التايمز: باكستان عالقة بين السعودية والصين وعليها أن لا تساعد في السباق العربي نحو السلاح النووي

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: “علينا وقف السباق العربي إلى القنبلة النووية”، عنوان مقال كتبه المعلق في صحيفة “التايمز” البريطانية، روجر بويز، وناقش فيه السباق العربي، خاصة السعودية للحصول على التكنولوجيا النووية باسم احتواء إيران.
وأشار الكاتب لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لباكستان، والاحتفاء الذي لقيه، وتقديم مضيفيه الباكستانيين له مسدسا مطعما بالذهب.

ويرى بويز أن اختيار الهدية لم يكن موفقا في ظل الشكوك حول تورط مستويات سعودية عليا بمقتل الصحافي جمال خاشقجي، إلا أن الهدية وبشكل متناقض كانت مناسبة، لأن السعوديين جاءوا إلى باكستان بوعود استثمارات بمليارات الدولارات مقابل موافقة باكستان على أن تكون رأس حربة في عداوتهم مع إيران.

ويعلق الكاتب على أن باكستان التي تحن للازدهار والموقع الدولي لا تزال أسيرة للعبة الأمم الكبرى، والتي يتم لعبها اليوم من خلال الأزمة الساخنة مع الهند في كشمير. فيما جندت الصين التي تتنافس مع الهند رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان لدعم مبادرة الحزام والطريق. أما إدارة دونالد ترامب فتنظر لباكستان كمخرب في أفغانستان وملجأ للإرهابيين ولم تتعافى العلاقات بين البلدين وتعود الثقة منذ الغارة الأمريكية على مخبأ زعيم القاعدة أسامة بن لادن في أبوت أباد عام 2011.

إلا أن خان وجد نفسه بين السعودية وولي عهدها الطامح والجارة إيران. فحدس خان يقول له إن علاقة طيبة مع إيران ضرورية خاصة أن بلاده تشترك معها بحدود طولها 560 ميلا ويعيش في باكستان أقلية شيعية كبيرة.

أما العلاقة مع السعودية فلا تقوم على التراث السني المشترك بقدر ما بنيت على العلاقات العسكرية والتي تعود لعقود. فقد دربت الباكستان حوالي 10.000 جندي وطيار سعودي في أكاديمياتها العسكرية. وما يرشد العلاقة بين البلدين اعتقاد السعودية أن الباكستان ستلبي نداءها حالة تعرضت لتهديد أجنبي.

ومن هنا جاء الدعم السعودية للقنبلة النووية الباكستانية في عام 1998. فقد ساعد السعوديون إسلام أباد التحرك نحو فحص قنبلتها كرد على الاختبار النووي الهندي. ويبدو اهتمام السعودية اليوم بالمشروع النووي الباكستاني أقوى منه في أي وقت سابق. فالسعودية لا تخوض حربا بالوكالة مع إيران في اليمن بل تقوم بموضعة نفسها عندما تنهار الاتفاقية النووية التي وقعتها إيران مع المجتمع الدولي. ورغم أن السعودية تملك أحسن السلاح الأمريكي والأوروبي المتوفر في السوق إلا أنها تعتقد أنه لا يقف أمام الترسانة النووية الإيرانية.
وعليه، يقول بويز قائلا: “نحن نقترب من لحظة الخطر القصوى: سباق تسلح شامل في الشرق الأوسط وبذريعة احتواء إيران”.

ويضيف الكاتب أن دور الباكستان سيكون مهما، خاصة أن الأب الحقيقي للقنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان، كان بطلا للأمراء السعوديين وقادة دول الخليج في تسعينات القرن الماضي. وسمح له بإنشاء واجهات في دبي لتطوير القنبلة النووية الباكستانية. وكذا استخدام الميناء لشحن التكنولوجيا إلى ليبيا وإيران.

ويعلق بويز أن عمران خان يعرف المخاطر من تحالف مع ولي العهد السعودي، فالرياض ليست هي الوحيدة في المنطقة التي تريد الطاقة النووية، بل مصر والأردن والجزائر وتونس التي لا تنظر إليها كوسيلة مستقبلية لتنويع الطاقة بل وبناء نفوذ سياسي.

وفي الوقت الحالي، أطّر القادة في هذه الدول طموحاتهم من خلال المفاعلات النووية للطاقة السلمية، إلا أن الكاتب لا يستبعد تكرار تجربة كيم جونغ- أون في المنطقة، حيث سيتم استنساخه في أكثر من مكان وسيتم استئجار علماء كوريا الشمالية النوويين لتطوير سلاح واختبار صواريخ باليستية.

ويعتقد الكاتب أن خان ورط نفسه مع الصين والسعودية؛ لأنه يريد تجنب إهانة أخرى من صندوق النقد الدولي ورزمة إنقاذ جديدة. ولم يعد قادرا على التظاهر بأنه خارج العراك بين إيران والسعودية وبلع كرامته وتصرف وكأن بلاده دولة وكيلة للرياض. وستقوم السعودية ببناء شركة إنتاج أدوية ضخمة في باكستان. وكان يأس خان واضحا عندما اشترى 3.500 حمامة لتطلق في سماء العاصمة حالة وصول محمد بن سلمان.
ولكن السؤال يظل قائما “كيف نعيد الجنّي النووي إلى قمقمه؟” وربما نافس الغرب بن سلمان وعمل على منع خان من التحول لعامل انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط. ولعمل هذا يجب على خان التخلص من الجماعات الجهادية داخل بلاده، ولا يوجد ما يشير أنه يعمل على هذا أو أن الغرب مقتنع بأن السعودية تريد برنامجا نوويا للأغراض السلمية.
وفي الوقت نفسه، تحاول إدارة ترامب إحياء الصناعة النووية وهناك خطة لبيع مفاعلات للسعودية في وقت يصر فيه الكونغرس على ضمانات وتخصيب للوقود خارج السعودية لمنعها تطوير قنبلة نووية بعيدا عن الأنظار. ولكن محمد بن سلمان متعجل وألمح إلى أن الصين وروسيا يمكنهما توفير التكنولوجيا دون شروط مرهقة.

ويرى بويز أن قرار ترامب الخروج من معاهدة نووية مع إيران اتسمت بالعيوب كان صحيحا ولكن على الغرب التكاتف حول لخطة لمنع تكالب الدول العربية للحصول على التكنولوجيا النووية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية