الاقتصاد الإسرائيلي: أي مصل أمريكي سيغذي الخسائر الفلكية؟

حجم الخط
0

الأرقام تنطق في ذاتها حول حجم المساعدات الأمريكية لدولة الاحتلال الإسرائيلي منذ تأسيس الكيان الصهيوني، إذ بلغت نحو 130 مليار دولار في ميدان التسليح والمعدات العسكرية، وإلى مبادلات تجارية أمريكية – إسرائيلية بقيمة 50 مليار دولار سنوياً. معروف أيضاً أن دولة الاحتلال، بموجب اتفاق تمّ التوصل إليه خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، تتلقى نحو 3,5 مليار دولار سنوياً وبذلك تأتي في المرتبة الأولى بين الدول التي تتلقى مساعدات أمريكية مختلفة.

ومع ذلك، ومنذ صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” وانخراط دولة الاحتلال في حرب إبادة ضدّ قطاع غزة، دخلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في سباق محموم مع أعضاء في الكونغرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لاستصدار المزيد من قرارات الدعم المالي للاحتلال. وإذا كانت شحنات الأسلحة الأمريكية بعشرات المليارات من الدولارات قد تدفقت إلى الجيش الإسرائيلي بقرارات مباشرة من البيت الأبيض والبنتاغون من دون حاجة إلى المرور عبر الكونغرس، فإن طلب بايدن تقديم 14,3 مليار دولار إلى دولة الاحتلال لم يصطدم بعرقلة من الجمهوريين إلا بسبب ربطه بمساعدات أخرى إلى أوكرانيا، وبتمويل إنفاق إضافي على أمن الحدود الأمريكية.

ولقد بات واضحاً تماماً أن الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد خسائر يومية ثقيلة جراء حرب الإبادة التي يشنها الكيان ضد قطاع غزة، ولم تعد هذه الأثمان الباهظة حديث الأسواق المالية والبورصات والمصارف الإسرائيلية والأجنبية وحدها، بل انتقلت إلى كبريات الصحف ووسائل الإعلام وأعمدة الكتاب والمعلقين الذين لا يُعرف عنهم إلا الولاء المطلق للاحتلال. في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مثلاً نُشر بالأمس تقرير مفصل عن الاقتصاد الإسرائيلي ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وردت فيه أرقام عن انكماش بمعدل 2% في الربع الحالي من السنة، وتغييب 20% من قوة العمل الإسرائيلية، وتكدس 191,666 طلب توظيف، عدا عن أن 1 من كل 5 عاملين في أعمال كبيرة أو متوسطة الحجم دخل على لائحة الاحتياط العسكري.

وفي دوائر وزارة المالية الإسرائيلية يُخشى تعطيل 1,8 مليون عامل بما يعادل 41% من قوة العمل الفعلية الإجمالية، والخسائر المالية تبلغ قرابة 2.4 مليار دولار شهرياً. وكانت دولة الاحتلال تفاخر بأنّ نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي يبلغ نحو 55,000 دولار، أعلى من معدلاته في بريطانيا أو فرنسا أو دولة نفطية مثل الإمارات، الأمر الذي لا يأخذ في التراجع الحثيث والانحسار فقط بل بات يقع تحت أخطار الركود.

صحيح أن مصل المساعدات الأمريكية المختلفة لم يتوقف عن تغذية بنية الاقتصاد الإسرائيلي المتجه أكثر فأكثر نحو معدلات ركود قياسية وخسائر فلكية، إلا أن الأصحّ الأوضح هو أن أي حاضنة خارجية، حتى حين توفرها قوى عظمى، لن تفلح في وقف انهيار مضطرد لدولة قائمة على العسكرة الشاملة وحروب الإبادة والسياسات الاستيطانية والعنصرية. وليست خسائر الاقتصاد الإسرائيلي سوى وجهة أخرى للفشل في غزة المدينة وجباليا والشجاعية، ولخسران الرأي العام العالمي، وافتضاح مزاعم الضحية المنقلبة إلى جلاد.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية