عاماً بعد عام وشهراً بعد شهر وأسبوعاً بعد أسبوع، يتفاقم انتشار الجريمة في أوساط العرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر (عرب 48) حتى تحوّل إلى واقع أليم ومقلق جداً يعيشه الناس.
منذ انتفاضة أكتوبر عام 2000 حتى اليوم قتل 1380 شخصاً، ومنذ بداية العام الجاري قُتل ستةٌ وسبعون شخصًا، إضافة إلى آلاف الجرحى، وما لا يحصى من عمليات إطلاق نار على محلات تجارية وسيارات وبيوت وأملاك. اللافت في جرائم القتل أن أداة الجريمة هي السلاح الناري، الأمر الذي يعني انتشار الأسلحة بشكل واسع، كذلك من اللافت أن معظم الجرائم سجّلت ضد مجهولين، وقليلة، بل نادرة الحالات التي عملت فيها الشرطة بمهنية وجدّية للكشف عن الجريمة، فالجرائم التي جرى الكشف عنها، إما كانت واضحة لا مجال لتملص الشرطة من مسؤوليتها في كشفها، أو تلك التي سلّم المجرم فيها نفسه، ولم يترك مجالا للشرطة سوى اعتقاله والتحقيق معه.
آخر جرائم القتل وقعت يوم الثلاثاء الأخير في بلدة مجد الكروم في الجليل، قُتل فيها شقيقان رمياً بالرصاص وجُرح آخرون، وجرى هذا في حوالي الساعة الثانية ظهراً وخلال عودة الطلاب من المدارس. من الصعب حصر أسباب كل جريمة، ولكن معظمها يحصل جراء صراع لتحقيق مصالح مادية غير مشروعة، مثل التجارة بالسلاح والسوق السوداء، أو السموم، أو فرض الإتاوة على محلات تجارية، أو صراع على مناطق نفوذ وتصادم مصالح عصابات الإجرام، يسقط خلالها متورطون بهذه التجارة ويسقط أبرياء. أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الجريمة هو غياب الرّدع، وشعور المجرمين بأنهم بمأمن من العقاب، هذا يشجع كل أنواع الفساد، ويطلق النزعات الشريرة الوحشية المتربّصة في داخل الكثير من البشر. الناس ليسوا سواسية في وعيهم ومشاعرهم وضمائرهم، فمنهم من يترفع عن إيذاء قطة أو كلب أو أقل من هذا، يحرّكه ضميره وهو الذي يضبط تصرفاته، هذا الضمير مؤسس من عدة عوامل، مثل التربية الأساسية، ثم البيئة البشرية المحيطة، وثقافة الإنسان نفسه وعوامل أخرى تتعلق بشخصيته، وهذا النوع يحاسب نفسه، فما لا يرضاه لنفسه لا يرضاه لغيره، وهناك المؤمن الذي يعتقد بأن كل تصرفاته مرصودة من قبل قوة عليا، ويؤمن بالعقاب والثواب الإلهي، ولهذا مهما كان قادراً وقويا وسنحت له الفرص والظروف، فهو يدرك أن هناك قوة أكبر تراقبه وقادرة على معاقبته، فيفكر في كل عمل، من منطلق ديني بسيط في ميزان الحلال والحرام. عموماً فإن الفئة التي تمارس الجريمة، هي فئة تفتقد للضمير الأخلاقي أو لتقوى الله ومخافته، والأهم، إيمانها بقدرتها على التملص من العقاب البشري، خصوصاً عندما ترى أن عشرات الجرائم ارتكبت بدون كشف مرتكبيها ومعاقبتهم.
السلطة الإسرائيلية ترى أن الفوضى والعنف وسائل لتحقيق هجرة عربية واسعة لضمان يهودية الدولة في الحاضر والمستقبل
قضية العنف المجتمعي في حالة عرب 48، أكثر تعقيداً منه في مجتمعات أخرى، لأن السلطة التي يفترض أن تحافظ على أمن المواطنين في الدول العادية، تتعامل معهم كأعداء، هذا العداء عبّر عنه وزير الأمن الداخلي ومسؤولون غيره أكثر من مرة وفي مناسبات كثيرة، وتعبّر عنه الشرطة بـ»عجزها» عن كشف المجرمين ومعاقبتهم. المواطن العربي البسيط يتساءل: إذا كنا أنا وأنت نعلم بأن فلانا يملك سلاحاً، وأن فلانا يتاجر به، وأن هذا الشاب أو ذاك يعمل في خدمة عصابة ما فكيف للشرطة أن لا تعرف؟ علما أن الكاميرات معلقة في كل شارع وعلى كل متجر، وإذا كانت الصحافة قادرة على استخراج محادثات تلفونية لرئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الشرطة ولمسؤولين كبار جرت قبل سنوات، فكيف تعجز عن تتبع وكشف تجار السلاح والمجرمين، بينما يعلن وزير الأمن الداخلي أن تسعين في المئة من هذه الأسلحة مصدرها الجيش؟ كثيرٌ من الشبان العرب يكتبون على صفحاتهم بعد كل جريمة قتل بأن الوضع لم يعد يطاق، وبأنهم يفكّرون بالرحيل إلى العالم الواسع، وفي الحقيقة أن هناك حركة هجرة ملموسة بين فئة الشباب، وهذا بالضبط ما يحقق أحد أهداف السلطة، فهي ترى بالفوضى والعنف إحدى الوسائل لتحقيق هجرة عربية واسعة لضمان يهودية الدولة في الحاضر والمستقبل، إلى جانب إشغال هذا الشعب بمشاكله الداخلية. إذن فالهدف السياسي من التواطؤ مع الجريمة واضح، فهل يستطيع عرب 48 التغلب على أنفسهم، والانتصار على هذه الآفة؟ أجزم بأن أبناء وأحفاد من صمدوا في فترة الحكم العسكري بعد النكبة، وهم معزولون عن العالم، وحافظوا على السلم الأهلي على مدار عقود عندما كانت السلطة تقف متفرجة، قادرون على هزم آفة العنف والمروجين لها.
في الأسابيع الأخيرة، شهدت بعض البلدات ومنها مجد الكروم وأم الفحم وشفا عمرو، مظاهرات غاضبة أمام مراكز الشرطة، وهتف المتظاهرون مطالبين بخروج الشرطة من هذه البلدان بسبب تواطئها، هذا يعني توجيه الغضب إلى العنوان الصحيح، وهذا يجب تعزيزه ومواصلته وتوسيعه وإغلاق شوارع رئيسية تشل الدولة. ثانيا بما أن هؤلاء المجرمين يخدمون مشاريع السلطة ضد أبناء شعبهم، سواء بقصد أو بغير قصد، فيجب نبذهم وعدم التعامل معهم كمنحرفين عاديين بل كعملاء وخائنين لمجتمعهم وشعبهم. توصيل صرخة إلى العالم، وخصوصاً إلى الاتحاد الأوروبي، للضغط على حكومة إسرائيل للقيام بدروها في مكافحة الجريمة المنظمة لدى المواطنين العرب، مثلما حاربتها وقضت عليها في مدن يهودية مثل نهاريا ونتانيا. يجب فرض اتفاق على الشرطة تعلن بموجبه عن فتح الباب أمام من يريد تسليم سلاحه وفتح الباب للتوبة والتراجع لمن يرغب في ذلك. إضافة إلى هذا، يجب تعميق وتوسيع حصص التربية في المدارس، والتركيز على محاربة آفة العنف التي تهدد مجتمعنا بالدمار.
كاتب فلسطيني
في أول عملية قتل، عندما قتل قابيل أخاه هابيل لم يلم أحد الصخرة، أداة القتل حينها. اللوم كان على قابيل لأنه هو من قتل. جميع اقتراحات الكاتب ستفيد في حل المشكلة. العنصر الأهم في نظري هو تربية الأبناء الصالحة على الأخلاق الحميدة و خاصة الصدق و الإحسان و المحبة و التكافل و الإحترام و التواضع و الورع. “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
حصر جميل ورائع، لإشكالية تقصير موظف النظام البيروقراطي، في دولة الكيان الصهيوني قام به سهيل كيوان تحت عنوان (التدمير الذاتي لعرب 48) والسؤال هنا،
هل هو يختلف عن تقصير أداء الموظف في العراق أو مصر أو لبنان أو حتى دول مجلس التعاون في الخليج العربي عام 2019؟!
التي نشرت جريدة القدس العربي رأيها عنه تحت عنوان (العراق: رئيس «ضبط النفس» وحكومة «المندسين»!)
صباح الخير ..
اصبح الوضع لا يطاق ..حتى شوارعنا باتت في وضح النهار كشوارع كوبا والمكسيك ..امس فقط تحت بيتنا كانت القرية شبه حرب من قنابل صوتية ..واطلاق رصاص على نساء في كل سيارة اطفال ..الشارع يتدحرج فيه الرصاص كانه حجارة متناثرة ..
فيلم اكشن ..فيلم رعب ..وهالمرة تصدى لهم رجل له كلمته في البلد ..ومسكته الشرطة على شارع عابر اسرائيل ..هاربا ..
المهم يجب ان لا نعطي هذه الفئة من المراهقين الذين يتبعون لفتوات عصرية المجال في شل استمرارية الحياة ..الاضراب لا يجدي نفعا
تتمة
اليوم اضراب شامل ..لم ابعث ابنتي الى المدرسة ..بالمقابل مدراء ومعلمي ومعلمات المدارس اتفقوا ان يكون يوم تربوي في البيت ..بعث كل مربي صف على الواتساب رسالة ..ان يكون اليوم يوم اباء وابناءهم ..ان نعلمهم الصبر ونحتويهم الكلمة والبسمة صدقة ..التآخي ..وغير ذلك ..
هذه العصابات توزع السلاح ..كل واحد يطلب ينفذ طلبه ..هناك من اصبح يبتز الناس بحجة انه من طرف ال فلان ..وكأنه نور الشريف او عزت العلايلي في افلام المطارد او الفتوات او غير ذلك ..نحن نعيش حالة غريبة ..كل من لونه اسمر اصبح اسطورة قريته ..
غريب من صور فيديو البارحة ووزعه مساءا ..كان يعد السيارات ..مش هاظ ولا هاظ وهلا هاظ استني استني قربت سيارته ..هيها طلعت من الدار ..وبلش فلم الرعب ..
الله اكبر كبيرا ..
شكرا استاذ سهيل على هذا المقال ..مقالاتك نافذة نتنفس منها ..
هذه السياسه متبعه ضد الاقليات في عدة اماكن ودول . فالثقافه والعلم هم اهم سلاح تواجه به وبالتالي خلق جيل يؤمن بالعنف والقتل والتخلف هو اول طريق للانتصار .
اكيد يوجد لوم واتهام كبير للشرطه ولكن ماذا عن القياده العربيه هل ترتقي لمستوى الاحداث في الوسط العربي ؟ قراراتها الدائمه اضراب مدارس (زيادة التخلف والعنف) مظاهره داخل القرى لا احد يرانا ولا نؤثر على احد .
*عندما قامت الثورة المصرية في عصر
المخلوع(مبارك) حصلت فوضى رهيبة
وكل حي شكل (مجموعة من الشباب)
لحماية حيهم ومنطقتهم.
هذا احد الحلول يا عرب (فلسطين )
حفظكم الله من كل شر .
جميل
دمار هوية فلسطيني الداخل بدأ من الكنيست والاحتلال الاسرائيلي لكن الامر العجيب ان اكثر كتاب ومفكري هذا القطاع الفلسطيني لا يعيدون الاسباب للاحتلال الاسرائيلي والانفصام”الوطني” اللذي تقودة احزاب”عربية” صهيونية تسعى قياداتها الى دمج وذوبان واسرلة فلسطيني الداخل داخل كيان يحتل بلادهم ويضطهدهم.لا هذا الكاتب ولا غيرة افلح بوضع الاصبع على الجرح واعادة ظاهرة العنف الى اصابع تحركها وتغذيها من داخل منظومة الا حتلال.عودة والطيبي ربحوا مقعد امتياز في الكنيست الصهيوني مقابل خسارة فلسطيني الداخل ثلاثة ارباع هويتهم ولغتهم وجغرافيا وديموغرافياحيز حياتهم. العنف والافقار اسلحة فتاكة يستعملها الاحتلال الاسرائيلي ضد هذا القطاع من الشعب الفلسطيني التائة والمغرر به..عدة محاور سيطرة كانت وما زالت قائمة منذ عام 1948مارسها الاحتلال على الشعب الفلسطيني بشكل عام وهي السيطرة الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. العنف تابع لمحور السيطرة الاجتماعية..
هذه مؤامرة صهيونية ليقتل الفلسطيني الفلسطيني ويتخلصون من الفلسطينيين. ولكن على الفلسطنيين الوعي لهذه المؤامرة الخسيسة
فالأخ لايقتل اخاه كفى الاقتتل بين الفلسطينيين يجب التوحد والوقوف يدا واحدة في وجه الصهيوني الغاصب
مساء الخير لك كاتبنا ولكل المعقبين والمعقبات مقالتك القيمة اليوم توسع ندوب الجروح لانها تثير الحقيقه التي حاول الكثيرون اخفاءها حتى تفاقم الوضع وبلغ السيل الزبى واصبحنا نخاف على اولادنا واخوتنا من عدو خفي قد يتجهمهم.
العنف هو الشدة والقسوة وهما نقيضا الرفق واللين ويعرّفه بيار فيو :”على أنه حالة من الضغط المادي أو المعنوي، ذات طابع فردي أو جماعي، ينزلها الإنسان بالإنسان فيما يتعلّق باستلاب حق من حقوقه الأساسية و هو السلوك العدائي الذي يمارسه الفرد أو الجماعة تجاه فرد أو جماعة آخريْن بما يتسبّب في حالة من الضـرر الجسدي أو الجنسـي أو المعنوي للمُعتدى عليه.”
لقد أشرت كاتبنا لأهمية الضمير الذي هو الانا العليا الكابحه لغرائز الفرد وشهواته،واثرت تساؤلاتنا حول ضياع المباديء والقيم الأخلاقية المجتمعية.( يتبع)