منذ انطلاق الثورة السورية في منتصف شهر مارس/ آذار من عام 2011 أصبح حلم معظم الشعب السوري أن يتحرر من هذا النظام الذي كانت أولوياته تكميكم أفواههم، وفي الوقت نفسه جعل فلسطين شماعةً يعلقون عليها آمال ذلك الشعب بتحريرها تحت اسم محور الممانعة. ولكن ومع انطلاق الثورة السورية سقطت كل الأقنعة، فظهر رامي مخلوف، على سبيل المثال، وهو أحد أعمدة النظام السوري الاقتصادية وابن خال رئيس النظام بشار الأسد، ليقول في مؤتمر صحافي إن أمن إسرائيل من أمن الدولة السورية، والمهتم بالشأن السوري يدرك تماماً أن قصد مخلوف هو النظام السوري الذي كان حامياً لحدود إسرائيل، وعاد هذا النظام اليوم ليحمي تلك الحدود، ويكمل مهمته بكل إتقان بعد إحكام قبضته على الجنوب السوري.
محاولة روسيا وإيران وحلفائهما وبعض الدول العربية في تعويم الأسد على المستوى الدولي، ما هي إلا محاولات تشبه إلى حد كبير لعبة النرد
واليوم ومع ذكرى انطلاق الثورة السورية يخرج تصريح علني بزيارة بشار الأسد لروسيا في منتصف شهر مارس، أي في توقيت الثورة قبل اثني عشر عاماً.
ربما هذا الإعلان لم يأت عن عبث، بل أريد به عدة أمور أهمها، إعطاء صيغة شرعية لزيارة الأسد لروسيا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن روسيا لا تعامل الأسد بصفة رئيس دولة، بل بصفة موظف لدى الكرملين وهذا ما ظهر جلياً عند زيارة بوتين لقاعدة حميميم العسكرية، ومنع الأسد من قبل أحد ضباط القاعدة من اللحاق ببوتين وهذا الإعلان أتى ليعطي انطباعا داخليا لدول العالم أن الزيارة هي زيارة رئيس دولة لدولة أخرى.
من جهة أخرى بعضنا يذكر جيداً كيف أن خامنئي مرشد الثورة الإيرانية، استقبل الأسد من دون اي مراسم، ومن الناحية الدبلوماسية لم يكن علم النظام السوري موجود في ذلك الاجتماع أي أنهم اعتبروا سوريا أو الأسد تابعاً لهم، ولا يتوجب وضع علمه في ذلك الاجتماع. إن محاولة روسيا وإيران وحلفائهما وبعض الدول العربية في تعويم الأسد على المستوى الدولي، ما هي إلا محاولات تشبه إلى حد كبير لعبة النرد، فقد تنجح إحدى هذه المحاولات ويصبح له قبول لدى بعض الدول ولكن من الناحية المنطقية، كل من يساهم في هذا الفعل السياسي ما هو إلا شريك في رمي البراميل فوق رؤوس السوريين شاء أم أبى. والنقطة الأهم هي في اقتصاد النظام السوري الذي بات شبه منهار، إن لم يكن قد انهار فعلاً، فالدول لا تقوم على الكذب، بل تقوم على السياسة التي تلعب بشكل قوي مما يعطي أماناً للشعب على المستوى الداخلي، وعلى اقتصاد يرفع أسهم تلك الدول على المستوى الخارجي وهذا ما يفقده النظام السوري. إن الزلزال الذي حدث مؤخراً في تركيا بتاريخ السادس من شهر فبراير/ شباط وامتدت شدته للشمال السوري ومدينة حلب كان عاملاً مساعداً في هذا التعويم، وفرصة مواتية لحلفاء الأسد لتقديم المساعدة له، والكل يعرف جيداً أن هذه المساعدات ذهبت لتجار الحروب لدى النظام، ليتم بيعها للسوريين الذي يعيشون حالاً هو أقرب للمجاعة، وقد شاهدنا بعض وسائل الإعلام الأوروبية أظهرت بعض أبنية مدينة حلب على أنها دمرها الزلزال وآثار القذائف كانت واضحةً على جدرانها، فالزلزال لا يثقب الجدران بشكل دائري كما تفعل القذيفة. اليوم ومع حلول ذكرى الثورة السورية كل ذئاب العالم، وفي مقدمتهم النظام السوري جميعهم يدرك أن الشعب السوري مهما حدث وإن تم تعويمه بشكل رسمي ودولي، لن يقبل هذا الشعب بأن يحكمه شخص دمر بلده وجلب المرتزقة ليقتلهم، وسمح بتجريب أسلحة الدول على أرضه وفوق رؤوس أطفال هذا البلد. الشعب حرٌ إن دعم حريته أحد أو تركوه وحيداً.
كاتب سوري