التراشق بين «العدالة والتنمية» و«الأحرار» يدشن الحملة الانتخابية في المغرب

ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
1

الرباط ـ «القدس العربي»: “من يريد أن يعطف على المغاربة لا يرفع ثمن المحروقات، ولا يستغل حرية الأسعار ويرفع من الأثمنة…”، بهذه الكلمات شنّ عزيز الرباح، القيادي بحزب العدالة والتنمية القائد للائتلاف الحكومي في المغرب هجوما لاذعا على عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.
سخرية الرباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة من الخرجات الأخيرة لزميله بالحكومة عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، الذي كشف خلالها عن تفاصيل برنامجه الانتخابي وقدم وعودا للمغاربة، لم تكن سوى بداية تراشق بين حزبي “العدالة والتنمية” و”التجمع الوطني للأحرار”، فيما علّق نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سليمان العمراني، على ذات البرنامج بالقول “إن الحزب الذي يحترم نفسه هو من يقدم حصيلته الحكومية والجماعية (البلدية) قبل وعود برنامجه الانتخابي، وأنه يمكن التساؤل عن حصيلة هذا الحزب في قطاع الفلاحة الذي يدبره”.
وأكد العمراني، خلال حوار أجرته مع صحيفة “آشكاين” المغربية، على أن الوعود الانتخابية يجب أن تكون منطقية لكسب ثقة المواطنين، وأن “ما نسبه أخنوش لحزبه ما هي إلا أوراش مستمرة من هذا العهد الذي يدبره حزب العدالة والتنمية وهو يرأس الحكومة كالتغطية الاجتماعية والتعويض على الأبناء”.

أغادير ميدان التنافس

مدينة أغادير، جنوبي البلاد، كانت مركزا للتنافس الشديد بين الحزبين القويين، حيث عمد عزيز أخنوش زعيم حزب “التجمع الوطني للأحرار” إلى إطلاق حملته الانتخابية منها، ليقوم حزب “العدالة والتنمية” بإنزال وزرائه والعمل على مهاجمة غريمهم من نفس المدينة التي ينحدر منها كل من وزير الفلاحة الميلياردير أخنوش ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ما يجعل منها بؤرة للتنافس بين الحزبين والتي ستشهد حربا ضروسا لنيل مقاعدها.
في السياق نفسه، هاجم عبد الله بوانو، البرلماني والقيادي في حزب “العدالة والتنمية”، رئيس “التجمع الوطني للأحرار”، عزیز أخنوش، من خلال ملف المحروقات، رغم أن الحكومة التي يرأسها حزبه عجزت عن اتخاذ أي إجراء بعد أن قامت حكومة بن كيران بتحرير دون ضوابط للأسعار من أجل رفع الدعم الحكومي.
ونقلت صحيفة “المساء” في عدد أمس الإثنين عن بوانو قوله إن “المال حينما يختلط بالسياسة وبالنفوذ وبالسلطة تكون له نتيجة خطيرة، تتمثل في أن الصالح العام لا يعود له وجود.”
وتابع في لقاء نظمه حزبه في مراكش: “نحن لا نستهدف شخصا لأنه غني، نحن نستهدف السياسية المتبعة، لأنها هي خطر على البلاد”، مشددا على أن السياسة هي أن ترفع يدك عن المال العام، وتقول لنا اليوم الأموال التي توزعها “جود” من المال الخاص من أين جاءت؟”، وقال إن الأموال التي يصرفها أخنوش “لن تنسي المغاربة تهديده لهم بإعادة تربيتهم، وهذا لن يمحى بالنقود والوعود الكاذبة”.
بوانو أكد أن المعطيات المتعلقة بتقرير المهمة الاستطلاعية حول المحروقات، توجد لدى وزارة الاقتصاد والمالية وقطاع الشؤون العامة والحكامة وإدارة الجمارك، وتكشف أن هامش الربح الذي تبيع به شركات المحروقات للمغاربة يتضمن زيادة تفوق 6,96 بالنسبة إلى الغازوال و6,7 بالنسبة إلى البنزين.
وأكد بوانو من جديد أن شركات المحروقات ربحت 1700 مليار سنتيم على حساب القدرة الشرائية للمغاربة وأن “هذا منكر يجب إيقافه”، متسائلا عن سبب عرقلة عمل “مجلس المنافسة” بعد أن تحدث عن اختلالات في هذا القطاع.  وكانت الأمانة العامة للحزب قد حذرت، عقب اجتماعها، “من انزياح بعض رجال السلطة، سواء بدعم طرف سياسي معين على حساب باقي الأطراف أو بالتخويف من الانتماء أو الترشح باسم حزب العدالة والتنمية”. ونبهت إلى “خطورة الاستعمال الكبير للمال
بغرض التأثير على التنافس الانتخابي واستعمال إمكانيات الإدارة الاستمالة الناخبين، كل ذلك في تجاوز سافر للمقتضيات القانونية ذات الصلة، وهو الأمر الذي يقتضي الصرامة في منعه والتصدي له، كما يؤكد ما سبق أن نبه إليه الحزب من خطر استغلال موقع السلطة لمراكمة الثروات والاغتناء غير المشروع”، وفق بيان الأمانة العامة.
هذا التراشق انطلق قبل شهور، فبالعودة إلى شهر نيسان/ أبريل المنصرم، شهدت جلسة الأسئلة الشفهية في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، تراشقا كلاميا عنيفا بين الحزبين بعد أن انتقد “التجمع الوطني للأحرار” الهجوم المتواصل على جمعية “جود” بسبب توزيعها المساعدات الرمضانية، مؤكدا أن ما يتعين أن يتم الانتباه إليه هو “المؤسسات التي تصرف المال العام في مساعدات توزع بشعارات الأحزاب. كما يتعين “الحذر” من المال الذي يأتي من دول أجنبية ويوظف لخدمة أجندات سياسية ودينية”.

حرب سلمية

المحلل السياسي عبد الرحيم العلام وصف السياسة ومعاركها بالحرب التي تتم أطوارها بطريقة سلمية، لافتا إلى أن كل حزب لا يمكنه أن يلج عالم السياسة دون الدخول في حرب مع جهة أخرى، سواء تعلق الأمر بحزب آخر أو نقابة أو الدولة، وأن كلا من “العدالة والتنمية” و”التجمع الوطني للأحرار” كلاهما في الحكومة التي شارفت ولايتها على الانقضاء، وكلاهما اختارا غريما ينافسه.
وأبرز الأستاذ في جامعة القاضي عياض بمراكش، ضمن حديث لـ “القدس العربي”، أن كل حزب سياسي لا يمكنه الدخول في حرب مع حزب لا يشكل خطرا أو لا يمثل منافسا أو أقل منه عددا أو قوة، موضحا أن العملية ليست فقط لمنعه من الوصول للمقاعد بل إن الأمر يتعلق بداية بالمنافسة مع الكبير والقوي التي تعطي للذات إحساسا بالقوة، مضيفا “الأحزاب تختار منافسيها الأقوى، لتشعر بقوتها”.
“ومع المستجد الدستوري الذي يمنح الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات حق تشكيل الحكومة، يأمل حزب التجمع الوطني للأحرار أن يتصدر حتى يفوز بهذا التكليف، فيما يحاول العدالة والتنمية البقاء لولاية ثالثة” وفق تعبير العلام، مشددا على أن ما يزيد من قوة الموعد وشدة تنافسيته، أن الانتخابات البرلمانية والجماعية (البلدية) تنظم في نفس اليوم الأمر الذي لن يتكرر كثيرا، فبالإضافة إلى تشكيل الحكومة هناك صراع آخر متعلق بتشكيل عموديات المدن ورؤساء البلديات وغيرها.
“هي حرب إذن، خاصة وأن التجمع الوطني للأحرار، كان ضحية رغبةٍ في تقوية الأصالة والمعاصرة إبان انتخابات 2016 وتحجيمه وإضعافه، وهو الراغب اليوم في العودة لقوته.

وعود أخنوش وردود العثماني

وسلَّط المحلل السياسي بلال التليدي، الضوء على ما اعتبره مفارقة كبيرة بين رد فعل مناضلي حزب “العدالة والتنمية” على مواقع التواصل الاجتماعي وبين القيادة في إشارة لسعد الدين العثماني، وتفاعلها المحتشم مع خطاب أخنوش والوعود التي منحها للمغاربة، ما أعطاه زمنا سياسيا نفيسا ليس في صالح “العدالة والتنمية”.
وأبرز المتحدث، أن الإشكال كبير والمفارقة واضحة بين مناضلي “العدالة والتنمية” على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ممن يقودون حملة كبيرة وسخرية لاذعة لوعود أخنوش وبين أداء القيادة السياسية المتراجعة وردها المتواضع جدا والمحتشم.
وأوضح التليدي لـ “القدس العربي”، أن هذا الزمن المتاح لأخنوش من أجل تفاعل المغاربة مع وعوده أمر خطير على حزب “العدالة والتنمية”، في وقت لم يخرج العثماني ليكسر كل تلك الوعود، مفسرا احتشام الرد، بسبب أسلوب العثماني المرتكز على الدفاع عن الأداء والحصيلة الحكومية عوض الارتكاز على عناوين أخرى؛ الأمر الذي لا يعطي نتائج قوية على مستوى نتائج الانتخابات.
وخلص إلى أن “العدالة والتنمية” ولحد الساعة لم يذهب في اتجاه خوض حرب سياسية بعد فاسحين المجال لأخنوش وحزبه، وأضاف أن العثماني يتخوف من أن يجعل من الاستحقاقات الانتخابية القادمة معركة ذات عنوان سياسي، مفضلا الحديث بلسان التدبير والحصيلة، على عكس ما كان يقوم به رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران حين خاض الاستحقاقين الانتخابيين الماضيين بعنوانين سياسيين، هما “مواجهة الاستبداد والفساد” عام 2011 و” مواجهة التحكم” في 2016.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن الوليد. ألمانيا.:

    طبعا هناك تدافع كبير .. و ذكي للغاية .. و احبانا ماكيافيلي .. و شيئ من ضرب تحت الحزام ..
    .
    لكنني ارى و بموضوعية ان الامر عادي جدا .. و لا اناصر احدا على الآخر .. و لا اقيم شيئا من هذا التدافع الوااعر ..
    .
    في اوروبا و خصوصا المانيا هناك تدافعات كبيرة .. قد تصل احيانا الى ضرب تحت الحزام مؤلم للغاية و قاتل ..
    خصوصا بامور في قصص جنس … او اختلاس .. و هذه هي اللعبة .. اللعبة الدمقراطية. شيئ وحيد قد انتقده اذا ما حصل
    هو عدم حياد السلطة كالامن و الداخلية. لانها بهذا تفسد اللعبة ..
    .
    عادي جدا .. التدافع حامي الوطيس .. و كما نقول .. اللي قال العصبدة باردة .. يدير يده فيها.

إشترك في قائمتنا البريدية