كثُر الحديث في الأسابيع الأخيرة عن «الربيع العربي» وقد كان من الطبيعي جدّاً أن يرى معظم المراقبين في الهبّتين الشعبيتين اللتين خضّتا ولا زالتا تخضّان السودان والجزائر مواصلةً لما بدأ في تونس وانتقل إلى مصر ومنهما إلى كافة أرجاء المنطقة العربية قبل ثمانية أعوام. والحال أن أوجه الشبه بين الحالتين المصرية والجزائرية على وجه الخصوص عديدة، ليس في السمات البنيوية المشتركة بين البلدين فحسب بل أيضاً في «سيناريو» الأحداث.
فلنبدأ بالتشابه البنيوي، ونقصد هنا سمةً مميِّزة للبلدين تكمن في أن نظاميهما يختلفان عن معظم الأنظمة العربية الحالية، ولاسيما الميراثية منها، في كون القوات المسلحة النظامية (وليس القوات الخاصة العسكرية والأمنية الخاضعة مباشرة للعائلة الحاكمة في النظم الميراثية) تشكّل عمودهما الفقري. فالجيش بكافة مكوِّناته هو مؤسسة الحكم المركزية في مصر كما في الجزائر، ولا تتحكّم بالسلطة أي عائلة بعينها (حتى لو شارك أقارب الرئيس في اغتنام الحكم). وتتعدّى وظائف الجيش بكثير نطاق «الدفاع» المعهود لدى الجيوش في الأنظمة المدنية إلى دور الإشراف المباشر على السلطة السياسية.
وقد تجلّت هذه السمة الأساسية في قيام المجلس الأعلى للقوات المسلّحة المصرية بإقالة الرئيس السابق حسني مبارك في اليوم الثامن عشر من انتفاضة الشعب المصري في عام 2011، وبعد أيام قليلة من بدء انتشار الإضرابات العمّالية في البلاد. بالطبع، تضمّن السيناريو إظهار الإقالة وكأنّها استقالة، لكنّ المسرحية لم تنطلِ على أحد. أما في الجزائر، فبات سيناريو مشابهٌ يدور أمام أعيننا. وبعد بضعة أسابيع من انتفاضة شعبية تميّزت عن الانتفاضة المصرية بأنّها قامت على التظاهرات بصورة طاغية بينما تمحورت السابقة حول التجمّع في الميادين، ها إن القوات المسلّحة الجزائرية ألغت مشروع التجديد الخامس لعهدة الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، وقرّرت التمديد لعهدته الراهنة لمرحلة انتقالية.
إن الإعلان عن تخلّي بوتفليقة عن الترشّح لعهدة خامسة وقرار تمديد عهدته الحالية حتى الانتهاء من الإعداد للمرحلة الجديدة، هذا الإعلان الذي هلّل له قسمٌ كبير من الجمهور وكأنّه نصرٌ ثوري عظيم، إنمّا لا يتعدّى ذرّ الرماد في العيون
وقد اتّعظ قادة الجيش الجزائري بتجربة زملائهم المصريين كما بالتجربة التي مرّوا بها هم أنفسهم في مطلع عام 1992. في ذلك العام، أقالوا زميلهم السابق ورئيس البلاد، الشاذلي بن جديد، وتولّوا الحكم بصورة مباشرة (جرى تمويهها لوهلة بالاستعانة بوجه مدنيّ هو محمد بوضياف). وكذلك أقال قادة القوات المسلّحة المصرية في عام 2011 زميلهم السابق ورئيس البلاد، حسني مبارك، وتولّوا الحكم بصورة مباشرة. وكانت النتيجة في الجزائر أن انفجرت الأوضاع وغرقت البلاد في حرب داخلية ذات كثافة منخفضة لسنوات طوال، وفي مصر أن واجه المجلس الأعلى للقوات المسلّحة حالة اضطراب سياسي واجتماعي وهو مضطرٌّ لفسح المجال أمام تنفيس الحقد السياسي الذي تراكم طوال عقود، فكانت المحصّلة أن جماعة الإخوان المسلمين تمكّنت من إيصال أحد أعضائها إلى سدّة الرئاسة.
لذا فإن السيناريو الذي أخذ قادة القوات المسلّحة الجزائرية ينفّذونه حالياً يحرص على تفادي المطبّين الجزائري لعام 1992 والمصري لعام 2011. فيحاولون الحؤول دون فلتان زمام الأمور من أيديهم، ويعلنون عن مرحلة انتقالية يبغون خلالها رسم خارطة طريق جديدة لمواصلة تحكّمهم بمصير البلد. والحقيقة أن الإعلان عن تخلّي بوتفليقة عن الترشّح لعهدة خامسة وقرار تمديد عهدته الحالية حتى الانتهاء من الإعداد للمرحلة الجديدة، هذا الإعلان الذي هلّل له قسمٌ كبير من الجمهور وكأنّه نصرٌ ثوري عظيم، إنمّا لا يتعدّى ذرّ الرماد في العيون. والحال أنه سبق الإعلان قبل بضعة أيام عن أن بوتفليقة لن يستمر في الرئاسة سوى لعام واحد حتى يُستكمل تجهيز المرحلة اللاحقة. والفرق الوحيد هو أن الحكم ألغى الآن الانتخابات الرئاسية التي كان مُزمعاً عقدُها في الشهر القادم، ومدّد رئاسة بوتفليقة لوهلة محدودة وبصورة غير دستورية عوضاً عن «انتخابه» مرّة أخرى، الأمر الذي بات مستعصياً إزاء ضخامة السخط الشعبي.
أما السؤال الآن فهو: هل يلحق رئيس أركان الجيش «الشعبي»، أحمد قايد صالح، بمصير محمد حسين الطنطاوي، القائد العام السابق للقوات المسلّحة المصرية، فيعتبره سائر أعضاء القيادة العسكرية مسؤولاً عن النهاية الوخيمة التي وصلت إليها رئاسة بوتفليقة الصوَرية ويستبدلونه بعسكريّ آخر يكون رديفاً لعبد الفتّاح السيسي، سواءً تولّى الرئاسة مباشرة أو بواسطة دمية مدنية أخرى (مثلما فعل السيسي لمدّة سنة بعد الإطاحة بمحمد مرسي)، أو أن قايد صالح نفسه سوف يقوم مقام السيسي في السيناريو الجزائري؟
بالطبع، نأمل أن تتعدّى الجزائر دوّامة الحكم العسكري وتسلك طريق الديمقراطية على خطى تونس، جارتها. إلّا أن تونس لم يكن لديها قط نظامٌ عسكري، بينما كانت ولا تزال لديها حركة اجتماعية سياسية منظّمة مستقلّة عن الحكم شكّلت حجر الزاوية في المسار الديمقراطي، ألا وهي الاتحاد العام التونسي للشغل. وللأسف ليس لدى الجزائر ولا لدى أي دولة أخرى في منطقتنا رديفٌ اجتماعي (نقابي) أو سياسي (حزبي) للاتحاد العمّالي التونسي.
إن وجود مثل هذا الرديف وحده كفيلٌ بخلق ظروف سياسية يستطيع فيها الشعب كسب معظم رجال القوات المسلّحة إلى صفوف الثورة بحيث يمنعون تصدّي قيادتهم العليا للإرادة الشعبية، ويتيحون وضع البلاد على سكّة الخروج من الحكم العسكري إلى حكم مدني ديمقراطي. طبعاً، لن يتمّ ذلك بين ليلة وضحاها، لكن من قال إن التغييرات الثورية الكبرى في التاريخ تتمّ بين ليلة وضحاها؟
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان
Change is the only constant
Heraclitus of Ephesus
ruthless military tyrants have no long term future in Middle East they will be washed away
,Middle East on the edge of hell, poverty and brutal repression
I
Indeed it is only matter of time
نظام الجزائر ومصر متشابه الي حد ما من ناحية التواجد العسكري وتاثيره حول السلطة اما تونس فهي لم تخرج بعد من مخاض تجربة تسمي ” ديمقراطية ” ولربما ساعدها في ذلك عدم امتلالكها لثروات كالتي عند الجزائر يجعلها رهن تلاعبات وتجاذبات إقليمية ودولية تود المحافظة علي امتيازاتها ومصالحها وهو بالضبط ما حدث ويحدث في حالتي مصر والجزائر …..
الامر معروف بطبيعة الحال بالنسبة لمصر التي كان لا يزال نظامها صمام الامان الاول لاسرائيل وامنها واقتصادها اما الجزائر فهي الحديقة او الفناء الخلفي لمستعمر الامس فرنسا نابليون….
تبين أيضا مدي حالة الترقب الشديد للاحداث في الجزائر من طرف الحكومة الفرنسية وبعده الرضا عن ما قام به بوتفليقه او من يحكم باسمه لان الجزائر اليوم لم تعد دولة مؤسسات ولا أظن انها يوما كانت بل هي الان رهينة قلة قليلة استاثرت بالحكم والسلطة وثروات الشعب الجزائري …
التاريخ يعيد نفسه في اوطاننا العربية مرة علي شكل مآسي ومرة علي شكل مهازل كما قال يوما ماركس
تري هل سنري مأساة ام مهزلة فيما هو قادم….
نحن نتمني الافضل لبلدنا كما نتمني الافضل لاوطاننا العربية …
ٍVraiment on mirite mieux que ça
سيد سهيل..
أنبهك أن الجزائر لا تملك أي تعاون عسكري مع فرنسا فهي لا تتسلح منها ولا تقيم سنويا مناورات حربية معها كنا يفعل جيران الجدائر ووقفت سياسات فرنسا ضد ليبيا رضد مالي علنا.. وانبهك أن لا احد من رؤساء الجزائر الاولين زار فرنسا مجرد زيارة عابرة..
وبالتالي فإن كلامك عن كون الجزائر حديقة خلفية لفرنسا وأن حكامها أتباع الاستعمار هو كذب محض وافتراء مدان بكل المقاييس الاخلاقية والدينية.
الجزائر كانت منذ استقلالها سدا في وجه خطط الغرب الاستعماري وعملائه في المنطقة حتى وهي في أشد مراحلها ضعفا منذ التسعينات رفضت قبول القواعد الامريكية على ترابها ورفضت السماح للاقتصاد الفرنسي أن يستغل ثرواتها مجانا كما يفعل مع جيرانها..
يا سيد أنت تكرر كلام أعداء الجزائر الذين يغيضهم أن تبقى الجزغئر سيدة قرارها حتى مع وجود الروابط التاريخية مع فرنسا والتي من غير الممكن التخلص منها بسهولة لأسباب كثيرة أهمها النفوذ الفرنسي تلذي يمتد في طول شمال افريقيا وغربها ومنطقة الساحل.. وأترك لك ان كنت صادقا أن تبحث بنفسك عن أذناب فرنسا الحقيقيين في المنطقة ولكن الاكيد أن الجزائر كدولة وككيان سياسي ليست منهم.. والا فقدم ادلتك على تطاولك الخطير وتزويرك للحقاقئق أو اعتذر.. وما أنت بمقدمها وما انت بمعتذر..
السيد عليوات يتحدث دائما عن المغرب الدولة الجارة بمنطق العدو الافتراضي الذي يخضع في السياسة والاقتصاد كليا لفرنسا الدولة المستعمرة سابقا والمتحكمة حاليا. ينسى بعض الأمور البديهية حول ارتباط الجزائر دولة ومجتمعا بالقوة الاستعمارية القديمة ومن مظاهرها البادية للجميع: التشبت بلغة المستعمر رغم التوجه منذ الاستقلال نحو سياسة تعريب فاشلة وقد نعتبر ذلك مكسب غنيمة كما قال الأديب كاتب ياسين، التوجه إلى فرنسا للدراسة والعلاج من لدن النخبة المسيطرة خاصة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، الترخيص للطيران العسكري الفرنسي بالمرور في الأجواء الجزائرية خلال الحرب ضد الإرهاب في مالي، اللهفة على إقامة صناعة فرنسية للسيارات في البلاد لمجرد أن شركة رونو أقامت مصنعا في طنجة….
طبعا من السهل اتهام الآخرين و استثناء الذات علما أن الموضوع يركز على الحراك الجزائري السلمي والحضاري الرائع ضد الرئيس وجماعة النظام الفاسد خاصة وأن هذا الرئيس يقدم وعودا براقة حول إصلاحات سياسية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية خلال أقل من سنة في حين أنه حكم 20 سنة دون أن يحقق ولو جزءا يسيرا منها.
تضحكني سيد هيثم…
ورغم أنني لم أسمي أي بلد بعينه ولكن صدق المثل المصري (اللي على راسو يطحة يحسس عليها)
هناك 11 مصنع سيارات في الجزائر أكثرها علامات آسياوية بقاعدة 51/49 والتي ضغط الفرنسيس للتخلي عنها وما تخلت عنها الجزائر.
فرنسا هي الشريك الاقتصادي الرايع للجزائر بعيدا خلف الصين وتركيا.. فتحدثني عن حالة المغرب إن كنت تجرأ
الحمد لله أنني أضحكتك … وأنا أيضا أتملى بالتعاليق التي تدونها حيث تقفز على محتويات المقالات لتسقط الطائرة على الجار الغربي دون سبب معقول. و إسقاط الطائرات كانت عملية تمجيد يمارسها أحد المذيعين المغاربة المتملقين للملك المستبد الحسن 2 . مسألة الترتيب في المبادلات التجارية الخارجية لا تعني شيئا، وفي المغرب أيضا لا تأتي فرنسا في المرتبة الأولى. أما عن معامل السيارات فلا مقارنة مع وجود الفارق بين مصنع ينتج أزيد من 200000 وحدة في السنة يوجه معظمها للتصدير ومعمل بقاعدة 49 / 51 ينتج للاستهلاك الداخلي فقط و استمع في هذا الإطار للاقتصادي الجزائري المرموق أخ اللاعب الفنان المرحوم لالماس الذي كان يمارس في فريق شباب بلكور سابقا…. لا أريد أن أطيل فقط لي ملاحظة أخيرة حول حزب فرنسا إذ لا داعي للإنكار بأن التعبير جزائري / جزائري لتحديد أنصار الفرانكوفونية مقابل المعربين. يكفي أيضا التذكير بالليلة التي قضاها الطلبة ساهرين في الأزقة المجاورة للمركز الثقافي الفرنسي في العاصمة للتدليل على متانة العلاقة و عشق الهجرة للاستقرار ف بلاد الكولون القديمة. مع تحياتي المغاربية.
حقيقة أن العسكر لهم كلمتهم في النظام الجزائري تمام كما هو حال المثير من الدول الأخ ى ولكن في الجزائر وبالأساس منذ مجيء بوتفلبقة تم تقليم أظافرهم وحل بعض هياكلهم المفصلية والحاقها بشكل مباشر بمكتب الرئاسة مما سمح بسجن العديد من أكابر الجنرالات قبل أشهر من اعلان ترشح بوتفليقة للخامسة.. كما أن الحزائر واجهت في التسعينات عدرا ارهابيا حقيقيا كان يكفر بالديمقراطية من الاساس على عكس ما خدث للاخوان في مصر.
وبالتالي فإن العديد من الاحكام التي يطلقها البعض على التجربة الجزائرية من خلال اسقاطات مصر هي تنحو نحو تشويه الواقع أكثر من ايضاحه ولعل السبب أن الجزائر لم تكن يوما في منظار اهتمامهم فيصير الحديث عنها من خلال تجارب الآخرين أيسر وأقل عناء.
مقالة رائعة تحليلا ومقارنات ولكن تنتهي الى حيث بدأت. فالجزائر غير مصر في أمور وغير تونس في أمور أخرى. وهذا الغير هو الذي سيصنع الفارق. هذا الفارق هو الذي تنتظره الشعوب المحبة للسلام والمؤيدة لمنظومة الحقوق والحريات. الشعب الجزائري هذه المرة متوحد كما كان أيام الثورة التحريرية ونتمنى أن يزداد توحدا في مواجهة نظام قوي ويجمع بين الخشونة والنعومة وبين الاعتراف بالآخر وفي نفس الوقت التنكر لمطالبه المشروعة ومحاولة الالتفاف عليها بمباركة من القوى الخارجية.
النظام الجزائري يشبه في الشكل النظام المصري لكن في المضمون يشبه نظام المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية ولا استبعد ان يسلكوا نفس مسلك هذا المجرم ليدخلوا الجزائر في عشرية سوداء جديدة..
لماذا لا نعترف ان ( الدول ) العربية ما تزال قبائل باسم دول.وشيخ القبيلة يبقى من المهد الى اللحد ؟
هذا هو للاسف الواقع الحقىقى..الانتداب الفرنسي هو أحد الحلول. ولا اعتقد ان فرنسا مستعده للرجوع . كم اكره يمكن أن تخرب النظام الفرنسي الدىموقراطى
مقال واقعى و تحليل علمانى. لااسف التوحد في البلاد العربيه منظمات علمانىه لتحل مكان الجيش. و تفكير واعى لا دىنى يساعد .
تحية لك اخينا عبد الوهاب عليوات من الجزائر وكأنك تعليقاتك تكتب باناملي فكل مرة اريد ان اعلق اجدك جزيت وكفيت أمامي .