بيروت- “القدس العربي”: عاد التراشق بالبيانات على خط التيار الوطني الحر في لبنان والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، بعد بيان للتيار حمّل فيه رئيس الحكومة مسؤولية ما سمّاه “الاستخفاف بالدستور وتجاهل أوضاع البلاد برفضه القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة، والتي من دونها لا تسير الإصلاحات ولا يحصل لبنان على التعاضد اللازم معه”، معتبراً “أن هذا التعطيل المتعمّد لعملية تشكيل الحكومة هو جريمة بحق اللبنانيين الذين سُرقت ودائعهم وتجري محاصرتهم بالرغيف وبجميع مقومات الحياة”.
ولم يكتف التيار بذلك، بل حمّل الرئيس ميقاتي “جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن انقطاع الكهرباء ليس فقط لأنه عرقل في السابق تنفيذ الخطة بل لأنه يرفض اليوم أي حلّ مقترح أو هبة ويختبئ وراء ذرائع واهية لحماية مصالحه وليس مصلحة اللبنانيين”، مشيراً إلى “أن ممارسات دولة الرئيس ومواقفه تدعو إلى الريبة، فهو لا يسمح لوزارة الطاقة بتوفير الحلول لأزمة الكهرباء، ولا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ، ويعرقل كل خطوة من شأنها الحدّ من ضرر استمرار حاكم البنك المركزي في موقعه بينما تتراكم عليه الملفات والدعاوى في الخارج والداخل. وفوق هذا كله فإنه يمتنع عن التشكيل الجدّي للحكومة فيصدق فيه قول غبطة أبينا البطريرك الراعي لا قيمة للتكليف من دون تأليف”.
ورداً على هذا البيان، اعتبر الرئيس ميقاتي “أن التيار لا ينفكّ عن خلق السجالات وقلب الحقائق على مشارف نهاية العهد، في محاولة واضحة لتحويل الأنظار عن الإخفاق الذي طبع السنوات الماضية في كل المجالات وتكريس مقولة: ما خلونا، التي يتلطّى خلفها التيار مراراً وتكراراً لتبرير فشله في الملفات الكثيرة التي تولاها وأهمها ملف الكهرباء”
وجاء في بيان للمكتب الاعلامي لميقاتي “أن جديد محاولات التيار بيان لا يصحّ لوصفه إلا القول الشعبي: شيلي اللي فيكي وحطيه فيي”، مضيفاً “توضيحاً للحقائق، نورد مراراً وتكراراً الآتي:
أولاً: يقول “التيار الوطني الحر” إن رئيس الحكومة المكلّف يستخف بالدستور ويرفض القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة”، وهذا هو الاستخفاف بحد ذاته بالوقائع الدامغة. فرئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية، وقدّم له تشكيلة حكومية وفق صلاحياته الدستورية وما يراه مناسباً، وباشر النقاش بشأنها مع فخامة الرئيس، لكن التسريب المتعمّد للتشكيلة إلى الاعلام، وما حصل بعد ذلك من دخول متعمد لحاشية رئيس الجمهورية على الخط وتعد على مقام رئاسة الحكومة وشخص الرئيس المكلف، باتت وقائعه معروفة، ولا يمكن لبيان”التيار” أن يغطيها.
ثانياً: قمة الفجور السياسي هو قول “التيار الوطني الحر” إن رئيس الحكومة “يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن انقطاع الكهرباء”، وكأن الرئيس ميقاتي، وليس “التيار الوطني الحر” هو مَنْ تولى وزارة الطاقة، عبر خمسة وزراء متعاقبين على مدى 17 عاماً وكلّف الخزينة هدراً على القطاع يقدّر بـ40 مليار دولار. ويأتيك اليوم “تيار قلب الحقائق” محاضراً بالعفاف السياسي، معتقداً أن ذاكرة اللبنانيين مثقوبة، كالسدود المائية الفاشلة التي أهدر عليها وزراء “التيار” ملايين الدولارات وذهبت مياهها إلى جوف الأرض وأموالها إلى جيوب المنتفعين. أما زعم “التيار” أن رئيس الحكومة يعرقل تنفيذ الخطة الكهربائية، فهو سؤال ينبغي ان يوجه الى وزير الطاقة الحالي الذي طلب سحب ملف الخطة عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، ولم يعد به حتى الآن. إن رئيس الحكومة لا يرفض أي هبة غير مشروطة لمساعدة لبنان في حل أزمة الكهرباء، بل على العكس من ذلك فهو رحّب بأية هبة اذا كانت مطابقة للمواصفات التقنية التي تعمل فيها معامل الإنتاج الكهربائي في لبنان. ولا نفع لأي مزايدة سياسية في هذا الملف المعروفة شروطه وقواعده.
ثالثاً: قمة الوقاحة هي زعم ” التيار الوطني” الحر أن رئيس الحكومة لا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ”. والسؤال “ما هو المطلوب من رئيس الحكومة غير تحصين القضاء ودعمه في مهمته، الا اذا كان “التيار” يريد من رئيس الحكومة ان يحذو حذوه بالتدخل السياسي في القضاء”.
وختم بيان ميقاتي “لا ينفع الفجور السياسي ونسج البيانات في التعمية على مسؤولية “التيار الوطني الحر” ورئيسه تحديداً في ما وصل إليه العهد وهو على مشارف الانتهاء. فالفرص التي كانت متاحة للإنقاذ أفشلها” التيار” بخصوماته المتكررة مع قسم كبير من اللبنانيين، الذين باتوا يتطلعون إلى عهد جديد، ينتشلهم مما هم واقعون فيه. فليخجل من يوعز بنشر هكذا بيانات ويتوهّم ان هذه الخزعبلات تنطلي على اللبنانيين، وليقم بترميم زجاج بيته المتصّدع من الداخل قبل الخارج بدل توجيه سهامه إلى الناس التي تعمل مخلصة لانقاذ البلد من المأزق الذي يقع فيه”.
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون في عيد الجيش أمل ألا يكون مصير الانتخابات الرئاسية كمصير تشكيل الحكومة، وبدا أن الاجتماع الرئاسي بين الرئيسين عون وميقاتي بمشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يجد حلاً لأزمة التشكيلة الحكومية.