وصول الجمهور الإسرائيلي إلى الأصول المالية في الخارج والعملات الأجنبية، بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في نهاية الربع الثاني من العام 2023، وسبب ذلك الرئيسي هو الانقلاب النظامي الذي تحاول الحكومة تسويقه.
حسب التقرير الذي نشره بنك إسرائيل في الأسبوع الماضي، فإن 41.9 في المئة من ملف الأصول للجهات الممأسسة التي تدير توفيرات الجمهور، يتم استثمارها في سندات أجنبية أو عملات أجنبية مقابل 37.7 في المئة في كانون الأول 2022، عشية تشكيل الحكومة الحالية. نسبة شراء العملات الأجنبية (بدون سندات أجنبية) من ملف الاستثمارات، قفزت إلى 19.9 في المئة مقابل 16.5 في المئة في كانون الأول 2022، و14.5 في المئة فقط في أيلول 2022.
سبب ارتفاع نسبة الأصول المالية في الخارج والعملات الأجنبية هو بالأساس الارتفاع الكبير في ثمن الأصول في الخارج مقارنة مع معدل الارتفاع في بورصة تل أبيب وانخفاض سعر الشيكل وزيادة الاستثمارات في الخارج. الثلاثة، نتيجة مباشرة لعدم اليقين بسبب خطة إضعاف جهاز القضاء.
بعد فترة قصيرة من الكشف عن خطة وزير العدل ياريف لفين حول إضعاف جهاز القضاء، نشر مئات رجال الاقتصاد المعروفين رسالة حذروا فيها من التأثيرات الاقتصادية للانقلاب النظامي. وقد حذروا، ضمن أمور أخرى، من خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل ومن انخفاض الاستثمارات الأجنبية والإضرار بالنمو. ورغم أنهم لم يحذروا من احتمالية ارتفاع التضخم، كان أحد النتائج الفورية خفض حاد بنسبة 10 في المئة على سعر الشيكل، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ثمن التصدير وارتفاع التضخم. يقدر بنك إسرائيل أن انخفاض 10 في المئة يؤدي إلى 1.5 في المئة من التضخم. ونتيجة لذلك، على البنك المركزي أن يحافظ على سعر فائدة مرتفعة. وبقدر البنك أيضاً أن سعر الدولار بدون الانقلاب القانوني، كان منخفضاً أكثر، وهكذا أيضاً التضخم والفائدة.
زيادة شراء الأصول المالية في الخارج، التي تحدث في العقود الأخيرة بالتدريج، تنبع من رفع القيود على الاستثمار التي كانت موجودة في السابق، ومن فتح الاقتصاد والعولمة والرغبة في تنويع وتوزيع المخاطر. ولكن الحديث يدور في الظروف الحالية عن عملية تنبع من الخوف على مستقبل الاقتصاد عقب زيادة عدم اليقين.
ضعف محلي
منذ بداية السنة وحتى نهاية أيلول، ارتفع مؤشر تل أبيب 35 (1841.98، ناقص 0.14 في المئة) 3.5 في المئة فقط مقابل ارتفاع بلغ 27 في المئة على مؤشر ناسداك (13.219.32، زائد 0.14 في المئة) وارتفاع بلغ 13 في المئة على مؤشر “اس آند بي 500” (4288.05، ناقص 0.27 في المئة). هذه المعطيات تزيد ثمن الأصول المالية المستثمرة في الخارج ووزنها في إجمالي ملف الاستثمارات للجهات المؤسسية. يضاف إلى ذلك أيضاً انخفاض سعر الشيكل مقابل الدولار، الذي يزيد الوزن النسبي للأصول بالعملة الأجنبية. يبدو أن زيادة عامل الاستثمار في الخارج عملية صحيحة حسب رأي المستثمرين، ولكن لهذا تداعيات على الاقتصاد المحلي، على شكل التضخم والفائدة الأعلى. إحدى نتائج الفائدة المرتفعة هي انخفاض الاستهلاك الشخصي. وحسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء، فإن الاستهلاك الشخصي للفرد انخفض في الربع الثاني في 2023، 1.9 في المئة. وهذه نتيجة مطلوبة بالنسبة لبنك إسرائيل، لأن الهدف هو كبح ارتفاع الأسعار. وحسب وجهة نظر اقتصادية، فإن زيادة عامل الاستثمار في الخارج تقلص الاستثمارات المتاحة لاقتصاد إسرائيل، وتصل بعد ذلك إلى انخفاض حاد في الاستثمارات في فرع الهايتيك.
الأمر الذي يمكن الحكومة من تجاهل إشارات التحذير والمعطيات التي بدأت في التراكم هو نسبة البطالة المنخفضة (3.1 في المئة في آب الماضي)، وحقيقة أن الاقتصاد ينمو حتى لو كان بوتيرة أقل بكثير مقارنة مع السنتين الأخيرتين. في الربع الثاني في هذه السنة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي 3.1 في المئة مقارنة 6.5 في المئة في 2022، وارتفاع حاد، حتى أكثر من 8.6 في المئة في 2021.
ترقب كبير لقرار نتنياهو بخصوص المحافظ
بعد الأعياد يتوقع نشر قرار بشأن ما كان سيتم تمديد ولاية المحافظ الحالي، البروفيسور أمير يارون. تقديرات السوق أنه إذا تم استبدال محافظ بنك إسرائيل، فسيؤدي إلى هزة في سوق العملة الأجنبية وضغوط تضخمية.
الواضح في هذه الحالة أن على الحكومة أن تعرض مرشحاً مهنياً ليحل محله على الفور، وأن تراه الأسواق شخصاً قادراً ولديه قدرة على الصمود أمام الضغوط. إذا تحقق ذلك، فإن التوجهات التي وصفت هنا -انخفاض الاستثمارات الأجنبية، وانخفاض سعر الشيكل، وارتفاع التضخم، وتحويل استثمارات الجهات المؤسسية إلى الخارج- ستزداد. تتأثر الأسواق ليس فقط بالقرار بخصوص المحافظ، بل أيضاً بخطة لفين للدفع قدماً بتغيير لجنة تعيين القضاة. وإذا تم ذلك بدون اتفاق واسع، فالتصنيف الائتماني لإسرائيل قد يتضرر، وبهذا ستزداد حدة هذه التوجهات.
سامي بيرتس
هآرتس/ ذي ماركر 1/10/2023