التايمز: إيران تخطط لربط اللاذقية بمبادرة الحزام الصينية.. فهل ترضى إسرائيل وأمريكا؟

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:
تحت عنوان “طهران تنظر إلى ميناء اللاذقية كبوابة للبحر المتوسط” كتبت مراسلة صحيفة “التايمز” في اسطنبول حنا لوسيندا- سميث، تقريرا عن الطموحات الإيرانية في سوريا وما تحضره طهران للسيطرة على أهم مرفأ تجاري في سوريا، فيما ينظر إليه جزء من الخطط لبناء خط تجاري يمتد بين العاصمة الإيرانية والبحر المتوسط.

وتعلق الصحيفة أن هذا موطئ قدم مهم قريبا من إسرائيل. وبحسب “تقرير سوريا” الذي يتابع التأثير التجاري الروسي والإيراني في سوريا فإن المحادثات في الشهر الماضي كانت من أجل نقل إدارة ميناء الحاويات في اللاذقية التي تقع على بعد 150 ميلا شمال غرب العاصمة دمشق لإدارة إيرانية من بداية تشرين الأول (أكتوبر) عندما ينتهي عقد الإيجار. وهذا يعني منح إيران القدرة على الوصول إلى الميناء دون أية معوقات والتي تحتوي على 23 مخزنا وكانت تتعامل مع 3 ملايين طن من الشحنات قبل عام من بدء الحرب.

وتعلق الصحافية أن الميناء سيكون الرابطة بين البحر المتوسط والطريق البري فيما يعرف بالهلال الشيعي الممتد من إيران عبر العراق وسوريا حيث تتمتع إيران بتأثير اقتصادي في البلدين. وتعلق الصحيفة أن الاتفاق سيمثل بالنسبة لإسرائيل صداعا أمنيا، خاصة التأثير العسكري والأمني الذي تمارسه إيران حول دمشق والتي يعمل فيها الحرس الثوري ومقاتلي حزب الله.

وقام الطيران الإسرائيلي بشن مئات من الغارات على المخازن القريبة من مطار دمشق الدولي في محاولة لمنع إيران من إيصال السلاح والمعدات العسكرية جوا إلى سوريا. وهو ما دفع إيران للطلب وبشكل مستمر الحصول على منفذ للموانئ السورية، وهو أمر عارضته روسيا التي تعد الحليف الثاني الأكثر قوة لنظام بشار الأسد.

وتهيمن روسيا على المنطقة البحرية من خلال القاعدة في مدينة طرطوس. ووافقت موسكو، وإن بشكل تكتيكي على ضربات جوية إسرائيلية لمواقع عسكرية حول دمشق. وتضيف الصحيفة أن الشركات الإيرانية المرتبطة بالحرس الثوري بدأت بنقل البضائع عبر الميناء مما يشير إلى أن طهران قد تستخدمه كطريق بديل لنقل السلاح وإدخالها إلى البلد بشكل قد يؤدي إلى غارات إسرائيلية جديدة ويفاقم التوتر المتزايد بين روسيا وإيران اللتان تتنافسان للتأثير على سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.

ونقلت عن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق الجنرال المتقاعد مايكل هيرتزوغ: “لا رغبة لروسيا لأن تكون إيران قريبة، وهناك فرق بين الخلافات والتنافس بينهما” وأضاف: “نشرت إيران في الماضي قواتها قريبا من الروس لمنع الهجمات. إلا أن الروس فهموا السبب الذي جعل إسرائيل تقوم بتحركات عسكرية ضد إيران، وهم يتفهمون هذا في كل الأحيان”.

وبحسب يوسي مانشاروف، المتخصص في الشؤون الشيعية في معهد القدس للاستراتيجيات والأمن، فمن المحتمل السماح لإسرائيل شن هجمات على أهداف إيرانية في اللاذقية لو استخدمت الميناء لنقل السلاح “هناك محادثات مستمرة بين إسرائيل وموسكو، وهناك خط مفتوح”. وأضاف: “أنا متأكد أن هناك محادثات جارية للبحث عن حل طالما خدمت المصالح الروسية، وسيعطون إسرائيل الضوء الأخضر”.

وتقول الصحيفة إن العقد الحالي لإدارة ميناء اللاذقية تديره سوريا القابضة، وهي شركة استثمار سورية، وشركة (سي أم إي) و(سي جي أم) وهي شركة شحن فرنسية.

وكان ميناء اللاذقية أول منشأة عامة تتحول للقطاع الخاص في ظل الدفعة التي قام بها الأسد في الفترة الأولى من حكمه لتحرير الاقتصاد السوري. وتأثرت موارده بسبب الحرب. وتراجعت من 1.95 مليار دولار في عام 2012، إلى 622 مليون دولار في عام 2017. وانخفضت وارداته من 6.7 مليار إلى 4.4 مليار دولار.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على الميناء الذي لا يزال مملوكا من الدولة منذ 2015. مما يعني أن الشركات والمواطنين الأمريكيين لا يسمح لهم بالتعامل معه إدارته.

ولو حصلت إيران على عقد لإدارة الميناء، سيكون ورقة قوة لها، خاصة أنها تحاول الحصول على منافع في سوريا بعد خفوت وتيرة الحرب التي مضى عليها ثمانية أعوام، وكتعويض لما قدمته من خدمات للأسد.

وقال مسؤول بارز في طهران إن إيران لن تقدم دعما في جهود إعمار البلاد كما فعلت في لبنان والعراق، ولكنها ستحاول التعويض عن الكلفة التي دفعتها للحرب من خلال عقود حكومية وخاصة.

وعلى المستوى الإقليمي تحاول طهران استخدام استثمارات النزاعين السوري والعراقي كورقة نفوذ لتقوية موقفها التجاري. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) أعلنت شركة السكك الحديدية الإيرانية أنها بدأت عملية بناء خط حديدي بين مدينة سالاماتشي إلى البصرة في جنوب العراق، كجزء من الخط الذي سيمتد إلى اللاذقية. ومولت إيران المشروع في الوقت الذي سيدفع العراق حصته في المشروع في وقت لاحق.

ويقول حامد رضا عزيزي، الخبير الاقتصادي في جامعة شهيد بهشتي بطهران إن المشروع مرتبط “بخطة إيران لكي تصبح المركز الرئيسي لمبادرة الصين الحزام والطريق التي تربط الشرق بالغرب”. وأضاف: “لو استطاعت إيران اكتشاف هذا الدور المحوري، فلن يكون صعبا على الولايات المتحدة عزل إيران اقتصاديا ولكنه سيترك تداعيات أمنية، ويصبح فيه أمن إيران مهما للصين وروسيا، وسيظهر محور جيوسياسي جديد”.

إلا أن ديفيد باتر الزميل في تشاتام هاوس- لندن، يرى أن منظور العقوبات الأمريكية الجديدة على الميناء لو حصلت إيران على عقد إدارته قد يمنع دمشق من توقيع العقد. “فالميناء هو رصيد مهم للسوريين ويجب على الإيرانيين تقديم عرض مفيد لدمشق وطريقة جيدة لإدارته تجاريا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية