لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرا أعده المحرر السياسي سايمون وينفورد، بمشاركة من فرِد هارتر، قالا فيه إن الإمارات ألغت اجتماعا وزاريا مع بريطانيا بسبب اتهامات بدعمها قوات الدعم السريع السودانية، وهو أمر تنفيه أبو ظبي. في وقت هاجم وزيرٌ بريطاني سابق طُرد من وظيفته بسبب تجاوزات ضريبية، الجيشَ السوداني واتهمه بالتعاون مع إيران.
وفي 19 نيسان/ أبريل، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا بناء على طلب من بريطانيا لمناقشة الحرب الأهلية في السودان. وجاء اللقاء بعد عام من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي أدت لمقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتشريد الملايين. واستخدم ممثل السودان الدائم في الأمم المتحدة اللقاء لتوجيه اتهامات للإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وهو ما تنفيه أبو ظبي.
وأصدرت الإمارات بيانا رسميا نفت بالقطع تورطها في الحرب الأهلية السودانية. وانتقد الوزير السابق، ناظم زهاوي، موقفَ الحكومة البريطانية، قائلا إن “الرد البريطاني على هذا كان فاترا لدرجة علّق الإماراتيون كل اللقاءات مع بريطانيا وعبّروا عن الغضب لوقوفهم موقف المتفرج وتركوا السودانيين يشهرون بهم”. وأضاف: “هذا هو نفس الفصيل الذي يزعم أن تحالفه مع إيران ليس عداء للغرب ولا إسرائيل”.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن اللقاء الوزاري الرباعي كان سيعقد في الأسابيع الماضية. وقالت إن تعليق اللقاء بسبب السودان يضيف للتوتر بين البلدين، بعد تدخل الحكومة البريطانية لمنع مجموعة تدعمها الإمارات للاستحواذ على صحيفة “ديلي تلغراف”.
وتعلق “الغارديان” أن الحرب في السودان أدت لخلق أكبر كارثة إنسانية في العالم، وقادت لتشريد 8.5 مليون نسمة، إضافة إلى 25 مليون نسمة بحاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة. ويحذر الخبراء من مجاعة قادمة قد تقتل ما بين نصف مليون إلى مليون شخص.
وفي غرب دارفور، شنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، حربا ضد الأفارقة، حيث قُتلوا ونهبت ممتلكاتهم، بشكل أعاد ذكريات الإبادة في الإقليم بداية القرن الحالي. وبحسب وثائق الأمم المتحدة المسربة في كانون الثاني/ يناير، فقد قُتل ما بين 10,000 – 15,000 شخص في بلدة واحدة. ووصف تقريرالأمم المتحدة المزاعم بتقديم الإمارات السلاح للدعم السريع عبر قاعدة صحراوية في الجارة تشاد، والتي تنطلق منها الطائرات عدة مرات في الأسبوع، بأنها “موثوقة”. ورفضت الإمارات مزاعم إسناد الدعم السريع عسكريا، وقالت إن الطائرات كانت تحمل المساعدات الإنسانية. وأكدت نفيها مرة أخرى في رسالة لمجلس الأمن الأسبوع الماضي.
وحذرت الأمم المتحدة يوم الجمعة بأنها قوات الدعم السريع ستهاجم مدينة الفاشر في دارفور، آخر مدينة في يد القوات السودانية، ويعيش فيها مئات الآلاف من الناس الذين فروا من مناطق أخرى في الإقليم.
وقال المنسق الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن الهجوم على الفاشر قد يؤدي إلى المزيد من العنف والقتل الجماعي. وقالت وكالة الأنباء السودانية، إن الحكومة طلبت لقاء عاجلا مع مجلس الأمن الدولي بشأن دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.
وفي رسالتها للمجلس، قالت الإمارات إنها “ترفض بشكل قاطع المزاعم التي أطلقها المندوب السوداني الدائم في الأمم المتحدة، والتي لا أساس لها وتتناقض مع العلاقات الطويلة بين البلدين، وتبدو للأسف عارية عن الصحة، وتهدف لحرف النظر عن النزاع والوضع الإنساني الخطير الناجم عن استمرار الحرب”. وشددت الإمارات على أن كل المزاعم عن تقديمها دعما ماليا، لوجيستيا أو عسكريا لأي فصيل في النزاع بأن لا أساس لها من الصحة وغير مدعومة بالأدلة.
وفي دفاعه عن موقف الإمارات، قال زهاوي إن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش تحدث عن محور الشر، لكنه لم يصف العلاقة مع الدول المعادية للغرب. وقال إن هذه الدول شريرة ولكنها ليست محورا. وتحدث عن هربه من صدام حسين ونظامه، فلو لم يهرب لكان واحدا من ضحايا الحرب العراقية- الإيرانية، ولكن النظام العراقي السابق لم يعد قائما، وحلت محله إيران، الدولة الأخرى في المحور الذي تحدث عنه بوش، وقد منحها الأخير فرصة لم تحلم بها منذ 40 عاما، حيث شكلت محور شر يخصها والذي تمدد في المنطقة.
وأضاف أن المحور الإيراني لم يعد مهتما بمجال التأثير في الشرق الأوسط، بل حول العالم أيضا. واتهم إيران بتزويد فنزويلا بالسلاح لكي تهدد به غويانا، كما زودت بوتين بمسيرات في الحرب مع أوكرانيا.
وقال زهاوي إن كردستان “أرض أجدادي” التي تحاول بناء ديمقراطية موالية للغرب، استُهدفت بنفس الأسلحة والمسيرات الانتحارية التي قدمتها إيران إلى روسيا. وأضاف: “في هذا الوقت، نعرف أن إيران تدعم الحوثيين وحزب الله وحماس. وتدعم طالبان في أفغانستان وحركة الشباب في الصومال، والمنظمات الإرهابية الأخرى في قارة أفريقيا. لكن تدخلها يمتد إلى مجلس الأمن من خلال الحرب الأهلية السودانية”، وفق زعمه.
وقال إن إيران دعمت المندوب السوداني لمهاجمة الإمارات الحليف القوي لبريطانيا. معتبرا أن الموقف البريطاني كان فاترا، وأن المهاترات السياسية في مجلس الأمن تصب في صالح إيران وتُضعف الدعم لأوكرانيا وإسرائيل.
وثمّن زهاوي الدعم الأمريكي المالي للحلفاء في أوكرانيا وإسرائيل، وما قام به رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك من زيادة الدعم. وقال: “نحن بحاجة لعمل المزيد لمواجهة العدوان الإيراني ورسم خط على الرمال، من الدبلوماسية إلى الحرب، ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا، ومن أوروبا إلى أربيل. ولم يعد الضعف أو الغموض في المواقف من الأمور الكمالية التي نتحملها”، بحسب قوله.