طهران ـ وكالات ـ لندن ـ ‘القدس العربي’: مع بدء العد التنازلي لموعد لانتخابات الايرانية والتي من المقرر ان تجري في 14 حزيران (يونيو) القادم وفتح الباب أمام المرشحين بدأ التكهن باسم الرئيس الايراني القادم، لكن الشيء المؤكد الوحيد هو الن الرئيس الحالي احمدي نجاد لن يشارك في هذه الانتخابات لان القانون يمنع الترشح لولاية ثالثة، ونجاد يقضي حاليا ولايته الرئاسية الثانية.
وقبيل فتح باب الترشح احتدم الجدل السياسي بين الرئيس الايراني وتيار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي المحافظ المتشدد، وسط تحذير أمني للرئيسين السابقين المحافظ المعتدل علي أكبر هاشمي رفسنجاني والإصلاحي محمد خاتمي من إثارة احتجاجات شعبية.
وحذر نجاد، في تصريح شديد اللهجة اوردته صحيفة ‘الاتحاد’ الاماراتية، مجلس صيانة الدستور الإيراني من إقصاء الإصلاحيين ومرشحه رحيم مشائي من قائمة الترشيحات لانتخابات الرئاسة.
وقال ‘إن أي مشروع أو قانون يقوم على أساس إلغاء الآخر لا يكتب له النجاح وأي مشروع يبعد الأمة عن المشاركة في الانتخابات سيكون مصيره الفشل’. وتوعد بكشف ملفات فساد خطيرة للناس اذا لم يكف المتشددون عن قرارهم بإقصاء رحيمي.
في مقابل ذلك، طلب عضو هيئة رئاسة مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني محمد دهقان من نجاد كشف أسماء 300 مسئول متورط في الفساد الاقتصادي، والمفسدين المقربين منه.
وقال للتلفزيون الإيراني ‘إذا كان الرئيس نجاد صادقاً فليوضح للايرانيين اسماء المفسدين لأن التستر عليهم هو خيانة للثورة’.
مضيفاً ‘الرئيس نجاد يقول إن حكومتنا تشكل خطاً احمر، إذن هي حكومة معصومة ولكنها تحوي أسماء مفسدة’.
وشهد اليوم الأول من فتح باب الترشيحات، تسجيل عشرات الأشخاص أسماءهم، أبرزهم حسن روحاني رئيس مركز الدراسات التابع لمجلس تشخيص مصلحة النظام، والذي قدّم نفسه بوصفه مرشح ‘اعتدال’ قادراً على جذب التيارين الأصولي والإصلاحي، فيما حضّ رئيس حزب ‘مردم سالاري’ الإصلاحي مصطفى كواكبيان بعد تقديم ترشيحه، على تنفيذ إصلاحات في البلاد.
ويستمر تسجيل المرشحين حتى غدا السبت، في وقت ما زالت الأضواء مسلطة على الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وسط دعوات إلى خوضهما السباق، وهو الأول بعد انتخابات 2009 التي تلتها احتجاجات.
وافادت وسائل اعلام ايرانية امس الخميس ان الرئيس السابق محمد خاتمي متردد في الترشح مجددا الى الرئاسة حيث يخشى ان يضعف وجوده في السباق التيار الاصلاحي.
ولم يعلن خاتمي الاصلاحي الذي ترأس البلاد بين 1997 و2005 وسلفه المحافظ المعتدل اكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997) رسميا عن ترشحهما لخلافة محمود احمدي نجاد.
لكن الرجلين تلقيا مؤخرا تحذيرا من وزير الاستخبارات حيدر مصلحي حيال دورهما المفترض في حركة الاحتجاج التي تلت اعادة الانتخاب المثيرة للجدل لاحمدي نجاد عام 2009.
في نص نشر على موقع خاتمي الخاص ونقلته صحيفة ‘طهران تايمز’ الناطقة بالانكليزية امس الخميس اعتبر ان ترشيحه المحتمل الذي يرجح ان يرفضه النظام قد يضاعف الازمة مع السلطة ويضر بالحركة الاصلاحية التي ‘ستتراجع الى اكثر مما هي عليه الان’.
وتحدث خاتمي البالغ 69 عاما عن ‘مئات المعتقلين عوضا عن العشرات، وعشرات الاشخاص قيد الاقامة الجبرية عوضا عن ثلاثة’ في اشارة الى الاجراء المفروض على مرشحين اصلاحيين في 2009 هما مهدي كروبي ومير حسين موسوي اللذين نددا بعمليات تزوير واسعة النطاق اضافة الى زوجة موسوي. واعتبر الرئيس السابق ان ‘الية الانتخابات مشكلة’.
واكد ‘في مواجهتنا هناك اشخاص يفضلون طريقة اخرى. واذا انتقد احدهم هذه الطريقة واقترح غيرها فلا يسمح له بالترشح’.
غير ان خاتمي اعرب عن امله في ترشح رفسنجاني (78 عاما) مؤكدا انه ‘اذا ترشح فسنتجاوز باذن الله هذه المرحلة الصعبة’.
كما رشح نفسه وزير السكن وبناء المدن السابق محمد سعيدي كيا لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة ايضا.
كما حضر ايضا مصطفى كواكبيان في مقر وزارة الداخلية مسجلا اسمه للترشح لخوض الانتخابات الرئاسية في البلاد.
ويعتبر كواكبيان من الناشطين السياسيين الاصلاحيين حاليا وكان نائبا في مجلس الشورى الاسلامي في دورته الثامنة وامينا عام لحزب ‘مردم سالاري’ (السيادة الشعبية) ورئيس التحالف الشعبي للاصلاحات وكان من قبل نائبا لرئيس اللجنة المركزية لحزب ‘همبستكي’ (التضامن).
وبعد انتهاء تسجيل الأسماء سيعلن مجلس صيانة الدستور مصادقته على أهلية بعض المرشحين، في مهلة تمتد حتى 23 الشهر الجاري، تليها حملة انتخابية تستمر ثلاثة أسابيع، وتنتهي قبل 24 ساعة من التصويت في 14 حزيران (يونيو) المقبل. وفي انتخابات 2009، سجل حوالى 500 شخص ترشيحهم، لكن المجلس صادق على أربعة مرشحين فقط.
وقالت صحيفة ‘الغارديان’ البريطانية، الأربعاء أن عشرات الراغبين في الترشح أودعوا ملفاتهم، لكن القليل منهم يعدون مرشحين جديين بالنظر إلى وزنهم السياسي، بينهم حسن روحاني، كبير المفاوضين في الملف النووي سابقا، وقمران باقري، وزير الصحة السابق، والنائب السابق مصطفى كواكبيان.
ولكن كاتب المقال يرى أن الرئيس المنتهية ولايته، أحمدي نجاد، يحضر أحد المقربين منه للفوز بمنصب الرئاسة.
وأضاف الكاتب أن الأمر يتعلق بمدير مكتبه إسفنديار رحيم مشائي، الذي هو أيضا صهر الرئيس.
ففي الأسابيع الأخيرة، لاحظ الناس أن مشائي أصبح يرافق أحمدي نجاد في زياراته الميدانية، وهو ما جعل المعارضين يعتقدون أن الرئيس يريد أن يدفع بصهره إلى منصب القيادة.
ويصف المحافظون مشائي بأنه يمثل تيارا ‘منحرفا’ في دائرة المقربين من أحمدي نجاد، حيث يضع القومية الفارسية قبل الإسلام.
ويتوقع المراقبون أن يرفض مجلس صيانة الدستور ترشح مشائي، لكنهم يعتقدون أيضا أن الرئيس نجاد سيصارع إلى النهاية من أجل الدفع بصهره في الانتخابات المقررة في شهر يونيو القادم.
وكان نجاد قد بدأ جولة جديدة في مدن البلاد قبل أقل من شهرين من الانتخابات، مما أوحى بتعليقه أهمية على الأصوات التي قد ينالها مرشّحه، في المدن والقرى الصغيرة التي ينأى عنها مرشحون آخرون.
وما زال الرئيس الإيراني يضغط على مجلس الشورى (البرلمان) ليقرّ المرحلة الثانية من خطة رفع الدعم عن سلع أساسية، مما يزيد من مساعدة سكان المدن الصغيرة والقرى والأرياف البعيدة نسبياً من المناخ السياسي، قياساً بقاطني المدن الكبرى، ويعزّز حظوظ مرشح نجاد.
من جانبه حدد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، مواصفات الرئيس الإيراني المقبل، وقال إن الرئيس الذي سوف ينتخب خلال الانتخابات المقبلة ينبغي أن يتمتع بروح الصمود، وأن يكون له استراتيجية شفافة ومقبولة في المجالات الاقتصادية وأن يبتعد عن المشاحنات السياسية.
وكانت وسائل إعلام إيرانية تناولت خلال نيسان (ابريل) الماضي ما وصفته بـ ‘النقاط الأساسية لإجراء انتخابات نزيهة في إيران’، وحددت الصحف نقلا عن مسئولين الشروط الواجب توافرها في الرئيس الإيراني القادم.
وقالت أحد الصحف الايرانية إنه بدون شك أن عدم رعاية المرشحين للأخلاق الانتخابية في الأنظمة الديمقراطية، يوجد ظروفاً وأجواء مشحونة تسلب فيها من الشعب القدرة على انتخاب الأصلح.
وأضافت صحيفة ‘رسالت’ الطهرانية في افتتاحيتها التي حملت عنوان ‘النقاط الأساسية لإجراء انتخابات نزيهة في إيران’، أن تكريس المرشح جهده على تبيين برامج عمله، بعيداً عن التلاعب بالشعارات الواهية والوعود الكاذبة، سيسهل على الناخبين طريقة التصويت لمن يدلي بصوته، ويدفع بالحد الأكثر من جماهير الشعب صوب صناديق الاقتراع، كما أن التزام المرشحين والمسئولين على الانتخابات بأصول وقواعد المنافسة السليمة والأخلاقية، بصفتها الوسيلة للوصول إلي أسلوب وثقافة صحيحة في الحياة وبلوغ السكينة والهدوء والأمن، وضرورة انتباه الرئيس المنتخب إلى كل القضايا برؤية شاملة وبعيدة الأمد وبتخطيط صحيح.