يوسي بيلينإن إنهاء قضية ‘مرمرة’ التي لم يكن داعياٍ اليها هو ـ في ظاهر الامر ـ أكثر الانجازات محسوسية لزيارة اوباما. فالولايات المتحدة مهتمة بعلاقات طيبة بين أهم حليفتين استراتيجيتين لها، ولا تستطيع اسرائيل ان تسمح لنفسها بعداوة ايرانية وتركية معا، وتركيا محتاجة الى اسرائيل من الجهتين الامنية والسياسية. ولهذه التسوية آثار اقتصادية مهمة لكن لا شك في ان سوريا هي الموضوع المركزي في برنامج العمل العام.اذا كان السؤال الرائج حتى الآونة الاخيرة هو ‘متى سيسقط بشار؟’ فالسؤال الذي يُسأل الآن هو كيف يمكن منع سوريا أن تصبح بعده دولة فاشلة يستدعي ضعفها إليها مجموعات ‘القاعدة’ على اختلافها والتي قد تصبح مركزا لنشاط ارهابي اقليمي موجه على العلمانيين والاخوان المسلمين واسرائيل والنظم الملكية العربية وعلى كل من لا يشبهها أو يُماثلها. وتصبح مسألة استعمال السلاح الكيميائي ذات موضوع بقدر أكبر، ولا يوشك الانقسام في صفوف المعارضة السورية ان يتغير. إن لبنان الثانية أو ربما الصومال الثانية ليسا كيانين سياسيين يريد أن يراهما أحد جنوب تركيا أو شرقي اسرائيل أو شمالي السعودية. وفي اثناء ذلك يتصرف رئيس الوزراء في العراق بقدر أكبر مثل حاكم فرد مع عدم وجود رئيس يؤدي عمله، وباعتباره مقربا من ايران يعتبر واحدا من آخر مؤيدي الاسد ايضا. والعراق وسوريا ايضا في خطر محسوس وهو الانحلال الى عناصرهما العِرقية ولا يعلم أحد منا كيف ستبدو المنطقة في حال التجزؤ القبلي الديني.لكن كي يكون من الممكن مواجهة التحديات الجديدة في منطقتنا، وكي يكون من الممكن انشاء حلف بين القلقين، ستوجد حاجة الى أكثر من دفع تعويضات عن قتلى السفينة التركية. وتستطيع اسرائيل ان تؤدي دورا في الاجراء التالي الذي هو حيوي جدا لأمننا اذا لم تستمر فقط في إحداث انطباع أنها تستغل كل ذريعة كي لا تدفع قدما بالتسوية مع الفلسطينيين. صحيح ان اوباما تحدث هذه المرة بصورة مختلفة وحث الفلسطينيين على العودة الى مائدة التفاوض دون شروط مسبقة، وصحيح أن ذلك سهّل على من يقول ان الكرة موجودة في الجانب الثاني، لكننا لا نلعب بكرة بل بمستقبلنا.نشأت فرصة جديدة ولم تولد عن حب بل عن حاجة كأكثر الفرص السياسية. وتستطيع اسرائيل بدعم امريكي ان ترتبط بدول لها علاقات دبلوماسية كاملة بطائفة منها وليست لها بطائفة اخرى أية علاقات ولها علاقات غير رسمية بطائفة اخرى كي تساعد على تشكيل شرق اوسط لا يعرض الجميع للخطر. وتعلم هذه الدول جيدا أنها محتاجة الى اسرائيل للتأثير في مستقبل المنطقة، لكنه ما لم تُحل المشكلة الفلسطينية فانها غير قادرة على التعاون معنا، خشية ان تمتليء ميادين التحرير في المنطقة بالمتظاهرين والمحتجين على اختلاف ضروبهم. إن محور ايران سوريا هو التهديد الحقيقي لكل طالبي الاستقرار في الشرق الاوسط. والتحادث الجدي مع الفلسطينيين بمبادرة منا، في تسوية سياسية جزئية تمهد للتسوية الدائمة، حيوي ايضا من اجل ذلك.اسرائيل اليوم 28/3/2013qeb