أصاب عماد شقور في مقاله في «القدس العربي» تحت عنوان «الفقرة الناقصة في جملة الأمير بندر بن سلطان» في رده على ما قاله الأمير السعودي في حديثه لقناة «العربية» السعودية وتطاول فيه على المسؤولين الفلسطينيين مستخدما تعابير غير لائقة. وينطبق على الأمير السعودي هنا قول الشاعر «لا تنه عن خلق وتأت بمثله عار عيك إذا فعلت عظيم». قال بندر في حديثه لـ»العربية» الذي امتد على ثلاث حلقات، موجها كلامه للمسؤول الفلسطيني عموما، ما معناه «أن لا إيران تخدمك، ولا تركيا تنفعك» في صراعك ونضالك ضد إسرائيل.
هذا قول صحيح تماماً، لكنه يبقى ناقصا.. وكما قال شقور فإن الجملة التي رددها بندر بن سلطان كانت ناقصة، وبشكل متعمد ومقصود، وهو كمن قال «لا تقربوا الصلاة». ولكي تصبح جملة صحيحة وذات معنى ومتوازنة يقول شقور، كان يتوجب إكمالها بـ»لا إسرائيل تخدمنا، (كعرب) ولا أمريكا تحمينا». هذه هي المعادلة الصحيحة الكاملة.
ونحن مع شقور في ذلك، ونقول لا داعي للمزايدات، فأنتم تتماهون مع عدو الشعب الفلسطيني ومحتليه، وتلومون القيادة الفلسطينية، لأنها عقدت اجتماعا في السفارة الفلسطينية في إسطنبول. لسنا بصدد الدفاع عن القيادة الفلسطينية فاخطاؤها لا تعد ولا تحصى. ولكن هذا لا يعني أن بندر بن سلطان والقيادة السعودية منزهون، ولا يعني أن طروحاتهم الجديدة والتغييرات التي تشهدها المملكة بريئة، أو من منطلق الحرص على الشعب الفلسطيني ومصالحه. لكن الأمير السعودي المعروف بتاريخه في الولايات المتحدة، مذ كان سفيرا لبلاده في واشنطن، ومن بعدها مديرا لجهاز الاستخبارات، لم يُسقِط موضوع إسرائيل وأمريكا سهوا، وهذه الجملة الناقصة في ما قاله، لم تأت من فراغ، بل تحمل بين طياتها نوايا خبيثة، وتعكس أيضا أغراضا سياسية غير نظيفة. وتأتي أيضا في سياق التغييرات التي تشهدها وسائل الإعلام السعودية الرسمية، وغير الرسمية، تحولات إزاء الموقف من دولة الاحتلال، وكذلك تغييرات في الموقف من القضية الفلسطينية خصوصا، تغييرات وصلت حد التطاول على قدسية القضية الفلسطينية وتاريخ الشعب الفلسطيني، ومحاولات التقليل من نضالاته. وما كان ذلك ممكنا في السعودية، على وجه الخصوص، من دون تعليمات تأتي من فوق. وربما كان حديث بن سلطان مع «العربية» فاتحة الانفتاح على التغييرات الجديدة استعدادا للمرحلة المقبلة.
التطبيع مع دولة الاحتلال خيانة عظمى وطعنة مسمومة في ظهر الشعب الفلسطيني، حتى إن أغضب ذلك المطبلين لما يسمى السلام مع إسرائيل
هذه التغييرات بالتأكيد أكثر خطورة من وصف اتفاق محمد بن زايد مع إسرائيل بالخيانة وطعنة في الظهر، وهي الأوصاف التي حركت مشاعر بن سلطان الخليجية في هذا الوقت بالتحديد فهبّ مدافعا. لكن لم يحرك مشاعر بن سلطان، ما قاله كاتب سعودي «وجود إسرائيل أرحم من وجود دولة فلسطينية، تعبنا من كذب التاريخ والتزوير، لقد زوّر الفلسطينيون الدين والتاريخ والجغرافيا، ولا تنخدعوا، ليس هناك قدس ولا أقصى، والقدس التي يعرفها الناس اليوم هي قبل تاريخ العرب، تدعى أورشليم بالنسبة لليهود، واسمها إيليا بالنسبة للمسيحيين، والعرب أخذوها أثناء الفتوحات». ويضيف: «أخطر ما يمكن أن يحصل هو إقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي سيخلق نزاعات وحروبا للدول العربية. هم من دون دولة سببوا الأذى للعالم العربي. الفلسطينيون هم الأعداء وليس إسرائيل». ما قاله بندر بن سلطان لا يمكن أن يؤخذ بمعزل عن التغيرات والتحولات هذه التي تشهدها وسائل الإعلام السعودية، التي تعكس بالطبع التحولات السياسية في السعودية، القائمة منذ زمن بعيد، وازدادت حدة بعد توقيع اتفاقيتي التطبيع بين دولة الاحتلال، ونظامي أبو ظبي والبحرين، ويؤكد أن السعودية تسارع الخطى في هذا الاتجاه استعدادا للخطوة التالية، وهي الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مع دولة الاحتلال.
وتقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه وبعد مرور نحو شهرين على إعلان الإمارات توصلها إلى اتفاقية لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، يبدو أن وسائل الإعلام السعودية، التي تخضع لمراقبة وسيطرة شديدتين من جانب الدولة، تقدم دلائل حول احتمالية اتباع المملكة صاحبة النفوذ، مسار التطبيع مع إسرائيل. ورغم أن السعودية لم تعلق رسمياً على أي خُطط للتطبيع، لكن الشهر الماضي شهد نشر مقال رأي كتبه رئيس تحرير صحيفة Arab News، أكبر صحيفة سعودية ناطقة بالإنكليزية، وعبَّر فيه عن ترحيبه بالعلاقات الجديدة بين الإمارات وإسرائيل. وتضمن المقال غير المعتاد انتقادات قاسية للقادة الفلسطينيين، إذ سأل رئيس التحرير فيصل عباس: «متى سوف يتعلمون أن كل مرة يديرون فيها ظهورهم لطاولة المفاوضات، تصبح الفطيرة أصغر وحسب؟». وحسب «واشنطن بوست» نقلا عن بعض العاملين في وسائل الإعلام السعودية، أنهم قد لا يتلقون أوامر مباشرة من الإدارة بتغيير خطهم التحريري تجاه إسرائيل، لكن يجب عليهم أن يصوروا اتجاه التطبيع بشكل إيجابي. وقال شخص يعمل مع إحدى أكبر المنظمات الإعلامية الصحافية، بشرط عدم الكشف عن هويته: «إننا لا نتظاهر حتى بعدم الانحياز». وأوضح أن أي فكرة تحريرية تنتقد عملية التطبيع يجري حذفها «وإننا جيدون جداً في الرقابة الذاتية». وتابع قائلاً: «لا يُسمح لنا بقول أي شيء سلبي بشأن اتفاقيات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل».
وحديث بن سلطان لا يؤخذ بمعزل عن حملة سعودية إماراتية الغرض منها كي الوعي العربي ومسح القضية الفلسطينية من الذاكرة العربية، وتزوير التاريخ. ولا يمكن أن يكون صدفة، أن تقدم قناة «MBC» السعودية صاحبة برامج ومسلسلات الترويج لإسرائيل والتطبيع معها في مقدمتها مسلسل «أم هارون» بحذف مسلسل «التغريبة الفلسطينية» من منصة «شاهد نت». ففجأة وبدون مقدمات، حذفت القناة السعودية من على منصتها مسلسل «التغريبة الفلسطينية» الذي يتناول نكبة فلسطين. ولكن هذه القناة اضطرت وتحت ضغط جماهيري وشعبي إلى إعادته. إذ قاد ناشطون فلسطينيون هجوما شديدا على «MBC» ودخلوا إلى منصات التواصل الاجتماعي التابعة للقناة وقللوا تقييمها وانهالوا عليها بالتعليقات المحتجة. وبعد ساعات فقط اضطرت القناة لإعادة المسلسل لمنصة «شاهد».
وفي سياق كي الوعي العربي ما أقدمت عليه قناة DMC المصرية. فبعد تداول ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا للفنان المصري أحمد السقا، يردد فيه أغنية لفلسطين، حذفت القناة المقطع، الذي جاء في دعاية لأولى حلقات برنامج «السيرة» الذي تقدمه الإعلامية المصرية وفاء الكيلاني، وغنى فيه السقا أغنية قال إن جده كان يحب أن يغنيها له وهو صغير، وتقول الاغنية أو النشيد «الله يصونك يا فلسطينا على الدوام لينا، إحنا العرب نقدر نحميكي ومين يقدر يعادينا». ولربما بترديده لهذا النشيد ذكّر العرب أو بعضا منهم بعجزهم.
وأختتم بتقرير لوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، وهو تقرير يؤكد الرفض العربي الشعبي للتطبيع. ويقول إن 90% من المنشورات في الشبكات الاجتماعية باللغة العربية كانت «سلبية» تجاه اتفاقي التحالف، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين. وأوضح التقرير المنشور في صحيفة «هآرتس» أمس، أن المعطيات تشمل النقاش باللغة العربية حول هذين الاتفاقين في «فيسبوك» و»تويتر» و»إنستغرام» و»يوتيوب» بين 12 أغسطس وحتى 8 سبتمبر الماضيين، وقبل توقيعهما في البيت الأبيض، منتصف الشهر الماضي. وحسب التقرير فإن 45% من المنشورات في الشبكات الاجتماعية، تتمحور حول اتهام الإمارات بخيانة الفلسطينيين، فيما رّكز 27% على معارضة اتفاقيات مع الصهاينة و10% على أن الاتفاق هو نفاق من جانب الإمارات و5% على أنه استسلام للولايات المتحدة و4% على أنه يعبر عن طمع.
وكشف التقرير أن أكثر من 100 مليون مستخدم في الشبكات الاجتماعية، اطلعوا على وسوم بارزة، مثل «# التطبيع خيانة» و»# بحرينيون ضد التطبيع». من جهة أخرى أشارت المزاعم المناصرة للاتفاق في الشبكات الاجتماعية (10% من مجمل المنشورات باللغة العربية) بصفته سلة منافع أمنية (بنسبة 61%) وجدوى اقتصادية (33%) وتبييض وضع قائم (6 %).
ونجدد التأكيد، أن التطبيع مع دولة الاحتلال خيانة عظمى وطعنة مسمومة في ظهر الشعب الفلسطيني، حتى إن اغضب ذلك مجددا الامير السعودي بندر بن سلطان وغيره من المطبلين لما يسمى السلام مع إسرائيل.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
التطبيع خيانة… ولو كره بندر بن سلطان حتى لو احبّ فهو خيانة ؟
شكرًا أخي علي الصالح. لاشك مثل ٩٠٪ من الشعوب العربية أتفق معك. لكن كوني من الذين كانوا ينظرون بايجابية إلى اتفاقات أوسلو كنت أول الذين صدموا بحقائق ماحصل وكيف حصل. ياسيدي المهزلة بدأت بكامب ديفيد وتوالت بأوسلو ووادي عربة ولأن عين النقد العربية وصوت الشعوب كان ومازال مكتومًا وليس فقط في السعودية والإمارات وأنظمة الإستبداد طبعًا، لاأجد أشعة شمس جديدة تشرق على مشرقنا رغم كل هذا الصياح ضد التطبيع والخيانة. مع خالص محبتي وتحياتي.
الغريب ان من يتهجم ويهاجم الفلسطينيين الاحرار الشرفاء المناضلين. هو بطل الرشاوى المشهور.
بندر. يتهجم على فلسطينيين نعرف اصولهم واعراقهم.
نتحدى بندر.. ان يخبرنا عن خاله؟ من هو خاله؟
غفر الله للمتنبي. لقد قسى على كافور.
مع اعتقادي الكامل بان بندر بن سلطان هو الاكثر انغماسا بالفساد السياسي العربي منذ ان كان عراب السياسة السعودية الامريكية… الا انني ارجو ان لا تنغمس في العنصرية بتعليقك المبطن اخي امين الزينب… فنحن اصبحنا بعالم يرفض التفرقة العنصرية كما اننا ابناء دين لا يفرق بين ابيض واسود
يبدو أن بندر قد حوّل قضية شعب و أمة إلى مجرد قضية قيادة.
اللة يوفقكم المزيد من التغطيه الاعلاميه
لا فضَّ اللهُ فاكَ يا كاتب المقال ! ! !