التصعيد الإسرائيلي على لبنان يعقد الوساطة لإنهاء الحرب على غزة

سليمان حاج إبراهيم
حجم الخط
0

الدوحة ـ «القدس العربي»: عقّد الهجوم الإسرائيلي وتصعيد جيش الاحتلال الأوضاع مع لبنان من مسارات الوساطة لإنهاء الحرب التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة المحاصر، ما دفع الأطراف الدولية للعمل على إطفاء جميع النيران المشتعلة في المنطقة. ويتحرك الجميع من أجل وقف سلسلة الأزمات التي تخلفها سلطات تل أبيب ونيتها إشعال الحرائق في كل مكان لإطالة أمد الصراع في المنطقة.

ويدرك الوسطاء الدوليون ومن بينهم قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية أن الوصول لحل يسحب فتيل القنابل المنفجرة في العديد من المناطق، يبدأ أساساً من إيجاد تسوية للحرب الإسرائيلية على غزة.
وعاجلاً أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى عدد من الدول الغربية والعربية نداءً مشتركاً للبدء في «وقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان. وتشارك قطر مخاوف دول العالم من تنامي موجة الفوضى التي خلفها التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، تزامناً والحرب الشرسة التي يشنها جيش الاحتلال على غزة. وتؤكد قطر أن السلام العادل في فلسطين المحتلة هو مفتاح الأمن والسبيل للاستقرار في المنطقة.
وتتحرك القيادة القطرية على جميع الأصعدة من أجل إيجاد حلول دائمة للأزمات التي تمر بها المنطقة. وتناول الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في لقاءاته مع المسؤولين الدوليين، تطورات الأحداث في لبنان واليمن وسوريا وليبيا والسودان. وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد الشيخ تميم أن إسرائيل تشن حالياً حربا على لبنان «ولا أحد يعلم إلى أي حد يمكن أن تتدهور هذه الحرب وهو ما سبق أن حذرنا منه مرارا وتكرارا». وأكد أن هذه الحرب لن تجلب الأمن والسلام لشمال إسرائيل أو للبنان وأن مفتاح الأمن هو السلام العادل. ويؤكد أمير قطر على الأمل في استئناف محادثات غزة بعد أشهر من المفاوضات المضنية وغير الناجحة حتى الآن لإنهاء الحرب في غزة وتحرير المحتجزين المتبقين. وأضاف أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي هو «الأشد همجية وشراسة» وقال إن عدم التدخل لوقف هذا العدوان على غزة «فضيحة كبرى» مؤكداً كذلك أن «الحرب الوحشية» الجارية في القطاع «أطلقت رصاصة الرحمة على المصداقية الدولية». وقال إن الحرب في غزة «ليست حرباً بمفهوم الحرب المعروف والمتداول في العلاقات الدولية، بل هي جريمة إبادة بأحدث الأسلحة لشعب محاصر في معسكر اعتقال لا مهرب فيه». وأوضح أن الضحايا، بمن فيهم الأطفال والنساء، يعانون بشكل لا يمكن تجاهله، ومضى قائلا: «نحن نعارض العنف والتعرض للمدنيين الأبرياء من أي طرف كان، ولكن بعد مرور عام على الحرب ومع كل ما ارتكب فيها لم يعد ممكنا الحديث عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها في هذا السياق من دون التورط في تبرير الجريمة». وأعرب أمير قطر عن أسفه إزاء ما وصفه بـ «فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراره بوقف إطلاق النار في قطاع غزة أو امتناعه عن منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة على الرغم من اعتماد الجمعية العامة في شهر أيار/مايو الماضي قرارا يدعم طلب فلسطين لهذه العضوية». وقال إن حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة «ليس تحقيقا لسيادتها أو تصفية للاحتلال، ولكنه على الأقل يرسل رسالة لحكومة اليمين المتطرفة الضالعة في تحدي الشرعية الدولية بأن القوة لا تلغي الحق» حسبما قال. وذكر أن الاحتلال الإسرائيلي قد خلق «نظام فصل عنصري» يجب عدم تجاهله، وأن الحلول المبتكرة لإدارة غزة لا يمكن أن تأتي على حساب حقوق الفلسطينيين. ومضى قائلا: «البعض ما زال يحاول البحث عن تدابير مبتكرة لإدارة غزة بعد الحرب بسلطة أو من دون سلطة، إنها نفس طريقة التفكير التي قادت من كارثة إلى أخرى. إنه النهج الذي يريد تفصيل المنطقة كلها على قياس إسرائيل».

أولوية جهود الوساطة

ويجدد أمير قطر تأكيد التزام بلاده بالوساطة السلمية، مستعرضا جهود قطر في وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، مشيرا إلى أن جهود الوساطة التي قادتها بلاده – بالشراكة مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية – أثمرت عن عقد اتفاق هدنة إنسانية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أدى إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح 240 من الأسرى الفلسطينيين و109 من المحتجزين في غزة ورفع مستوى تدفق شحنات الإغاثة. ويؤكد الشيخ تميم أن بلاده تواصل جهود التوسط لحل النزاعات بالطرق السلمية «على الرغم من التحديات الجسيمة ومحاولات العرقلة وما نتعرض له من افتراءات». وعبر عن التزام قطر مواصلة بذل الجهد مع شركائها حتى التوصل إلى وقف إطلاق النار الدائم وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين والتوجه إلى مسار الحل العادل وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
وتوازياً وتوتر الوضع في الشرق الأوسط مع التصعيد الإسرائيلي على لبنان، وحرب الإبادة في غزة، يدرك العديد من المسؤولين أولوية العودة لجوهر المشكلة وهي إيقاف شلال الدم في غزة.
وتحاول العديد من الأطراف بحث كل السبل للتوصل إلى اتفاق في غزة، وإحياء مسار صفقة المحتجزين.
ومؤخراً تواترت تسريبات عن رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، العمل على منع توسع الصراع على الحدود بين لبنان وإسرائيل من خلال الحل الدبلوماسي. وحذر الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان، مؤكدا أنها «لا تصب في مصلحة أي طرف». وأشار الرئيس الأمريكي إلى استمرار التنسيق بين بلاده وكل من دولة قطر ومصر للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى وقف العمليات العسكرية في غزة وإطلاق سراح المحتجزين، موضحا أن التقدم نحو السلام سيعزز من موقف الولايات المتحدة في مواجهة التحديات الإقليمية، خصوصا فيما يتعلق بإيران.
وما يزال وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، إحدى أولويات جو بايدن قبل نهاية ولايته، بالرغم مما يواجهه من تحديات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية