الاقتصاد الأردني يعاني جراء «قانون قيصر»… والتعويض الأمريكي «غير منصف»

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان ـ «القدس العربي»: يشعر كثير من الخبراء في عمان بأن المعادلة المرتبطة بالدعم الأمريكي الاقتصادي تحديداً للأردن، لا تبدو منصفة قياساً بالحقائق والوقائع والأرقام، وقياساً أيضاً بحقائق ووقائع الإسناد الأردني الكبير لبرنامج الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً بعد وجود قواعد عسكرية أمريكية ووجود عسكري أوروبي.
مصالح الحلفاء والشركاء الغربيين مضمونة في المنطقة بسبب الدور الأردني الاحترافي في تجنيب المنطقة العديد من المفاجآت، لكن الأردن ـ في رأي القطب البرلماني البارز خليل عطية، كما سمعته «القدس العربي»- يقدم تضحيات، وله دور أساسي في الحفاظ على الأمن والاستقرار، بل يواجه جراء دوره حرباً يشنها تجار الموت والمخدرات ببسالة تحسب للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأردنية.
ولامس رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، عندما ناقشته «القدس العربي» نفس المستوى من التأشير على أن الأردن يقوم بواجبات متقدمة وله دور أساسي في الإقليم، لكن الأصدقاء والحلفاء والأشقاء عليهم مراجعة مواقفهم من طبيعة دعم الأردن اقتصادياً على الرغم من أن الأردن تتصرف ضمن حزمة قيم تؤمن بها.
خلافاً للعديد من وجهات النظر، لا يبدو أن حجم المساعدات الأمريكية الاقتصادية التي زادت مؤخراً بقرار من واشنطن وتقر للأردن بين الحين والآخر، مرضية لقاعدة من الخبراء الأساسيين الذين يرى بعضهم أن الإنصاف له قواعد في دعم الدور الأردني، لكنها تتجاهل حقائق ووقائع البصمة الأردنية في تثبيت الاستقرار بالمنطقة، كما يقدر الخبير الاقتصادي والسياسي البارز الدكتور جواد العناني.
ثار نقاش خلف الستائر والكواليس بين خبراء ومسؤولين في الحكومة حول خفايا وتفاصيل الإسناد الأمريكي الاقتصادي والمالي في ملف المساعدات مؤخراً بعدما لاحظ الجميع أن الولايات المتحدة أعلنت عن زيادة المساعدات مؤخراً للأردن لتصل إلى مليارين و100 مليون دولار، ما يعني زيادة بمعدل ما بين 400 إلى 500 مليون من الدولارات.

خلف الكواليس

وهي زيادة في كل حال، يرحب بها الأردنيون ويعتبرونها مؤشراً على استمرار الولايات المتحدة في دعم بلادهم اقتصادياً بصيغة تعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. وهو ما درج على قوله وزير المالية الدكتور محمد العسعس، وهو يذكر الجميع عند المجادلات السياسية بأن الولايات المتحدة هي الداعم الأساسي، وقد تكون الوحيد الذي يدفع مالاً للمساعدات السنوية.
لكن سياسيين كباراً متعددين يلاحظون مؤخراً أن حجم الزيادة التي أقرها الأمريكيون قبل عدة أيام لا يصل بعد إلى مستوى تعويض الخزينة الأردنية عن خسائرها المباشرة جراء الالتزام الحرفي بقانون قيصر أو «سيزر» الأمريكي.

«نظرية إسقاط النظام السوري سقطت»…

ويحاجج المختصون بأن الأردن خسر مجمل مشروع تصدير فائض الكهرباء لديه إلى لبنان عبر الأراضي السورية بسبب تحفظات أمريكية مرتبطة بقانون قيصر. وكشف مصدر مطلع ومشارك باسم الحكومة الأردنية بذلك الترتيب، النقاب لـ «القدس العربي» أن «البنية التحتية السورية» لم تكن جاهزة لاستقبال الكهرباء التي كان الجميع ينوي تصديرها إلى لبنان.
والأرقام هنا يشير الخبراء إلى أنها قد تصل إلى نحو 500 مليون دولار، كان الأردن يراهن عليها منذ أربعة أعوام بعدما تأكد بأن لديه الإمكانات الفنية اللازمة لإرسال وتصدير الكهرباء الفائضة إلى لبنان، لكن عبر الأراضي السورية.

إصلاحات للبنية التحتية

المشروع فيما يبدو تعثر بقرار أمريكي، حيث تبين لبعض الخبراء الفنيين أن العبور عبر الأراضي السورية بالكهرباء الأردنية المصدرة إلى لبنان يتطلب إصلاحات للبنية التحتية في عمق الأراضي السورية. وهذه الإصلاحات على الأرجح تحتاج لنفقات مالية.
واعتبر الأمريكيون خلف الستائر، أن هذه الأموال لأغراض صيانة البنية التحتية في الأراضي السورية بهدف عبور الكهرباء الأردنية إلى لبنان، مخالفة بشكل صريح لنصوص قانون قيصر الذي يحاصر النظام السوري.

انعكاسات «قيصر»

بمعنى أو بآخر، خسر الأردن هذا المشروع، والأمريكيون لا يدعمون علاقات استثمارية للأردن مع دول بالجوار مثل السعودية والإمارات، كما يبدو أن موقفهم حائر وغامض من دعم مشاريع الاستثمار الأردنية العراقية في الوقت نفسه.
خبير من وزن الدكتور العناني يحاجج بأن الأردن يخسر أيضاً بسبب قانون قيصر الأمريكي نحو 500 مليون دولار بدلاً من التبادل التجاري ورسوم الترانزيت. ويمكن طبعاً إضافة هذه الخسارة إلى نصف مليار خسرتها عمان بسبب تعطيل مشروع تصدير الكهرباء إلى لبنان.
لذا، على الإدارة الأمريكية أن تنظر بعين منصفة لكل هذه الخسائر التي تنتج بكل بساطة عملياً عن الإصرار الأمريكي على فلسفة قانون قيصر.
وهي مسألة كان قد تحدث عنها في أروقة الجامعة العربية مؤخراً حتى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عندما طرح برنامج التدرج في تفكيك عزلة سوريا وعودتها إلى مقعدها في الجامعة العربية، وأبلغ الفرقاء الغربيون والأمريكيون بأن خطتهم في إسقاط النظام السوري سقطت وأصبحت بعيدة المنال.
في الوقت نفسه، يعيق قانون قيصر الأمريكي التبادل الزراعي والإنتاج الصناعي وتبادله بين غرف التجارة والصناعة الأردنية وغرف التجارة السورية.
الواضح حتى لفعاليات القطاع الخاص الأردني، أن قانون قيصر أصبح بمثابة سيف مسلط على أي عملية تعاون أو تبادل أو تشارك استثمارية مع فعاليات سورية على الرغم من تطور مفاهيم التواصل السياسي بين عمان ودمشق، وبروز وقائع على الأرض من الصعب تحويلها إلى مسار إنتاجي اقتصادياً مجدداً بسبب قانون قيصر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية