البادية السورية: تنظيم “الدولة” يوقع عشرات القتلى والجرحى ويطور أساليب الهجوم

منهل باريش
حجم الخط
0

يشكل تطهير البادية من خلايا التنظيم تحديا كبيرا لروسيا وللقائدين العميد سهيل الحسن واللواء جديد، وازداد صعوبة مع قدرة التنظيم على تنفيذ كمائن متنوعة بالأرتال المتفرقة في البادية.

دخلت الحملة العسكرية للنظام السوري وحلفائه أسبوعها الثاني على التوالي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية السورية، اعترف خلالها جيش النظام والميليشيات التابعة له بسقوط عدد كبير من القتلى غربي وشمال منطقة السخنة في ريف محافظة حمص الشرقي، وتدور الاشتباكات في المنطقة الممتدة بين السخنة وأثريا ومناطق أثريا والرهجان وشرق سلمية في محافظة حماة.

وسقط نحو 40 قتيلا للفيلق الخامس المدعوم روسيا في تلك المعارك خلال الأسبوع الماضي. وتركزت خسائر الفيلق غرب السخنة وشمالها حيث استدرج مقاتلو التنظيم رتلا يتألف من عدة آليات بينها دبابات وناقلات جند وآليات رباعية الدفع تحمل مدافع عيار 23 ملم ورشاشات ثقيلة إلى منطقة مزروعة بالعبوات الناسفة الموجهة، وقاموا بتفجير العبوات في الرتل ضمن منطقة شبه صخرية، أجبرت المهاجمين على سلوكه، الأمر الذي أحكم الهجوم والتفجير، فتدمرت دبابة وناقلة جند وعربات الدفع الرباعي، وترافق التفجير مع هجوم عناصر تنظيم “الدولة” على الرتل، ودارت اشتباكات حاول مقاتلو التنظيم خلالها تدمير كامل الرتل إلا ان الطيران الروسي تدخل وقصف منطقة عناصر التنظيم، ووصلت تعزيزات أخرى لقوات النظام منعت من إبادة الرتل بكامل عناصره، وانتهى الاشتباك بمقتل ما يزيد عن 20 عنصرا من الفيلق المدعوم روسيا، وجرح عدد كبير من عناصره نقلوا إلى مستشفى تدمر العسكري. وسقط عدد من قتلى قوات النظام في مناطق متفرقة من ريف حماة الشمالي بتفجير عبوات ناسفة بآليات تتبع للفيلق الخامس أيضا على طريق أثريا-السخنة وطريق الشيخ هلال-تدمر شرقي مدينة سلمية في بادية محافظة حماة.

وهاجم مقاتل التنظيم عدة نقاط خلال الأسبوعين الأخيرين شمال السخنة على الطريق الواصل إلى بلدة الرصافة في ريف الرقة الجنوبي، قرب تقاطع طرق قرية الطيبة،  استهدفوا خلالها سيارة رباعية الدفع (بيك اب) لقوات النظام محملة برشاش ثقيل، ونحو ثمانية عناصر، وفجرت الآلية بعبوة ناسفة أدت لمقتل أغلب ركابها. وتبنت قنوات مقربة من التنظيم الهجوم على تطبيق “تلغرام”. وشن التنظيم ثلاث هجمات منسقة في توقيت واحد على ثلاث نقاط تمركز لقوات النظام إلى الشمال من الطيبة باتجاه قرية الكوم، وقاموا بإحراقها بعد قتل كل عناصر النظام، وبث التنظيم صورا لثلاثة قتلى منهم قبل أيام. وأشارت مصادر محلية إلى أن عناصر التنظيم فجروا خط الغاز في المنطقة، في حين لم يعلن التنظيم عن ذلك واكتفى بإعلان قتله لقوات النظام في تلك النقاط. كما استهدف التنظيم سيارة نقل جنود يرجح انها تتبع لواء القدس الفلسطيني النشط في هذه المعارك.

في السياق، قصف الطيران الحربي الروسي مثلث التقاء محافظات حمص والرقة وحماة (الرصافة- السخنة- أثريا) بعشرات الغارات الجوية مستهدفا مواقع التنظيم المنتشرة في أرض صحراوية واسعة. ويأتي القصف الجوي الروسي كتمهيد وتمشيط للعمليات البرية التي يقودها العميد سهيل الحسن قائد الفرقة 25 مهام خاصة، واللواء ميلاد جديد قائد الفيلق الخامس الذي عينته روسيا في تموز/يوليو الماضي.

وتعتبر معركة تطهير البادية من خلايا “داعش” المعركة الأولى التي يقودها اللواء جديد، بعد نقله من قيادة القوات الخاصة، حيث أعادت العمليات الروسية هيكلة الفيلق بعد طرد اللواء زيد الصالح وإعادة تشكيل ألوية جديدة وإجراء تعيينات جديدة على مستوى الأركان وقادة الألوية. ويشكل تطهير البادية من خلايا التنظيم تحديا كبيرا لروسيا وللقائدين العميد سهيل الحسن واللواء جديد، فعملية القضاء على الخلايا والجيوب هو أمر شبه مستحيل، وازداد صعوبة بظهور إعلام التنظيم في البادية مجددا وقدرة التنظيم على تنفيذ كمائن متنوعة بالأرتال المتفرقة في البادية. إضافة إلى اخفاق قوات النظام في حماية الطرق الرئيسية وتأمين قوافل العسكريين والمدنيين في مثلث السخنة الرصافة أثريا، وقطعه طريق السخنة دير الزور بشكل متكرر.

وفي الشهر الأخير تطورت عمليات التنظيم لتصل إلى شن هجمات متزامنة على عدة نقاط في وقت واحد، وهو ما يسهل من سيطرته على النقاط كونها تنشغل في الدفاع عن نفسها ولا تتمكن من مؤازرة بعضها البعض، إضافة إلى وقعها السلبي على العناصر المدافعين عن نقاطهم بسبب شعورهم بأن الهجوم كبير للغاية، ما يوقع في نفوسهم الخوف ويدفعهم للاستسلام. وبعد تلك الهجمات نشر إعلام التنظيم صورا لأسرى من قوات النظام في منطقة شمال الطيبة وقام بنحرهم بالسكاكين على ما جرت عادته سابقا. ويسعى التنظيم من عملية النحر إلى إظهار انه مسيطر على البادية وان لديه الوقت وان عناصره غير مطاردين كما يشاء النظام تصويرهم، إضافة لما تبثه صور النحر من رعب في صفوف قوات النظام.

والجدير بالذكر، أن القصف الجوي لا يشكل فارقا في الوضع في البادية السورية مطلقا أمام أسلوب الكر والفر والضربات الخاطفة التي يقوم بها مقاتلو التنظيم. حيث يتمنعون عن كشف مواقعهم أو اظهار سيطرتهم على منطقة ما بشكل مباشر. في حين تعتبر القوة البرية هي القادرة على تسجيل فارق في ميزان القوة في البادية على غرار الهجوم الواسع لقوات النظام والمليشيات الإيرانية التي حصلت في صيف 2017 مستفيدة من تجميد القتال مع فصائل الجيش الحر والفصائل الإسلامية عبر مسار أستانا، الأمر الذي وفر عشرات آلاف المقاتلين لمحور حلفاء النظام، زجت إيران وحدها في حرب البادية ما يقارب من 40 ألف عنصر من كافة الميليشيات التابعة لها في سوريا وهو ما شتت قوة التنظيم بسبب الهجوم عليه من كافة المحاور، وتوج الهجوم بكسر الحصار عن مدينة دير الزور ومطارها العسكري الذي فرضته فصائل الجيش الحر منذ 2013.

ومع قوة التنظيم في البادية السورية وصولا إلى الحدود العراقية، أصبحت قدرته على قطع الطرق الحيوية وتهديد منابع الطاقة التي تسيطر عليها روسيا مسألة وقت قليل، ومن غير المستبعد ان يسيطر التنظيم على البادية بشكل كامل ويقطع الطرق رغم اعتماده عليها في التموين وتنفيذ الكمائن.

وسيدفع نمو التنظيم في البادية السورية وصولا إلى البوكمال إلى تغيير الاستراتيجية العسكرية لحفاء النظام في الكامل وستكون بطبيعة الحال إيران أكثر المتضررين وسيجبرها نشاطه الكبير إلى الخروج من المدن والبلدات وسحب مقراتها من المناطق المحاذية للنفوذ الأمريكي، والشروع بحملة تمشيط كبيرة للغاية في البادية تستغرق شهورا، حتى تتمكن من خلالها تأمين ظهرها في البوكمال والميادين ودير الزور.

ينسحب الأمر على روسيا أيضا، فحماية حقول الفوسفات في خنيفيس جنوب تدمر، وحقول النفط والغاز في منطقة الشامية غربي نهر الفرات، تجبرها على القضاء على التنظيم قبل ان تتحول البادية السورية لرمال متحركة تبتلع فيها قواتها والقوات التي شكلتها (الفرقة 25 والفيلق الخامس) وتبتعد عن تعكير صفو القوات الأمريكية وحلفائها في شرق الفرات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية