التواصل مع أردوغان يزعج السعودية… وواشنطن ‘تقلص’ إهتمامها بالتزامن مع مغازلة الكرملين

عمان ـ ‘القدس العربي’: لا يخلو الأمر من سيناريوهات مفترضة وأخرى متخيلة وثالثة قادرة على الصمود والبقاء عندما يتعلق الأمر بالمشهد الداخلي في الأردن وهو مشهد من المنطقي القول بأن آمال وأحلام الرجال والنخب لم تكن يوما من المؤثرات الحقيقية الفاعلة في تفصيلاته.
العامل الحاسم دوما في شكل وهوية وملامح خارطة مراكز القوى في الأردن كان دوماً ‘إقليمي’ الطابع ومحسوبا بدقة على مقدار قائمة الإحتياجات المرحلية وفقا لبوصلة ثلاثية الأبعاد لها علاقة بالملف السعودي ثم الفلسطيني الإسرائيلي وقبلهما الأمريكي.
رغم ذلك لا تبدو محاولات ‘التواصل’ مع تركيا أردوغان عبر مشاركة فنية ومهنية في مناورات ليست قتالية لكنها عسكرية أكثر من تكريس لقواعد ‘تنويع الخيارات’ للحفاظ على الصالح الأساسي.
نفس القياس يمكن إعتماده عند رصد وملاحظة المبادرات الخاصة مع موسكو كلاعب مهم في المنطقة تطمح عمان في أن’ يتدخل أكثر’ في شؤون عملية السلام. كذلك عند التعاطي مع مشاريع التدريب الأمني المشترك بين الأردن وقطر والتي يمكنها أن تؤثر سلبا على العلاقات مع السعودية خصوصا في هذه المرحلة.
بالنسبة للسياسي الأردني المحنك طاهر المصري لا يمكن ملاحظة ‘إيجابيات’ كثيرة من بناء تصورات على أساس القدرة الفائقة على ‘التحدث مع جميع الأطراف’ مصرا على أن التصرف خاطئ على أساس أن الأردن بلد ‘يحتاجه’ الجميع في العالم والأهم تحديد ما الذي يحتاجه الأردن من العالم.
في لعبة المصالح يرى مخضرمون في المؤسسة الأردنية بأن السياسة الخارجية الأردنية ينبغي أن تركز على التواصل مع الجميع رغم ما ينطوي عليه مثل هذا السلوك من مجازفات وتضحيات.
هنا يشير رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الدكتور حازم قشوع في حديث جانبي مع ‘القدس العربي’ إلى ‘العوائد’ المثمرة لسياسة الأردن التي تتقارب مع جميع الأطراف وتحافظ على علاقات منتجة تكفل رعاية المصالح الأردنية؟
لكن ذلك برأي آخرين يناسب مرحلة الإسترخاء الإقليمي وقد لا يناسب مرحلة الإصطفافات والتخندق التي غرقت بها مؤخرا منطقة الشرق الأوسط.
على هذا الأساس يحسب الإتصال بموسكو تحديدا بميزان دقيق للغاية وهو اتصال ينبغي أن لا يتحول إلى علاقة استراتيجية حتى لا تنزعج واشنطن التي يلاحظ الأردنيون في الغرفة المغلقة بأنها ‘تقلص’ تماما إهتمامها بالحسابات الأردنية وإن كانت قد حافظت- حتى اللحظة- على شكل وإطار التحالف التقليدي المستمر منذ عقود.
مساحات مثيرة ومهمة في العلاقة الأردنية- الأمريكية تقلصت مؤخرا خلف الكواليس وبعيدا عن الضجيج وتحديدا في تلك الحلقات المعنية بتطوير التعاون ‘المعلوماتي’ وبلجنة إستشارية للمتابعة اختصت بمراقبة المشهد الداخلي السوري.
لافت جدا أن واشنطن لا تعترض على نمو بطيء في العلاقات الأردنية مع إيران وروسيا فهي ببساطة ‘تخلي’ المنطقة وتتركها كما يقدر محللون إستراتيجيون يتابعون بحرص وحماس مؤشرات سياسة ‘تنويع الخيارات’ التي أنتجت في بعض المفاصل شكلا من أشكال ‘الإزدواجية’ في الأداء والخطاب الأردني.
ثمة أمثلة في السياق فالمشاركة في مناورات مع تركيا لم تكن خطوة مرضية للسعودية التي تخوض معركة سياسية ودبلوماسية مشتبكة مع تركيا آردوغان والتغازل المحسوب بين عمان والدوحة بالضرورة يجد من يعترض عليه في السعودية والإمارات اللتين لا تقومان بالمقابل بدور من أي نوع لتعزيز العلاقة بين الأردن ومصر في عهد الجنرال عبد الفتاح السياسي خصوصا وأن الأردن يعاني من إنقطاع الغاز المصري معاناة مرة ومربكة كما قال لـ’القدس العربي’ وزير المالية الدكتور أمية طوقان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية