصدر عن تقديرات الفائدة وليس فيها أي ندم حقيقي.اسرائيل اليوم 23/8/2011

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية