الانقلاب على… الانقلاب !!

حجم الخط
27

إذا استثنينا المواقف السياسية والإعلامية الإسرائيلية والسعودية المؤيدة للانقلاب العسكري الإرهابي، والداعمة لأسلوبه الأمني الدموي أثناء فض المعتصمين السلميين، المطالبين بإعادة الشرعية الديمقراطية، فإننا نجد في المقابل مواقف إنسانية خالدة صدرت عن مسؤولين غربيين رفيعي المستوى، فضلوا الإعلان الصريح عن الرفض المطلق لسفك دماء مواطنين أبرياء. ولئن كنا انتظرنا من الجهاز العسكري والأمني المصريين هذا المسلك القمعي للشعب، فإننا لم نكن نتصور أن الأمر سيصل إلى هذه الدرجة من الحقد والكراهية والتنكيل الهمجي بالمعارضين. والآن وبعد أن نفذ الانقلابيون هذه المجزرة غير المسبوقة في تاريخ الأمم، تبين للعالم كذب الماكينة الإعلامية المحسوبة على نظام مبارك، والتي استمرت أكثر من سنتين لشيطنة المكون الإسلامي المعتدل (الإخوان المسلمون)، وتشويه صورتهم، عبر فبركة الأحداث والدعاية بالغة السواد، وبدا للعالم أن المعتصمين كانوا فعلا مجهزين بأقوى الأسلحة، لكنها أسلحة الإيمان بالقضية التي خرجوا من أجلها: الدفاع الأسطوري عن إرادة الشعب والاختيار الديمقراطي، هذا الاختيار الذي يقض مضجع أغلب ‘الزعماء’ العرب الذين اتخذوا من عدائهم للديمقراطية والقيم الإنسانية الكونية هدفا استراتيجيا لهم!
إن الإرهاب الوحشي الصادر عن المسؤولين العسكريين والأمنيين لا يترجم إلا حقيقة واحدة، الرغبة المميتة في القضاء على الآخر وإقصائه، وإسكات الصوت المخالف.. إنها الديكتاتورية العسكرية بأجلى صورها ومعالمها الفاشية. هل سيقبل ‘العالم الحر’ هذا الاغتصاب السياسي غير المسبوق: سرقة الديمقراطية بالصوت والصورة عالية الجودة و(على الهواء مباشرة) ؟ في رأي كاتب هذه الأسطر، سيستمر التنديد بالمذبحة من قبل فعاليات وازنة في المنتظم الدولي، والإيحاء بإمكانية محاكمة عصابة الانقلابيين.. بخلاف المسؤولين الحكوميين الدوليين، فهم سيبحثون عن مخارج للاعتراف ب’الأمر الواقع’، ما دام الانقلاب مطلبا إسرائيليا وسعوديا! ويضمن المصالح ‘الحيوية’ للدول الديمقراطية ‘جدا’. لقد أضحى العرب مدركين أكثر من أي وقت مضى أنهم لن ينعموا بالديمقراطية كنظام للحكم السياسي الرشيد، الذي قد يجعلهم قوة إستراتيجية عظمى في منطقة جيو- سياسية محرقية، كما أنه بالديمقراطية وحدها يمكن رد الاعتبار للذات العربية الجريحة ..
وما الحل؟ تأسيسا على ما سبق لا يمكن الاعتماد على المساندة الغربية على الرغم من أهميتها، ولا يمكن انتظار أي خير ممن يجيء على ظهر دبابة، يسفك الدماء وينشر الموت الزؤام ويغرق الوطن في الحرب الأهلية.. الحل الأوحد يكمن في الاعتماد على النفس، بالاستمرار في الاعتصامات والمسيرات من دون كلل، والمطالبة الدائمة والمستمرة بعودة الشرعية الديمقراطية، والإنصات إلى خطاب العقل والمصلحة العليا للوطن .إن الانقلاب العسكري المصري جاء لخدمة المصالح الأجنبية الخارجية؛ الإسرائيلية والسعودية، فلابد مما ليس منه بد، لا بد من الانقلاب على الانقلاب، خاصة وان في المؤسسة العسكرية المصرية رجال شرفاء وطنيون قادرون على إعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، فالجيش في كل البلدان وجد للدفاع عن الوطن والوقوف في وجه العدو الخارجي، وحماية المؤسسات الديمقراطية.. ولم يوجد إطلاقا من أجل السطو على المكتسبات الديمقراطية والتنكيل بالمواطنين الشرفاء والإجهاز عليهم بدم بارد ؛ بارد جدا! (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) الأنفال / 30 .
الصادق بنعلال – المغرب
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عادل وهبه:

    هناك حكمه قديمه تقول اهل مكه ادرى بشعابها ولهذا اقول للكاتب انت من المغرب وبعيد كل البعد عما يحدث فى مصر جغرافيا وفكريا فما حدث بمصر ان الشعب كاد ان يهلك تحت حكم مجموعه من الجهله في كل مجالات الحياه وعجزو عن توفير ادني متطلبات الحياه للشعب فاستنجدو بجيشهم الذى لبى النداء واخرج مصر من دوامه التخلف ودليل انحيازكم المعيب فى هذا التقرير وصفكم الاخوان بالفصيل المعتدل فى حين لم نر منهم الا كل تعصب ودمويه

    1. يقول المحيا:

      الحق واضح الإنقلاب لا شرعية له

    2. يقول [email protected]:

      أي دموية تتكلم عليها ومن فعلها ؟ عندك أكتر من 5000 شهيد في خلال شهر وعشرات الالاف من المساجين .. وتكميم افواه لمن يريد ان يقول رايه بصراحة .. يا عزيزي هذا هو زمن المسيخ الدجال الذي عنده عين واحدة .. فكثير منا لا يري الا مايريد هذا الدجال ان نري .. حسبنا الله ونعم الوكيل ..

  2. يقول ramy:

    مقال بعيدا عن الحيادية والموضوعية

  3. يقول هنداوي العبد:

    الانسان يتعجب هل صور القتل كانت مقبولة لدى الديمقراطيين السعوديين والامارتيين سؤال مبكي يحتاج لاجابة

  4. يقول الحاج بونيف:

    ننتظر شريفا مصريا يحرر مصر من قبضة جلاديها السيسي وأعوانه.

  5. يقول جميل:

    مصر بدون اخوان ستكون بأحسن حال

  6. يقول ابو فراس:

    الألوف الان في سجون الانقلابيين واستعداد للمزيد ، انها معركة القضاء على الاسلام السياسي والأسلوب النازي هو الحل

  7. يقول عمر عبد العزيز:

    ما حدث للاخوان وان كان قد اسعد الكثير ولكن من باب الحق فإن ما جرى لهم كان مؤامره واضحه ولا تحتاج الى برهان واثبات فالكل شاهد فصولها .
    صعبه هذه ان يتعرض الانسان الى الظلم والافتراء والخديعة من قبل أهله ويخسر منجزاته ونضاله على مدار عشرات السنين لانه أراد التميز في طريقه حكمه عن الآخرين ويكون له كيان وتوجه خاص به.

    حقاً هذا مؤلم ولكن بالنهايه اذا اعتبرنا ان ما جرى كان لعبه فإن الاخوان قد خسروها والتاريخ مليء بهذه الأحداث .

  8. يقول Nasser:

    «الإخوان» في مصر، ومحازبوهم خارجها، حقا لا يخجلون من استخدام كل شيء للوصول إلى السلطة ولو بلي عنق الحقائق، من رفع شعارات وأعلام تنظيم القاعدة الإرهابي، إلى الاستنجاد بالقوى الغربية. يدّعون الديمقراطية، ويزعمون استعدادهم للتعايش مع الليبرالية، ويتحدثون عن الإخوة مع أتباع الأديان الأخرى، وهم في الوقت نفسه يخربون النظام الذي جاء بهم إلى الحكم للهيمنة عليه، ويقيدون الحريات، وكانت الكنائس أول أهداف قاموا بحرقها!

  9. يقول محمد حسان:

    قبل أن تنبهني للقشة في طعامي
    انتبه للقشة في عينك
    وهل كلن دستور مرسي ديمقراطيا؟
    وهل كان اعتقال المعارضين والصحفيين المصريين ديمقراطيا؟
    وهل كان الخراب والدمار الذي حل بمصر على مدى عام كامل سياسيا واقتصاديا ديمقراطيا؟
    وايش أحوال الديمقراطية وسبتة ومليلة يا أستاذ؟

  10. يقول مجاهد:

    لكن هل أخطاء الاخوان المسلمين كانت أكبر و أعمق من أخطاء جميع الفصائل الأخرى, بنظري أن خطأهم الكبير هو عدم بسط سطوتهم على الإعلام فكان مقتلهم من خلاله بينما لو أخرسوا الافواه الناعقة بالسوء والانفصال كما فعل العسكر بالقنوات التي تعتبر خارج سربه لما كان كل ذلك, ولكن الاخوان المسلمون لم يتعلموا من دروس الماضي, وهل قتل سيد قطب إلا لكتاب ألفه,

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية