التعايش بين القوى السياسية والمذهبية لم يعد موجوداً!

حجم الخط
0

سقطت نظريات الديمقراطية، وفشل العرب في استثمار الربيع العربي لتعزيز السلوك الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة ومبدأ المشاركة السياسية، وما يحصل في المنطقة من تحولات وتحالفات تعيد المنطقة العربية لمربعها الأول، ولكن مع بعض التحولات ذات الصلة بالأيديولوجيا.
المتابع لما يحصل في المنطقة العربية يلاحظ أن هناك استقطاب حاد بين الايديولوجيات المختلفة تجاوزت فضائها الجغرافي، بحيث اصبح العلماني المصري أكثر قرباً من العلماني في اي قطر عربي من الاسلامي المصري، وهذا ينطبق على الاسلاميين أيضاً، وربما هذا التحول سيساهم في ذوبان القطرية، ولو استمر ذلك سنكون امام خارطة دم جديدة، يتم تقسيم العالم العربي بها أيديولوجياً وعرقياً، بحيث تقام دولة للاخوان المسلمين، وتقام دول أخرى للعلمانيين، ولليساريين، و للسلفيين، ولليبراليين، وللملحدين، وتمنح بعض الاثنيات استقلالها مثل الاكراد، والعلويين، والدروز… الخ.
ولن يقف هذا التقسيم عند هذا الحد، بل سيتجاوزه بحيث ستحصل انقسامات في الدولة ذات الايديولوجيا الواحدة، فالعلمانيون سينقسمون في ما بينهم، والاسلاميون سينقسمون في ما بينهم… الخ، وصولاً إلى فسيفساء صغيرة ضعيفة هزيلة حبلى بالامراض والفقر والجهل، وهذا ما تخطط له الماسونية العالمية التي تحكم العالم والتي تخشى من المشروع الحضاري الاسلامي الذي تحدث عنه صامويل هنتغتون في كتابه صدام الحضارات وطرح أن الصراع بين الحضارات سيكون بين ثلاث حضارات هي الغربية والاسلامية والصينية.
إن ما يحصل في المنطقة العربية خطير جداً، فالتعايش بين القوى السياسية والايديولوجية لم يعد موجوداً، وعدم الثقة بين النخب في تزايد، وغياب العدالة في توزيع الثروة يثير الاحباط والاشمئزاز لدى المواطن العربي، وزيادة وتيرة الفساد والمحسوبية والفقر والجهل والمرض تؤصل لبناء نظم سياسية شمولية.
ما سبق سيدفع المواطن العربي للتوجه نحو اليأس، واليأس يولد العنف والتعصب، والاعتماد على سياسة الارض المحروقة، وسيعمل كل ما بوسعه للحفاظ على مكتسباته التي حصل عليها كل طرف سواء بالانقلابات او بالديمقراطيات، وعليه فإن المشروع الامريكي في المنطقة العربية والذي يقوم على مرتكزين هما: ضمان دمج اسرائيل في المنطقة، وضمان تفكيك عناصر القوة في المنطقة العربية، سيكون مصيره مجهول، وقد تحدث متغيرات سياسية لم ولن تخطر ببال أحد، فينقلب السحر على الساحر، وستجد اسرائيل وحلفائها كماً من التحديات التي لم تتوقعها، وقد تنعكس تداعيات ذلك على النظام الدولي برمته.
إن الرؤية الاستشرافية للمنطقة العربية في ضوء أحداث مصر، وما يجري بسورية، وعمليات التحول الديمقراطي، ودور بعِض دول الخليج العربي في اشعال المنطقة ضمن سياسة الحرب بالوكالة، قد تدفع بموجة ثورية ثالثة ورابعة وخامسة، مما يؤدي لمزيد من التفتت والانقسام والتشرذم والضعف للأمة العربية، ولكن ذلك سيكون ما قبل العاصفة الأخيرة التي ستعيد احياء المشروع الحضاري الاسلامي العروبي الذي وعدنا به رب الكون، وسنكون أمام أستاذية العالم، ولكن هذا لن يتم بدون تضحيات جسام.
حسام الدجني
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية