البعد الخارجي للانتخابات الرئاسية الايرانية.. رسائل في العلن

حجم الخط
1

في زمن تسمية الربيع على كل حالة اضطراب داخلي، سواء كانت ستفضي الى ربيع من الديمقراطية والتعددية والحرية، او انها ستكون شتاء عاصفا يدمر البلاد ويهلك الحرث والنسل ويعيد المجتمعات قرونا الى الوراء، تصبح هناك حالة ترقب للخصوم السياسيين الاقليميين والدوليين، لالتقاط اللحظة التاريخية امام انطلاق اي شرارة احتجاج لامكان تظهيرها ودعمها، لتتحول الى حركة تطيح بالنظام القائم على غرار ما حدث في بلدان عربية.
باعتقدنا ان الولايات المتحدة الامريكية ترى ان هذه اللحظة التاريخية يمكن ان تكون داخل ايران في لحظة حساسة تعيشها البلاد لاختيار رئيسها السابع في انتخاباتها الحادية عشرة في عمر الجمهورية الاسلامية الايرانية، وما يعزز الادراك الامريكي لامكانية ان تحدث حركة اضطراب في ايران، هو اعتمادها على تجربة الانتخابات الرئاسية السابقة في العام 2009، ولهذا اقدمت الولايات المتحدة على ثلاث خطوات تزامنا مع بدء الانتخابات، اعطت فيها رسائل لمن يرغب بالتحرك داخل ايران:
الخطوة الاولى التي جاءت مباشرة بعد رفض مجلس صيانة الدستور اهلية المرشحين الشيخ اكبر هاشمي رفسنجاني والسيد اسفنديار رحيم مشائي، حيث قال البيت الابيض مباشرة ان هذا الرفض يضرب صدقية الانتخابات الرئاسية في ايران، وهذا التصريح جاء بعد قراءة دقيقة ومتابعة حثيثة للوقائع والتصريحات في الداخل الايراني، اذ ان هذا التصريح الامريكي اعتمد بشكل كبير على وجود امتعاض ومفاجأه كبيرة لدى معسكر وانصار الشيخ هاشمي رفسنجاني من قرار رفض اهليته لرئاسة البلاد، وهو ركن اساسي ومؤسس لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهو رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهي من الهيئات العليا في البلاد، كما ان واشنطن ترقبت ان ينفذ المرشح اسفنديار رحيم مشائي تهديده العلني بالمواجهه وكشف فضائح وعلميات فساد اذا ما رفض ترشيحه، لكن كل هذا لم يحدث وبدلا من ذلك قبل المرشحان بالقرار، ولم يتخذ الاعتراض اي شكل من اشكال عرقلة السير باجراء الانتخابات.
الخطوة الثانية التي كانت لافتة بوضوحها هي اعلان الخارجية الامريكية السماح بايصال اجهزة اتصال حديثة الى داخل ايران، حتى يتمكن الايرانيون من الاتصال الآمن بالخارج والتعبير عن رأيهم، وهذه رسالة بليغة من واشنطن لمن يريد ان يتمرد على النظام، اننا سنكون لجانبكم ومستعدون لان نقدم المساندة لجعل التحرك عالميا عبر وسائل الاعلام والقنوات الدبلوماسية..
اما الخطوة الثالثة وجاءت قبل ايام على موعد الاقتراع، كانت بفرض عقوبات على قائمة من الشركات اتهمتها واشنطن بانها تساعد ايران على الالتفاف على العقوبات الدولية، وهي ايضا اشارة اضافية الى الداخل الايراني، في وقت دقيق تحتل فيه مسألة العقوبات الاولوية في البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة.
اما الطرف الايراني فقد درس التجربة السابقة بشكل جيد، واستفاد من كل الثغرات والاخطاء، وكانت اول خطوة هي تخفيف بوادر التوتر برفض اهلية رفسنجاني ورحيم مشائي، اللذين كانا سيجعلان في حال دخولهما السباق حالة الاستقطاب في الشارع الايراني على اشدها، اما الخطوة الثانية فكانت تغيير شكل ومضمون المناظرات التلفزيونية، التي كانت سبب حالة الصدام في الشارع بين انصار المرشحين في الدورة السابقة لما حملته من تجريح شخصي ومواقف سمعها الشارع الايراني لاول مرة بهذه الحده من مسؤولين بارزين في النظام، وهذا ما حمل النخب الايرانية وقادة الاحزاب وحتى الشارع على توجيه الانتقاد الحاد لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون الايراني، على الطريقة البدائية لاجراء المناظرات، حيث عقدت المناظرات بحضور جميع المرشحين وكانت الاسئلة الموجهة ساذجة تشبه طريقة امتحان طلاب المدارس الابتدائية، وبهذه الطريقة لم تتخل ايران عن مكتسب المناظرات المباشرة للشعب، وهي تفتخر بانها تجريها على طريقة الديمقراطيات العريقة، وبنفس الوقت تجنبت اشعال الشارع عبر المبارزة الكلامية الحادة. وبهذا ضمن النظام في ايران ضبط ايقاع عملية الاقتراع وابعاد شبح ما مرت به البلاد اثناء الانتخابات السابقة.
اما المسألة الاخرى التي يركز عليها النظام، وهي نسبة الاقبال والمشاركة في الانتخابات وهذه المسألة تكتسب اهمية كبيرة بالنسبة له، فقد دعا المرشد الاعلى السيد علي خامنئي الى جعل الانتخابات الرئاسية ملحمة سياسية على حد وصفه، وذلك لايصال رسالة للخارج وتحديدا للغرب بان النظام الايراني يتمتع بشرعية، وان الشعب لا زال يلتف حوله. نسبة المشاركة المرتفعة هي شارة النصر التي سوف يرفعها النظام الايراني امام اعدائه، وسيتعمد النظام تمديد ساعات الاقتراع الى ما بعد المدة المحددة بساعتين او ثلاث ساعات للفت الانتباه الى حجم المشاركة.
وعلى الصعيد الامني اعلنت ايران عن ضبطها شبكة تجسس ممولة من دولة عربية، لم يسمها بيان وزارة الامن، الذي قدم مؤشرات واضحة لا تقبل التأويل الى ان المقصود دولة قطر، وان الشبكة كانت تخطط لاغتيال عدد من علماء الدين من السنة، في محافظة سيستان بلوشستان، ومن الشيعة في قم لاحداث فتنة في البلاد قبل الانتخابات.
ولا يعرف حتى الان ان كانت ايران قد ضبطت هذه الشبكة في وقت سابق واختارت هذا التوقيت لتعلن عن انجازها، أم ان الشبكة ضبطت فعلا قبل الانتخابات بايام؟ وفي كلا الحالتين اوصلت ايران الرسالة للمعنيين.
وتترقب الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة كيف ستسير عملية الاقتراع، وهل ستكون هناك تداعيات للنتائج النهائية، حتى ان احد الكتاب الامريكيين ذهب للقول على احدى الفضائيات العربية، ان الولايات المتحدة اجلت مؤتمر جنيف 2 الخاص بالازمة السورية حتى يتضح مصير الانتخابات الايرانية. الايرانيون حسبما نلمس نحن كمراقبين صحافيين داخل ايران، انهم واثقون من ان البلاد ذاهبة الى انتخابات هادئة ونتائج ستقبلها كل التيارات، من دون تشكيك او احتجاج.. وتستعد لاعلان نصر جديد.

‘ كاتب فلسطيني

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول انور المغربي:

    الاستاذ كمال خلف اننا نشاهدك على قناة الميادين و لكن لم اكن اعرف انك فلسطيني ولكن كنت اعرف انك انسان متحرر والا لما تركت العمل في قنوات التضليل… تحياتي

إشترك في قائمتنا البريدية