لندن- “القدس العربي”: قالت صحيفة “التايمز” البريطانية في تقرير أعده مراسلها في بيروت ديفيد روز، إن إسرائيل نفضت الغبار عن خطط لضرب المنشآت النووية الإيرانية بعد فوز متشدد يعرف بـ “جزار طهران” بانتخابات الرئاسة الإيرانية التي جرت يوم الجمعة.
وقالت إن نفتالي بينيت رئيس الوزراء الجديد استخدم أول لقاء لحكومته ودعا العالم للاستيقاظ على انتخاب إبراهيم رئيسي (61 عاما) والذي وصفه بـ “القاتل السفاح”. وتعهد بعدم السماح لنظام “الجلاد الوحشي” في طهران الحصول على السلاح النووي. وجاءت تصريحاته في الوقت الذي اجتمع فيه الدبلوماسيون من بريطانيا وبقية الدول الموقعة على الاتفاقية النووية في فيينا قبل أن تنفض سريعا.
وقال بينيت إن انتخاب رئيسي هي الفرصة الأخيرة للقوى العالمية للاستيقاظ قبل العودة إلى الاتفاقية النووية وفهم مع من يتعاملون. وقال “هؤلاء الرجال هم قتلة وسفاحون ويجب عدم السماح لنظام الجلاد بالحصول على أسلحة الدمار الشامل الذي لن تسمح له بقتل الآلاف فقط ولكن الملايين”.
ووصف مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيسي بـ”المتطرف المسؤول عن وفاة آلاف الإيرانيين”. وقال مسؤول لم تكشف عن هويته للقناة الإسرائيلية 12 “لا خيار إلا العودة للوراء والتحضير لمهاجمة المشروع النووي الإيراني وهذا يحتاج لميزانية وتخصيص الموارد”.
وفي الوقت الذي تصر فيه إيران على أن برنامجها هو للأغراض السلمية إلا أن إسرائيل تتهمها بتطوير رؤوس نووية تعتبرها تهديدا عليها.
وكشف مدير الموساد الإسرائيلي الذي ترك منصبه يوسي كوهين، عن مسؤولية الوكالة الاستخباراتية عن سلسلة من الأعمال التخريبية التي استهدفت منشآت وشخصيات إيرانية. وحدث آخر هجوم على منشأة نطنز في نيسان/إبريل وأثناء اجتماع الوفود في فيينا لإحياء الاتفاقية النووية التي وقعتها إدارة باراك أوباما عام 2015.
وتخلى دونالد ترامب عنها بعد 3 أعوام مقابل استراتيجية “أقصى ضغط” وفرض عقوبات على وزارات وشخصيات إيرانية، بمن فيهم رئيسي، رئيس مصلحة القضاء.
وكان المرشح المفضل، ومرشح محتمل لخلافة المرشد للجمهورية، آية الله علي خامنئي، 82 عاما.
وساعد على فوز رئيسي قرار مجلس صيانة الدستور استبعاد عدد من المرشحين الإصلاحيين والمتشددين بحيث فتح المجال أمام فوزه.
واعتبر أنصار خامنئي النتائج انتصارا “ضد التدخل الأجنبي”. وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات 48.8% وهي أدنى نسبة في تاريخ الجمهورية. وقام 3.7 مليون ناخب بتضييع أصواتهم.
ووعد رئيسي في بيان مقتضب بتشكيل “حكومة مجدة وثورية ومعادية للفساد”، حيث سيتولى الحكومة من الرئيس الحالي حسن روحاني في آب/أغسطس. واتهم رئيسي بقتل آلاف المعارضين السياسيين عندما كان عضوا في لجان الموت عام 1988. ومنذ نيسان/إبريل عقد الدبلوماسيون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي إضافة إلى الصين وروسيا في محاولة للعودة الأمريكية إلى الاتفاقية.
