التوتر بين الانظمة القمعية العربية والولايات المتحدة وخيارات الزمن الرديء
خليل قانصوالتوتر بين الانظمة القمعية العربية والولايات المتحدة وخيارات الزمن الرديء كتب مراسل جريدة لوموند الفرنسية، في العدد الصادر يوم السبت 18 شباط (فبراير) 2006، نقلا عن جريدة امريكية، هي واشنطن بوست ، المؤرخة في 15 شباط (فبراير) من العام الجاري، ان لوائح الادارةالمركزية الامريكية لمكافحة الارهاب، باتت تضم أزيد من 325 الف اسم لاشخاص، هم في غالبيتهم العظمي من غير الامريكيين، الصقت بهم هذه الادارة، تهما مثل العضوية في منظمة مدرجة علي لائحة الارهاب، او المساعدة او التحضير لعمل ارهابي ضد الولايات المتحدة. المشكلة التي تطرحها هذه اللوائح، تكمن في كيفية جمع الاسماء التي تحتويها، اي في معرفة المعايير المعتمدة في ادخالها علي هذه اللوائح، وتكمن ايضا، كما جاء في الجريدة الامريكية في غياب الآلية لشطب من تُسقط الشبهات المزعومة عنه. ويبدو ان هذه اللوائح سوف تطول، لأن القنوات المخابراتية، الآتية من اماكن مختلفة من هذا العالم، تغذيها باستمرار، بدليل ان عدد المسجلين عليها تضاعف اربع مرات منذ افتتاحها سنة 2003. وبالمقابل فان الادارة الامريكية لم تفصح بعد عن الاجراءات التي تنوي اتخاذها، بحق هؤلاء المتهمين، كما انها لم تعلن بوضوح عن تعريفها للارهاب، ولا عن حدود المجال الذي تنوي اخلاءه من الارهابيين .ما عرف حتي الآن، هو ان معتقل غوانتنامو، واكثر الظن انه مختبر للتجارب البوليسية والنفسية علي البشر، ليس المعتقل الوحيد من نوعه، فهناك اشخاص، من المعتقد انهم خطفوا، وزج بهم في طائرات، حولت الي سجون متنقلة، بين القواعد الامريكية في اوروبا، وخارج اوروبا، اضافة الي الذين افرغوا في اقبية بعض الأنظمة، التابعة للسلطان الامريكي، ومنها أنظمة عربية، ليعذبوا فيها بالوكالة.كما ان العرب والعراقيين بشكل خاص، والعالم كله شاهدوا ما فعله الجنود الامريكيون في سجن ابو غريب، في العراق. شاهدوا اجسادا عارية، قرحت بالكي وبالكهرباء وبالمباضع، وجثثا همدت، ورؤوسا قـُطعت.ولقد اعترف بعض الجنود الامريكيين الذين يحتلون العراق بانهم، يأتون بابناء المعتقلين، وبزوجاتهم احيانا، الي السجن، يعذبونهم في حضرتهم. وان ابا عراقيا لم يحتمل العيش بينما كان ولده بين ايدي هؤلاء الجنود، ففارق الحياة. وهناك تقارير لمنظمات امريكية تقول ان العشرات من السجناء، في العراق وفي افغانستان ماتوا في زنزانات المحتل اثناء استنطاقهم. ليس القصد من التذكير بهذه التصرفات، محاولة لتوصيفها، بل الهدف من ذلك هو التأكيد علي كونها مماثلة، لوقائع ميزت دائما علي مدي التاريخ، سلوكيات المستعمرين وكل الذين ارادوا قهر الشعوب وفرض هيمنتهم عليها. لا تقتصر انتهاكات حقوق الانسان العربي، والعراقي تحديدا علي المحتلين الامريكيين وحدهم، فالجنود الانكليز الذين يحتلون جنوب العراق اضافوا، هم ايضا، جرائم جديدة الي تاريخ بلادهم الاستعماري. فالاستعمار هو في الحقيقة تعبير، عن حالة هياج وفورة، وعن موقف هجومي، وعن سعي الي الغلبة، والي فرض الاستسلام والقبول بعلوية المستعمر وبسيادته المطلقة. مما يدلل ضمنيا علي ذهنية المستعمرين وعلي فكرهم، وعلي قناعتهم باختلاف الاجناس البشرية، وبفوقية بعضها علي بعضها الآخر.هذه هي سمات المستعمر، ايا كان البلد الذي جاء منه، لا تغير الانجازات العلمية والتقنية فيها شيئا. فالجندي الفرنسي، في شاطئ العاج، وجد نفسه من جديد في سنة 2005 ، في موقف المستعمر، وكان طبيعيا اذن ان يعامل السكان المحليين، كمستعمَرين، اي ان يجردهم من صفتهم الانسانية، وهذا ما دفعه مثلا، الي خنق رجل افريقي، اسمه Firmin Mahژ، بادخال راسه في كيس من البلاستيك، واغلاقه برباط لاصق عند العنق. ان الممارسات الاستعمارية، تظهر في كل مكان يلتقي فيه المستعمر والمستعمَر. فالقمع العنصري، في المجتمعات الاوروبية، وفي الولايات المتحدة، هو في جوهره، استعمار، كونه محاولة هيمنة، او سلب، او نبذ او الغاء او افناء. قد تختلف، حدة المواجهة، وآلياتها، وتجلياتها. هذا لا يغير شيئاً في حقيقتها، وان يكن اظهار هذه الحقيقة، في بعض الاحيان، يتطلب جهودا مضنية وتضحيات كبيرة علي مدي سنوات عديدة. يكفي للدلالة علي ذلك، النظر الي الاوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون المتحدرون من اصول افريقية ومن اصول امريكية لاتينية، في الولايات المتحدة ذاتها. ومن المفيد ايضا هنا ذكر، ما جري اخيرا في ضواحي باريس، التي يتجمع فيها، ابناء الشعوب التي كانت سابقا خاضعة للاستعمار الفرنسي. لقد فُرض نظام منع التجول في نهاية سنة 2005 علي هذه الاحياء بعد تحرك سكانها الاحتجاجي ضد التمييز العنصري، في العمل وفي التعليم. من المفارقة ان يكون هذا الاجراء قد فرض لآخر مرة في فرنسا، علي الجزائريين في 5 تشرين الاول (اكتوبر) 1961، من قبل محافظ باريس آنذاك، Maurice Papon، وهو الرجل الذي ادين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية اثناء ممارساته الوظيفية في السلطة التي تعاملت مع المحتل الالماني خلال الحرب العالمية الثانية. وعندما تظاهر الجزائريون المقيمون في فرنسا في 17 تشرين الاول (اكتوبر) 1961، ضد قرار منع للتجول يستهدفهم دون سواهم، هاجمتهم الشرطة الفرنسية آنذاك، والقت بالعشرات منهم قي نهر السين، بينما استقبلت المستشفيات العديد من المصابين بجروح خطرة. يمكن القول، بان المواجهات من هذا النوع، مستمرة، وان تكن مختلفة شكلا وحدة، في كل البلاد التي يستوطنها مهاجرون من اقطار فقيرة. وفي هذا السياق تجدر الاشارة الي ان الاحصائيات سنة 1995، اظهرت انه يوجد 6926 سجينا أسود في امريكا من كل 100000 من البالغين السود، بينما هذه النسبة هي 919 علي 100000 من البيض. في فرنسا ايضا هناك معلومات تتناقلها الصحف تؤكد ان غالبية السجناء هم من اصول اجنبية، او حسب التصنيف المعتمد، ان المسلمين يشكلون الاكثرية في السجون.من المهم التذكير هنا، ان اجراءات الاستبعاد الاجتماعي تطال في بلاد الغرب، منذ الثمانينات، اضافة الي المهاجرين، الفئات الشعبية بصورة عامة، التي يريد الليبراليون التنصل من مسؤوليتهم في انتاج ظروفها المعيشية المتردية. اذ من الواضح ان هذه الفئات تنزلق شيئا فشيئا الي وضع تتساوي فيه مع المهاجرين. اي بتعبير آخر، ان الاحتقان الاجتماعي في الغرب، وتزايد نسبة الفقر ونسبة العطالة، في مقابل تنامي القدرات المالية في قبضة قلة ضئيلة، يؤسسان ضمنيا لموقف من الفقراء ومن العاطلين عن العمل، شبيه بموقف المستعمرين من ابناء المستعمرات. يتضح هذا عندما يوصم هؤلاء الفقراء بالتخلف وبالانحطاط الخلقي، وبكائنات دون البشر، ان الازمات والويلات التي تحل ببعض الشعوب، والتي تحدث، في اطار حرب اهلية، طائفية او عرقية او في اطار الاستيلاء علي السلطة او في اطار تدعيم اركان نظام، لا شرعية له اذا كان قياس الحكم الشرعي، تكليفا مؤقتا يبرره الأداء الجيد وليس حقا ابديا، قبليا او عائليا، تطرح مسألة العنف. عنف الحاكم وعنف المعارض له الساعي الي قتله ليأخذ مكانه. من الصعب مقاربة هذه المسألة، في الحاضر، وكان الامركذلك في السابق، دون التأكيد علي ان الاستعمار، هو في جوهره عنف، وحرب، واغتصاب وانتهاك. وبالتالي فان معالجة العنف في المجتمعات الخاضعة للاستعمار، مباشرة او غير مباشرة، تبدأ بالعنف لاستئصال الاستعمار ونفوذه في المجتمع. وفي اغلب الاحيان يكون عنف الحاكم او عنف المعارض، متفرعا من وجود المستعمر او خدمة لسياساته. وفي هذه الحالة يكون الحاكم مستعمراً لشعبه، او يكون المعارض جسر مرور لدخول الاستعمار او لعودته. وهنا لا بد من اخذ نقطتين اساسيتين في الحسبان، لما لهما من وزن في معادلة الصراع التحريري والتحرري. النقطة الاولي هي ان المستعمر يستخدم، دائما في تشكيل اجهزة تسلطه علي الشعب المقهور، مرتزقة محليين من ابناء الشعب نفسه، والنقطة الثانية هي ان المستعمر، يستبيح لنفسه كل الوسائل لاكراه العدد الكافي من الناس علي الالتحاق بصفوف هذه الاجهزة. واكثر الناس تعرضا هم سكان القري والمزارعون، لسهولة ايذائهم، وعزلهم، والتنكيل بهم. فلا شرائع الارض ولا شرائع السماء تحمي المستعمرين، الذين اسقط عنهم المستعمر صفتهم الانسانية، وانكر حقوقهم في التواجد حيث هم. فهو يستطيع تجريف الارض، واقتلاع الشجر، وقتل الاعزل، واختطاف الولد، ونسف الدار، ومنع الغذاء والماء الي غير ذلك من الافعال التي ذاق مرارتها كل شعب وقع تحت الاحتلال. ولا بد من القول في معرض تناول موضوع العمالة للمستعمر، ان هذا الاخير، يتمكن احيانا من ايهام العميل، بأن ما يسدي اليه من دعم ومن عون، انما الدافع اليه هو نصرة الحق، وادخال الاصلاح وتشجيع التقدم. ولكن المحصلة النهائية هي ان المستعمر، ينظر الي العميل، كما يُنظر الي عود الثقاب، يُستخدم لاضرام النار، ويجب ان يُطفأ، او ان يُلقي في اللهب ، لانه اذا بقي مشتعلا فقد يتسبب بحريق يأتي علي من استخدمه. هل يعني ما تقدم، ان مسؤولية العنف الذي تشهده الاقطار العربية، تقع علي المستعمر الذي لا زال يبسط نفوذه عليها؟ من البد يهي ان هذا النفوذ حقيقة ملموسة، من خلال الاملاءات التي ترسل الي هذه الدولة والي تلك، وهذه الحقيقة بينة بوضوح في مواقف بعض هذه الدول التي تنوء، تحت الضغوط وتحت ثقل الفرمانات التي يصدرها البيت الابيض ممهورة ببصمات جميع اعضاء مجلس الامن الدولي. بالطبع المسؤولية لا تقع علي المستعمر وحده، اذ ليس هناك ما يبرر استقواء الانظمة العربية علي شعوبها، الا اذا كانت هذه الانظمة تمارس في الواقع نوعا من الاستعمار، بمعني انها لا تقيم وزنا، لانسانية المواطن، ولحقوقه السياسية. ان كل جهاز سلطوي، يمارس الحكم، دون تكليف من احد، ودون حدود زمنية لممارسة حكمه، ودون الرجوع الي الشعب، انما يستعمر الارادة، ويستعمر العقل، ويستعمر الكرامة، يستعمر الكينونة. ما هو موقف المرء، من الآخر الذي يريد ان يتكلم باسمه، ان يفرض عليه ما يجب فعله وما يجب الامتناع عنه، ان يحرم عليه النطق الا ترديداً لما تلقنه، ان يحوك ثوبه، ان يزين جدار غرفته؟ ولماذا، يريد هذا الآخر ان يكون هكذا؟ ليس في القول ان هذه الاسئلة مطروحة في اكثر الاقطار العربية، مجانبة للواقع او للمنطق. السياسة ممنوعة في هذه الاقطار، والتعبير عن الراي محظور فيها. هذه هي في الحقيقة الاطر التي تبين أزمة الانسان العربي ان هو اراد ان يجسد انتماءه، لشعب، ولثقافة، بالجهد، وبالبناء، وبالاغناء. هذا الانسان هو اما في خطر في بلده واما منفي. قد يكون من الجائز التاريخ لنشوء ازمة الانسان العربي في السبعينيات، وتحديداً منذ بدء آخر الحروب العربية ـ الاسرائيلية سنة 1973، وولوج الدولار النفطي الي الذهنية والي الفكر والي الفعل. ومن مظاهر هذه الأزمة، الاكثر مأساوية، احساس هذا الكائن العربي بانه معني بصراع بين طرفين كليهما يريد قتله، يريد افناءه للحد من امكانيته المفترضة في الافساد التي قد تنتج عن روايته لما تبقي في ذاكرته من فترة الخمسينيات والستينيات، عندما كان الامل في انجاز التحرير والتنمية لا زال حيا. وهذا كل الخطر الذي يستطيعه واقصي ما يقوي عليه وقد ناهز الستين من العمر او تعداها. بسبب هذا الخطر المفترض هو مهدد بالموت قتلا، ان كان في موطنه، وملاحق بتهمة الارهاب ان كان مستوطنا بلدا غربيا.صار الانسان العربي خارج قضيته، بارادة نظام الحكم الذي استولي علي هذه القضية ليقايض بها دعما من الغرب، لاجتزاء جزء من الوطن يجعله مملكة له، كالقالب يقرر شكلها، ويلبسها صوره، ويضبط عيش ووجودية من بداخلها. اما القضية العربية، بما هي صراع لاسترداد حق من اخلاهم المستعمر عن ديارهم، وازال قراهم، فلقد القيت في بازار الاعلام الغربي وحربه الفكرية. ان القضية العربية، بطبيعتها، قضية حرية العقل وقضية ابداع خطاب انساني هادف الي ايقاظ الانسانية لتدين البربرية ولتضع حدا لجرائمها. ان انتصار القضية العربية، كان سيكون نتيجة لتحرر العقل العربي، ولتفاعله مع العقل الغربي، اغناء واغتناء، وكان سيوقف الهبوط الفكري والحضاري في المنطقة العربية وفي الغرب علي السواء، كمحصلة لاحادية التعبير بواسطة حرب فكرية غربية تريد اظهار نضال شعب فلسطين التحرري من الاستعمار، ارهابا وعداء لليهود، وتجيز للحكومات الغربية الادعاء والكذب علي شعوبها. ان للقضية العربية بلا ادني شك، بعدا انسانيا وحضاريا، وليس بعدا عرقيا او دينيا، تروج له الحرب الفكرية المستعرة اليوم، والتي تعتمد الاثارة اخفاء للجرائم وتضليلا للرأي. فلو تمكن الفلسطينيون من انتزاع حقوقهم المدنية في بلدهم في اطار كيان سياسي ديمقراطي، لما طغت الظلامية علي العقل العربي ولما اسكتته، ولما تراجعت في المقابل الاحزاب والحركات التقدمية في الغرب، امام النزعات العنصرية ومغامراتها الاستعمارية اللاانسانية. من حق الانسان العربي ان يتساءل اليوم عن مبررات، توتر العلاقات بين الذين ابتلعوا اجساد الاحرار العرب، وافكارهم وكتبهم من جهة وبين الولايات المتحدة وحلفائها في اوروبا من جهة ثانية. هل يشكل اولئك خطرا علي هؤلاء؟ بالطبع لا. ماذا تريد الولايات المتحدة، اذن من الذين فتحوا لها سجلات مخابراتهم، وادخلوا الي سجونهم، باسم مكافحة الارهاب، كل من ضاقت بهم معتقلاتها، وقواعدها، وجزرها وطائراتها؟ يبدو ان كل هذه الخدمات، ليست كافية، او لم تعد كافية. من البداهة القول ان نظام الحكم في العراق لم يكن في نيته، او في استطاعته، تهديد الولايات المتحدة او مصالحها في المنطقة العربية، بل علي العكس من ذلك، لم يتورع هذا النظام عن تقديم كل التنازلات ثمنا لبقائه. ولكن الولايات المتحدة اصرت، علي احتلال العراق والغاء الدولة العراقية، وتجزئتها الي كيانات عرقية وطائفية. قد يكون هذا ما تريده الولايات المتحدة من الازمات التي تفتعلها هنا وهناك. وفي هذه الحالة، يبرز المشروع الصهيوني الذي هو قيد التطبيق والتجربة في الضفة والقطاع الي الواجهة من جديد، كنموذج وكقياس للمخطط الامريكي المعد لمجمل المنطقة العربية، اي انشاء كيانات كثيرة، واقامة جدران ومعابر فاصلة بينها، وتسمية سلطات محلية تديرها، الي نهاية الصورة المعروفة..رغم ذلك، تتنازع الطوائف والحكومات في بلاد العرب تارة علي وقع تصريح مسؤول امريكي او انكليزي وتارة علي ضجيج سياسي فرنسي موتور ضد الحجاب في المدارس، او ضد السكان المنبوذين في الضواحي الباريسية. وانتهاك حقوق يتخفي برسوم منشورة في صحف غربية يمينية متطرفة، والقنوات الخليجية، تفتح شاشاتها لمساعدة كوادر الحرب الفكرية الامريكية في مماحكة بعض رجال الدين وفي استدراجهم الي اخراج تأويلات، وكأنهم العالمون بكل اسرار هذا الكون، دون سواهم. لا شك ان تحقيق الولايات المتحدة، لكل ما تريده، يعني ان الشعوب العربية سوف تدفع الي الصحراء القاحلة، وسوف تتمزق، فئات وجماعات، متناحرة، علي الماء وعلي الكلأ، كما كانت قبل الرسالة المحمدية. وهنا تكمن مأساة الانسان العربي، فهو علي يقين بان الانظمة الحاكمة او الجماعات الدينية، لن يستطيعوا عرقلة الهجوم الامبريالي الامريكي. وانتصار امريكا انتصار للهمجية علي الانسانية، يخيفه ويغيظه الي ابعد الحدود، كما يجب ان يخيف كل انسان اينما وجد. وسيكون هذا الانسان محبطا وحزينا، اذا خرجت الانظمة او الجماعات الدينية، بطريقة من الطرق، تضمن بقاءها واستمرار هيمنتها، تحت المظلة الامريكية، لان ذلك سوف يترجم حتما انه انتصار، علي المواطنين، الذين ارهقتهم فواتير الانجازات والانتصارات السابقة.فهل الموت الانفرادي رميا بالرصاص، والجسد الملقي علي كومة القمامة، اقل فظاعة من الموت الجماعي بقنابل الطائرات ومن اختلاط الاشلاء المتفحمة تحت ركام الأبنية والملاجئ. اجهزة النظام او ميليشيات الطوائف، يختارون من يريدون تصفيته، فهم يرصدون كل ما يحدث في الزواريب وفي الاحياء. اما الامريكيون، فانهم يقتلون، سكان الحي جميعهم، وان وجدوا انفسهم في وضع صعب، دمروا المدينة علي رؤوس من فيها. ہ كاتب من لبنان يقيم في فرنسا8