ها نحن نقف مرة اخرى أمام الانتخابات ونبحث عن بديل، ولا نؤمن بوجود هذا البديل. هناك بديل واحد إلا أنه بحاجة الى التفكير، الجرأة والتخلص من قناعات مسلم بها، التنازل عن بقرات مقدسة ووضع «الأنا» جانبا. ليس الحديث عن موشيه كحلون لأنه سيعيد بعد الانتخابات المقاعد التي حصل عليها الى مكانها الذي جاءت منه.
تستطيع هذه الانتخابات إحداث التغيير في السياسة الاسرائيلية اذا توحدت القوى في اليسار الضعيف والراديكالي في قوة واحدة، المقصود قائمة موحدة للاحزاب التي هي يهودية مع وجود عدد قليل من العرب في داخلها مع الاحزاب العربية التي فيها ممثل يهودي واحد. أي جسم يهودي عربي يضع أمام الناخبين اليهود والعرب تغيير حقيقي في الخارطة السياسية في اسرائيل. موقف ايديولوجي واضح حول المسائل الوجودية للدولة.
ما المطلوب لكي تتحقق هذه الفانتازيا، ولماذا هي ضرورية في هذا الوقت؟ تحقيق الفانتازيا يلزم الممثلين اليهود في احزاب العمل، ميرتس وبعض اعضاء كديما ويوجد مستقبل، شاس وجزء من الاحزاب الحريدية، الاعتراف بخطورة الوضع القائم والحاجة الملحة لتغييره: عليهم الاعتراف بأن التطرف والقومية قد يؤديان الى صراع داخلي خطير، وأنه توجد حاجة لتقليص الفجوات الكبيرة بين السكان اليهود والعرب، سواءً في الميزانيات أو في اشغال المناصب الرفيعة في لجان الكنيست والحكومة من اجل أن يأخذوا نصيبهم في اتخاذ القرارات التي تحدد وجهة الدولة. تعلم اللغة العربية من عمر مبكر في المدارس اليهودية واللغة العبرية في المدارس العربية، يجب أن يكون مركبا أساسيا في البرنامج المشترك لهذا المعسكر.
اضافة الى ذلك على القادة اليهود اتخاذ خطوات من اجل بناء جسر للجمهور العربي والحصول على تأييده للخطوة.
مطلوب من الاحزاب العربية وممثليها الاعتراف بأن هذه الانتخابات يمكن أن تؤدي الى تغيير دراماتيكي في حياتهم. الانضمام كجسم واحد للاحزاب الصهيونية اليهودية، وقد تكون الحريدية ايضا، لا يعني هذا الانضمام تقبل المواقف الصهيونية وانما ابداء الاستعداد للعمل معا لتغيير الدولة لصالحهم ولصالح اليهود. سيكون هذا الرد المناسب على مواقف رئيس الحكومة. وأمام معسكر اليمين يقام معسكر يسار، لا يتفق بينه وبين نفسه على الكثير من الاسئلة لكنه يفهم أن التعاون الحقيقي بين اليهود والعرب هو ما تتطلبه اللحظة.
تاريخ القرن العشرين مليء بالامثلة حول انهزام اليسار لأنه لم ينجح في أن يضع الفوارق الايديولوجية جانبا من اجل الوقوف معا في وجه اليمين. تنازل الممثلين العرب عن خلق أساس ايديولوجي واسع سيعرضهم بالتأكيد الى اتهامات التعاون مع الصهاينة، لكن هذه الخطوة البراغماتية ستدفع الكثير من العرب الذين سمتنعون عن المشاركة في الانتخابات الى المجيء الى الصناديق، وبذلك زيادة عدد المنتخبين العرب للكنيست، بل ويمكن دخول بعضهم الى الحكومة.
فانتازيا؟ لا شك أنه من الصعب رؤية السياسيين والاحزاب تترك مواقف متجذرة آمنوا بها لسنوات طويلة – حتى 17 آذار من الصعب الايمان، أن ممثلي جزء من الاحزاب سيوافقون على التنازل عن مكان آمن في الكنيست القادمة. ولكن قد يجدون بينهم مع ذلك اشخاصا ذوي رؤيا ووعي، أو كهؤلاء الذين قرأوا النشرة التي نشرتها مؤخرا جمعية سيكوي من اجل المساواة المدنية والتي كتب فيها «اذا اكتشف القادة المحليون العرب واليهود مصالح مشتركة لا تهدد النظام القائم وقرروا العمل بهذه الامور، فانهم سيبنون معا أطر ثابتة قادرة على تطوير التعاون والمساواة بين العرب واليهود والتأثير في الحياة اليومية للسكان».
للعرب واليهود هناك مصلحة مشتركة في التعاون في الانتخابات القادمة. وعلى المحك خلق مستقبل أفضل للسكان العرب واليهود على أساس التعاون الذي توزع مصادر الدولة في اطاره بشكل متساوي أكثر بين الوسطين. اذا أقيم معسكر كهذا فانه سيبعث الروح الجديدة لدى سكان الدولة، بالطبع لن يحل كل المشاكل وسوف يعاني من خلافات داخلية وانقسامات، لكن الخطوة بحد ذاتها تعتبر وضع حجر الاساس من اجل فتح الطريق الجديدة التي ستقود الى التغيير الداخلي في المجتمع الاسرائيلي لصالح جميع سكانها.
نحن لسنا ملزمين بانتظار حرب اهلية مثل تلك التي عاشتها امريكا قبل 100 عام من اعلان استقلالها، حتى بدأت عملية تحرير الافروامريكيين، ومرت عشرات السنين حتى تم الغاء القيود على حياتهم. يمكن تجاوز هذه المراحل المخجلة وتحويل هذه الساعة الى ساعة رغبة. هل هذه فانتازيا؟.
هآرتس 11/12/2014
يرحميال كوهين