منذ نحو أسبوعين، أثارت صورة جمعت ممثلا مصريا شديد الإعجاب بنفسه، ويُعرف بـ«نَمْبر وَن» أي الأول، والصورة؛ جمعته بمطرب صهيوني في دبي، وأشعلت غضبا عارما في أنحاء مصر، وكانت منصات «التواصل الألكتروني» بمثابة الميادين الملتهبة لهذا التراشق، خاصة على منصة «تويتر» واعتلتها آلاف مؤلفة من الساخطين على «نمبر ون» وعلى غروره ورعونته، التي عكستها ردوده المستفزة، وفي لمح البصر انقلبت شعبيته الكبيرة إلى لعنة أكبر أسقطته من على عرشه سقوطا مدويا.
ولم يُمَكِّنه غروره ولا رعونته من إدراك خطر الارتطام بصخرة التطبيع، التي أصابت كل من ارتطم بها في مقتل؛ لم يع ما حدث للسادات بيد ضباط وجنود قوات مسلحة أردوه قتيلا، ولا ما جرى لعلي سالم من جراء موقف شعبي غير مسبوق، وجد ترجمته في إجراءات واحدة اتخذتها المنظمات النقابية والحرفية، والاتحادات المهنية والأكاديمية والجماعات الثقافية، ومن ورائها كتل شعبية متراصة، ولا نتائج مغامرة توفيق عكاشة؛ حين استضاف السفير الصهيوني في منزله، وغاب عنه سر انهيار شعبية وعدم استقرار نظم الحكم التي سلكت طريق التبعية والتطبيع المعوج، وحطم التطبيع من هم في شهرة «نمبر ون» أو أكثر.
وعلى سبيل المثال ما زالت الذاكرة الوطنية تلاحق ذكرى الكاتب المسرحي علي سالم (إيلي شالوم) في قبره بسبب دوره التطبيعي وزياراته المتكررة للدولة الصهيونية، وصخرة رفض التطبيع ومقاومته ما زالت راسخة وثابتة، ولم تتمكن قوة من زحزحتها، ومستمرة حائط صد حال دون السقوط العام في جب التطبيع السحيق، وعزز ذلك إن جموع المصريين على عهدها كما عودتنا، وصمودها لأكثر من أربعة عقود؛ بطول النفس والثبات على المبدأ، وتحمل تبعاته وتكلفته، وإذا كانت هناك جائزة، فمن الواجب أن تُمنح لمن يستحقها، من الصامدين لأكثر من أربعين عاما؛ لم يتزحزحوا عن رفض ومقاومة التطبيع، وكان ذلك الصمود سببا في عقد مقارنات؛ اضطر لها العدو قبل الصديق، وقد تكون فتحا جديدا لصحوة عامة تزيح ركام التبعية والتطبيع والصهينة؛ قد تُمكِّن مصر من استعادة عافيتها ودورها انتظارا ليوم قريب تقوى فيه شوكة المقاومة القادرة على استعادة ما اغتصب من الأراضي العربية في فلسطين وما حولها.
سبب كل ذلك الانفجار؛ صورة نُشِرت لإعلامي إماراتي على «تويتر»؛ جمعت الممثل المعروف بـ«نمبر ون» يحتضن مطرب صهيوني هو «عومير آدم» بعنوان «دبي تجمعنا» واحتفى الإعلامي الإماراتي بالحدث؛ ولم تمر الهرولة الخليجية، التي صاحبت ذلك في اتجاه الدولة الصهيونية، لم تمر على أبناء الخليج بسلام، ووصلني مقطع مرئي قصير من شاب خليجي يصرخ مستنكرا الهرولة والاندفاع المحموم نحو الصهاينة والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المغتصبة، ووجه صراخه إلى أبناء الخليج؛ يلوم من هرول منهم، ويقارنه بالرفض المصري، على مدى أكثر من أربعين عاما، منذ توقيع السادات «إتفاقية سلام» بينه وبين مناحم بيغن عام 1979.
استمر الرفض الشعبي المصري وصمد أمام مغريات وتضييق وضغوط؛ متعددة الأشكال والألوان والصيغ، وفي المقابل هرولة إماراتية خليجية؛ تدفقت خلال أربعة أيام من الاتفاق على التطبيع على الدولة الصهيونية؛ ومكافأتها والإغداق عليها بالمال والمشروعات والاستثمارات الأهلية والحكومية، في سرور وحبور!! في وقت تقوم فيه الهيئات والمنظمات والاتحادات المصرية؛ النقابية العمالية وغير العمالية، والمهنية والأكاديمية والثقافية بالتحقيق، وتطبق قرارات الحرمان من العمل الثقافي والفني أو الأكاديمي، والشطب من عضوية هذه الكيانات الوطنية؛ لكل من التقى بصهيوني أو تعامل مع فرد أو جهة صهيونية، وزار الدولة الصهيونية، وطُبِّق ذلك على علي سالم حتى وفاته.
استمر الرفض الشعبي المصري وصمد أمام مغريات وتضييق وضغوط؛ متعددة الأشكال والألوان والصيغ، وفي المقابل هرولة إماراتية خليجية؛ تدفقت خلال أربعة أيام من الاتفاق على التطبيع على الدولة الصهيونية
وكان موقف سالم واضحا، منذ أن حطت طائرة السادات في مطار بن غوريون (1977) وجعل من نفسه داعما صريحا ومباشرا للتطبيع قبل بدئه رسميا؛ لسنتين سابقتا التوقيع على «اتفاق السلام» عام 1979، وفي عام 1994 زار سالم الدولة الصهيونية، عقب التوقيع على «اتفاق أوسلو» والتقى شخصيات ومسؤولين رسميين وغير رسميين، وقابل صحافيين وكتاب وأكاديميين وفنانين، وأصدر كتابا عن تلك الزيارة بعد عودته لمصر؛ عنوانه «رحلة إلى إسرائيل»؛ سرد فيه أحداث وتفاصيل الزيارة ولقاءاته خلالها، وتُرجم الكتاب إلى العبرية والإنكليزية.
ونموذج توفيق عكاشة، مُطبِّع غير مألوف؛ ظاهرة لافته لانتباه أخصائيي التحليل النفسي وأطباء الأمراض النفسية، فرأيهم المهني يرجح إصابته بخلل في شخصيته؛ جعلته أقرب إلى الشخصية «السيكوباتية»؛ الجامعة بين العقد النفسية والعلل الاجتماعية، ويقولون بأن الشخص «السيكوباتي» يجيد تمثيل دور الشخصية الهامة، المؤثرة في الآخرين، والتلذذ بإيقاع الضرر بالأقربين، ويعطي وعوداً كثيرة ولا يفي بها؛ ويتظاهر بطافته وقدرته على استيعاب غيره، ويبدي مرونة ظاهرية في التعامل معهم، ويُبدي شهامة مؤقتة ووعود براقة؛ ومن يقترب منه لفترة كافية، يكتشف حياة مضطربة وتجارب فاشلة وتخبط، وعمل لاأخلاقي، وغالبا ما يستغل النساء (جسدياً ومادياً) ويُكثر من الكذب، وقد يرتكب جرائم جنائية في حالات اضطرابه. ولا يهمه سوى نفسه وملذاته، بجانب تضخم الذات والشعور بأنه محور الكون، وقد ينتهي بهِ الأمر إلى تحطِّيم كل شيء في سبيل وصوله لهدفهِ، ويوصف بأنه بلا ضمير!!
وقد تساعدنا معلومات منشورة على موقع آي24 i24)) الألكتروني الصهيوني في التعرف أكثر على مثل هذه الشخصية، تقول المعلومات: إن عكاشة قرر زيارة نتنياهو بعد استقبال السفير الصهيوني بمنزله (منزل عكاشة) في 24 فبراير، 2016، وهو كنائب وإعلامي مصري أحدث ضجة كبرى بعد استقبال السفير الصهيوني «حاييم كورينو» بحضور الملحق السياسي للسفارة (يوم الأربعاء في 24 فبراير 2016) وتلك خطوة غير مسبوقة في مصر!!.
وذكر الموقع الصهيوني «إن عكاشة من جهته هاجم الجميع، وأظهر قدرا من التحدي أمام انتقادات وجهت إليه واتهامات بالتطبيع مع (إسرائيل) معلنا عن «ترتيب مقابلة له مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قريبا» وذكر أنه زار (إسرائيل) عام 2010، واعتمد الموقع على تقارير صحافية لم يُسَمِّها، ذكرت: إن عكاشة سيزور (إسرائيل) خلال أسابيع؛ برفقة عدد من أعضاء مجلس النواب، الذين يشاركونه نفس التوجه، ولقاء عدد من المسؤولين (الإسرائيليين). وأشار موقع آي24 إلى ما كتبه عكاشة على صفحته في فيسبوك ردا على الهجوم بقوله: «عندما يزداد العواء من حولك فاعلم أنك قد أوجعت كلابًا».
وأبلغ عكاشة السفير الصهيوني أثناء حديثه عن كتابه الجديد الذي يتناول «علامات آخر الزمان» وعرض على (الإسرائيليين) أن يقوم بالذهاب إليهم لمساعدتهم في تحديد مكان هيكل سليمان(!!) مقابل قيامهم بحل أزمتي سد النهضة، وتحكيم الغاز(!!) وطلب بناء 10 مدارس بدلا من تلك التي دمرت في قرية «بحر البقر» بالشرقية أثناء احتلال (إسرائيل) لسيناء، معلنا موافقة السفير الصهيوني على ذلك العرض(!!)؛ مطالبا إياه بحل الدولتين لتسوية القضية الفلسطينية، ورد السفير متحججا بوجود متشددين في (إسرائيل) لا يقبلون بحل الدولتين. وانتهى اللقاء، باتفاق عكاشة وكورين على عقد اجتماع آخر يحضره سفيرا أمريكا وبريطانيا في القاهرة للتنسيق حول تنفيذ الموضوعات التي تمت مناقشتها(!!).
واجتمعت لجنة القيم بمجلس النواب المصري (مساء الجمعة 26 فبراير 2016) وبحثت لقاء عكاشة بالسفير (الإسرائيلي) وأثار ذلك غضب دائرة عكاشة الانتخابية، وأبناء محافظته (الدقهلية) وطلب عدد من النواب إحالة عكاشة للتحقيق وإسقاط عضويته، وبدأوا جمع التوقيعات على الطلب المقدم لرئيس مجلس النواب ومناقشته في جلسة عامة، ورد عكاشة، في تصريحات صحافية على التحركات ضده داخل البرلمان لإسقاط عضويته: «أنا لست خائفا من أي عقوبة ضدي، ولا يستطيع أحد أن يسقط عضويتي، لأني لم أرتكب خطأ قانونيا أو دستوريا، بل على العكس فأنا سأجلب خيرا كثيرا لمصر».
هذه نماذج لمطبعين يعانون من اختلالات نفسية وفقدان التوازن الاجتماعي، ولن يكون الممثل المصري «نمبر ون» مختلفا عنهم؟، لقد شدنا عكاشة بعيدا عن مزيد من التفاصيل حول «نمبر ون» وهي تنتظر الاستكمال.
كاتب من مصر
صمود شعبي مصري. هذا صحيح. ولكن العسكري الانقلابي المجرم، أو الديكتاتور المفضل لترامب يسارع لخدمة الصهاينة وإرضائهم والتقرب إليهم بالنوافل ،ويسألهم الرضا والتأييد والمساعدة على الشعب المصري الغلبان،ناكر الفضل والجميل، والناسي لمذابح الديكتاتور المفضل ومآثره في الاعتقالات وبناء السجون والقصور والطريق التي يمشي عليها اللصوص الكبار وتنهار بشوية مية عقب المطر!. الشعب المسكين يملك إيمانا بأن الصهاينة أعداء ولا يمكن أن يتحولوا إلى أصدقاء، لأن كل بيت مصري فيه شهيد أو جريح بدءا من حرب 48 حتى مذابح العسكري الانقلابي في 2013 وما بعدها فهويعمل لحساب الصهاينة، وما قاله إيدي كوهين أنه صهيوني أكثر من الصهاينة!
هل كان المدعو نمبر ون يستطيع الرقص والاحتفال مع الصهاينة لو لم يكن موجها من الديكتاتور المفضل وأجهزته الأمنية؟ إنهم لا يسمحون لأستاذ جامعي بحضور مؤتمر علمي قد يفيد الوطن. فما بالك بمن يرقص مع الصهاينةويدخل السرور على قلوبهم؟
للاسف اصبح معيار الوطنيه هو الصمود في وجه التطبيع و ذهبت ايام الصمود و محاربة العدو في ساحات القتال كمعيار للوطنيه