التطبيع الإماراتي مع إسرائيل: ما الذي يبقى من مبادرة السلام العربية؟

حجم الخط
25

أكد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أمس الأحد، وبطريقة لا غمغمة فيها بتاتا أن «اتفاق التطبيع مع الإمارات لا يفرض على إسرائيل الانسحاب من أي أراض»، أما وزير المالية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وهو من حزب نتنياهو أيضا، فأضاف على العود وترا بالقول إن خطة «فرض السيادة قد تم تجميدها قبل مبادرة السلام مع دولة الإمارات وليس بسببها».
يوضح تصريح نتنياهو أنه إذا كان هناك «صفقة» ما في اتفاق التطبيع مع الإمارات، فإن من دفع ثمن هذه الصفقة بالكامل هي أبو ظبي وأن الأرباح ذهبت جميعها إلى رصيد تل أبيب ونتنياهو، إضافة إلى عرّاب الصفقة، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وان إسرائيل غير ملزمة الآن أو في المستقبل بـ«الانسحاب من أي أراض».
كانت المعادلة التي تعتمدها المنظومة العربية، قبل «اتفاقية أبراهام»، هي «مبادرة السلام العربية» التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية عام 2002 في بيروت، وتنص على أنه مقابل السلام مع الدول العربية ستقوم إسرائيل بـ«الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من حزيران / يونيو 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان» (إضافة إلى الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وقبول دولة فلسطينية مستقلة».
وفيما يقول نتنياهو إن التطبيع الإماراتي يتنازل مجانا عن تلك المعادلة، فإن توضيح كاتس يكشف زيف الادعاء الإماراتي بأن اتفاق التطبيع جرى نتيجة مفاوضات وافقت فيها تل أبيب على تجميد خطة ضم أراض فلسطينية، وبذلك يقوم الثنائي بنزع الورقة البائسة التي تذرعت بها أبو ظبي لتبرير الاتفاق، وحمّلت فيها الفلسطينيين جميلا لا أحد يريده منها.
تضعف الحجج الإسرائيلية الكاشفة فكرة مضمرة لدى وليّ العهد الإماراتي محمد بن زايد وإدارته السياسية بأن الاتفاق يضع الإمارات وإسرائيل في كفّة واحدة، فمن المتوقع أن حكام أبو ظبي، بعد أن صارت لهم ذراع عسكرية طويلة، وميليشيات تأتمر بأمرهم في أكثر من بلد عربيّ، وأجهزة أمنهم تصول وتجول، صاروا يعتبرون أنفسهم في مكانة تجعلهم قريبة من إسرائيل، ذات التاريخ الطويل في الاحتلال والاستيطان والسيطرة، ولعلّهم يفترضون أن هذه الاتفاقية، في صلبها، هي حلف الأقوياء الذين يطلون من عل على باقي زعماء وشعوب المنطقة العربية المنكوبة بهم.
يظهر الترفّع الإسرائيلي وعدم التردد في التقليل من شأن حكام أبو ظبي و«اتفاق السلام» معهم، أن الأمر يتعلّق، من وجهة نظر تل أبيب، بعلاقة تابع بمتبوع، ولا يمكن أن ترقى، رغم كل الشرور التي تقوم أبو ظبي بتوزيعها في المنطقة والعالم، إلى درجة «حلف ضرار»، يتساوى فيه الطرفان.
ماذا فعل حكام الإمارات، مقابل الاستخذاء الإسرائيلي المكشوف بهم: قاموا بتدشين خط هاتفي عبر اتصال من وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي بـ«نظيره» الإماراتي عبد الله بن زايد، وقامت هند العتيبة، مديرة الاتصال الاستراتيجي في وزارة الخارجية الإماراتية بوصف الاتفاق بـ«التاريخي» طالبة من الإسرائيليين المشاركة في معرض «إكسبو دبي» 2021، وقامت شركة «أبيكس» الإماراتية بتوقيع اتفاق مع شركة «تيرا» الإسرائيلية «يتعلّق بأبحاث كورونا»، وسيتوجه وفد إسرائيلي في غضون أيام «لمناقشة تفاصيل اتفاقية السلام».
وبما أن علاقات «الحب» لا تزدهر إلا في أجواء الطرب والغناء، فقد دعا الشيخ حمد بن خليفة بن محمد آل نهيان المطرب الإسرائيلي عومير أدام إلى زيارته، وقابل عومير ذلك بإعلان «تقديره لمساعدة بن خليفة ودعمه الاستثنائي للمعبد والجالية اليهودية ما كان له صدى إيجابي للغاية»!
يرى الكثير من المراقبين أن الإمارات تعيش حالة من التخبط السياسي، وسوف لن تجني من التطبيع المجاني مع الاحتلال الإسرائيلي سوى ركام الخيانة على حساب الحق الفلسطيني، فهي لم تحصل على أي ضمانات أو مقابل سياسي من أجل السلام – التي تقول انها تدعمه – وأن الأنظمة العربية التي باركت خطوة محمد بن زايد سوف تسير على نهجه، وتنتقل من معادلة الأرض مقابل السلام، إلى معادلة خانقة للفلسطينيين وقضيتهم، جوهرها التطبيع مقابل الوهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الخليج الفارسي:

    مالذي بقى من الكرامة العربية
    هذا هو السؤال الصحيح والاصح

  2. يقول المراقب:

    مهما طبع الحكام الخونة فإن الشعوب لم ولن تطبع مع الصهاينة. ولكن هناك امر أهم الا وهو أن النظام الهندي الهندوسي الآن لا يقل خطراً عن النظام الصهيوني ومع ذلك كل الأنظمة العربية تطبع معه. النظام الهندوسي بقيادة المجرم الهندوسي الصهيوني مودي لا يختلف في شيء عن النظام الصهيوني بقيادة النتن ياهو فلماذا تعامت الأنظمة العربية كلها بدون إستثناء عن الهندوصهيوني مودي وشجبت واستنكرت التطبيع مع الصهاينة مع أن كلا النظامين خطر على المسلمين. أسر لي أحد الأخوة الباكستانيين أن كشمير بالنسبة لباكستان مثل فلسطين بالنسبة للعرب ولا تقل عنها مكانة ومع ذلك تناسى العرب والمسلمين إضطهاد الهندوس لمسلمي الهند وهدم مساجدهم وسحلهم في الشوارع وقتلهم بسبب بقرة. ومن هنا أقول أن الأنظمة العربية تكيل بمكيالين وبالتالي يجب مقاطعة الحكومة الهندوسية كما تقاطع الحكومة الصهيونية ومن هنا أدعو لطرد الهندوس من الخليج على الأقل من الدول التي تدعي حرصها على قضايا المسلمين ولا زالت تتنطع ببعض العروبة فالنظامين الهندوسي والصهيوني وجهان لعملة واحدة إلا لمن في عينيه حول ويكابر عن الحقيقة.

  3. يقول د0عطوة0 سيناء ارض الشهداء:

    ومن تولهم منكم فانه منهم0 راينا سياراتهم تقلهم بلوحاتها ودشاديشهم قبل 40 عام يتناوبون على سوق الفاحشة في تل ابيب وحيفا وتلك صنعة يتقنها الصهاينة منذ الازل اضافة الى السرقة والربي والمخدرات وتلك تجمع الفاسدين والسلام على من اتبع الهدى

  4. يقول د0عطوة0 سيناء ارض الشهداء:

    كان مؤتمر الرباط وكل الزعامة العربية مجمعون على ان عرفات سيعترف باسرائيل وعندما رفض طرد الداعي المدعوين وقالوا لعرفات فقط اعترف وتكون لك دولة على طبق من فضة والى اليوم ننتظر الوعد والدولة والوطن المسروق والشعب المشتت نعلم ان الصهاينة يريدون سلام لهم بدوننا

  5. يقول د0عطوة0 سيناء ارض الشهداء:

    0 لا مانع لدي بان يكون لابناء عمومتنا اليهود المساكين وطن قومي في فلسطين0 بلفور العرب وقال اننا بعنا بلادنا ونسي هو وغيره ان اليهودية ليست قومية ولن يكونوا قوما منذ غزو بابل والى للابد ونسي بلفور العرب ان فلسطين لاهلها وليست ملك ابيه والسلام على من اتبع الهدى وليس الضلال والعمى

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية