الثنائي الأمريكي ماديسون هابيل وزاكري دونهيو: الرقص على الجليد مزيج من الرياضة والفن

مروة متولي
حجم الخط
0

المزيد من الميداليات الذهبية حصل عليها مؤخراً الثنائي الأمريكي للرقص على الجليد (ماديسون هابيل وزاكري دونهيو) في بطولة أمريكا للتزلج 2019 حيث قاما بأداء رقصة تانغو على أنغام أغنية «ماريا دي بوينيس آيريس» ، وانقسمت الرقصة أو البرنامج كما يطلق عليها في هذه الرياضة إلى ثلاثة أقسام متفاوتة في سرعتها وعبرت ببلاغة عما تنطوي عليه موسيقى التانغو من شغف ومشاعر متقدة، وتألقت «ماديسون» بثوب أحمر منحها مظهراً يفيض أنوثة وإغواء، بينما ارتدى «زاكري» زياً أسود منحه المزيد من الغموض والجاذبية، وكعادتهما سوياً قدما من خلال هذه المنافسة الرياضية عملاً فنياً بديعاً مكتملاً في عناصره ومبهراً في جمالياته، وينضم هذا البرنامج الجديد أو الرقصة إلى برامج أخرى كثيرة قدمها كل منهما من قبل، كان من أهمها رقصة على أنغام أغنية «هللويا» ليونارد كوهين، ورقصهما الرائع على أنغام قطعة موسيقية بعنوان «أداجيو» لدافت بانك والذي يعد من أجمل وأقوى ما قدماه، فعلى الرغم من تصنيف الرقص على الجليد ضمن الرياضات الأولمبية وتصنيف أبطاله ضمن الرياضيين وأن جوائزه هي الميداليات وتبث مسابقاته من خلال القنوات الرياضية وتقام منافساته في الأولمبياد وفي البطولات الدولية في كل من أوروبا وكندا وأمريكا وآسيا، إلا أن هذه الرياضة يغمرها الفن من كافة جوانبها وتضم في ثنايا الحركات الصعبة والجهود الشاقة الكثير من الجماليات الفنية وتعتمد على أنواع مختلفة من الفنون كالرقص والموسيقى والغناء والتمثيل والتشكيل البصري وكذلك فن تصميم الأزياء التي لها أهميتها في ارتباطها ومدى اتساقها مع بقية العناصر الأخرى ولها دورها الكبير في خلق أجواء خاصة وتوصيل أحاسيس معينة. فالرقص على الجليد لا يؤديه اللاعب / الراقص إلا على أنغام الموسيقى، إما معزوفة أو أغنية ويكون عليه التعبير بالجسد من خلال الرقص عما يرتبط بتلك المعزوفة أو الأغنية وما تحتوي عليه من مشاعر ومعاني وأفكار.
ويتميز هذا الثنائي بالإضافة إلى تمكنه التقني والقوة الجسدية والمهارة، بقوة الشراكة والتواصل البصري والنفسي والجسدي والتزامن الدقيق بينهما في الإيقاع والتعبير والمشاعر على اختلافها من مرح وانطلاق أو حزن وعشق وإغواء ولهفة، فهناك دائماً ذلك الإحساس والشغف والاستمتاع الذي بدوره ينقل المتعة إلى المشاهد، فلا يكون همهما الوحيد هو تأدية الحركات الصعبة المستحيلة كما نرى لدى البعض من أبطال هذه الرياضة، فهما على ما يتمتعان به من قوة جسدية ودرجات عالية من التركيز وتحكم كامل في كل شيء، نجدهما يتمتعان بانسيابية كبيرة وسلاسة في الأداء حتى في أكثر الحركات صعوبة وفي خضم السرعة المفرطة والحركات التي تكاد تقترب من الطيران.
كما يهتمان كثيراً بالتفاصيل الفنية إلى جانب التكنيك والقواعد بالطبع فهي تفرض عليهما فرضاً فلا خيار في بعض الحركات التي يجب أن يتضمنها البرنامج، كالحركات الدائرية المستمرة التي يؤديها كل منهما منفرداً لكن يجب أن تتم في تزامن دقيق بينهما بحيث يبدأ كلاهما وينتهي في نفس اللحظة، وكذلك الدوران سوياً أو حمل الرجل لشريكته والدوران بها، وهناك الرقص البطيء والسريع والتعبيري والحر، ويتم احتساب النقاط على مدى حسن أداء هذه الحركات، كما أن أقل خطأ أو تعثر أو سقطة يؤدي إلى خسارة الكثير من النقاط، وكذلك فقد التركيز لثانية واحدة قد يؤدي إلى إصابة بالغة ونهاية درامية، لذا يجب الحفاظ على التوازن المتصل بين الذهن والجسد.
ويمارس كل منهما الرقص على الجليد منذ سنوات الطفولة الأولى كما هي العادة في هذه الرياضة التي يكرس المرء حياته بالكامل من أجلها، فيبدأ التعلم والتدرب طوال العام منذ الصغر والمشاركة في بطولات الناشئين وما إلى هنالك، ثم تأتي فترة التألق والتنافس وحصد الميداليات في مرحلة الشباب حيث النضج والخبرة، وبعد ذلك يتجه كثير منهم إلى التدريب وتصميم الرقصات والبرامج لاعبين آخرين، كما هو الحال مع ماديسون وزاكري اللذان يقوم بتدريبهما الثنائي الكندي المكون من اللاعب السابق «باتريس لازون» وزوجته اللاعبة السابقة «ماري فرانس» وهما كانا من أبطال العالم فيما مضى، وكما تفوقا في الرقص من قبل تفوقا أيضاً في تدريبهما وحسن رعايتهما لهذا الثنائي المتميز، وبفضلهما وبعد سنوات من الجهد اليومي المتواصل والعمل الدائب وترويض الجسد وابتكار الحركات الجديدة الصعبة، تطور أداء هذا الثنائي واكتسب المزيد من النجاح والثقة، كما يميزهما أيضاً الكاريزما وما بينهما من كيمياء وجاذبية وذلك التناغم والتكامل، تحبهما العين سوياً فلا يتصور المرء رؤية أحدهما يرقص وحيداً أو يرقص مع شريك آخر، وحرصهما على المظهر السينمائي والأداء التمثيلي وتعبيرات الوجه فيقدمان دائماً ذلك العرض المتكامل الذي ينسى معه المشاهد المنافسة وحصد العلامات ويهب نفسه لما يقدمانه من متعة وخيال حيث ينساب الجسد مع الموسيقى في فيض متلاحق من المشاعر.
كاتبة مصرية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية