لندن ـ “القدس العربي”:
هل تحمل مقامرة الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات جديدة على النفط الإيراني مخاطر من تداعيات انتقامية من دول آسيا؟
يجيب مراسل صحيفة “التايمز” ريتشارد سبنسر أن القرار الامريكي تشديد الضغط على إيران يحمل ملامح حرب دبلوماسية وتجارية مع القوى الصاعدة مثل الصين والهند لمنعه شراء النفط الإيراني. وأعلن البيت الأبيض أن الإعفاءات على شراء النفط الإيراني ستتوقف. ففي العام الماضي سمحت واشنطن لثماني دول تلقي النفط المصدر من إيران وهي تركيا والهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان وإيطاليا واليونان وتايوان. ففي الوقت الذي خفضت فيه الدول الثلاث الأخيرة استيرادها من إيران إلا أن البقية واصلت شراء ملايين براميل النفط يوميا من الجمهورية الإسلامية. وستزيد الخطوات ضغوطا جديدة على إيران المحاصرة ولكنها ستؤدي شجار مع تركيا عضو الناتو والدول التجارية المهمة مثل الصين والتي دخل معها ترامب حربا تجارية. وتعد الصين والهند أكبر زبونين للنفط الإيراني. ورد الصين بغضب حتى قبل اتخاذ القرار. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية جينغ شوانغ بغضب أن التعامل الصيني مع إيران “منطقي وشرعي ويجب احترامه”. وقررت الولايات المتحدة تجاهل تركيا التي قالت إنها حالة خاصة نظرا لقرب إيران منها.
وقال وزير الخارجية، مولود تشاويش أوغلو “لا نقبل العقوبات الفردية وفرض طرق للتعامل مع جيراننا”. وأدت التقارير عن فرض العقوبات لزيادة أسعار النفط حيث أصبح سعر خام برنت 74.30 دولارا قبل أن يستقر على 73.87 دولارا. وهناك إشارات عن مناقشة العقوبات مع الحلفاء في الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة التي تدعم موقفا متشددا من إيران وستستفيد من ارتفاع أسعار النفط. وشجعها ترامب على زيادة الإنتاج للتخفيف من أثار قراره. وتحدث ترامب في الأسبوع مع ولي أبو ظبي محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات. وتنتهي مدة الإعفاءات في 2 أيار (مايو) أي بعد 180 يوما من إعادة فرض العقوبات على إيران في تشرين الثاني (نوفمبر) بعدما قرر ترامب الخروج من المعاهدة النووية عام 2015 والتي وعدت فيها طهران تجميد برامجها النووية مقابل رفع العقوبات التجارية والمالية والسفر عن بعض المسؤولين. وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية إنه سيتم السماح للإعفاءات حتى تنتهي مدتها ولن يتم تجميدها خاصة أن الهدف كما قال هو “حرمان النظام الخارج عن القانون من المال”. وتقول الصحيفة إنه تم تعيين بومبيو وزيرا للخارجية نظرا لمواقفه الصقورية من إيران وعمل ضمن حملة ترامب فرض “الضغوط القصوى” على طهران. وتهدف لمعاقبة إيران على سلوكها بما في ذلك برنامجها النووي واستخدامها الميليشيات لبناء نفوذها العسكري والإستراتيجي في الشرق الأوسط. وعارضت دول مثل بريطانيا وفرنسا فرض العقوبات من جديد على إيران لأن هذه ملتزمة باتفاقية عام 2015. ويخشى الإتحاد الأوروبي من رد إيراني انتقامي وهو الخروج من الإتفاقية النووية. ولا توجد إشارات أنها استأنفت برنامجها النووي. وهدد قائد البحرية الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ولكنه اشترط هذا بمحاولة أمريكا اعتراض ناقلات النفط الإيرانية. ولو قررت إيران العودة لبرامجها النووية فستؤدي إلى سباق نووي بالمنطقة حيث تعهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ببناء قنبلة نووية حالة حصول إيران عليها. وقال المبعوث الأمريكي لإيران بريان كوك أن المبرر لإصدار إعفاءات جاء لنقص النفط العالمي ولم تعد الحالة كما في العام الماضي. وقال “لأن التوقعات في عام 2019 هو العرض أكثر من الطلب فظروف السوق جيدة من أجل تسريع الطريق نحو صفر انتاج” و “لن نمنح إعفاءات أو حالات خاصة لنظام العقوبات”. وتركت العقوبات الأمريكية أثرها على الإقتصاد الإيراني وعلى الجماعات الوكيلة حيث دعا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اتباعه تقديم تضحيات مالية. ولم تظهر إيران أنها ستركع أمام مطالب ترامب والموافقة على اتفاقية نووية جديدة تغطي المجالات الأخرى.