وتطالب إيران الولايات المتحدة برفع العقوبات عنها مقابل العودة للالتزام والتوقف عن تخصيب اليورانيوم.
وترى الصحيفة في افتتاحيتها أن انتخاب رئيسي في انتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة كانت نتيجة متوقعة. فمن الواضح أن حملة المتشددين بمن فيهم الحرس الثوري وعلي خامنئي كانوا مصممين على تزوير الانتخابات لصالح مرشحهم رئيسي. وقرروا انتخاب رجل متطرف ومحافظ في معتقداته الإسلامية وكقاض سابق لديه سجل قاس ولهذا السبب “تواجه إيران مستقبلا قاتما”.
وأضافت الصحيفة أن الكثير من الإيرانيين وبخاصة الجيل الشاب الحانق على منع أي مرشح وعد بالإصلاح وتحرير الاقتصاد بدا واضحا في الطريقة الوحيدة للرفض وهي مقاطعة الانتخابات. ولم يصوت سوى نصف من سمح لهم بالتصويت، في أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
وكانت المقاطعة هي الطريقة الوحيدة لإرسال رسالة لمجلس صيانة الدستور الذي منع المرشحين من انتخاب رئيس يواصل خطوات روحاني المتعثرة الإصلاحية. ومن المفارقة أن من الداعين لمقاطعة الانتخابات كان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي اندلعت ضده التظاهرات احتجاجا على تزوير الانتخابات، فيما يعرف بالثورة الخضراء. وذكرت الصحيفة بتاريخ رئيسي في عام 1988 عندما كان واحدا من القضاة الذين أصدروا أحكاما بإعدام حوالي 5.000 وربما 30.000 من السجناء السياسيين.
وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات. وترى الصحيفة أن انتخاب رئيسي يعطي صورة عن سبب رغبة خامنئي بترشيح شخص على صورته، وتواجه إيران الكثير من المشاكل والتحديات مثل العقوبات، منها عقوبات إضافية فرضتها إدارة ترامب وشلت الاقتصاد وأثرت على مستويات الحياة وقادت إلى تظاهرات وعنف في الأرياف والمدن الكبرى.
ويكره الإيرانيون النظام ولكنه رد بطريقة استفزازية وحملة إعدامات. وكلفت سياسة إيران القائمة على تصدير الثورة وتمويل أنصارها، ومن بينهم جماعة الحوثي في اليمن ونظام الأسد في سوريا، البلاد ثمنا كبيرا ولا تحظى بشعبية كبيرة في الداخل. وقالت إن تردد حكومة روحاني بين التنازل والقمع غذى السخط العام.
وعلى رئيسي اتخاذ قرار الآن بين مواصلة التعاون مع القوى الدولية والتوقف عن تخصيب اليورانيوم أو مواصلة عمليات الخداع حتى تتوصل بلاده لإنتاج الأسلحة النووية.
ويعتبر الخيار الأخير المفضل لخامنئي ورئيسي، لكنهما قد يجبران على التنازل. فقد تعرض البرنامج النووي لأضرار من استهداف العلماء البارزين والهجمات الإلكترونية.
وأعربت إدارة جوزيف بايدن عن استعداد لرفع بعض العقوبات حالة التزمت إيران ببنود الاتفاقية الأصلية. وتعتبر الحكومة الإسرائيلية الجديدة معادية مثل حكومة بنيامين نتنياهو التي أظهرت قدرة على إلحاق الضرر بإيران دون افتعال مواجهة مفتوحة معها.
وستحاول إيران شراء الوقت وستقاوم أي مقترح لكبح أفعالها ضد العالم العربي وما بعده، وستحاول عزل المفاوضين الأوروبيين والروس والصينيين عن الأمريكيين.
ويظل هناك أمل بعيد وباهت من أن يكون رئيسي المتشدد في موقع أفضل من رئيس إصلاحي للدفع باتجاه صفقة، ولكن سجله مروع، وسيظل الأمل بعيدا.