في الغالب ما يتجه تحليل التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في متجه واحد، شقه الأول يدرس إمكان اندلاع حرب من عدمه، وهل المقصود الضغط على إيران للخروج باتفاق بديل لاتفاق أوباما، يستثمره ترامب لأهداف انتخابية، أم المقصود إنهاء النفوذ الإقليمي الإيراني، فيما يعالج شقه الثاني، سؤال الفاعلية، وهل بإمكان أمريكا بوسائل ضغطها ـ العسكرية-أن تدفع إيران للنزول لأقل من سقف الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في ولاية أوباما. السعودية والإمارات منشغلتان بسؤال دحر النفوذ الإيراني في المنطقة، ومحاولة تحويل الضغط الأمريكي إلى آلية لسحب النفوذ الإيراني من اليمن وسوريا، والعراق!! والحقيقة أن هذه الأسئلة مع جدواها السياسي والعسكري، وربما حتى الاستراتيجي، تغفل أبعادا أخرى تتعلق بالكلفة والأثر، ليس على مستوى المنطقة، ولكن على مستوى العالم العربي.
استراتيجيا، ثمة مساران في العالم العربي يعيشان توترهما المستمر، ويفسر اصطدامهما الأحداث الجارية في السودان، وليبيا والجزائر. مسار الدمقرطة، الذي استأنف الربيع الديمقراطي المجهض، أو المتعثر، ومسار مواجهة صعود الإسلام السياسي، وإعادة موجة الشمولية إلى الوطن العربي بتحصينها بتحالفات عابرة للحدود. نعم، ثمة دول حاولت أن تخط طريقا ثالثا، يأخذ من الدمقرطة بجزء، ويحافظ على الطبيعة السلطوية من جانب آخر، لكنها لم تسلم من الاستقطاب، فقد دخل المغرب في أزمة دبلوماسية صامتة ثم معلنة مع السعودية والإمارات على خلفيات متعددة من بينها موقع الإسلاميين في السياسة.
ليس السؤال، هو ما إذا كان التوتر الأمريكي الإيراني سيدفع في اتجاه تقوية هذا المسار أو ذاك، فإيران لم تكن منشغلة بدعم الربيع العربي، بل في كثير من الأحيان كان مساره يسير عكس مصالحها، لولا ذكاؤها الاستراتيجي في استثمار مناطق ظل لدعم القوى الحليفة لها وتقوية موقعها في ميزان القوى (اليمن)، أو استثمار معادلة معضلة غياب البديل السياسي لتقوية نفوذها الاستراتيجي هناك(سوريا). السؤال الذي يطرح عاليا في الوطن العربي عند أي توتر مع أمريكا أو الكيان الصهيوني، هو المشروع الامبريالي الأمريكي والصهيوني، وشروط التحرر العربي الإسلامي، والمصالحات بين مكونات الطيف السياسي العربي من أجل مواجهته. مراكز البحث الاستراتيجي الأمريكية، تابعت منذ أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، تحولات العالم العربي، وقامت (مركز «راند» مثلا) بفرز مكونات الطيف السياسي العربي، وحذرت من العلمانيين العرب الذي يجعلون مواجهة الامبريالية والصهيونية أولى من قضية الدمقرطة، وحذرت من خطورتهم بسبب ميلهم للتحالف مع الإسلاميين، وارتأت في خلاصاتها، أن حلفاء أمريكا في العالم العربي، هم الليبراليون الذين غير المعادين أمريكا ولا المسايرين يسايرون لأطروحة مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
مراكز أخرى، رصدت في سياق الربيع العربي، تراجع التنسيق بين مكونات الطيف القومي الإسلامي، فيما استطلاعات رأي، رصدت تصدر أولية الديمقراطية والحرية والكرامة في مزاج المجتمعات العربية، وتراجع موضوع النزاع العربي الإسرائيلي، قبل أن يقع التحول في هذا المزاج مع خريف الشعوب العربية، وتتصدر أولوية الاستقرار اللائحة. من هذه الزاوية الاستراتيجية، ينبغي أن يطرح سؤال التوتر الإيراني الأمريكي، وإلى أي مسار سيدفع هذه المعادلات؟
إن تهدئة خط الصراع العربي الصهيوني بهدنة في قطاع غزة، كان من أحد وسائل منع هذا السيناريو، الذي تمتلك فيه إيران مفاتيح إشعال جبهته من جديد سواء عبر حزب الله، أو عبر بعض الفصائل الفلسطينية
في التوتر السعودي اليمني، نجحت السعودية نسبيا في حشد تحالف عربي، ورفعت منظومة الأمن السعودي بحمولته الدينية، وكذا مواجهة تمدد الهلال الشيعي، لإضفاء شرعية واسعة على هذا التحشيد، لكن بعد الانزياح الذي حصل في أداء هذا التحالف، وما طرحه من مأساة إنسانية في اليمن، بدأت هذه الشرعية تتفكك، وساد تخوف من أن تكون السعودية والإمارات تريدان خلق اصطفافات تهدد الاستقرار السياسي في العالم العربي، وشكل اغتيال السعودية للصحافي جمال خاشقجي، محطة أساسية للمراجعة بالنسبة لعدد من الأنظمة العربية، التي تنتصر في العادة لاستقرارها السياسي، ولو كلفها مواجهة صعوبات مالية بسبب انحباس الدعم الخليجي. اليوم، ثمة مؤشرات تؤكد أن بلدانا عربية اختارت النأي بالنفس، ولم تصدر حتى بيانات إدانة لاستهداف سفن في ميناء الفجيرة، أو الهجوم على محطتي ضخ أنابيب النفط في السعودية، مما يشير إلى أن إمكانية التحشيد السعودي الإماراتي ستكون في ظل هذه التطورات محدودة.
ثمة معطى آخر لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار، فما يجري في السودان والجزائر، من حراك، يعبر عن غضب شعبي على وضعية اجتماعية، عرفت أطراف من العالم العربي مثيلا لها في السنوات الأخيرة، مع حراك تونس، وحراك الريف في المغرب، مما يعني أن إمكانية تجديده وتعميميه تبقى ورادة، لاسيما إن انعكس التوتر الأمريكي الإيراني على أسعار النفط، وسادت موجة ارتفاع غير مقدور على تحملها عربيا، إذ من الممكن في هذه الحالة أن يشهد العالم العربي زلزالا اجتماعيا، خاصة وأن استهداف الحوثيين للنفط السعودي يوجه رسالة إلى أمريكا بأن ورقة التعويض النفطي السعودي غير مضمونة. تركيب هذه العناصر يفيد، بأن العالم العربي، سيتجه متجهين: الأول، استعادة منطقة الشرق الأوسط لموقعها المتصدر في مزاج الرأي العام العربي، بما يعنيه، عودة الصراع العربي الإسرائيلي، وكذا الصراع ضد المشروع الأمريكي الصهيوني موقعه في صدارة الاهتمامات عربيا، والثاني، إمكانية اندلاع ربيع عربي ثان على خلفية عدم قدرة الأنظمة السياسية على ردم الفجوة بين الإمكان وبين الحد الأدنى من العيش بسبب ارتفاع محتمل لأسعار النفط. تجارب السابق، لاسيما حرب الخليج، تشير إلى مناورات لبعض الأنظمة لامتصاص الغضب الشعبي، بفتح هامش كبير للتظاهر ضد المشروع الأمريكي الصهيوني، حتى يعلو هذا العنوان على عنوان الحراك الديمقراطي الاجتماعي، ودول أخرى اختارت منطقة الوسط، وشحذ أدوات الوساطة لعدم قدرتها على تحمل العنوانين معا.
الأخطر في هذه السيناريوهات، أن يقع المحظور، ويترتب عن التوتر الأمريكي الإيراني، توحد خط مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني مع خط الدمقرطة والتغيير، وفي هذه الحالة، فإن جميع خطوط الاستراتيجية الأمريكية والأوربية ستدخل منطقة الخطر والارتباك. ما يفسر الانزعاج الأوروبي من سياسات ترامب في المنطقة، ليس مجرد مصالح أوربية يخشى ضياعها، ولكن بالدرجة الأولى، هو إمكانية حصول ذلك السيناريو المرعب، لاسيما وأن عناصره بدأت تنضج، والتقدير أن تهدئة خط الصراع العربي الصهيوني بهدنة في قطاع غزة، كان من أحد وسائل منع هذا السيناريو، الذي تمتلك فيه إيران مفاتيح إشعال جبهته من جديد سواء عبر حزب الله، أو عبر بعض الفصائل الفلسطينية، خاصة وأن ملف الصراع الأمريكي الإيراني غير منفصل البتة مع مشروع «صفقة القرن» الذي يستهدف التمكين للكيان الصهيوني في المنطقة.
كاتب وباحث مغربي
((الأخطر في هذه السيناريوهات، أن يقع المحظور، ويترتب عن التوتر الأمريكي الإيراني، توحد خط مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني مع خط الدمقرطة والتغيير، وفي هذه الحالة، فإن جميع خطوط الاستراتيجية الأمريكية والأوربية ستدخل منطقة الخطر والارتباك)) لقد بحثت عن الخط الذي يتبنى مواجهة المشروع الامريكي الصهيوني, للأسف لم اجده على ارض الواقع(أللهم إن كان يقصد الاسلاميين), وأيضاً بحثت عن خط الدمقرطة والتغيير, أيضاً لم اجده على ارض الواقع(أللهم إن كان يقصد الاخوان المسلمين الذين انا لا استطيع ان اوافقهم ايديولوجيتهم)! صحيح في هذه الحالة سيحدث ما يربك الجميع, وإن الظاهر والواقع يثبتبان الجميع مرتبكون من التوجه العام للشعوب الى الاسلام بسبب خيبة هذه الشعوب من ان يحدث تغيير في ظل توجه وآيديولوجية اخرى غير الاسلام!
المغربي (بلال التليدي) جمع تحت عنوان (التوتر الأمريكي الإيراني: والسيناريو الأخطر) ما صدر بعد 11/9/2001 من أمريكا (راند) وأوربا وغيرها، وأحب إضافة أن ما يحدث الآن، ذكرني أن لدلوعة أمه (دونالد ترامب) تصريح بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية يوم 8/8/1988 في أنه يرجوا نقل كل شركاته إلى صحراء دول مجلس التعاون العربية حتى لا يدفع ضرائب،
ولكن فقط رسوم على ما تقدمه الدولة من خدمات كما هو حال الشركات والأسرة والإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي في حينها.
وبعدها بدأ العراق يحس بوجود حصار عليه، ونتيجة لذلك طارت الكويت في 2/8/1990.
الآن هناك حصار على إيران، ولكن السؤال بالنسبة لي، أي دولة ستضيع الآن، من دول الهلال الشيعي، كما ضاعت الكويت في حينها،
لعدم استيعاب النخب السياسية والثقافية خطورة الوضع الحالي، كما كان بالنسبة للنخب الكويتية، أم ماذا؟!
وبالنسبة لمعالجة الأوضاع الإقتصادية المأساوية التي تسبب بها دلوعة أمه منذ استلامه كرسي رئاسة أمريكا، حتى لا يدفع ضرائب في أمريكا، فأعلن الحرب التجارية على الجميع، وليس فقط الصين من خلال الجمارك لتعويض عدم دفع الضرائب.
وهذا ذكرني بردة فعل كل مسلم من الدول السبع، التي منع دونالد ترامب حاملي جوازات هذه البلدان من دخول أمريكا، وبسبب الواسطة والمحسوبية والرشوة بداية من لغة الجسد (البغاء المهني) تم رفع العراق من القائمة،
فما تقوم به الحكومة الصينية أو الأمريكية ضد أهل الأديان،
والتضييق عليهم من خلال تقييم آلي (بواسطة عقلية الروبوت) لحوكمة الحكومة الإليكترونية، ويتم التعميم في أجواء العولمة والإقتصاد الإلكتروني تؤدي إلى ردود أفعال غير منطقية ولا موضوعية بالمقابل،
ولذلك من وجهة نظري أن أسلوب غزة في فلسطين، وكذلك الجزائر/فرنسا أفضل من أسلوب السودان، لماذا؟!
لأن مسيرة العودة في فلسطين وانتفاضة السترات الصفراء في فرنسا/الجزائر في عطلة الأسبوع فقط، وليس كل أيام الأسبوع كما هو حال السودان، لماذا؟!
من سينتج أي شيء، كي يكون له عائد اقتصادي، حتى لا تفلس الدولة والشركة والأسرة والإنسان المنتج،
الذي تعيش على ما تجنيه الدولة من رسوم وضرائب تفرضها عليه من أجل تمويل ميزانية الدولة،
بعيدا عن ميزانية الحرب على الإرهاب العبثية، التي فرضها جورج بوش الإبن بعد 11/9/2001 للتغطية على التقصير/الفشل/الفساد في الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية والإعلامية الأمريكية.
ولذلك على من يطمح لعمل تبادلات تجارية كأسرة إنسانية، عليه أن يستخدم عقلية الإنسان بدل عقلية الآلة (الروبوت) التي أساسها ثنائية من ليس معنا فهو ضدنا،
مع أن في الحياة دوما هناك خيار ثالث ورابع وإلى ما لا نهاية من المنتجات التي يحتاج لها أي سوق لخلق إقتصاد صحي،
يعمل على زيادة دخل الجميع الإنسان والأسرة والشركة المنتجة في الدولة.
ولذلك نحن نقترح أم الشركات (وقف بسطة (صالح)) من خلال احتضان رؤية الموظف في كيفية أتمتة الوظيفة، وفق تقنياتنا في الإنتقال من الإقتصاد التقليدي إلى الإقتصاد الإلكتروني،
كمنافس مع فلسفة أمريكا في سوق أمازون الإليكتروني، أو منافس حكمة الصين في سوق علي بابا الإليكتروني،
ولكن من خلال تمويل التجارة الحلال بدل التمويل الربوي والتأمين عليه للمشاريع، الذي أفلس بسبب ليس هناك معنى للزمن أو الإلتزام بالكلمة، لدى موظف النظام البيروقراطي، فأدى لإفلاس ألمانيا الشرقية في 1989 والإتحاد السوفييتي في عام 1991.